فيفا يعلن مواعيد مباريات ومشوار بيراميدز في كأس الإنتركونتننتال    أول تحرك حكومي بشأن حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية الذي أسفر عن مصرع 19 عاملًا وإصابة 3    ترامب يرفض دعوة حضور حفل زفاف جيف بيزوس.. "وول ستريت" تكشف السبب    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة بالوادي الجديد    فيديو يقود مباحث دار السلام لضبط "ديلر الاستروكس"    تعرف على موعد وفضل صيام يوم عاشوراء    الإثنين المقبل.. المحطة الأخيرة لقانون الإيجار القديم قبل إقراره تحت قبة البرلمان    بحضور النقيب.. افتتاح مصيف المهندسين بالمعمورة بعد تطويره في الإسكندرية    مقتل العالم النووي الإيراني سليمان سليماني جراء الهجمات الإسرائيلية    ثنائي الأهلي يزين التشكيل الأفريقى المثالى لمرحلة المجموعات فى مونديال الأندية    استئناف الرحلات الجوية بين روسيا وإيران بعد تعليقها لمدة أسبوعين    محافظ كفرالشيخ: انطلاق قافلة دعوية كبرى من مسجد الضبعة بالرياض    قبل أن يتم عامه ال25.. هالاند يدخل نادي ال300 هدف    في أول جمعة من العام الهجري الجديد.. افتتاح مسجد "آل يعقوب" بقرية سفلاق بسوهاج    "القومي للطفولة" يحبط زواج طفلة 14 عاما بمحافظة قنا    الرقابة المالية تستعرض تجربتها الرائدة في إطلاق أول سوق كربون طوعي مراقب ومنظم أمام وفد ليبي يضم جهات حكومية    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    مجلس الوزراء يكشف حقيقة اعتزام الدولة خصخصة الجامعات الحكومية    الإثنين المقبل.. انطلاق فعاليات معرض الفيوم للكتاب    بصحبة شقيقتها.. ملك زاهر تحتفل بعيد ميلادها وهذا ما قالته (صور)    "البترول": نجاح أعمال الحفر ببئر "ظهر 6" وإضافة 60 مليون قدم مكعب يوميًا إلى الإنتاج    خطيب المسجد النبوي: صوم التطوع في شهر المحرم أفضل الصيام بعد رمضان    صحة الغربية تحقق في واقعة تبدل جثتين في مشرحة مستشفى زفتي العام    قافلة طبية مجانية لجمعية رعاية مرضى الكبد عضو التحالف الوطنى فى الدواخلية بالغربية لخدمة أهالي القرية    «الصحة» تطلق حملة قومية للتبرع بالدم في جميع المحافظات    نجاح أول عملية تكميم معدة لطفلة بالمنظار بمستشفى جامعة أسيوط    الحكومة تحدد ضوابط العمرة الجديدة لعام 1447    الحكومة تنفي خصخصة الجامعات الحكومية وتؤكد: "مملوكة للدولة"    ضبط قضايا اتجار غير مشروع في النقد الأجنبي ب4 ملايين جنيه    الرئيس اللبناني يدين التصعيد الإسرائيلي على منطقتي النبطية وإقليم التفاح    انخفاض أسعار الذهب عالميًا ومحليًا وسط هدوء التوترات الجيوسياسية    إيرادات الخميس.. «المشروع x» يحافظ على صدارة شباك التذاكر    نيللي كريم عن «هابي بيرث داي»: فكرته لمست قلبي والسيناريو عميق    أسماء أبو اليزيد بعد مسلسل فات الميعاد: لو رأيت رجلا يعتدي على زوجته سأتمنى أن أضربه    حصيلة الانزلاق الأرضي في كولومبيا ترتفع إلى 16 قتيلا    محافظ الجيزة يعتمد المخططات التفصيلية لأحياء الدقى والعمرانية وبولاق الدكرور    مستوطنون يعتدون على منازل جنوب الخليل.. وإصابة فلسطينية في مسافر يطا    السيطرة على حريق نشب فى ثلاثة سيارات ملاكى بحى شرق أسيوط    بيع 10 محال تجارية وصيدلية فى مزاد علنى وحملة على المخالفات بمدينة بدر    طب عين شمس: توزيع المهام.. وإدارة غرف العمليات باتت جزءًا من تقييم الأطباء    المراجعات النهائية للغة الإنجليزية الثانوية العامة 2025    أسعار اللحوم البلدية اليوم الجمعة 27-6-2025 فى الإسماعيلية    خطيب الأقصى: ظهور نتنياهو في