الطريق إلى البرلمان.. انتهاء اليوم الأول من تلقى أوراق الترشح في انتخابات مجلس النواب    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    وكيل «تعليم البحيرة» يشهد ندوة «التعليم بين تحديات الحاضر ورهان المستقبل»    نائب محافظ الأقصر يشارك في احتفال مصنع سكر أرمنت بانتصارات أكتوبر | صور    توقيع مذكرة تفاهم لتنفيذ البرنامج العالمى الخاص بأكاديمية إتش بى للابتكار والتعليم الرقمى HP IDEA فى مدارس WE للتكنولوجيا    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 8102025    التحالف الوطنى يقدم خدمات متنوعة ل 18 ألف مواطن فى برنشت بالعياط    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    توتر جديد في القدس.. بن غفير يقتحم المسجد الأقصى ويدعو ل«نصر كامل» على حماس    عاجل- السيسي يشيد بالدور التاريخي للقوات المسلحة الجزائرية في حرب أكتوبر خلال اتصال مع الرئيس تبون    ألمانيا تمنح الشرطة صلاحية إسقاط الطائرات المسيرة بعد حوادث مطار ميونيخ    مواجهة نارية.. موعد مباراة السعودية وإندونيسيا في الملحق الآسيوي    استعدادا للسوبر الأفريقي.. بيراميدز يستأنف تدريباته    برنامج تأهيلي لثلاثي الزمالك المصاب    تعدي 6 طلاب على زملائهم أمام مدرسة بالتجمع.. والأمن يتدخل    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    عاجل- الداخلية تناشد المواطنين بالتقديم بجهة واحدة لحج 2026    تأجيل دعوى تعويض ضد الفنان أحمد صلاح حسني بسبب حادث سيارة    ضبط 19 طن دقيق مدعم بالمخابز السياحية    من هو عمر مؤنس ياجي الفائز بنوبل في الكيمياء؟ أمريكي أردني من أصل فلسطيني ومعه جنسية سعودية    قصر ثقافة حلوان فى ثوبه الجديد.. مسرح وقاعات أنشطة بأحدث التقنيات    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 8 اكتوبر 2025 فى المنيا    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    احذر هذه الأطعمة على معدة فاضية.. تسبب مشاكل في الهضم    السيطرة على حريق نشب فى مخزن سيراميك على طريق مصر الإسماعيلية    تأجيل محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو.. والريادة الثقافية والحضارية موطنها مصر    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    بالأسماء.. إصابة 9 مواطنين في حادث تصادم سيارتين على طريق شبرا بنها الحر    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    في ذكرى ميلاد فارس السينما.. «أحمد مظهر» العسكري المثقف الذي سكن قلوب الجمهور    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    بلخي: اجتماع اللجنة الإقليمية بالقاهرة يناقش إصلاحات جذرية لمستقبل الصحة في المنطقة    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    أشرف عبد الباقي ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى اليوم    «فضل الشهادة والتضحية في سبيل الوطن» في ختام فعاليات الأسبوع الثقافي لوزارة الأوقاف    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الأهلي يعود للتدريبات اليوم استعدادًا لضربة البداية بدوري الأبطال    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    سعر الريال القطرى اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 فى بداية التعاملات    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    اسعار الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعضهم يتساءل.. ثورة أم انقلاب عسكري؟
نشر في جود نيوز يوم 12 - 10 - 2011

كانت أحداث ماسبيرو قاسية فهي بمثابة ثقب في جدار الوطن لأنها أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن المناخ الاجتماعي المصري أصبح مؤهلا لأن يقبل البعض فكرة أن مدرعات الجيش ستدهس المتظاهرين يوما ما لأن المجلس العسكري يرغب في الاستيلاء على السلطة فهو جزء من نظام مبارك الذي سقط في 11 فبراير بعد تنحي رئيسه عن الحكم.
والواقع أن أحداث ماسبيرو تظهر مدى صبر القوات المسلحة تجاه انقلاب البعض على نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
يحتفل المصريون الشهر الجاري بذكرى انتصار أكتوبر المجيد في عام 1973، وتبقى عدة أسئلة أبرزها مصر إلى أين بعد ثورة 25 يناير 2011؟
المشهد حاليا يبدو غامضا نظرا لتشابك الأحداث ووجود صراعات خفية بين عدة تيارات سياسية تسعى للقفز على السلطة في ظل حالة من التضليل بعضه مقصود وآخر يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط، وذلك في نفس الوقت الذي يمارس فيه الأمريكيون المزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية على مصر لإغراقها في الفوضى وامتصاص ثورتها والانتفاع بمواردها.
