الخطاب الدينى.. «صناعة الحضارة» «الشيوخ» يفتح ملف التجديد.. والأزهرى: استراتيجية لمواجهة التطرف    مصر أكتوبر يواصل دعم ذوي الهمم عبر ورش عمل لتأهيل المتعاملين    وزارة التموين تناشد المواطنين إبلاغها بالمحطة محل الشكوى من طرمبة البنزين    المغرب وموريتانيا يبحثان ترسيخ أسس التعاون جنوب-جنوب ومواجهة التحديات التنموية    عشرات الطائرات الإسرائيلية تشن 8 موجات قصف على مواقع حوثية بميناء الحديدة    تصعيد عسكري في غزة وسط انهيار إنساني... آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    أوكرانيا تستهدف وحدة قيادة طائرات مسيرة روسية في كورسك    شولتز: ألمانيا ستواصل دعمها لأوكرانيا بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين    أولمو: مواجهة إنتر ميلان فرصة لكتابة التاريخ ولدينا المقومات للفوز بكل شيء    رئيس "السيزم ": بطولة العالم للفروسية بالعاصمة الإدارية ملتقى للثقافات والقيم المشتركة    بعد أزمة رحيله.. ماذا قدم رامي ربيعة مع الأهلي هذا الموسم 2024-2025؟    وزير الرياضة يهنئ المصارعة بعد حصد 62 ميدالية في البطولة الأفريقية    حبس سايس تحرش بسيدة داخل مدخل عقار بالعجوزة    أولى صدمات مُحبي الشتاء.. بيان مهم بشأن حالة الطقس غدا الثلاثاء (تفاصيل)    كشف غموض سقوط عامل بمطعم شهير في باب الشعرية    التصريح بدفن جثتين طفلتين شقيقتين انهار عليهما جدار بقنا    مكتبة الإسكندرية تعرض "أوبريت البروكة" لسيد درويش نهاية مايو الجاري    مي عمر ومحمد سامي في عزاء زوج كارول سماحة    «حتى أفراد عائلته».. 5 أشياء لا يجب على الشخص أن يخبر بها الآخرين عن شريكه    أسرار حب الأبنودى للسوايسة    رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني: الاحتلال يسيطر على كل كبيرة وصغيرة في غزة    «القفازات إذا لزم الأمر».. مؤتمر توعوي في الإسكندرية لنظافة اليدين| صور    محافظ سوهاج: مستشفى المراغة المركزي الجديد الأكبر على مستوى المحافظة بتكلفة 1.2 مليار جنيه    جامعة العريش تستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    أسعار النفط تتراجع 2.51%.. وبرنت يسجل أقل من 60 دولاراً للبرميل    سفير العراق يشيد بدور مصر فى دعم العراق.. ويؤكد: نسعى لبناء عاصمة إدارية    الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية "بث مباشر"    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    عاد من الاعتزال ليصنع المعجزات.. كيف انتشل رانييري روما من الهبوط؟    زراعة الشيوخ توصي بسرعة تعديل قانون التعاونيات الزراعية    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    يديعوت أحرونوت: 4 مليار دولار تكلفة توسيع إسرائيل للحرب في غزة    البابا تواضروس: الأقباط يتمتعون بالمواطنة الكاملة مثل المسلمين    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    وزير العمل: وقعنا اتفاقية ب10 ملايين جنيه لتدريب وتأهيل العمال    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    «هكتبلك كل حاجة عشان الولاد».. السجن 10 سنوات لمتهم بإنهاء حياة زوجته ب22 طعنة    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    الغرف السياحية: التأشيرة الإلكترونية ستؤدى إلى زيادة كبيرة في أعداد السائحين    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    وزير التعليم العالي يُكرّم سامح حسين: الفن الهادف يصنع جيلًا واعيًا    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    «اللعيبة كانت في السجن».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على كولر    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    إعلام إسرائيلى: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق فى أحداث 7 أكتوبر    لمتابعة استعدادات الصيف.. رئيس شركة مياه مطروح يتفقد عددا من المشروعات    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د: على جمعة
الخطاب الديني يعاني الفوضى وتضارب الفتاوى يثير البلبلة

يكتسب الحديث مع الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية‏,‏ في أول أيام رمضان وفي ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد‏,‏ أهمية خاصة‏,‏ لا لكونه الرجل الذي يتربع علي دكة الإفتاء في مصر‏,‏ فحسب‏,‏ لكنه أيضا صاحب المواقف والفتاوي الجريئة التي أثارت جدلا كبيرا علي الساحتين الفقهية والسياسية, رغم ما ينكره في كثير من الأحيان علي قنوات فضائية ووسائل إعلامية ودعاة ينتمون إلي تيارات دينية يري أنهم يثيرون الحيرة والبلبلة بين عامة الناس, بسبب فتاواهم التي يري في كثير من الأحيان أنها بعيدة كل البعد عن الوسطية ومقاصد الشريعة الإسلامية.
