غرفة عمليات الشعب الجمهوري تتابع تصويت المصريين بالخارج في الدوائر الملغاة    بالأسماء، "المحامين" تعلن أسماء المستبعدين من انتخابات الفرعيات في المرحلة الثانية    أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025    محافظ الجيزة يعتمد الأحوزة العمرانية المُحدَّثة ل83 قرية    البورصة المصرية تستهل تعاملات اليوم الاثنين بارتفاع جماعي    ماسك يهاجم الاتحاد الأوروبى بعد غرامة ال 140 مليون دولار على منصة X ويؤكد: اعتداءً مباشر على حرية التعبير    مشتريات الأجانب تصعد بمؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    مدير جهاز تنمية البحيرات: عودة طيور الفلامنجو لبحيرة قارون بعد تحسين أوضاعها    معلومات الوزراء يستعرض تقرير منظمة بروجيكت سينديكيت: الكهرباء ستحسم مصير سباق الذكاء الاصطناعى    «كجوك» يشهد قرعة «تأشيرات الحج» للعاملين ب«المالية»    قوات الاحتلال تقتحم مقر «الأونروا» في حي الشيخ جراح بمدينة القدس    أسعار اليورانيوم تتفجر.. الطاقة النووية تشعل الأسواق العالمية    غرفة ملابس ليفربول تدعم محمد صلاح رغم أزمته مع سلوت    الجامعة العربية: ما تشهده غزة على مدار عامين انتهاكا صارخا للقانون الدولي    غارات جوية تايالاندية تستهدف منشآت عسكرية في كمبوديا    جيش الاحتلال يشن غارات جوية داخل مناطق انتشاره وراء الخط الأصفر في رفح الفلسطينية    طولان: تحية للاعبي المنتخب وسأغير التشكيل أمام الأردن (فيديو)    خبير تحكيمي عن طرد ثنائي ريال مدريد: لم تؤثر على النتيجة.. ولكن    روني ينتقد صلاح: تصريحاته الأخيرة تضر بإرثه في ليفربول    كأس العرب - منتخب مصر بالزي الأبيض أمام الأردن    حسام أسامة: بيزيرا «بتاع لقطة».. وشيكو بانزا لم يُضِف للزمالك    الأرصاد تحذر: رياح نشطة واضطراب الملاحة البحرية وأمواج تصل إلى 3 أمتار اليوم    ضبط 2.5 طن أرز و700 لتر زيت مجهول المصدر بشبين القناطر في القليوبية    تفاصيل مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان    اعترافات صادمة فى مقتل الفنان سعيد مختار.. والنيابة تكشف مفاجآت جديدة    مواصفات امتحان العلوم للشهادة الإعدادية للفصل الدراسى الأول    «بسبب عطل مفاجئ فى خط الطوارئ».. محافظ بني سويف يوجه فرع الإسعاف بإخطار المواطنين للحصول على الخدمة    تضيف بعدا لفهم المعتقدات الدينية، المتحف المصري بالتحرير يعرض مقصورة المعبودة "حتحور"    «ميدتيرم» يتصدر مؤشرات البحث بعد الحلقة الأولى    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    دار الإفتاء توضح حكم التماثيل في الإسلام: جائزة لغير العبادة    الصحة عن الوضع الوبائي: لا يوجد أي فيروس جديد أو مجهول في مصر    وزير الصحة يتابع مشروع النيل: أول مركز محاكاة طبي للتميز والتعلم في مصر    مشروبات وأدوات بسيطة تضمن الدفء.. كيف تنام بعمق في الشتاء؟    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    وزير الرياضة: إقالة اتحاد السباحة ممكنة بعد القرارات النهائية للنيابة    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    محمد فراج يعلق على الانتقادات التي طالت دوره في فيلم الست: مش مطالب أبقى شبيه بنسبة 100%    مواعيد مباريات الإثنين 8 ديسمبر - المغرب ضد السعودية.. ومانشستر يونايتد يواجه ولفرهامبتون    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    مزاعم إسرائيلية: هجوم إقليمي محتمل يهدد الأمن القومي لإسرائيل    تحريات أمن الجيزة تكشف لغز العثور على جثة سمسار بحدائق أكتوبر    قبل انطلاقها في الداخل.. كيفي تستعلم عن لجنتك الانتخابية بالرقم القومي؟    وزير الصحة ينفى انتشار فيروس ماربورج أو أى فيروسات تنفسية جديدة بمصر    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن فى 30 دائرة بانتخابات النواب    التريلر الرسمي للموسم الأخير من مسلسل "The Boys"    جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل    الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية    مي عمر تحسم الجدل: الاعتزال مش في قاموس محمد سامي    حبس عاطل لقيامه بسرقة وحدة تكييف خارجية لأحد الأشخاص بالبساتين    "من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الطاعة حتي النطاعة" !!
