شهدت مصر في الثلاثين من يونيو الماضي ثورة شعبية مكتملة الاركان والاهداف والطموحات. وإن تباينت الرؤي واختلفت الآراء وتعارضت التسميات .. ودون الدخول في الجدل القانوني والسياسي حول توصيف ما حدث هل هو ثورة أم انقلاب؟ وكذلك دون المقارنة بما جري في يناير وما جري في يونيو أو ما جري في مصر وغيرها من بلدان العالم التي شهدت ثورات شعبية. يظل التساؤل المطروح هل مطلوب من أي دولة مستقلة ذات سيادة أن تسعي إلي استرضاء أو موافقة الخارج علي سياستها الوطنية وشئونها الداخلية؟ بتساؤل أكثر وضوحا هل مطلوب من كل دولة في العالم حينما تقدم علي تغيير نظام الحكم فيها بطريق شرعي أن تسعي إلي طلب الاعتراف والمباركة من دول العالم؟ وهنا يجب أن نستدعي القانون الدولي فهل تغيير النظام السياسي في دولة ما يعد شرطاً من شروط استمرار الاعتراف بالدولة كفرد في المنظومة الدولية وكعضو في المنظمات الدولية خاصة اذا كان هذا التغيير تم دون انقلاب عسكري كما هو الحال في مصر في الثورتين أو الثورة وتصحيح مسارها؟ وفي خضم الاجابة عن هذه التساؤلات يأتي الموقف الرافض للاقتراح بتشكيل وفد من الشباب للسفر إلي الخارج لتوضيح ما جري في 30 يونيو. ونبني هذا الرفض علي سندين: الأول. أن العالم بفضل التقدم المذهل في تكنولوجيا الاتصالات والإعلام اضحي قرية صغيرة تتبادل فيها الأخبار فور وقوعها ولن يستطيع أحد أن يخفي أي حقائق عن الرأي العام العالمي الذي أصبح يتابع لحظة بلحظة كل ما يقع في كافة انحاء المعمورة. هذا فضلا عن دور الاجهزة الرسمية كالبعثات الدبلوماسية والمراسلين في الدولة وكذلك الأجهزة غير الرسمية كما هو الحال في دور أجهزة المخابرات التي تتواجد بصورة أكيدة في هذه المنطقة. وبالتالي فلم يعد هناك أمر مخفي عن الخارج يستوجب تقديمه أو توضيحه. فالصورة المتلفزة أكبر دليل علي ما يجري في الواقع وأبلغ أثرا عما يمكن أن يقال في تلك اللقاءات أما السند الثاني. ينطلق من الرفض المطلق لأي فكرة تتعلق بالوصاية الدولية أو الاقليمية علي الشئون المصرية. فلقد عانينا كثيرا من التدخلات الخارجية في الشأن المصري وكان من أولي اهداف الثورة المصرية التأكيد علي استقلالية القرار المصري بعيدا عن املاءات الخارج وشروطه.