وهو أول مفتي للديار المصرية يفاجئ العالم أجمع بآداء الصلاة في المسجد الأقصي ويتجول في مساجد القدس وكنائسها دون ان يعلم أي من المصريين قبلها بساعات أين ذهب مفتيهم.
وعلي الرغم مما تشهده الساحة السياسية من جدل فكري لا يتوقف ولا ينتهي إلا أنه يبدو متفائلا بكل ما تشهده مصر مشترطا لذلك نبذ الفرقة والخلاف والحذر من المخططات الخارجية التي يعتقد انه تدار ضد مصر في الخفاء
وفي أول أيام رمضان, يطل علينا فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية موجها نداء الي الأمة بمناسبة الشهر العظيم, ومجيبا بصراحته وجرأته المعهودة علي كثير من القضايا الفقهية والسياسية المطروحة علي الساحة المصرية.
ما الكلمة التي يوجهها فضيلة مفتي الجمهورية للمسلمين مع حلول شهر رمضان الكريم؟
أقول لهم كل عام وأنتم بخير, وأن رمضان فرصة ومحطة ينبغي استغلالها, وكما جعل الله تعالي الصلاة محطات فلنجعل نحن رمضان بداية عام جديد نستقبل به عاما آخر نرجو الله ذ جل وعلاذ أن يكرمنا فيه أكثر من العام الفائت, وأقول لهم أيضا لا تنسوا مصرنا الحبيبة بالدعاء بعد أن من الله تعالي بهذه النعم علي وطننا الحبيب, ونسأل الله تعالي أن ينعم علي أهل مصر بالأمن والأمان والاستقرار في عهدها الجديد, كما أود أن أحث المسلمين علي العمل والجد والاجتهاد من أجل هذا البلد العظيم الذي يستحق منا الكثير والكثير, وأن نبتعد عن أسباب الفرقة والشقاق ونوحد جهودنا لما فيه الخير لبلدنا.