هي ثورة شعبية
في مصر، تشاهد شعبا اعتصره الفقر والجهل والمرض وصار عبئا ثقيلا على حاكمه الذي أهمل الناس وانتقص قدرهم وهم ما زالوا ينتفضون لم يكلوا الفشل، وتشاهد أماً عجوزاً فقيرة تمشي في ميدان التحرير فيحييها ملايين البشر، وتشاهد فيضا من لا أخلاق وفيضا من أخلاق، وأنهارا من صبر وجبالا من عزيمة ويأسا يختلط به الأمل في قلوب الشباب.
عندما تشاهد ملايين من الناس يخرجون إلى الشوارع للتعبير عن سخطهم على حاكمهم فبالطبع أنت تشاهد ثورة، فالمصريون بطبيعتهم مسالمون ولم يعتادوا الخروج على الحاكم لاعتبارات كثيرة منها دينية وسياسية واجتماعية كالأمن الذي يعتبره المصريون أهم مطالب المرحلة الحالية وذلك لأنهم خاضوا تجربة السلام مع عدو تاريخي لأكثر من ثلاثين عاما.
جند مصر خاضوا أروع معارك التاريخ أمام الكيان الصهيوني ونجحوا في حسم القتال بعد 6 ساعات، وهم من تجرعوا مرارة الهزيمة بلا حرب في نكسة 5 يونيو 1967 التي استباحت خلالها إسرائيل كرامة العرب وانتهكت أراضيهم وأهمها سيناء التي هي بطبيعة الحال معبر الدولة العبرية إلى مصر وإسلام إفريقيا.
بالنسبة لي ولمعظم جيل الشباب فإننا لم نر الحرب ولم نعرف ويلاتها ولكننا لم ننس حرب أكتوبر التي روى لنا آباؤنا وأمهاتنا حكايات عنها، وفي التاريخ وفي المدرسة وفي الجامعة وبمرحلة التجنيد العسكري كان هناك شعار للنصر، وبرغم جميع الظروف كان هناك حد للتمرد.
ثورة يناير هي ثورة شعبية من أنبل ما عرف التاريخ فالمصريون سطروا في صفحاته بحروف من ذهب أن في الاتحاد قوة فكانت اللجان الشعبية في 29 يناير وكانت مليونيات ميدان التحرير حيث عبًرت عدة أطياف سياسية وشعبية عن رفضها استمرار رئيس الجمهورية في منصبه إلى أن تنحى مبارك في 11 فبراير.
تولى المجلس العسكري دفة قيادة مرحلة انتقالية ترسو فيها السفينة إلى شواطئ رجال جدد وجميعنا يأمل أن تشهد المرحلة المقبلة تحولا ديمقراطيا ملموسا.
هي انقلاب عسكري
من البعض من يرى أن نظام مبارك لم يسقط وأن ما يجري على الأرض حاليا هو التفاف من قبل المجلس العسكري حول الثورة لأنه يريد البقاء في السلطة وهذا يبدو مخالفا لمجريات الأحداث لأنه يعني أن الثورة كانت مجرد انقلاب أبيض من قادة الجيش على مبارك.
الجيش يهيمن على السلطة في مصر منذ ثورة يوليو حيث تتابع جنرالاته على مقعد الرئيس بداية من الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ومرورا بالرئيس أنور السادات وحتى الرئيس السابق حسني مبارك، وكانت هناك العديد من التحديات أمام الثلاثي المذكور أبرزها الصراع الداخلي على السلطة من قبل التيارات الإسلامية التي رأت أن تحالف ناصر مع السوفييت أو تحالف السادات ومبارك مع الأمريكيين مخالف للشريعة الإسلامية.
كان عصر عبدالناصر ديكتاتوريا بغض النظر عن الانجازات العظيمة التي حققها الرجل من الإصلاح الزراعي وتأميم قناة السويس وبناء السد العالي، فيما ظهر السادات في بداية عهده كمن رغب في إرساء مبادئ الديمقراطية وسرعان ما استخف قومه فأطاعوه، أما مبارك فسمح ببعض الحرية التي لم يسمح بها سلفاه فلم يعد بالإمكان التضييق على الشعب في ظل هذا التطور الإعلامي الرهيب وتحول العالم إلى قرية صغيرة وهو ما عرفته أمريكا بالعولمة.