أنفاق المسجد تحد لإثبات السيادة ولن يكسبوا ذرة تراب منه    وسام أبو علي يقترب من الرحيل عن الأهلي مقابل عرض ضخم    محمد شريف ينتظر 48 ساعة لحسم مصيره مع الأهلى.. والزمالك يترقب موقفه    عادل إمام يتصدر تريند "جوجل".. تفاصيل    كريم محمود عبدالعزيز يتصدر تريند جوجل بسبب مملكة الحرير    ياسر ريان: طريقة لعب ريبيرو لا تناسب أفشة.. وكريم الديبس يحتاج إلى فرصة    شروط التسجيل لاختبارات القدرات بالثانوية العامة 2025    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الإيجار القديم والتصرف في أملاك الدولة، جدول أعمال مجلس النواب الأسبوع المقبل    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طرابلسى فى حوار عن مصر : مسار الثورة غير قابل للارتداد
نشر في المصريون يوم 09 - 01 - 2012

«انتهى عهد حسنى مبارك. والرجل إلى زوال عاجلا أو آجلا. يبقى السؤال، بعد التظاهرات المليونية فى اليوم الثامن من انتفاضة الشعب المصرى، هو: متى؟ وكيف؟ وأى نظام بديل؟»، يتساءل فواز طرابلسى فى «الديمقراطية ثورة». كان ذلك قبل ما يقرب من عام وعقب ثورات عربية أتت «على غفلة». قبل أسبوع توقف الكاتب اللبنانى فى قاهرة تتعثر ثورتها، وجامعة عربية تتعثر فى ثورة سورية، ونظام سورى يكتسى ببعض من ملامح يمنية، ويمن يسير على خطى مبادرات أمريكية وإدارة أمريكية تمثلها دول عربية، أنظمة نفطية أو عسكرية هرمة تخشى ثورة لا تزال فى شبابها.
هكذا يلخص أستاذ الجامعة السبعينى خارطة الانتفاضات الشعبية، ثورات مستمرة «ما دامت قادرة على استخدام الشوارع والساحات بشكل سلمى».
أسس أحزابا وانخرط فى أخرى وكتب فى السياسة والرحابنية، وفى حواره مع الشروق يتوقف فواز طرابلسى عند سوريا حيث كان والده يعمل فى أحد فنادق العاصمة «من الإقامة الدمشقية» جاء اسمه، هكذا يروى فى كتابة «صورة الفتى بالأحمر: أيام فى السلم والحرب». واليوم يعيد طرابلسى قراءة مشهد يحمل قدرا من السلم والحرب إلى أبواب دمشق، ويلقى الضوء على اليمن، بلد زاره بانتظام على مدى قرابة ربع قرن وتعلق «باليمنيين وبلادهم حتى صار اليمن وطنى الثانى»، كما يقول فى قصته «وعود عدن». وما بينهما تونس وليبيا ومصر وولايات أمريكية تسعى جاهدة لاستيعاب المد الثورى العربى.
● بدأت بعثة المراقبين العربية عملها فى سوريا، كيف تقيم أداءها حتى هذه اللحظة؟
قضية المراقبين يجب وضعها فى إطار المبادرة العربية، ففى الفترة الأولى من المبادرة، وقبل موافقة سوريا عليها كان من الواضح أنها فرصة للنظام السورى لاقتحام حمص مع وهم أنه من الممكن تسجيل انتصار بمنطق الحرب على المدن والقرى الثائرة لإنهاء الاحتجاجات. وهذا ما يسعى إليه النظام السورى الآن.
أما الحقبة الثانية من دور الجامعة العربية فهى القبول السورى بالتوقيع مع إعطاء المراقبين مهلة شهر.
مستوى الحماية التى سيتعامل معها المراقبون غير واضح والاستخدام غير المفرط للقوة لا تجرى إدانته أو حتى ذكره فى التقارير. المفترض وفق المبادرة العربية ومع وصول المراقبين أن يتم سحب الدبابات من المدن وإطلاق سراح المعتقلين ووقف الأعمال العسكرية. هذه هى الدرجات الثلاث للمراقبة والسؤال هو: ما إمكانية التحايل السورى وما هى الأوليات؟ أى: من يتقدم على ماذا فى هذه الخطوات الثلاث؟ وهل يحق لفرق المراقبة الدخول للمستشفيات والسجون؟ إلى جانب غموض تفسير ما الذى تنازل عنه النظام السورى، عند القبول ببعثة المراقبين، يأتى الرد بأنه لن يسمح للمراقبين بدخول الأماكن العسكرية الحساسة. ويبقى أن نرى إلى أى مدى سيكون تحرك المراقبين حرا ومباغتا.
