انطلاق الجلسة الختامية للقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية    طلبة «آداب القاهرة" يزورون موقع محطة الضبعة النووية    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    «حماة وطن» يدشن مركز الأمل للأعمال والحرف اليدوية في الإسماعيلية    فرص للسفر إلى اليونان.. اتفاق لاستقدام 5000 عامل مصري بمجال الزراعة    مرسوم أميري كويتي بحل مجلس الأمة في البلاد    السفير ماجد عبد الفتاح يوضح مكتسبات فلسطين من قرار الأمم المتحدة    اتحاد المحامين العرب يُشيد بجهود مصر لوقف إطلاق النار في غزة (فيديو)    أخبار الأهلي : فريق كامل يغيب عن الأهلي أمام بلدية المحلة    بطولة العالم للإسكواش 2024.. تأهل مازن هشام ب 3 أشواط نظيفة    كيشو يكتسح بطل كازاخستان ويتأهل لأولمبياد باريس    محافظ الغربية يشدد على تكثيف الحملات التفتيشية على الأسواق    إصابة 4 أشخاص حريق مطعم بالفيوم ونقلهم للمستشفى    عاجل: موعد إعلان أرقام جلوس الثانوية العامة 2024.. طرق وخطوات الحصول عليها    مادلين طبر تكشف تطورات حالتها الصحية    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    عاجل.. رضا سليم يتواصل مع الشيبي لحل أزمة حسين الشحات.. ولاعب بيراميدز يحدد شروطه    تفاصيل هجوم روسيا على شرقي أوكرانيا.. وكييف تخلي بلدات في المنطقة    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    في زمن التحوّلات.. لبنان يواجه تحديات في الشراكة الداخليّة ودوره بالمنطقة    نجوى كرم تحيي حفلا في السويد 23 يونيو    «قومي حقوق الإنسان» يشارك في إطلاق الدورة الثانية من مهرجان إيزيس الدولي    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    مباشر سلة - الزمالك (17)-(20) الأهلي.. ثالث مباريات نصف نهائي الدوري    تؤدي لمرض خطير.. حسام موافي يحذر من خطورة وجود دم في البراز    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    الأسهم الأوروبية تغلق عند مستويات قياسية جديدة    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك (فيديو)    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    شاهد أول فيديو.. «النقل» تستعرض المحطات الخمسة الجديدة للخط الثالث لمترو الأنفاق    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    الجيزاوي يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على الخدمة الصحية    أسعار شقق جنة بمشروع بيت الوطن للمصريين في الخارج    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    أشرف صبحي يلتقي فرج عامر وأعضاء سموحة لتعزيز الاستقرار داخل النادي    للتخلص من دهون البطن.. تعرف ما ينبغي تناوله    «دراسة صادمة».. تناول الأطعمة المعبأة والوجبات الخفيفة يزيد خطر الوفاة    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    وزارة البيئة تناقش مع بعثة البنك الدولي المواصفات الفنية للمركبات الكهربائية    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    مفتي الجمهورية: الفكر المتطرف من أكبر تحديات عملية بناء الوعي الرشيد    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    أحمد عيد: صعود غزل المحلة للممتاز يفوق فرحتي بالمشاركة في كأس القارات    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتي الجمهورية في حوار ل »الأخبار«:»حب مصر«.. أول شروطي لمواصفات الرئيس القادم
أرفض الدولة الدينية أو العلمانية.. وأدعو لدولة حديثه قائمة علي مبادئ الشريعة
نشر في الأخبار يوم 31 - 07 - 2011

النص علي إسلامية الدولة قضية هوية ولامساس بالحقوق الكاملة للأقباط
يعتبر الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية وصفه بالمفتي العصري مدحا وليس ذما، ويقول عن ذلك أن المفتي يجب أن يواكب العصر,وساير الأحداث . وبوصفه مواكبا للأحداث ومنغمسا في الواقع ومايدور حاليا من جدل علي جميع الأصعدة في مصر تحاور الأخبار مفتي الجمهورية بمناسبة شهر رمضان المعظم, الذي بادر بالرد السريع علي أول سؤال لي حول مواصفاته وشروطه للرئيس القادم لمصر بقوله:مواصفاتي للرئيس القادم" أنه يكون بيحب مصر".أكد مفتي الجمهورية أن النص علي اسلامية الدولة هو قضية هوية وأن حقوق الأقباط محفوظة، وأشار الي أن صعود تيار الاسلام السياسي لا يجب أن يكون مصدر قلق لأحد في الداخل أوالخارج، وأعلن رفضه للدولة الدينية،وكذلك الدولة العلمانية داعيا أن تتمثل مصر نموذج الدولة الحديثة التي تتوافق مع مبادئ الشريعة الاسلامية
ما الذي تريد أن توجهه إلي الأمة بعد ما تمر به من أحداث فارقة في تاريخها؟
أولاً لا بد من التزام الصدق فهو أول خطوات الإصلاح، فلا أمل في بناء مستقبل بلادنا إذ لم نلتزم الصدق، فالكذب هو أول معاول هدم الحرية حيث يأسر الإنسان في واقعه المزيف، فلا حرية بلا صدق، ولا معني للحياة بلا حرية، ثانيًا أن نتحلي بأمانة الكلمة لأن أمانة الكلمة عبء هربت منه السماوات والأرض وتحملها الإنسان، ولكي نحافظ عليها علينا بالجد في توثيق معلوماتنا ولنرتقب قول رسولنا المصطفي: "كفي بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع"، إن أمانه الكلمة فوز عظيم لمن صانها وخزي مبين لمن أهانها، وثالثًا أوجه للناس نداء فأقول لهم إن بناء العقلية الواعية يحتاج إلي الإخلاص والصواب، وعنوان الإخلاص الصبر، ومفتاح الصواب العلم، فتسلحوا بالصبر والعلم وابتعدوا عن الأهواء والهزل، وابنوا عقولاً رشيدة تدافع عن بلادها وتبني مستقبلها.
