الناس قرفانة.. زهقانة.. محبطة.. حالة من الاستياء والغضب تسيطر علي كل فئات المجتمع يستوي في ذلك الكبار والشباب والصغار. النظرة سوداوية قاتمة لليوم وأكثر سوادا وقتامة للغد.. لا أحد يعرف ماذا نفعل الآن بمصر ولماذا..؟! بل إلي أين يقودنا ما نفعله إلي مصير مجهول لا ندرك ملامحه أم إلي لا شيء أبدًا التفاؤل تحول إلي تشاؤم والكل يسأل نفسه ومن حوله إلي أين نحن ذاهبون؟!.. لا أحد يعرف الاجابة حتي أكبر السياسيين وأكثرهم خبرة واستقراء للمستقبل يقولون لا نعرف.. لا نعرف لكن الواقع كئيب.. مؤلم لا يبشر بالخير. استمتع بالسيئ فالأسوأ قادم.. وهل هناك أسوأ مما نحن فيه الآن؟! هذا هو واقع حال المصريين جميعا. البعض وجد ضالته المنشودة ولملم أشياءه المبعثرة هنا وهناك ورحل هو وأسرته خارج البلاد إلي دول عربية أو أوروبية.. أي مكان بعيدا عما يحدث في مصر.. وإلي أن يقضي الله سبحانه أمرا كان مفعولا.. ربما يكون هؤلاء هم الأكثر حظا والأكثر قدرة علي حل المشكلة النفسية والاجتماعية والسياسية التي يعيش فيها ويتألم منها في مصر.. ورغم أنه حل معقول إلا أنه يبقي حلا مؤقتا لأن المصري بطبيعته وتكويناته النفسية لم يتعود الهجرة خارج مصر لفترات طويلة أو إلي ما لا نهاية فالكل مرتبط عاطفيا ونفسيا بتراب هذه الأرض الطيبة ومياهها العذبة والتي احتضنته علي مدي آلاف السنين هي عمر الحضارة المصرية ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فهاجر هؤلاء ربما إلي حين..!! الأغلبية الساحقة من المصريين الآن سيطرت عليهم حالة من الكآبة والاكتئاب.. يبدو علي وجوه الناس حالة من القهر والإحباط واليأس.. يشعرون أنهم وجدوا أنفسهم فجأة في سجن كبير محكم الغلق وعليهم أن يقبلوا بقوانينه ولوائحه ونظامه هذا إذا كان له نظام أو قوانين أو لوائح أصلا..! هذه الحالة تزداد كل يوم مع تصاعد الأحداث وحالة عدم الاستقرار في شوارع ومدن وقري مصر.. الكل ثائر.. متوتر.. خائف علي نفسه وأولاده.. بل خائف علي لقمة عيشه التي يشعر انها تتأرجح كل يوم بين المنح والمنع ولا يدري ماذا يفعل!! تفاءلنا جميعا في أعقاب الثورة وتوقعنا الأفضل وسمعنا من أفواه المرشحين لرئاسة مصر كلاما معسولا مبشرا خادعا وبراقا.. وصدقناه للأسف وواصلنا مسيرة بناء الدولة من جديد ولكن هيهات فالمحصلة بعد أكثر من عامين من قيام الثورة.. صفر كبير وتراجع خطير في الأحلام والأماني فلم يتحقق شيء علي أرض الواقع فكلما تقدمنا خطوة نتراجع 10 خطوات أمامها لنعود للبداية من جديد. تقلبت الحياة بالمصريين وشهدوا خلال أكثر من عامين ما لم يشهده الناس علي مدي عقود من الزمان من تفكك وتشرذم وهزيمة داخلية.. تراجعت الأماني وتحطمت الأحلام علي صخرة التخبط الواضح في السياسات والقرارات والقوانين التي يضعها نظام الحكم اليوم ويلغيها بجرة قلم غدا.. نعيش داخل مصر وكأننا في حقل تجارب كبير ضخم.. والنتائج دائما سلبية تشدنا للوراء بشكل غريب. حتي عبارة "لسه الأماني ممكنة" اختفت من حياتنا لأن الواقع الذي نعيشه أكثر مرارة وأعمق هزيمة في نفوسنا "تبقي عبارة سمعتها أخيرا وأعجبتني كثيرا وهي" تقول اننا نعيش في مصر حالة من تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة. العقل يقودنا للتشاؤم فعلا مما يحدث من إرهاصات وارتباكات في المجتمع تجعل حياتنا سواداً في سواد ولا يقودنا العقل والمنطق وتحليل الأشياء والأحداث إلي واقع أفضل.. لكن تبقي إرادة ورغبة الانسان في البقاء حيا تعطي له شيئا يسيرا من التفاؤل تجعله ينتظر ويترقب "بلا أمل"" انفراج الأحوال وتحسن الأوضاع والتخلص من حالة الاحباط المرضية والنفسية التي تسيطر علينا جميعا الآن.. هل تري يا صديقي ضوءا خافتا في نهاية النفق المظلم الذي نعيشه.. أنا لا أري شيئا علي الإطلاق!!