● تحدثت عن رفض سورى ثم موافقة على البروتوكول.. ما العنصر الذى اختلف ما بين الموقفين؟ دمشق أشارت فى لحظة ما إلى «نصيحة» روسية، هل كانت هى فقط عنصر الحسم؟
ظروف توقيع البروتوكول جرت فى ظل عدد من المتغيرات أولها أن هناك طلبا روسيا فعلا وهذا له علاقة بكون روسيا ستكون رئيسا لمجلس الأمن قريبا وسيكون من الصعب عليها أن تضع فيتو أمام طرح أى قرار خاص بسوريا.
لكن الأمر الذى يحتاج إلى تفسير هو ما حدث لدى الطرف العربى. فقد بدا خلال فترة أن التحرك العربى يعبر عن ضغوط المحور الخليجى النفطى والتى تسلمها وكيلا عن الولايات المتحدة الأمريكية. بينما مؤخرا على الأقل فى الضجيج الإعلامى تراجع دور قطر والسعودية وبرز دور للعراق بعد زيارة رئيس الوزراء نورى المالكى للولايات المتحدة رغم الخلاف بين بغداد وواشنطن حول الملف السورى. وبات واضحا أنه تمت ممارسة حد أدنى من الضغط الأمريكى على العراق ليتولى وساطة مع سوريا. ولفت نظرى تصريح لأحد مستشارى المالكى بأن المبادرة عراقية صرفة ولا تدخل إيرانى فيها، بينما توحى التصريحات الإيرانية حول قبول سوريا لتوقيع البروتوكول واعتبارها «غير مكتملة» بأن هناك دورا إيرانيا وتحفظا فى الوقت نفسه.
● أشرت فى البداية إلى حديث على الأقل فى الكواليس عن تنازلات ما.. ما الذى جرى التنازل عنه؟
حسبما علمته جرى تغيير فى المصطلحات فقط. مثلا استبدلت كلمة المواطنين بالمواطنيين العزل. أمين عام الجامعة العربية نبيل العربى يشير إلى تعديلات شكلية ولفظية وما يوحى به وليد المعلم أنه تمت طمأنة سوريا على التنفيذ، فيما يتعلق بالبعثة.
فى الوقت نفسه هناك رواية أن عدم اقتحام حمص الذى أعلن عنه مرارا راجع لصمود أهالى المدينة وهذا بدون شك صحيح. لكن الرواية الثانية تشير إلى تهديد أمريكى وطلب روسى. فهل يكمل النظام السورى على نهج الإنكار والوهم بأنه لا توجد سوى مجموعات إرهابية ضمن الطريقة «الخارجية» فى التعامل مع الأزمة. لأن اللافت أن هذا نظام لم يتوجه إلى شعبه ولا يزال يصر على تحويل شعبه إلى إرهابيين والإرهابيون هم شفرة المجتمع الدولى. وهكذا قبل وصول المراقبين العرب إلى سوريا أصدر الأسد قانونا يجرم الإرهاب بالإعدام بما فى ذلك عقوبة توزيع السلاح وكلها محاولات للقول بأن الشعب الثائر الذى قدم 5 آلاف شهيد و20 ألف معتقل هو إرهابى.
وأنا ليس لدى تفسير سوى أنها محاولة من الأسد للاستنجاد بالخارج لإطالة الوقت وتزوير الواقع مع الوهم بانتصار عسكرى فى البلدات المقفلة وإنهاء المقاومة فيها.
● إملاءات أمريكية ووكلاء عرب، أليس هذا صدى ما يشير إليه النظام السورى بالمخطط والمؤامرة الخارجية؟
الموقف الأمريكى عامل أساسى فى الأزمة وتميز بالتقلب والغموض منذ البداية والمواقف والارتداد عليها لا تحصى، من الدعوة إلى تدخل الجيش ليتسلم الحكم إلى الدعوة لتنحى بشار وهذا يفسر المقياس الأمريكى للتعامل مع الأزمة السورية قياسا على ليبيا. وهذا يرجع إلى دور سوريا فى الحفاظ على هدوء الجبهة الشمالية مع إسرائيل. النظام السورى مكلف أيضا بالتعامل مع الملف اللبنانى وهو المسئول عن جلب لبنان فى حالة مفاوضات ومسئول عن حزب الله. وليس واضحا من سيكون البديل للعب هذا الدور وهذا ما يفسر غموض وضبابية المواقف الإسرائيلية.