مع دخول شهر رمضان يشتعل السجال علي الفضائيات بإطلاق الفتاوي الدينية التي يقف المشاهد أمامها حائرا لتضارب الفتوي.. كيف نحد من هذه الظاهرة المنتشرة عبر الفضائيات؟
نحن نعاني في هذه الأيام من فوضي في الخطاب الديني, والتي تمثلت في صدور بعض الفتاوي التي أحدثت حالة من البلبلة لدي الرأي العام, روجها أعداء الدين الإسلامي ليسيئوا لهذا الدين ولشعب مصر, بهدف تشويه صورة الإسلام والمسلمين, وفوضي الفتاوي هذه تحدث عندما نسمي الإجابة عن أي سؤال بأنها فتوي, أو نصور الرأي علي أنه فتوي, لذا فنحن نؤكد علي أن الفتوي أمر يتعلق بالعمل, والتفريق بين المسائل والقضايا وبين الرأي والفتوي وإجابة السؤال أمر مهم جدا, وأنا أطالب جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بضرورة وضع ميثاق شرف لمواجهة مثل هذه الظاهرة من الفوضي في الفتاوي, والتي تصدر عن غير المتخصصين في مجال الإفتاء. إننا لا نعيش في فوضي الفتاوي بل نعيش حالة من الفوضي في الخطاب الديني, وذلك ناتج عن لجوء المواطنين إلي غير المتخصصين الذين يعتمدون المذهب الواحد عكس الأزهر الشريف الذي يعتمد في دراسته علي جميع المذاهب الفقهية, وأيضا دار الإفتاء المصرية التي تحرص دائما علي اختيار الآراء الوسطية المعتدلة التي تعبر عن الإسلام الذي هو دين الاعتدال والوسطية البعيد عن التطرف والتشدد بجميع أشكاله وألوانه, لذا فأنا أدعو الجميع إلي ضرورة لجوء المواطنين إلي المتخصصين والعلماء عند الحصول علي الفتاوي, أما ما يخص فتاوي شهر رمضان الكريم فقد أصدرنا في دار الإفتاء طبعة جديدة من كتاب الصيام, والذي يضم الكثير من أحكام الصيام, والمعاملات والأحكام الشرعية في شهر رمضان وعيد الفطر المبارك, ويقدم الفتوي للمسلمين, بأسلوب عصري يتماشي مع ما جد من متطلبات عصرنا في أمور حياتنا المختلفة; من عبادات, وأحوال شخصية, ومعاملات عصرية حلت بالمسلمين, بالإضافة إلي أنه يبين الإجابة عنها بأسلوب واضح شامل ومختصر, يستطيع القارئ المسلم من خلالها فهم الإجابة فهما عميقا شاملا.
التنوع والتضارب في التيارات الدينية أصاب الناس بالحيرة.. هل تري فضيلتكم أن هذا التنوع في صالح الأمة الإسلامية؟
هذا أمر طبيعي عقب المرحلة الجديدة التي نعيشها أن تري تعدد وتنوع في التيارات دينية وغير الدينية علي الساحة حاليا في ظل حرية التعبير التي تتمتع بها البلاد في هذه المرحلة من تاريخ الأمة المصرية, وستري أيضا اختلافا بين هذه التيارات لاعتقاد كل طرف منها بأنه هو صاحب الحق, لكن نحن نتمني أن يتم كل هذا في إطار التعبير السلمي عن الرأي مع مراعاة أدب الاختلاف مع الآخر والبعد عن التشدد والعنف وأيضا البعد عن لغة التخوين والعمالة وهذه التهم التي أصبحت تكال لكل المخالفين معك في الرأي, لذا يجب علينا جميعا أن نتنبه لدعوات إغراق الوطن في القضايا الجزئية والهامشية, ولا بد من التركيز علي قضايا البناء والتنمية, وأنا أدعو الجميع إلي أن يستمع إلي المنهج الوسطي ورسالة الأزهر الشريف, ووثيقة الأزهر خير شاهد علي ذلك والتي لم يختلف عليها فصيل من الفصائل, ومن أجل البعد عن الانشقاق والخلاف لا بد من جلوس تلك التيارات للحوار وبحث وتدارس القضايا التي تنهض بالأمة; حتي نستطيع توحيد الكلمة وتحقيق صالح البلاد والعباد, والوصول إلي مشترك فكري ووطني يمكن في إطاره إنهاء الحوار دون تكفير أو إقصاء حتي نتجاوز ما هو مختلف فيه.
