"احنا رايحين علي فين..؟!". سؤال يردده ملايين المصريين يومياً وسط حالة التخبط والارتباك التي نعيشها حالياً. هذا التساؤل يعكس مخاوف كثيرة ولكنه يكشف في الوقت نفسه عمق حب وولاء وانتماء المصري لبلده. وقد لمست ذلك الحب والانتماء بنفسي خلال الحوارات التي اجريتها في أكثر من مكان بالقري والمدن وعلي المقاهي وخلال الندوات المتخصصة واثناء المشاركة في جلسات الاستماع بمجلس الشوري حول الدستور المصري الذي نتطلع إليه ليكرس مرحلة جديدة من تاريخ مصر تعود فيه إلي مركز الصدارة من جديد. شاهدت أن الجميع ينتابه القلق علي حاضر الوطن ومستقبله. يتساوي في ذلك الفلاح الأمي مع استاذ الجامعة. مروراً بكل فئات المجتمع. الكل يعلم أن مصرنا تمر بأزمة ويتطلع لتجاوزها. الرغبة في الخلاص اطلقها مهندس شاب صرخ بأعلي صوته أثناء احد الحوارات قائلاً: "حرام عليكم.. من سنتين وأنا لا أعمل شيئا مفيدا.. اروح مكتبي كل يوم بالمعهد لا توجد أي مشاريع أو ابحاث التي كنا نسهر عليها في السابق.. طول اليوم ألعب علي جهاز الكمبيوتر وأضيع الوقت في الدردشة. "كان الحزن واضحاً عليه واختنق صوته بقطرات الدمع في عينيه وهو يقول: "احنا بنحب البلد دي.. عايزين نشتغل علشان تصبح أحسن بلد". ولم تقتصر الحوارات والمناقشات علي الشكوي وابداء القلق والمخاوف. ولكن تم طرح مقترحات للحل. كان في مقدمتها ضرورة نشر التفاؤل بين المواطنين لأن انتشار حالة اليأس والاحباط علي المستوي العام يولد هزيمة نفسية. وقد أثبتت دروس التاريخ أن أشد أنواع الهزائم هي الهزيمة النفسية لأنها تدمر كل الطاقات وتبدد كل القوي. فالبشر حين يرون الفشل يحيط بهم تخور قواهم وييأسون من التغيير إلي الأفضل. وقد حذر رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم من نشر روح اليأس بين الناس روي الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "إذا قال الرجل هلك الناس. فهو أهلكهم". ومن هديه صلي الله عليه وسلم أنه يتعوذ صباحاً ومساءً من "العجز والكسل". ويري الإمام ابن القيم رحمه الله أن هاتين الصفتين مفتاح كل شر. أما التفاؤل فإنه يحفز الرغبة في التحدي ويقوي سلاح الإرادة. واتفق المتحاورون علي ضرورة نشر ثقافة التفاؤل المصحوب بالجدية في العمل كبداية للتغيير. وإن علينا الاستجابة والاستفادة من تجارب الشعوب الأخري للنهوض ولعلپالتجربتين اليابانية والألمانية هما الأبرز في ذلك فقد تعرض كلا البلدين إلي تدمير شامل في الحرب العالمية الثانية ولكن إرادة الحياة والإصرار علي النجاح والانتصار علي الواقع بقيت حية في نفوس أبنائهما واستطاع البلدان تحقيق ما يشبه المعجزة خلال عقدين من الزمن فأصبحتا تحتلان الترتيب الثالث والخامس في أكبر اقتصاديات دول العالم. والمقترح الثاني يركز علي اعطاء الأولوية للأمن لأن الشعور بالأمن هو الدافع الحقيقي إلي الانتاج وبناء المستقبل. وإن تحقيقه يبدأ بجمع السلاح الكثير المنتشر في شوارع مصر وأدي إلي ارتفاع صوت الرصاص علي صوت العقل والحكمة. وعلي الحكومة وضع خطة طارئة لتكثيف التواجد الأمني والتحرك بجدية للقبض علي المجرمين. ثم الاعلان عن مهلة لجمع السلاح علي أن تفرق بين من يحمل السلاح للدفاع عن النفس ومن يحمله لترويع الآمنين ونشر البلطجة. ويتم التفرقة بين النوعين بتحديد مكافأة مالية لمن يقوم بتسليم سلاحه طوعاً. وفرض عقوبات صارمة علي من تضبط معه سلاحا بعد انتهائها. فالذي يحمل سلاحا للدفاع عن النفس سيبادر بتسليمه بمجرد شعوره بالأمان. أما المجرمون فلن يفرطوا في سلاحهم وعندها يستحقون العقاب الرادع. وقفة: قال الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ہ كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون". الآية: 2 3 من سورة الصف.