لابد من مقارنة الوضع مع ليبيا حيث كان الأمر مختلفا. كان هناك انشقاق واضح، طرابلس مقابل بنى غازى وانشقاق فى الجيش ومجلس وطنى نتج عن ذلك تدخل حلف النيتو. فى حين كل هذا غير موجود فى سوريا. فهى حالة شعبية تلقائية وريفية يقابلها بقايا أحزاب المعارضة داخل سوريا فيما يعرف بهيئة التنسيق إضافة إلى عدد من الأحزاب الكردية والناصرية وكتلة الإخوان وعدد من شخصيات المعارضة فى الخارج. ما يعنى أننا بعيدون جدا عن بديل جاهز.
وبديلا عن دور أمريكى مباشر أو أطلسى مباشر كما حدث فى ليبيا، كلفت أمريكا أطرافا إقليمية. فى البداية كانت تركيا ولم تنجح الوساطة لتعارضها مع وجهة نظر الأتراك وحلمهم بأن يصبحوا وكلاء السنة فى المنطقة إضافة إلى وعود من سوريا لم تتحقق ومهازل الحديث عن إصلاحات.
قطر ومن ورائها الشبح السعودى لعبت دور عرَّاب إسقاط النظام الليبى وتدخلتا بأشكال مختلفة فى العملية الثورية فى تونس ومصر من خلال قروض للدولة ثم من خلال ما يجرى تناقله عن دعم مالى للإسلاميين. وبالتالى ليس بعيدا عن قطر هذا التطلع للعب أى دور لكنه دور يحلم بالاحتواء عن طريق الارتكاز على قوى محافظة هنا وهناك.
● هل تقصد أنها محاولات احتواء امريكية خليجية لمد الربيع العربى بعد أن اعترفت وكالات المخابرات الأمريكية وحتى الإسرائيلية بعجزها عن توقع اندلاع الثورات فى المنطقة؟
هذه الثورات عنصرها الشارع وفى كل مرة قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مبادرات خلالها كان على رأسها انسحاب الناس من الشارع وأول مبادرة قدمتها فى مصر كانت تقترح انتقال السلطة لنائب الرئيس هذا ما جربته فى سوريا ونجحت فيه حتى اللحظة فى اليمن. ما يحدث فى اليمن هو تطبيق حرفى للمبادرة الأمريكية. (تنازل الرئيس اليمنى عن صلاحياته لنائبه ويبقى رئيسا للبلاد حتى إجراء انتخابات رئاسية فى فبراير).
السفير الأمريكى فى صنعاء كان يصوغ علنا مسودات الحوار مع المعارضة. والأسبوع الماضى قامت المعارضة اليمنية بمسيرة ستة أيام سميت مسيرة الحياة باتجاه صنعاء وتم إطلاق النار على المتظاهرين من القوى الموالية لعبدالله صالح فبرر السفير الأمريكى إطلاق النار عليهم.
● وهل تكتسى الحالة السورية بملامح يمنية أم أن اختلافات دول الثورات العربية أنجبت تباينات ما يسمى بمبادرات الحل؟
الفارق بين سوريا واليمن هو انهيار سيطرة الرئيس صالح على قبيلته والانقسام العسكرى وبالتالى ظهرت الضغوط الخارجية فى محاولة لإنقاذ الرئيس مقابل إعفائه وبطانته من أى محاسبة. والدستور مفصل على مقاس الديكتاتور ولا يبشر بانتخابات رئاسية حرة ولا بتغيير سياسى فعلى. وتأكيدا على أن نهج التنحى موجود ما سربته الإمارات عن دعوتها بشار الأسد للعيش عندها.
التصور الأمريكى باختصار هو تسليم السلطة للنائب وتفاوض النظام مع المعارضة الرسمية وعودة الثوار إلى منازلهم وترك الشوارع والساحات وهذا ما جرى محاولته كثيرا فى مصر. وعلاقة القاهرة مع الولايات المتحدة مباشرة ولا تحتاج وساطة عربية وواضح أن عقيدة الولايات المتحدة أن الجيش هو ركيزة العملية السياسية، فانتهاء جيش حسنى مبارك يعنى انتهاء كامب ديفيد بصيغتها القديمة. وحيث لا تستطيع واشنطن أن تبادر يتم تكليف أطراف عربية مثلما تدخل الجيش السعودى فى البحرين بمباركة أمريكية.