نشر في الجمهورية يوم 29 - 09 - 2013

1⁄4 يسقط حكم العسكر.. هتاف يراد به باطل.. ونحن أبناء نظام تعليمي قائم علي الحفظ والغش.. نحفظ بلا فهم. وننقل ونغش من بعضنا الأفكار والآراء.. "حفظناها كده.. وقالوا له علي رأي مسرحية شاهد ما شفش حاجة".. نحن أبناء نظرية "وجدنا آباءنا.. وإنا علي دربهم سائرون. وعلي آثارهم مقتدون ومهتدون".. نحن ملتزمون بالنص الذي قاله آباؤنا وأجدادنا.. نحن أطعنا سادتنا وكبراءنا.. ولا ندري أنهم أضلونا السبيل.. وكل الذين حكمونا أقنعونا بأن الاجتهاد حرام وإعادة النظر والتأمل جريمة "واللي يرجع في كلامه يبقي عيل".. بينما الكبير والحصيف والعاقل هو "اللي يرجع في كلامه إذا ثبت أنه خطأ".. والتوبة نفسها رجوع في كلامي.. فالرجوع في كلامي فضيلة. وليس رذيلة. والتائب يقول: "تبت ورجعت وندمت علي ما فعلت وعزمت علي ألا أعود".. والتوبة ليست في أمور الدين فقط.. ولكنها أيضاً في أمور الدنيا.. هناك أيضاً التوبة السياسية.. هناك توبة الحكومة.. وتوبة المعارضة.. وتوبة الإعلام.. والمشكلة أننا نعتبر التوبة ضعفاً والرجوع في الكلام والرأي رذيلة.. والمرء ينبغي أن يتوب في اليوم مائة مرة.. ونحن والوطن كله علي مر العصور ضحايا العناد والمكابرة والإصرار والغباء.. حتي أن المرء منا يقول: "أموت وما أرجعش في كلامي".. ونحن كما اعتدنا دوماً نطلق أسماء جميلة علي سلوكيات وأفكار قبيحة.. نسمي العناد تمسكاً بالمبدأ.. ونسمي المكابرة ثباتاً علي الرأي.. ونسمي الإصرار شجاعة وجرأة.. تماماً كما نسمي الجنس والشهوة حباً.. ونسمي السرقات الأدبية والفنية اقتباساً أو توارد خواطر.. وقد قادنا العناد والإصرار والمكابرة إلي التطرف والتعصب والإرهاب.. فتحول البشر في مجتمعنا إلي أحزمة ناسفة وقنابل موقوتة. ورحنا ننفجر في بعضنا لأتفه سبب. أو بلا سبب غالباً.
والإخوان ومن دار في فلكهم هم أصحاب هتاف "يسقط حكم العسكر".. وأصحاب مقولة "أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر".. والمقابلة بين العسكري والمدني مقابلة محفوظة "صم" بلا تدبر ولا إعادة نظر.. وهم يعنون بها أن العسكر مرادف للديكتاتورية وأن المدني مرادف للديمقراطية.. وهذا كلام فيه مغالطة كبيرة. ومكابرة أكبر علي طريقة الذين يعرفون الحق وينكرونه.. ولو أن هذا كلام صحيح ما صح أن يحكم الإخوان لأن الإخوان أنفسهم عسكر. ولأن الجهاديين عسكر. والجماعة الإسلامية عسكر.. والتيارات المسماة إسلامية هي التي عسكرت السياسة.. بينما الجيش النظامي في مصر علي مر العصور "سيَّس العسكرية".. التيارات الإسلامية عسكرت السياسي.. والجيش سيس العسكري.. تيارات الإسلام السياسي عسكر في زي سياسي.. والجيش المصري كان دوماً سياسياً في زي عسكري.. وهو نفس الفرق بين السلفيين والإخوان.. فالسلفيون جسد ديني يرتدي ثوباً سياسياً.. والإخوان جسد سياسي يرتدي ثوباً دينياً.. بل إهم جسد عسكري سياسي يرتدي ثوباً دينياً.