هل تري أن الديمقراطية التي تطالب بها الثورات العربية تتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية؟
لا تعارض بين الديمقراطية كأداة, وأحكام الإسلام, ولا يمكن أن تكون منكرا أو إثما أو عيبا أو كفرا, وليس كما يقول بعضهم إنها كفر صريح منكر, فالإسلام يتفق مع مبدأ اختيار الحاكم, وأكبر دليل علي ذلك أن الإسلام ينكر أن يؤم الناس في الصلاة من يكرهونه, فما بالنا بالحياة السياسية! والإسلام هو أول من وضع أسس الديمقراطية الحقيقية وليس الغرب, والتي ينبغي أن يقوم عليها الحكم, فجعل الشوري أساس الحكم, ونزلت آيات كثيرة تدل علي ذلك, ثم جعل ثاني مبدأ للحكم هو' العدل' الذي هو أساس الملك, ثم اشترط' الأمانة' في الحاكم اإن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلهاب ثم نجد أيضا إقرار النصيحة والشوري, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يقوم به مجتمع المؤسسات, ومقاومة الظلم والجور, بمعني آخر, عندما يطالب المسلمون بالديمقراطية, فهم يطالبون بوسيلة تساعدهم علي تحقيق أهداف تؤدي إلي حياة كريمة, يستطيعون من خلالها الدعوة إلي الله, ومدار الحكم ليس علي الأسماء, بل علي المسميات والعناوين. والديمقراطية بمفهومها الغربي تحتاج إلي تعديل إذا ما أردنا جعلها ديمقراطية إسلامية عربية, وهذا لتناسب ثقافات وعادات الشعوب التي ستطبق عليهم, وتحفظ لهم الأمن والاستقرار. والديمقراطية التي يقرها الإسلام ويدعو إليها, ديمقراطية لا تجعل ثوابت الأمة من عقائد وأعراف خاضعة للإلغاء أو النقاش فالدين يمثل السقف الذي لا يمكن أن نتعداه في التشريع
البعض يري أنك رمز ديني وخطواته محسوبة عليه خصوصا وأن لك طلاب علم ومريدين ألا تري أن زيارتك للقدس جاءت متسرعة ولم تحسب عواقبها؟
أنا قمت بالزيارة بدافع شخصي, أريد منها وجه الله, هذا الدافع الشخصي يتمثل في أن هذه القضية كادت أن تموت, والفيصل في قضية القدس هو تغليب مصلحة القدس والأقصي علي أية مصلحة أخري, وأنا لم أرتكب محرما ولا غيره, وقضية مقاطعة أهل القدس حتي يتحرروا قضية خلافية قديمة يجب إعادة النظر فيها, ونبهتنا الزيارة بما وصلت إليه الأمور في القدس, وأخبرتنا أن هذه السياسة التي كانت مقبولة في السابق أصبحت تحتاج إلي إعادة النظر; لأننا انتظرنا لأكثر من40 عاما ولم يحدث أي نوع من التغيير اللهم إلا التغيير لصالح الكيان المحتل وزيادة مساحة الاستيطان علي حساب تهجير المقدسيين من بيوتهم وآراضيهم واقتلاع البشر والشجر, انتظرنا أن تعيد لنا السياسة الأقصي لكنها خذلتنا, فكان لا بد من الدعوة إلي إثارة القضية ودعوة الناس بالتضامن مع أهل القدس ودعمهم بكل أنواع الدعم, حتي لو بالزيارة من أجل دعمهم نفسيا واقتصاديا واجتماعيا, ولكي نثبت للمقدسيين الذين يرسلون لنا رسائل استغاثة أن القضية ما زالت في قلوبنا, وأنها ما زلت أيضا قضيتنا جميعا التي توحدنا أمام معتد آثم, وأنا أدعو الجميع لأن تكون القدس هي المشترك بيننا حتي نصل بهذه القضية إلي حد الأمان علي كل حال, المقدسيون يستغيثون بنا, وبالتالي علينا أن ندرس كيف ننقذهم وكيف نحاول معهم.