بدون أدنى شك باستثناء تونس حيث دور الجيش هامشى، فهى دولة بعيدة عن خط المواجهة مع إسرائيل والجيش تم تهميشه منذ زمن الرئيس بورقيبة فإن نهج فرنسا وأمريكا، كل فى دائرته، هو استيعاب المد الثورى مع تأكيد مركزية دور المؤسسة العسكرية فى السلطة السياسية.
● هل هى مبادرات لإيجاد حلفاء جدد فى المنطقة خصوصا أن هذه الأنظمة التى تتهاوى كانت تحظى بدعم أوروبى وأمريكى خلال الثلاثين عاما الأخيرة؟
القذافى ليس خسارة كبيرة بالنسبة للغرب فقسم كبير من المعارضة وثيق العلاقة مع واشنطن. وتونس شأن أوروبى بالأساس والمغرب كذلك، واستبق الملك الأمر بتعديلات دستورية أنجبت أغلبية إسلامية أول ما أعلنته هو تأكيد العلاقة مع الغرب.
وفى سوريا، تم استدراج الدور الخارجى وفى مصر خسرت واشنطن وتل أبيب شكل الحاكم فقط والمعركة دائرة حول دور الجيش فى العملية السياسية.
ويكتمل النهج بالحفاظ على المصالح الاقتصادية فليبيا مثلا تؤمن أفضل وأرخص وأسرع نفط لأوروبا. والاقتصادات النيوليبرالية لم يعارضها أحد فى بلدان الثورات العربية وعلى رأسها القوى الإسلامية الفائزة بالانتخابات، بالعكس أرسلت تطمينات كاملة حول الاتفاقيات والحفاظ على أمن إسرائيل.
● باستثناء تونس، تبدو الثورات العربية متعثرة خلافا لمشهد العام الماضى، فهل تعتقد أن الثورات مستمرة أم وارد انتكاسها؟
فى سوريا الأكيد أن النظام لا يمكن أن يستمر لكن السؤال كيف سيتغير؟ ربما انقلاب من الداخل يطمئن جزءا من الطائفة العلوية وينفتح على الديمقراطية.. عدا ذلك هو الأسوأ. ووهم الانتصار بالقمع لن يزيد الأمر إلا تأزما بالاقتراب من النزاعات الأهلية المسلحة ذات الطابع الطائفى.
الحكومة اليمنية الجديدة لا يوجد بها تمثيل للجنوبيين ولا الحوثيين ولا الثوار. أى أنها حكومة لا تعترف بأن مركزية صنعاء لم تعد توافق أغلبية السكان ولا تعترف بأن حربا قامت مع فئة فى البلاد ولا تعترف بالشباب الثائر الذى لولاه ما كان «سقط» صالح.
المؤكد أن الحركة الشعبية التى انطلقت العام الماضى علامة فارقة فى تاريخ المنطقة وسوف تسهم فى تغيير أنظمة نفطية وعسكرية متحجرة. نحن أمام مسار لا ارتداد فيه، نحن أمام ثورة ديمقراطية تقوم بها فئات مختلفة اجتماعيا وسياسيا لكن مصيرها مرهون بأمرين: الأول هو نوعية ومستوى التدخل الخارجى. والثانى وهو الأهم توازن القوى بين عناصرها الداخلية، فما دامت قادرة على استخدام الشوارع والساحات بشكل سلمى سنشهد تحولا جذريا فى هذه الأنظمة.
● أول هذه المتغيرات التى نتجت عن الثورات العربية هى انتخابات، اجتاحها الإسلاميون، فكيف تقرأ هذا المشهد الأولى؟
أنا لم أتفاجأ بنجاح الإخوان المسلمين فى الانتخابات خصوصا بعد أن جرت تصفية القوى الليبرالية واليسارية عبر سنوات. لا يوجد نظام فى المنطقة لم يتودد للإسلاميين ويدعمهم قبل الانقلاب عليهم من أول الملك حسين وصولا إلى السادات. الاستثناء الوحيد كان فى سوريا. المفاجأة كانت الحضور القوى للسلفيين. والسؤال فى اعتقادى ما المتوقع من هذه القوى الإسلامية أى ما مدى قدرتهم على الإجابة عن شعارات الثورة. فالسلوك المشترك للإسلاميين كان محاولة تطمين الولايات المتحدة واتخاذ مواقف مستجدة تتعلق بتطمين إسرائيل وكلاما غامضا حول نضال فلسطين دون ذكر للمقاومة، كما حدث فى لقاء مرشد الإخوان محمد بديع مع إسماعيل هنية.. وزد على ذلك كلام حزب النور السلفى حول التفاوض والسلام.