والفصل بين العسكري والمدني علي أساس الزي فصل تعسفي.. والنظام الديمقراطي الذي ارتضيناه وهو نظام الانتخاب وطريقة الصندوق هو الذي يجعل العسكري مدنياً.. يعني إذا جاء العسكري رئيساً بالصندوق وبالانتخاب الحر المباشر. فهو مدني.. فالمدني والعسكري نظام وليس أشخاصاً.. والديمقراطية والديكتاتورية نظام. وليست أشخاصاً.. ومحمد مرسي كان قبل أن يأتي رئيساً في حكم العسكري لأنه منتم لتنظيم عسكري.. لكن الصندوق جعله مدنياً.. وليس كل عسكري ديكتاتوراً. وليس كل مدني ديمقراطياً.. ومحمد مرسي لم يكن رئيساً ديمقراطياً لأن التنظيم الذي ينتمي إليه ليس ديمقراطياً. فهو قائم علي السمع والطاعة.. والنظام الإيراني مثلاً. نظام عسكري. رغم الانتخابات والصناديق.. أو بالمعني الأدق هو نظام ديكتاتوري بآليات الديمقراطية.. تماماً كما كان الإخوان يريدون أن يفعلوا في مصر.. ديكتاتورية بآليات الديمقراطية.. أو هي ملكية علي شكل جمهورية.. ففي إيران يتوارث الحكم أهل الطائفة والملة.. وكان الإخوان يريدون توريث الحكم لأبناء التنظيم.. وهو ما يحدث الآن في تركيا.. وقد فعل الإخوان نفس ما ثار الشعب ضده في وكسة الخامس والعشرين من يناير.. التوريث. ولكن بشكل أوسع.. توريث أبناء التنظيم. لا توريث أبناء الأسرة كما كان مبارك يريد أن يفعل.. "يعني الإخوان جُم يكحلوها. عموها".. والرقعة التي كانت ضيقة في ثوب مصر. جاء الإخوان ليوسعوها.
وربط الديكتاتورية والعسف والظلم والجور والبطش بالعسكريين ربط غبي وأحمق ومغرض أيضاً.. كما أن ربط الديمقراطية والعدالة والحرية والتسامح بمن يسمونهم المدنيين. ربط هو الآخر غبي وأحمق.. وقد قلت لكم من قبل إن صدام حسين كان مدنياً حسب تعريفهم. وأن بشار الأسد مدني.. وهناك عشرات الزعماء المدنيين غيرهما أذاقوا شعوبهم صنوف العذاب والهوان ومارسوا الديكتاتورية "زي ما الكتاب بيقول".. كما أن في العالم أجمع زعماء عسكريين حققوا لبلادهم الرخاء والرقي والديمقراطية والعدالة.. ولا أحد يمكن أن يزايد علي أن جمال عبدالناصر حقق طفرة ضخمة في مجال العدالة الاجتماعية.. كما لا يستطيع أحد أن ينكر أن أنور السادات وضع مصر علي طريق التعددية السياسية والديمقراطية.. وناصر والسادات رجلان عسكريان!!
* * * *
1⁄4 وكل زعماء العالم العظام والذين تركوا إنجازات وبصمات.. وكانوا علامات فارقة في التاريخ الإنساني كانوا عسكريين. أو ذوي خلفيات عسكرية من أمثال: دوايت أيزنهاور. وشارل ديجول. وتشرشل. ونيلسون مانديلا.. وقبل ذلك محمد علي في مصر. ذلك الجندي الذي جعل مصر دولة عظمي في بضع سنين.. والقسمة بين المدني والعسكري إذن "قسمة ضيزي".. والمدني والعسكري. أسماء سموها هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان.