هل تعتقد أن ما حملك علي ذلك هو غياب الدعم الرسمي عن قضية القدس؟
غياب الدعم الرسمي عن أهل القدس أعطي انطباعا بأن القضية ضاعت أو نسيت, مما جعل البعض يهب من تلقاء نفسه لأخذ زمام المبادرة, وطرق الأبواب وإحياء القضية, والتضامن بشتي السبل مع المقدسيين, حتي لو كان الأمر بالزيارة من باب دعمهم معنويا, وأيضا ليعطي رسالة لأهل القدس أن القضية ما زالت في قلوبنا وأننا لن نتخلي عنهم أبدا, ولعل هذا الدعم قوبل بحفاوة كبيرة جدا من المقدسيين, وترجم من خلال الترحاب من قبل الفلسطينيين الذين خرجوا لمقابلة الزائرين والترحيب بهم, وهذا ما حدث معي, فقد قابلونا وحملونا رسائل تنادي المسلمين أن ينقذوا القدس والمسجد الأقصي; لأنهم يخشون موت القضية في قلوب الشباب وقلوب المسلمين, في حين أنهم أكدوا أنهم مرابطون إلي النهاية لا يثنيهم عن الدفاع عن الأقصي وعن آراضيهم تهويد أو قهر أو ترويع أو تنكيل, لذلك كانت المبادرة بدعم قضية القدس في هذا الوقت مهمة جدا وكان لا بد أن تأتي من الدعم الشعبي في المقدمة بعد تراجع الدعم الرسمي للدرجة التي أصبح معها أهل القدس يعتبرونه معدوما.
إذا فضيلتكم تعتقد أنه حان الوقت الآن لأن نعيد النظر في موقفنا تجاه قضية القدس خصوصا بعد تغير الأحداث علي الساحة الدولية؟
بعد أن نجحت الشعوب في إزالة الظلم والاستبداد كان لا بد من إعادة النظر من جديد في قضايانا الهامة, ويأتي علي رأسها قضية الأقصي وهي الأهم لما تمثله من بعد عربي وإسلامي ومسيحي أيضا, حيث إنها تخطت المحلية لتجمع الأمة علي قضية أهملناها فأصبحت في طي النسيان نتيجة اجتهاد ربما كان حينها مناسبا لكنه اليوم يحتاج إلي إعادة نظر, فنحن وبعد مرور ما يزيد عن أربعة عقود وخلال فترة الانتظار والمقاطعة تلك لم نر حلا للقضية وكادت القضية أن تموت, وحدث العكس وأصبحت الأمور تصب في صالح الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته التي نجحت في عزل المدينة عن العالم وعن جميع أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة, وتم بناء جدار العزل العنصري حولها, علاوة علي وضع العراقيل والقوانين لتهجير المقدسيين وسحب هوياتهم, وعدم منح التراخيص وهدم منازلهم وضرب وتخريب اقتصادهم, وتحويل بعض المساجد لقلة المصلين بها إلي مزارات سياحية, وشراء بيوت المقدسيين المجاورة للمسجد الأقصي بعشرة أمثال سعرها الحقيقي.
كيف تري المشهد الآن في مصر؟
إن مصر في هذه الأيام تعيش مرحلة انتقالية وهذا الأمر طبيعي, خصوصا لأننا في مرحلة جديدة وغالبا ما يصاحب المراحل الانتقالية بعض الاضطرابات والاختلافات, لكنها سرعان ما تهدأ وتعود إلي الاستقرار والسلام, لكننا في هذه المرحلة بحاجة إلي أفكار ورؤي تساهم في بناء مصر لا في هدمها, وإذا كان هناك من يحاول بث بذور الفتن والقلاقل بين أبناء الوطن الواحد من أجل أن يهدم الحاضر والمستقبل علينا أن نفوت عليه هذه الفرصة بتوحيد الصف والغاية, خاصة في هذه الظروف التي تمر بها الأمة حاليا, حيث يتربص أعداؤها بها ويحاولون فرض روح الشحناء والتفرقة والنعرات الطائفية بين أبناء الدين الواحد, لأن الجميع يعلم ما للفتنة من ضرر عظيم علي الأمم والحضارات فهي بالفعل قد أسقطت أمما وحضارات وأجهضت أحلاما كان من شأنها أن تساهم في رقي هذه الأمم والحضارات.