الغنوشى فى تونس أكد أنه لن يرد شىء يتعلق بإسرائيل فى الدستور الجديد. نحن أمام استرضاء الولايات المتحدة ومواقف انسحابية من إسرائيل.
حتى فى الاقتصاد، الكل يعلن التزامه بسياسات البنك الدولى وصندوق النقد ويتعامى عن أن أحد أسباب الانتفاضات العربية هى هذه السياسات وبالتالى فهناك شكوك فى قدرة القوى الإسلامية على إعطاء إجابات. اللافت أنه بعد سقوط بن على ومبارك، أجرى البنك الدولى وصندوق النقد مراجعة حول قياس التقدم الاقتصادى، وأشاروا إلى مشكلة البطالة، لأن التقدم كان يقاس بمعدلات زيادة نمو الناتج العام وهذا القياس الذى جاءت فى أوله تونس ومصر لم يمنع الثورة. فكيف للقوى التى أفرزتها الانتخابات أن تؤمن 100 مليون فرصة عمل خلال 10 سنوات دون انقلاب جذرى فى السياسات الاقتصادية. فى اعتقادى أن هذه أحزاب لا تملك هذا النوع من الإجابات وستسعى إلى تحريفها إلى أشياء رمزية مثل الاختلاط والسياحة وتحويل شعار العدالة الاجتماعية إلى إحسان، والتشديد على رفض الربا لكن الاستقبال الحار للمضاربة وتوسيع مفهوم الزكاة والوقف مقابل احترام الخصخصة وحرية الأسواق. أنا لا أتوسم من هذه الحركات رغم جذورها الشعبية ومما نقرأه من برامجها سوى الرضوخ والقبول بسياسات الاقتصاديات المتعولمة مع إعطائها تسميات مختلفة.
● وهل تعول على أحزاب يسارية رفعت شعارات الثورة ولم تنجح فى جذب الطبقات التى تعبر عنها من عمال وفلاحين لصالحها فى صندوق الانتخابات؟
ما نسميه اليسار اليوم هو بقايا أحزاب تفككت وقمعت فى الفترة السابقة. ولم تتمكن قوى الثورات أن تترجم وزنها بالثورة إلى المستوى السياسى لان الأنظمة الانتخابية ليست مجهزة للتعبير الدقيق عن المزاج الشعبى. الأداء المتواضع لليسار يعود إلى نجاح قوى الأمر الواقع فى فرض سرعة الانتخابات لمنع ترجمة هذا الوزن إلى المستوى السياسى وأضيف إلى ذلك التفاوت الشديد فى الإمكانات المادية والتنظيمية. فهل يجهز اليسار نفسه لهذا المستوى من العمل السياسى؟ الإسلام السياسى الآن أمام تحدى السلطة واليسار الذى يعتبر نفسه قوى طليعية أمام تحدى أن يمثل جسديا القوى التى يدعى تمثيلها. اختزال اليسار لنفسه بأنه علمانى فى حين أنه فى الأصل ديمقراطى جعله يخسر.
مطلوب من اليسار أن يذهب بالثورة الديمقراطية إلى نهاية الطريق وهذا يعنى دورا أكبر من الدخول فى النزاع بين النظام والإسلاميين. التحدى الأكبر أمام الحركات اليسارية هو منافسة الحركات الإسلامية؟ وهى لن تستطيع أن تنافسها بالعلمانية رغم أن نقاط الضعف عند الثورات الإسلامية هى تحويل الثورات إلى موضوع ثقافى رمزى بتبنيهم فكرة أن «البشر أديان» على غرار نظرية صامويل هنتنجتون «البشر ثقافات».
مصير الثورة الديمقراطية
نحن أمام ثورة ديمقراطية تقوم بها فئات مختلفة اجتماعيا وسياسيا لكن مصيرها مرهون بأمرين: الأول هو نوعية ومستوى التدخل الخارجى. والثانى وهو الأهم توازن القوى بين عناصرها الداخلية، فما دامت قادرة على استخدام الشوارع والساحات بشكل سلمى سنشهد تحولا جذريا فى هذه الأنظمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.