* ليس صعبا أن يكتشف اي أنسان منا الحقائق من الاكاذيب لكن الأصعب هو إدراك هذا الانسان المواطن لماذا تظهر الاكاذيب في وقت لا يحتاج وفي ظل أزمة تطول كل المصريين في أغلي ما يملكونه وهو انتماؤهم لوطن عزيز ضحوا طويلا من أجله. أتحدث عن أصداء وتداعيات أزمة خطف جنودنا السبعة الذين جمعوا بين جهازي الأمن الحربي "الجيش" والوطني "الداخلية" وفي عملية واحدة اختطفهم مجرمون وأرسلوا لكل قنوات التليفزيون "شريط فيديو " لهم معصوبي العينين ومقيدي الأيدي وفوهة البندقية فوق رؤوسهم وهم يذكرون اسماءهم واعمارهم ومكان خدمتهم ويطالبون الرئيس بالاهتمام بهم مثلما أهتمت إسرائيل بالجندي "شاليط"! ومعني هذا الوصف أن خاطفيهم أعداء. لكن بيان الرئاسة الأول طالب بالحفاظ علي حياة المخطوفين بجانب الخاطفين وهو ما لم يحدث في تاريخ عمليات الخطف التي رأيناها علي كل الشاشات من قبل. ومنها ما كان يعرض دائما علي قناة الجزيرة في سنوات أزدهار نشاط تنظيم "القاعدة" في افغانستان وخطفه لكل من يعتبرهم اعداء واللجوء إلي جبال "تورا بورا" أو غيرها.. الآن انتقلت العمليات إلي مصر وجبال سيناء وأصبح المخطوفون من المصريين.. فقط وليس جنسيات متعددة مثل افغانستان. وفي تطور سريع أوردته شاشات التليفزيون التي أصبحت بالنسبة إلينا الصديق الذي لا غني عنه أغلق زملاء الجنود المختطفين الحدود مع غزة عند رفح في تحد للوقت الضائع ما يعني. أنهم عانوا طويلا ولم يجدوا آذانا صاغية ولا حماية كافية وهو ما يمكن أدراكه من الفشل في الكشف عن قتلة جنودنا الاربعة عشر ساعة الافطار في رمضان الماضي "اقترب عام علي قتلهم" إلي خاطفي الضباط الثلاثة وأمين الشرطة الموجودين في غزة وفقاً لمعلومات عديدة وبرامج وجهد مستميت لعائلاتهم خاصة السيدة دعاء زوجة الضابط محمد الجوهري.. الجديد هنا هو أن هذا الجهد الاعلامي الرائع يقابله تصاعد وعي الناس وتراجع خوفهم القديم من قول الحق. والامثلة عديدة. رحلة شقيق المخطوف * علي شاشة "الحياة اليوم" مساء الاثنين ظهر إبراهيم الحسيني شقيق كريم "أحد المختطفين السبعة" ليحكي ببساطة عن شقيقه ابن العشرين الذي جند في أمن الموانيء وخطف بعد 8 ساعات من الرحلة إلي مكان عمله. قال إبراهيم إن "الفيديو" لا يعيب شقيقه ولا اي أحد فمن فعلها مجرمون. لكنه يعيب الرئيس ووزير الدفاع. لو كان شقيقي ابن لأحدهما هل كانا يتعاملان بنفس الطريقة؟ وحكي عن رحلته إلي وزارة الداخلية ثم إلي مقر الرئاسة ليسأل عن مصير شقيقة فأعطوه رقم غرفة العمليات في الجيش بعد أن تأكدوا انه شقيقه "هو أنت متأكد أنه أخوك؟" وسوف نتصل بك.. وبالطبع لم يحدث أي اتصال كما أكد الشاب الذي يعمل موظفاً في وزارة الآثار وتطارده والدته المريضة بالسؤال المستمر عن الشقيق الاصغر! حق القناة وحق المشاهد * وعلي شاشات "cbc" و "اون" تحدث عبر الهاتف والد الشاب المخطوف إبراهيم صبحي ليعبر ببساطة أشد عن معدن مواطن تلقي هذا الابتلاء في ابن ذهب ليعمل في الداخلية بفخر من يساهم في حفظ الأمن. وأب ثالث قال علي الهواء أنه يطالب بالحسم وبدك موقع المختطفين وسوف يحمل جثة أبنه مستعوضا ربه.. من جهة أخري تناثرت المعلومات من خلال برامج عديدة من خلال محللين عسكريين وقادة معتزلين حول ما يحدث وتاريخه. ولنصل كمشاهدين. من خلال هؤلاء. إلي رؤية موثقة تضاف إلي وجهات نظرنا المليئة بالشجن والحزن. خاصة بعد رؤية "شريط الفيديو" الذي رفضت قناتا "أون" و"النهار" عرضه كما أعلن مقدما برنامج "مانشيت" و"آخر النهار". بينما قررت ادارة "cbc" عرضه لتضعنا في جدل ضروري. حول أهمية العرض أو الرفض. وفي اعتقادي أن cbc أتخذت القرار الصائب. وان عرضها للشريط. بكل ما يحمله من آلام وما يثيره من أوجاع وغضب. كان ضروريا ليدرك ملايين المصريين الموقف علي حقيقته بعيدا عن الالتباس والاختلاط الذي سببته البيانات الرسمية. كما كان عرضه حقا لقاعدة عريضة لا تدخل علي الانترنت لتشاهده.. وفي النهاية يأتي هذا الشريط. والمفاوضات والبيانات المتتالية. والاجتماعات بكل القوي السياسية يعتبرها. ليؤكد للمواطن المصري اللماح ما قاله إبراهيم الحسيني لشريف عامر مقدم برنامج "الحياه اليوم" من أن الاحساس بالتمييز يجرح ويمزق المواطن من المشاهد وهو يري كل ما يحدث امامه وحوله. بالصوت والصورة. ويدرك أنه ليس مهما لدرجة أن تقوم الدنيا إذا طاله الخطر.. وانه لو كان "ابن الرئيس" أو احد الكبار لكانت الدنيا قامت. والايام قصرت. والحياة اختلفت.. وعزاء هذا المواطن أنه ليس وحده وإنما معه ملايين من مواطنيه في كل مكان بمصر. غضبوا وبكوا وهم يرون "الشريط" وأتفقوا معه.. بدون كلمة واحدة.. وإنما فقط عبر متابعتهم لما تبثه قنوات التليفزيون.