هل تري فضيلتكم أنه بات من الضروري التكاتف والتوحد ونبذ الخلاف في هذه المرحلة من أجل تخطي البلاد ما يعترضها من أزمات؟
علي الجميع التكاتف والتوحد وتنحية الخلاف جانبا في المرحلة القادمة, من أجل أن نصل بالمجتمع إلي بر الأمان, وعليهم أيضا لم الشمل المصري, والاجتماع علي المشتركات الوطنية, وذلك من خلال الوفاق والذي يعني الوصول إلي مشترك بين أبناء الوطن الواحد, ونبذ الفرقة وتبادل الاتهامات فيما بينهم, وأيضا من خلال التصافي بمعني أن نتفق علي البعد عن لغة التخوين وأن نتوحد من أجل هذا الوطن ونتسامح فيما بيننا ويبدأ كل منا بنفسه بالتخلي عن أي خصومة من أجل التصدي للفوضي والفتنة وبناء دولة حديثة, كما أنه ينبغي علينا أيضا عدم إثارة القضايا السطحية التي لا طائل ولا منفعة للوطن من ورائها, وأن نجعل من حب الوطن قاسما مشتركا بين جميع الأحزاب والقوي السياسية, وأن هذا الحب والانتماء لا بد أن يترجم إلي أفعال تصب في الصالح العام, وليس لمصالح حزبية ضيقة, وأيضا علي كل القوي والفئات البحث عن المشترك فيما بينهم, وكانت هذه هي فحوي' مبادرة الوفاق والتصافي' التي أطلقناها في وقت سابق للوصول إلي الوفاق بين أبناء الوطن, وفيها طالبنا أيضا بميثاق شرف إعلامي تبتعد فيه النخبة والمثقفون والمهتمون بالشأن العام عن تبادل الاتهامات دون سند أو دليل وإفساح المجال أمام مؤسسات الدولة المنتخبة لممارسة دورها الفاعل خلال المرحلة المقبلة.
ما المطلوب من الشعب والحاكم الآن من أجل أن تستعيد مصر توازنها الاقتصادي دون أية معونات خارجية؟
تستعيد مصر توازنها من خلال العمل والإيمان بالله سبحانه وتعالي, والعلم والتنمية, والسعي من أجل أن نعمر مصر بسواعد أبنائها بعيدا عن أي شكل من أشكال التدمير, وتوصيل رسالة الأمل الفسيح إلي الناس, حيث إن كثيرا من الناس محبط وقلق وخائف من المستقبل, لكن قضية الأمل هي التي ستجعل الناس تعود مرة أخري إلي العمل وإلي السعي والاجتهاد, فمصر لديها من الخيرات والموارد والخبرات ما يجعلها في غني عن أية معونات خارجية لكن ذلك لن يتحقق إلي بالعلم والعمل.
البعض ينادي بإضافة جملة احتكام غير المسلمين لشرائعهم في المادة الثانية من الدستور, ما رأيك فضيلتكم في ذلك؟
احتكام غير المسلمين لشرائعهم أصل من أصول الدين, وتعتبر إضافة جملة' ولغير المسلمين الاحتكام إلي شرائعهم' إلي صياغة المادة الثانية في الدستور هي تحصيل حاصل لأن الدين الإسلامي يضمن لغير المسلمين ممارسة عقائدهم وشرائعهم, ولقد عاشت اليهودية والمسيحية في أمان تحت ظلال حضارة الإسلام, وإن مبادئ الشريعة هي السقف الذي لا يمكن أن يتخطاه أحد في البلاد حتي البرلمان; لأنه كان موجودا في جميع دساتير مصر منذ دستور عام1923, الذي شارك في صياغته ممثلون عن المسلمين والمسيحيين واليهود.
هل المواطنة تعني تولي المرأة والقبطي للرئاسة؟!
ليس هناك في الدساتير المصرية منذ23 أن المرأة مثلا لا تتولي رئاسة الجمهورية, ولا أن القبطي لا يتولي رئاسة الجمهورية, ولا أن النوبي لا يتولي رئاسة الجمهورية, فالمواطنة معناها مساواة جميع المواطنين, وهذا لا علاقة له بالمادة الثانية, بل المادة الثانية تحميه, لأن هذا هو الفقه الإسلامي وهذه هي الممارسة الصحيحة لها التي مارستها مصر منذ عصر الخديوي إسماعيل, وإلي يومنا هذا, وإلي ما شاء الله.