أمريكا ضغطت على مبارك مرارا لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية وحتى يمهد الطريق لحاكم مدني من خارج المؤسسة العسكرية، وكان في الصورة جمال نجل الرئيس فهو بالفعل من خارج الجيش ومقبولا لدى الإدارة الأمريكية ولدى إسرائيل، حيث رآه الغرب والكيان الصهيوني خيارا أفضل من اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة.
بالتأكيد كانت هناك صراعات خفية ما بين جمال مبارك وبين كافة معارضيه بمن فيهم مدير المخابرات والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع الذي رفض فكرة التوريث، وبالطبع فكر نجل الرئيس في إبعاد المشير وسليمان عن موقعيهما.
مبارك كان بعيدا تماما عن السلطة منذ سنوات وترك مقاليد الحكم لابنه الذي استعان بعدد من رجال الأعمال استغلوا نفوذهم لإفساد المجتمع، ومن يعود للوراء سيجد أن الفساد لم يترك كيانا في مصر إلا وطاله وهكذا حال جميع مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية التي لم تتوان في الدفاع عن الثورة وأخضعت الرئيس للمحاكمة ليفصل القانون بينه وبين معارضيه.
الثورة بدأت بدعوة لا يزال الكثيرون حائرين بشأن مصدرها، فربما كان حركة 6 أبريل أو نشطاء عديدين اختلفت انتماءاتهم السياسية ولكن الذين خرجوا إلى الشارع كانوا ملايين من المصريين ثاروا ضد الفساد واعتدت عليهم قوات الأمن المركزي والتزم الجيش الحياد حتى تنحى مبارك وجار الآن محاكمته، فهل هذا يعني انقلابا من المجلس العسكري؟
لو لم يخرج المصريون بهذه الأعداد الكبيرة لقلنا إن الثورة كانت انقلابا من الجيش لمنع وصول جمال مبارك إلى السلطة فهو في النهاية من خارج المؤسسة العسكرية.
الثيوقراطية والهيمنة الدينية الإسلامية لن تسمح بديمقراطية وشيكة في مصر، وفي المقابل فإن التيارات الليبرالية لن تسمح بوصول الإسلاميين إلى السلطة بسهولة، وما يحدث في مصر حاليا هو صراع ما قبل الانتخابات البرلمانية ومصر لا تزال أمامها سنوات طويلة لتضع أقدامها على سلم الديمقراطية.
ما حدث من اقتحام للسفارة الإسرائيلية يؤكد أن بقايا النظام السابق لا تزال تعبث بأمن مصر، وفي المقابل فإن الجيش لم يهتم بتأمين محيط السفارة قبل الهجوم وهو ما يشير إلى وضع خطير يستغل فيه الجميع كل شيء.
هناك أتباع لمبارك ورجاله يحاولون الضغط على الجيش ويسيرون وفق قاعدة "عليا وعلى أعدائي" من أجل مقاعد البرلمان، وهناك حركات سياسية تضغط على الجيش لإصدار وثيقة المبادئ الحاكمة وهناك إسلاميون يضغطون دون أن يظهروا ليضمنوا التزام المؤسسة العسكرية بأن تترك الحكم للشعب عبر صناديق الاقتراع والتي منحت الإسلاميين تفوقا ملحوظا عند الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
بالنظر إلى الجيش فإنه يبدو في "ورطة" ليس في الداخل فقط ولكن في الخارج أيضا فالرهان على أمريكا أصبح خاسرا والضغط على إسرائيل أمر لابد منه خاصة في ظل وصول وشيك للإخوان المسلمين إلى السلطة، والأحداث تؤكد أن إسرائيل لم تعلم ما حدث بمحيط سفارتها في مصر قبل أن يحدث وأن الجيش المصري استغل الفرصة للضغط على الدولة العبرية لتعديل اتفاقية كامب ديفيد تمهيدا لإلغائها.
هناك دول لها صلة بما يحدث حاليا في الشرق الأوسط ولا يتحدث عنها الكثير من الناس، فهناك مثلا قطر التي تبدو وثيقة الصلة بما حدث في ليبيا والبحرين وسوريا وهنا أيضا تركيا التي تعول كثيرا على العالم العربي بعدما فشلت في أن تكون جزءا من الاتحاد الأوروبي.
مصر حاليا تواجه أزمة اقتصادية لا يمكن لأحد إنكارها والخيارات تبدو قليلة، فلم يعد بالإمكان التعويل على أمريكا أو أوروبا، وربما سيكون للصين وتركيا دور هام في مساندة الاقتصاد العربي قريبا، وإلا فإن ثورة جياع ستطفو على السطح.