ما رأي فضيلتكم فيما يحدث الآن في مصر من جدل سياسي؟ وهل من كلمة تريد أن توجها إلي جموع المصريين؟
إن ما نعايشه الآن في مصر هي لحظات جديرة بالمتابعة والملاحظة بل والاعتبار، كما هو الحال في أي فترة انتقالية يصاحبها قدر من القلق والغموض أحيانًا، وأن واجب كل المصريين أن يعملوا علي تحقيق المصالح العليا للدين والوطن وأن نعمل جميعًا علي تحقيق الاستقرار والأمن العام والتنمية في كافة المجالات وأن نلتزم جميعًا بالقيم الأخلاقية التي حثت جميع الأديان عليها، وأكد فضيلته أنه ومن خلال التمسك بهذه القيم يمكننا أن نتغلب علي الصعوبات والتحديات التي تصاحب أي فترة انتقالية.
هل اختلف دور علماء الأمة بعد ما يسمي بالربيع العربي؟ وما الذي يجب عليهم فعله في هذه المرحلة؟
يجب عليهم السعي من أجل مزيد من العمل المثمر والجاد وجمع كلمة الأمة ومعالجة قضاياها المصيرية الكبري والتصدي للمحاولات المختلفة من أجل زعزعة ركائزها العقائدية والفكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية، فالمنطقة تمر بمرحلة فارقة بشكل خاص والأمة الإسلامية بشكل عام الأمر الذي يتطلب مزيداً من العمل الجاد من أجل إظهار مكانة علماء الأمة وتوفير كل مستلزمات وأسس التكاتف والوحدة بين جميع الشعوب المكونة للأمة الإسلامية، فالأمل معقود علي علماء الأمة الإسلامية أن ينيروا عقول الشباب المسلم- الذين هم في الحقيقة زينة حاضرنا وعدة مستقبلنا بحقيقة الإسلام وقيمه العظيمة، إننا نتطلع إلي نهوض علمائنا إلي الإسهام في تفعيل مسيرتنا وتحقيق أولوياتنا بأن يكونوا القدوة والمثل في الدين والخلق والسلوك والخطاب الراشد المستنير يقدمون للأمة دينها السمح وقانونه العملي الذي فيه نهضتها وسعادتها ويبثون بين أفراد الأمة وفي أرجاء العالم الأمل والخير والسلام والمحبة بدقة العلم وبصيرة الحكمة في الأمور كلها ويجمعون ولا يفرقون ويؤلفون القلوب ولا ينفرونها، إن المرحلة المقبلة تقتضي الانخراط والمشاركة في المجتمع الإنساني المعاصر والإسهام في حركة الحضارة متعاونين فيما بيننا علي البر والتقوي ومتفاهمين مع كل قوي الخير والتعقل ومحبي العدل في كل مكان.