تتهم بعض القوي والتيارات وسائل الإعلام بأنها تتبع منهج الإثارة من أجل تحقيق المكاسب ما رأي فضيلتكم في ذلك؟
للأسف الشديد هناك البعض من الإعلاميين ووسائل الإعلام من يسير في طريق من الإثارة لا الإنارة وهذه مدرسة في الإعلام نرفضها تماما, وعليهم أن يعلموا أن واجبهم الحضاري والديني وواجب العمران التعمير لا التدمير, بمعني أن عليهم أن يقدموا الإنارة علي الإثارة, وعليهم أن يشدوا الناس إليهم بعيدا عن الكذب وهذا هو ما يحتاج إلي جهد لأن أي إبداع يحتاج إلي جهد, أما الإبداع من أن كل واحد ما يخطر بباله يقوله من غير مهنية وإتقان وتدريب وإنارة فهذا لا يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين, فالإثارة قبل الإنارة يشكو منها الناس الآن, والتي تتمثل في الإثارة ضد كل شيء, وعلي الجميع أن يلتزم الصدق لأن هذا ما أمرنا به الإسلام وحضنا عليه لأن الكذب هو نوع من الإفساد في الأرض, ومن قبل طالبت بميثاق شرف إعلامي تبتعد فيه النخبة والمثقفون والمهتمون بالشأن العام عن تبادل الاتهامات دون سند أو دليل وإفساح المجال لأبناء الوطن للبناء والتنمية.
هل من واجب علي العلماء والدعاة القيام به في ظل الظروف التي تمر به البلاد حاليا؟
نعم عليهم عبء كبير لا بد أن يجتهدوا من أجله, عليهم أن يسعوا جاهدين في تحقيق وحدة الصف الإسلامي التي تعتبر فرضا من فروض الدين, وأساسا من أساساته وخاصة في هذه الظروف التي تمر بها الأمة حاليا; حيث يتربص أعداؤها بها ويحاولون فرض روح الشحناء والتفرقة والنعرات الطائفية بين أبناء الدين الواحد, كما أطالب العلماء والمفكرين بالحض علي تعاليم الإسلام السمح وإتباع أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة إلي الله وكيفية العيش مع الآخر وتقبله واحترام عقائده.
هل من الممكن أن يؤسس مفتي المسلمين في أي دولة إسلامية فتواه علي ضوء اعتبارات سياسية وأمنية خدمة لهذا الاتجاه أو ذاك؟
المفتي يؤسس فتواه وفقا للشرع ومصالح الناس لا علي أي اعتبار آخر, فالإفتاء منهج وطريق واضح محدد يتعلق بمصادره وطرق البحث وشروطه, كما أن أصل الفتوي بها ثلاثة أركان هي المصادر والواقع الذي نسقط عليه الفتوي وكيفية الوصل بينهما, فالواقع جزء من الفتوي وركن من أركانها, والوصل يتم عن طريق دراسة المصالح والمقاصد الشرعية ودراسة المآلات ما دام ستئول إليه هذه الفتوي, ودائما ما نتحري ذلك لأن هذه أصول الفتوي, وهذه هي الطريقة التي تخرج بها الفتوي.
البعض يري أن هناك محاولات للنيل من الأزهر ومن رموزه لإقصائه عن دوره في التفاعل مع قضايا الأمة.. ما رأي فضيلتكم في هذا؟
ما نشاهده اليوم خير دليل علي تفاعل الأزهر مع هموم الوطن من خلال وثيقة الأزهر وأيضا سعيه لتوحيد صف الوطن والقضاء علي سياسة التهميش والتخوين, لكي تعبر الأمة إلي بر الأمان, فالأزهر باعتباره مرجعية كبيرة أصبح قادرا علي تقديم النصيحة العلمية واجتماعية وغيرها والتي تصل بنا إلي صحيح الإسلام, وحل مشكلات المسلمين, كما تجعله مرجعيته قادرا علي تقديم اقتراحات للدول والحكومات.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.