هناك جانب من الأحداث لابد وأن نلتفت إليه وهو دور الغرب في الثورات العربية، فلابد من الاعتراف بأن إسرائيل لم تخش سقوط مبارك، وأن هناك احتمالات تشير إلى أن وجود ما يجري في الشرق الأوسط يتعلق باستراتيجية سياسية وأجندة واضحة تم التخطيط لها على مدار سنوات، أو ربما هناك تصفية حسابات شخصية مع بعض رؤساء الأنظمة العربية، وأن هناك حالة من الارتباك لدى إدارة أوباما جعلتها في حالة من عدم الإدراك التام للأحداث الدرامية الناشبة بشكل متسارع في الدول العربية.
أمريكا ضغطت بقوة لإسقاط نظام مبارك ولم تقم بنفس الدور في سوريا برغم المجازر التي يرتكبها نظام بشار الأسد العلوي، وهذا بطبيعة الحال يقودنا إلى سيناريو خطير نجد فيه الإخوان المسلمين على رأس السلطة في مصر بينما يهيمن الشيعة على عدة دول عربية أخرى، وهناك نموذج واضح للقتال السني الشيعي في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، فهل تقترب المنطقة العربية من سيناريو مشابه لسيناريو العراق؟
في عصر مبارك، لم تكن هناك حرب بين مصر وإسرائيل ولم يكن هناك سلام أيضا فالطرفان حافظا على قاعدة "الابتعاد عن العنف" الذي لجأت إليه حركات المقاومة في فلسطين بقيادة حماس التي ترتبط بصلات وثيقة مع الإخوان السنة ومع نظام الحكم الشيعي في إيران.
مصر والثورات الملونة
الأنباء تشير إلى أن هناك 10 آلاف فرد تلقوا تدريبات بقيادة حركة 6 أبريل التي تشكلت بعد اجتماع بين جيم جلاسمان (يهودي الديانة وعينه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش آنذاك نائبا لوزير الخارجية الأمريكية للشئون الدبلوماسية والعامة ووظيفته هي الدمج ما بين سياسة وزارة الخارجية وما بين الشئون العامة ويشرف بحكم منصبه على الشئون التعليمية والثقافية والشئون العامة وبرامج الإعلام الخارجي) وبين ناشطين سياسيين مصريين في الجامعة الأمريكية بالقاهرة يوم 12 يناير 2008، وبعد هذا الاجتماع شكل جلاسمان برفقة جارد كوهين (يهودي الديانة ورئيس فريق التخطيط السياسي وهو ما يشبه لجنة السياسات بالحزب الوطني المصري وعينته في منصبه وزيرة الخارجية آنذاك كونداليزا رايس وركز خلال فترة عمله على ما أسماه مكافحة الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط وجنوب آسيا باستخدام الشباب والتكنولوجيا وتقول عنه مجلة "نيويورك تايمز" الأمريكية إنه واحد من المهندسين الرئيسيين لما يعرف باسم "فن الحكم في القرن الحادي والعشرين" ويشغل حاليا منصب مدير إدارة البحث والتخطيط في شركة جوجل الشهيرة).
نبذة عن جلاسمان من ويكيبيديا:
http://en.wikipedia.org/wiki/James_K._Glassman
نبذة عن كوهين:
http://en.wikipedia.org/wiki/Jared_Cohen
نبذة عن مهام منصب وكيل جلاسمان (نائب وزير الخارجية الأمريكية للشئون الدبلوماسية والعامة)
http://en.wikipedia.org/wiki/Undersecretary_of_State_for_Public_Diplomacy
موقع الشئون الدبلوماسية والعامة بوزارة الخارجية الأمريكية:
http://www.state.gov/s/p/
هناك عدد من الأشخاص كان لهم دور ملموس في الثورة المصرية وتم تداول أسمائهم بقوة على ألسنة المحللين السياسيين خلال الفترة الأخيرة ومنهم برنارد ليفي الفيلسوف الفرنسي اليهودي والملقب ب "صانع الثورات" والذي خاض رحلات مكوكية مؤخرا في مصر وليبيا وكان له دور بارز في الثورة الوردية في جورجيا عام 2003 والتي أطاحت بالرئيس ادوارد شيفارنادزه (أحد أشهر وزراء خارجية الاتحاد السوفييتي قبل انهيار الاتحاد) وتتشابه في كل شيء مع ثورة صربيا عام 2000 والثورة البرتقالية في أوكرانيا 2004 وثورة التيوليب في قيرغيزستان عام 2005 وأخيرا مع الثورات العربية، ومنهم أيضا الشاب وائل غنيم مدير تسويق جوجل في الشرق الأوسط وعدد آخر من الشباب المنتمين لعدة تيارات سياسية ومنهم من ترك نشاطه السياسي في 2007 و2008 متجها إلى أمريكا ثم عاد قبل الثورة المصرية بأشهر قليلة.