هناك تخوف من جهة الغرب بسبب صعود التيار الإسلام السياسي في الساحة السياسية في مصر عقب ثورة يناير، وأيضًا هناك تخوف أيضًا علي حقوق الأقباط فما رأي فضيلكتم في هذا؟
إن مصر بلد متدين وأن جموع المصريين اختاروا أن يكون الدين له دور في الشأن العام وأنه لا ينبغي أن يكون ذلك مصدر قلق أو تخوف بالنسبة للمصريين أو العالم الخارجي، وذلك لارتباط تراث مصر الديني تاريخيًّا بالمنظور الإسلامي المبني علي التسامح واحترام التعددية الدينية، إن النص علي إسلامية الدولة هو قضية هوية ولا يقلل أبدًا من طبيعة الدولة التي تكفل حقوق مواطنيها أمام القانون بغض النظر عن دينهم أو عقيدتهم، أما الإشارة إلي الأقباط فأؤكد لك أن حقوق الأقباط في مصر محفوظة ومصانة ويجب أن تظل كذلك ولهم الحق الكامل في المشاركة علي كافة مستوياتها، وأنه ينبغي علي الجميع احترام التنوع والتعددية التي أصبحت من خصائص مصر في عهدها الجديد.
قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير للقضاء علي الفساد، ورسم مرحلة جديدة من تاريخ مصر العظيم، ما رأي فضيلتكم فيما حدث؟
ج: إن دار الإفتاء المصرية سُئلت عن حكم المظاهرات السلمية منذ خمس سنوات، وكانت إجابة الدار أن المظاهرة السلمية جائزة ومباحة؛ لأنها نوع من أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونوع من تغيير الفساد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام له مساحة مهمة وله تأكيد مهم، وقد يكون سببها ناتجا عن ضياع المبادئ العليا كالعدالة والمساواة، أو عدم التوزيع الاجتماعي المعتبر والمحترم، وهي أيضًا نوع من أنواع جماعات الضغط السياسي التي تضغط علي الإدارة إذا ما رأت فيها انحرافًا أو اعوجاجًا، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أكد عليه الرسول صلي الله عليه وسلم وجعله وكأنه ركن من أركان الدين، وبما أن يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير كان مظاهرة سلمية، إذًا هنا أمر بمعروف ونهي عن منكر، ولا بد علينا أن نتعامل بحضارة مع هذه المظاهرة التي تدعو إلي العدالة الاجتماعية، وانتهاء الفساد وغيرها من الأهداف.
مصر تمر بمرحلة فارقة في تاريخها الحديث عقب ثورة يناير، تحتاج فيها إلي الأفكار والمبادئ التي تستعين بها لمواصلة البناء والتعمير، فهل لدي فضيلتكم تصور للانتقال بمصر من مرحلة المواقف إلي مرحلة الواجبات والبناء والتطوير؟
إن التغيير والتطوير سنة إلهية من سنن الله الكونية، ونحن سنظل دائمًا في حاجة إلي التغيير والذي هو ضرورة حضارية وسنة حياتية ومبدأ إسلامي، ومصر في مرحلة ما بعد الثورة بحاجة إلي أفكار ورؤي تساهم في بنائها، نوجزها في مجموعة من الرسائل أولها دعم فكرة المؤسسية، والتي تعني انفصال المؤسسة عن الشخص، أي بقاء المؤسسة بعد رحيل الشخص عنها، وهي ذاتها تعني ما ينادي به كثير من الناس من المشاركة وتداول السلطة والمسئولية وغيرها من الأفكار، ومنها أيضًا بناء أجيال جديدة قادرة علي استكمال المسيرة، وهو ما حققته بالفعل دار الإفتاء ببناء الجيل الثاني والثالث من طلاب كلية الشريعة بجامعة الأزهر، والرسالة الثانية تمثلت في أهمية العمل المدني، ومشاركة الجميع في هذا العمل من كل الطوائف بما فيهم رجال دين، وكذا الاهتمام بالصحة والتعليم والبحث العلمي الذي هو أساس الحضارة، والذي بدونه لن نستطيع بناء أجيال وسنظل ندور في حلقة مفرغة، وأنا في وقت سابق كنت قد اقترحت علي الحكومة المصرية أن يكون 80 ٪ من الميزانية في مصر للتعليم والبحث العلمي لأن فيهما تقدم مصر، والرسالة الثالثة تؤكد علي تأصيل فكرة الوعي قبل السعي، بمعني امتلاك الوعي الكافي والمعرفة والدراية قبل البدء في عمل أي شيء، ولن يتأتي ذلك إلا بالقراءة والاطلاع علي خبرات الأمم، وتمصير