أثار القرار الأثيوبي غير المفاجئ والمتوقع بتحويل مجري النيل الأزرق غضباً شعبياً واستياء لمعظم خبراء المياه والزراعة. وتصاعدت الآراء الجماهيرية. وآراء المسئولين في مصر للتطور المفاجئ لأزمة سد النهضة وإعلان الحكومة بدء العمل وحجب 85% من المياه القادمة إلي مصر. وتزايد التهديدات في نقص المياه إلي 12 مليار متر مكعب والذي يمثل 23% من حصة مصر. والعجيب أن يحدث هذا التحول السريع بعد زيارة الرئيس مرسي لأثيوبيا. وهذه الزيارة الأولي لرئيس مصري منذ محاولة الاغتيال للرئيس السابق. جاءت هذه الأزمة في ظل غياب الوعي المصري وإهمال نظام مبارك التعامل مع الملف المائي وقضايا القارة الأفريقية وانشغال الشعب المصري بثورته. وانشغال الحكومة الحالية بالتمكين مما أعطي الفرصة لإسرائيل بالعبث في تلك البلاد الصديقة. والتي حمت الهجرات الإسلامية إليها في عهد حاكمها العادل "النجاشي".. وأخذت إسرائيل منذ إنشائها في توطيد دعمها للقارة الأفريقية وعلي وجه التحديد منطقة القرن الأفريقي. وهذه المنطقة تشكل تهديداً للأمن القومي العربي والمصري بهدف تطويق مصر باعتبارها القوة العربية في شكل الحزام المتمثل في أثيوبيا وإريتريا وكينيا وأوغندا وتنزانيا والكونغو الديمقراطية والذين يشكلون دول منابع النيل واعتبرتهم إسرائيل ورقة ضغط علي مصر. فقامت بتقديم المنح الاقتصادية والتدريبية والتعليمية والمساعدات العسكرية والتكنولوجية وخاصة في مجال الري والزراعة وبناء السدود التي تتفوق فيها مصر علي غيرها من الدول المجاورة متمثلة في وزارة الري. أثيوبيا تقول إنه لا توجد اتفاقية تمنعها من إقامة السدود. فأري أن علي مصر تقديم المساعدات والخبرات في بناء سد النهضة. ويكون لها الإشراف الكامل عليه. وفي المقابل ترفع حصة مصر من المياه من 55.5 مليار متر مكعب إلي 70 مليار متر مكعب. علي أن تتزايد الحصة تباعاً عند بناء سدود أخري خاصة أن أثيوبيا تنوي تصدير الكهرباء المتولدة من هذا السد للعالم. والتي تمر عبر الأراضي المصرية السودانية. وحتي نفوت الفرصة علي إسرائيل التحكم في مياه النيل عن طريق دول المنبع. رداً علي رفض مصر من قبل توصيل المياه إليها عن طريق ترعة السلام. فرأت أن ترد الصاع صاعين. وعلينا ألا نغفل أكثر من ذلك في إيجاد حل بديل لتوفير المياه والذي يكمن في نهر الكونغو والذي ينبع من جنوب شرق الكونغو. ويعد ثاني أطول نهر في أفريقيا بعد نهر النيل. حيث يلقي ما يزيد علي ألف مليار متر مكعب من المياه العذبة في المحيط. ويتميز هذا النهر بعدم وجود دلتا له. ومياهه محملة بالطمي. ولديه قوة دفع هائلة من الماء. حيث يدفع قرابة 41700 طن من المياه في الثانية. والفائدة المشتركة تنحصر في قيام مصر بتقديم الخبرات بتطوير مجموعة من القطاعات مقابل تقديم الكونغو المياه بشكل مجاني.. وهذا المشروع لو تم سيجعل الكونغو من أكبر الدول المصدرة للطاقة في العالم. ويضيع الفرصة علي أثيوبيا. كما أنه يحقق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء لمصر والكونغو والسودان. كما أنه سوف يزيد من حركة النقل النهري بين بلدان الحوض.. كما أنه يوجد بند في القانون الدولي يسمح للدول الفقيرة مائياً مثل مصر أن تعلن عن فقرها المائي من خلال إعلان عالمي. في تلك الحالة يمكن لمصر سحب المياه من أي دولة حدودية. وتلك الموارد المائية الضخمة يمكن تخزينها في منخفض القطارة بدلاً من الماء المالح الذي يهدد خزان الماء الجوفي في الصحراء الغربية. مما يعمل علي زيادة نسبة التبخر من منخفض القطارة. ويزيد من هطول الأمطار في الصحراء الغربية.. كما أن المشروع لو تم سيوفر لمصر 95 مليار متر مكعب سنوياً لزراعة 80 مليون فدان بعد 10 سنوات تصل الكمية إلي 112 مليار متر مكعب ويعمل علي توفير 18000 ميجا وات لمصر والكونغو والسودان. وللعلم الموافقة المبدئية للكونغو تعطينا الفرصة في بدء المشروع الذي يتكلف حوالي 10 مليارات دولار. ومصر تحتاج في هذه المرحلة إلي الدعم الشعبي وتوحيد الأطياف السياسية للمحافظة علي مصر وأمنها المائي ولا نتجاهل دور الكنيسة المصرية لتقوم بدورها الوطني لدي الكنيسة الأثيوبية.