ومصر علي مر التاريخ وربما هي إرادة إلهية ارتبطت نهضتها وكبوتها بالجيش.. فإذا قوي الجيش قويت مصر. وإذا ضعف ضعفت.. وفي كل العالم هناك دولة تبني جيشاً أو دولة تصنع جيشاً.. وفي مصر وحدها هناك دائماً جيش يبني دولة ترتفع بارتفاعه. وتنحدر بانحداره.. والجيوش في العالم كله ليست مرتبطة بكيان الدولة.. فقد انهار الجيش الياباني. والجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية. ولم يحل هذا دون نهضة البلدين صناعياً واقتصادياً وسياسياً.. مصر وحدها إذا انهزم جيشها انهزم وانكسر الوطن كله.. وإذا انتصر جيشها انتصر الوطن كله.. وهذا هو الرباط الذي ينبغي أن يبقي إلي يوم القيامة إذا أراد المصريون الحفاظ علي أن يكونوا خير أجناد الأرض.
ومحمد علي باشا أقام جيشاً قوياً "فقامت حوله الدولة كلها لوحدها وبلا جهد".. ولا يمكن الحديث عن عصور الضعف وعصور القوة في مصر إلا مرتبطة بالجيش.. "فتش دائماً عن حال الجيش في أي عصر لتعرف قوة أو ضعف مصر في ذلك الجيش".. وكأن المسألة تبدو قدرية لا يد لأحد فيها.. لم يحدث مرة واحدة أن كانت مصر قوية في ظل جيش ضعيف.. ولم يحدث مرة أن كانت ضعيفة في ظل جيش قوي.. الفصل بين الجيش والدولة وارد في العالم كله.. يمكن أن تكون الدولة ناهضة وقوية في ظل جيش ضعيف. أو حتي بلا جيش. لكن في مصر لم ولن يحدث ذلك أبداً.. والأعداء يعرفون ذلك جيداً. لذلك كانوا ومازالوا وسيظلون يراهنون علي أن تفكيك وتفتيت مصر لن يتحقق إلا بتفكيك وتفتيت الجيش.. "سيبك من حكاية خريطة مصر التي تضم أربع أو خمس دويلات".. لأن الأهم في المخطط هو تفكيك وتفتيت الجيش.. والتفكيك والتفتيت يتحققان أولاً بمخطط التشويه.. وهو ما يتولاه الإخوان وتيار الإسلام السياسي. ومن دار في فلكهم ممن يسمون أنفسهم الليبراليين والتيارات الثورية وشباب الوكسة وحركات كذبة إبريل. وكذبة يناير. وغيرها.. ومعهم الببغاوات من المصريين الذين تعلموا بنظام الحفظ والغش.. ووجدوا آباءهم وأطاعوا سادتهم. وكبراءهم.
ومخطط التشويه يهدف إلي تحقيق الفصل النفسي بين الشعب والجيش.. هناك علي مر التاريخ حب شعبي جارف للجيش.. الناس يثقون دوماً بالجيش "حاجة ربانية كده".. والمراد أن يفقد الشعب الثقة بالجيش وأن يقام جدار عازل بين الشعب والجيش عن طريق كذبة المدني والعسكري.. وعن طريق ربط أبناء الجيش بالديكتاتورية والظلم والقهر والسحل.. والإلحاح علي فكرة الانقلاب ضد إرادة الشعب وضد الشرعية.. وبالتالي يتردد في كل مناسبة وبلا مناسبة. هتاف الإخوان الشهير: "يسقط.. يسقط.. حكم العسكر".. أي يسقط حكم الديكتاتورية والظلم.. وحكم الإخوان كان أحق بهذا الهتاف لأنهم هم العسكر.
