سادت شوارع مصر حالة من الاضطراب السياسي والتوتر والفوضي.. مصادمات.. اشتباكات.. مشاحنات.. اعتصامات.. اختلافات.. تناحرات.. مشاجرات.. تظاهرات مؤيدة ومعارضة استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة.. لا أحد ينظر إلي مصلحة البلد.. لا أحد ينظر إلي الاقتصاد وما آل إليه.. لا أحد يدرك اننا نتراجع ولا نتقدم في وقت نحن أحوج فيه إلي العمل والانتاج والاستقرار والالتقاء علي كلمة سواء من أجل التوحد ولم شمل عزة وكرامة وكيان وعظمة مصر المبعثرة في كل حارة وشارع فيها بأيدي أبنائها المخلصين الصادقين.. المتقين العادلين والمنافقين والمتآمرين والكاذبين والمندسين والمتشرذمين والخائنين فماذا تنتج تلك المهزلة سوي الفوضي والدم المسفوح وإسقاط هيبة وكيان الدولة وتمزيق الأمة وتفتيتها والسير في نفق مظلم ومصير مجهول. الكل يهدم في مصر.. يخرب مصر.. يقتل مصر.. الصالح والطالح. اننا ندفع جميعا ثمن هذا الانقسام والفرقة والعناد وتغليب المصلحة الخاصة بعدما كنا نتوقع مع بداية الثورة الوحدة والترابط بين الشعب كل الشعب بكل أطيافه وأصنافه وأن نتجه للأفضل لكن للأسف الشديد سقطنا جميعا سقوطا ذريعا في دوامة الأسوأ بعدما تاه منا التوحد والترابط في شوارع مصر المحروسة وكانت النتيجة الحتمية والنظرية التي لا ريب فيها ويا للأسف اننا لم نجد تحت القبة شيخا. *** ** لماذا قامت الثورة؟ هل قامت لإقرار العدل والمساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات وحرية التعبير واحترام الرأي والرأي الآخر وإقرار أحكام القضاء؟ أم لإلغاء ضمير العدالة وإقرار أحكام الفوضي؟ وهل نؤمن بسيادة القانون وهيبة مؤسسات الدولة؟ أم ان لكل منا منطقه الخاص في الرفض والقبول تبعا لهواه وقانونه الخاص؟ وكيف نطالب بدولة قانون يطبق علي الجميع كي يسود العدل ثم ننقلب علي القانون ذاته؟ وهل إرهاب الصحفيين ومنع بعضهم من الكتابة والتربص بالإعلاميين والتشكيك في أحكام القضاء والتطاول عليهم يعد من قبيل حرية الرأي أم انها فوضي عارمة؟ نحن الآن أمام مشهد عبثي كل فصيل سياسي أو ديني يفعل ما يحلو له ولا يفكر إلا في مصلحته الخاصة فقط ولا عزاء لمصلحة الوطن العليا فهل تقودنا هذه الخلافات إلي أسوأ مما وصلنا إليه؟ وهل نتوقع الأخطر بعد سقوط ضحايا أمام قصر الاتحادية؟ وهل نتوقع فرض الأحكام العرفية؟ أم حربا أهلية؟ إذا لم نتحد لمصلحة الوطن العليا قد يحدث كل شيء. ** يا سادة اننا أمام خطر داهم ينبغي أن نتصدي له بكل حزم وقوة حتي لا تصبح مصر دولة طوائف وفصائل وشراذم وجماعات ونهدر ما حققناه وما ينبغي تحقيقه بالطرق المشروعة مادمنا قد ارتضينا دولة القانون والديمقراطية والعدالة والحرية وتغليب الصالح العام لأن الخاسر الوحيد في هذه المعركة إذا لم نتحد عزة وكرامة وكيان وهيبة مصر أمام العالم أجمع فلا تقتلوها.