من هؤلاء الأشخاص أيضا الملياردير الأمريكي جورج سوروز الملقب ب "صاحب الثورات البرتقالية" الاقتصادي الشهير ومدير مجموعة سوروز لإدارة التمويل ومؤسس معهد المجتمع المنفتح في الولايات المتحدة ورئيس مؤسسة أوبن سوسيتي وجميعها تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في أكثر من 70 دولة وهو من أكبر الداعمين للثورات الملونة وصديق لعدد من الشخصيات المصرية المؤثرة في عالم السياسة ولا سيما التي كان لها دور مباشر في الثورتين الليبية والمصرية.
هي ثورة استغلها تجار السياسة
هناك من يرى أن الثورة المصرية وإن كان مخططا لها فهي شعبية في المقام الأول، وهؤلاء هم الذين التزموا الحياد وفي مقدمتهم المؤسسة العسكرية التي لم تتحرك سوى لمصلحة مصر فرجالها لم يقفوا إلى جانب تيار سياسي أو فصيل بعينه وإنما وقفوا إلى جانب أمة عربية أصبحت ممزقة في العراق وسوريا وليبيا وتونس ومصر، لتعطي للبعض انطباعا آخر ربما يجسد لنا حقيقة ما حدث في العالم العربي مؤخرا وهو أن الصورة تغيرت تماما فهناك تيارات إسلامية مقبلة لتولي زمام الأمور وفي المقابل هناك إسرائيل وأمريكا وأذرعهما وهم لم يتوانوا للحظة عن التخطيط لتغيير خارطة الشرق الأوسط وفقا لنظريتي الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير.
ربما أن الفوضى هي ما نعانيه الآن وهي ما حذر منه مبارك فبالرغم من كون هذا الرجل قصّر في الكثير من واجبات منصبه لكنه سياسي محنك ويدرك تماما أن انقلاب الولايات المتحدة عليه وعلى عدد من رؤساء العرب هو بمثابة إنذار شديد اللهجة ويحمل بين طياته أهدافا خطيرة، فما تعانيه مصر حاليا من انفلات أمني وتدهور اقتصادي وتعدٍ على هوية الدولة ومحاولات مستمرة للنيل من استقرار الوطن لا يمكن أن نقارنه بديمقراطية زائفة تروج لها أمريكا وهي أبعد ما تكون عنها وهذه هي حالة من الفوضى تخلق مجتمعات حرة ولكنها تائهة لا تستطيع البناء لأنها ستختلف فيما بينها.
كيف تخرج مصر إلى بر الأمان؟
الحلول تبدو بسيطة وأولها هو عدم تهاون القوات المسلحة مع مثيري الفتن لأكثر من ذلك والتصدي بكل حزم لهذه الممارسات مع الاستمرار في منح القضاء سلطته الكاملة لتخرج لنا محاكمة مبارك ورموز نظامه بأكبر قدر ممكن من الشفافية، بالإضافة إلى خلق حالة ما يلتف حولها الشعب وكأنما هي هدف قومي مع مصارحة الشعب بأن مصر خرجت من مأزق شديد الخطورة كان من الممكن أن يخلق لنا سيناريو مشابهاً لما حدث في العراق، عندما أسقطت أمريكا نظام صدام حسين بالقوة العسكرية فكانت النتيجة هي سخط الأمريكيين أنفسهم بسبب مقتل آلاف الجنود وتراجع الاقتصاد، فكان التحول إلى ما يعرف ب "كفاح اللاعنف" وهو ما تم تطبيقه في جورجيا ثم الدول العربية.
كما أن هناك خطوة أخرى يجب على المجلس العسكري اتخاذها وهي توضيح العديد من النقاط للرأي العام الشعبي في مصر، والكشف بكل صراحة عن المخطط الذي قاده الغرب للإطاحة بالأنظمة العربية مستخدما في ذلك جهات داخلية معروفة لدى العديد من المتابعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.