والفرق بين المدني والعسكري في مصر بالذات لا يكاد أحد يراه حتي تحت المجهر لأنه فرق مزيف ولأن التقسيم نفسه وهمي.. ولو ربطنا الديكتاتورية والظلم والقهر بما يسمي حكم العسكر.. ما صلح أحد للحكم.. فبالمفهوم الإخواني لمصطلح العسكر كان كل الخلفاء الراشدين عسكريين ومقاتلين.. وكان الولاة والعمال في الأصل قادة جيوش.. بل إن الإسلام نفسه انتشر علي أكتاف العسكر الذين تحولوا بعد الفتوحات إلي ولاة وقادة وعمال وملوك وسلاطين.. والدولة الإسلامية الكبري عرفت طريق التشرذم والتفكك عندما انهارت قوتها العسكرية وعندما ركن العسكر فيها إلي الدعة والاسترخاء.. ولم يحدث يوماً أن كانت المشكلة هي المفاضلة بين المدني والعسكري. لأن الفرق بين الاثنين لا وجود له.
* * * *
المسألة كلها ليست سوي تشويه مقصود للجيش بهدف تفكيكه. وخلق جدار نفسي بينه وبين الشعب.. لكن هذه المحاولات ستبوء بالفشل لأن الارتباط النفسي بين الشعب والجيش يكاد يكون قدرياً.. ولأن الجيش المصري مؤسسة متكاملة وخلطة سحرية غريبة بين المدني والعسكري.. الجيش في مصر منذ رمسيس الثاني يكاد يكون دولة متكاملة. فيها القانون والزراعة والصناعة والطب والإعلام والاقتصاد والهندسة والسياسة بكل فنونها من تقدير الموقف والخبرة الدبلوماسية.. والمسألة ليست كما يصورها الإخوان ومن سار علي دربهم من أن الجيش مجرد طابور صباح وتمرينات "ومعتاداً مارش".. وسمع وطاعة.
لا حيلة مع من أراد المغالطة والمكابرة.. هؤلاء يعرفون ما نقول.. ويعرفون الحق ولكنهم يكابرون ويعاندون عملاً بالمثل العامي الشهير: "علمني الغلاسة أو الرخامة يابا.. قال له.. تعالي في الفارغة واتصدر".. قلت لكم إنه الإصرار وثقافة الحفظ والغش.. وعبقرية إطلاق أسماء جميلة علي أفكار وسلوكيات ذميمة وقبيحة.. والذين يسمون الثورة انقلاباً مثل الذين يسمون الجنس حباً.. ويسمون السرقة اقتباساً.
وعلي فكرة.. احنا ما بنقولش للناس حاجة مش عارفينها".. هم يعرفون كل شيء.. لكن محاولتنا التي تبدو فاشلة حتي الآن تنصب علي إقناع الناس بأن يتخلوا عن العناد والمكابرة وتسمية الغباء تمسكاً بالمبدأ. نريد أن يتعلم الناس فضيلة التوبة.. "والرجوع في الكلام".. وألا يتحول مبدأ السمع والطاعة إلي "نطاعة".. فما أسوأ السمع والطاعة حتي "النطاعة!!!".
نظرة
قال عبدالله بن العباس رضي الله عنهما: لا يعاب أحد علي ترك حقه. وإنما يعاب من يطلب ما ليس له.. وقال: كل صواب نافع وليس كل خطأ ضاراً.. فقد انتهت القضية إلي داود وسليمان ففهمها سليمان. ولم يفهمها داود. ولم يضر ذلك داود شيئاً.. ويقال: ليس العيب ألا تفهم. ولكن العيب أن تفهم خطأ.. فمن لا يفهم قد يفهم يوماً.. لكن من يفهم خطأ "عمره ما حيفهم أبداً".. والذي لا يفهم معذور لأن إمكانياته العقلية هكذا.. أما الذي يفهم خطأ فهو مغرض وقصد أن يفهم خطأ.. فهو مختل عقلياً ونفسياً معاً.. ونحن الآن وقبل الآن "غاويين" مكابرة وعناد ومضبوطون علي الفهم الخاطئ.. والذي يفهم خطأ غبي مرتين.. مرة لأنه لم يفهم.. ومرة لأنه فهم خطأ.. ومرة ثالثة أيضاً.. لأنه قصد أن يفهم خطأ.. عقولنا وقلوبنا مرفوعة دائماً من الخدمة بفعل فاعل.. وخطوطنا كلها مشغولة بالعناد والمكابرة والإصرار والمجاهرة.. "ولو حد فيكم لقي حد بيفهم صح.. يبقي يقابلني!!!"û


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.