هذه الخبرات بما يتفق مع إمكاناتنا وأهدافنا وأدواتنا وأيضًا مع قدراتنا وهويتنا وتاريخنا، وبالتالي فأنا أمامي تلال من المعلومات ومن العلوم ومن التدريب لا بد أن أخوض فيها، والرسالة الرابعة هي تأصيل قاعدة "التعمير قبل التدمير" أو "التعمير لا التدمير" أي يجب علينا أن نعمر ثم نعمر وليس في خطتنا أن ندمر، نعمر مصر بسواعد أبنائها بعيدًا عن أي شكل من أشكال التدمير، وتوصيل رسالة الأمل الفسيح إلي الناس، حيث إن كثيراً من الناس محبط وقلق وخائف من المستقبل، لكن قضية الأمل هي التي ستجعل الناس تعود مرة أخري إلي العمل وإلي السعي والاجتهاد، والرسالة الخامسة تؤكد العمل علي منظومة القيم الأخلاقية التي يجب الاهتمام بها اهتمامًا كبيرًا، والتي تشمل قيم التسامح والحرية الملتزمة والمساواة العاقلة والديمقراطية والشوري والتكافل الاجتماعي والصدق والشفافية والمسئولية والمحاسبة بالإضافة إلي قيمة العدل، ولقد أشرت إلي هذه المنظومة كثيرًا في العديد من لقاءاتي وكتاباتي وأكدت علي ضرورة العمل بها من أجل الحفاظ علي الأمن والسلام الاجتماعي، أما الرسالة الأخيرة فهي ضرورة حرية التعبير، وإطلاق العنان للناس بأن يفكروا ويبرزوا ما عندهم، بعيدًا عن أي نوع من التسلط علي الآخر في الرأي أو مصادرة الآراء والأفكار والأهداف، المرحلة الجديدة تتطلب من الجميع أن يفكر ويبدع من أجل النهوض بمصر.
بعد قيام الثورات في بعض الدول العربية ظهرت الكثير من التيارات الدينية المتشددة علي الساحة فما هي صفات هذا الفكر المتطرف ؟
الفكر المتطرف له عدة خصائص منها أنه فكر ينكر التفسير والمقاصد والمآلات والمصالح أي أنه يريد أن يحول فهمه للنص إلي دين.. كما أنه يتميز بالتشدد الذي من السهل أن يتحول إلي عنف والذي بدوره يتحول إلي صدام والصدام إلي فرض رأي بهذا العنف فيكون إرهابا.. كما أن من خصائص الفكر المتطرف سحب الماضي علي الحاضر فالواقع مرفوض عنده وهو لا يدرك مفرداته ويعمل علي تغيير هذا الواقع بقناعته الشخصية الماضوية.. ومن هنا يأتي الصدام. كذلك هذا النوع من الفكر لا يهتم سوي بالظاهر لذلك تجد المنظومة الأخلاقية عنده باهتة جدا أو لا تكاد توجد لذلك نجد أصحاب هذا الفكر لديهم مشكلة كبيرة جدا مع نظرتهم للمرأة و في تكوين الأسرة وتربية الأبناء ومشكلة مع الحياة ومشكلة مع الجمال...وهكذا.
كيف نواجه هذه التيارات إذن ؟!
في ظل حرية التعبير التي تتمتع بها دولنا بعد تغير أنظمتها الحاكمة التي كانت تصادر بعض الآراء أصبح إبداء الرأي مكفولا للجميع علي أن يكون ذلك في حدود التعبير السلمي وليس باستخدام السلاح والعنف فيجب ألا نقيد علي أحد حرية التعبير عن رأيه أما إذا لجأ للسلاح والعنف ساعتها يكون قد خرج عن هيكل المجتمع ويستحق الردع .. وفي نفس الوقت لابد علي جميع جهات المجتمع أن تستمع إلي المنهج الوسطي ورسالة الأزهر الشريف فالأزهر فصيل أساسي من فصائل المجتمع له رأيه الذي يريد أن يعبر عنه ولا يريد أن يصادره أو يقيده أحد.
أي نعرض منهجنا ويعرضون منهجهم بصورة متساوية بحيث لا نعطي لأي طرف فرصة أكبر من الآخر وعلي الشعب أن يختار إلي أي منهج سيتجه وأنا أعلم أن الشعب سيتوجه للمنهج الوسطي.
لذلك أطلقت مؤخرا مبادرة جديدة لوأد فتنة الاختلاف والتفرق بين الحركات والتيارات الإسلامية تحت عنوان "كلمة سواء"
نعم .. لقد دعوت من خلال المبادرة جميع الفصائل والتيارات الإسلامية والمختلفين في وجهات النظر أو في مناهج التناول من أصحاب التيارات الإسلامية الصحيحة إلي الجلوس معاً للحوار وبحث وتدارس القضايا التي تنهض بأمتنا ومواطنينا والوصول إلي المشترك والخروج علي الناس ببرنامج واضح واتفاق قريب علي أن يلتزم المشتركون بتقديم الوعي قبل السعي والبعد عن نقاط الخلاف التي لا تعني أو تهم عموم الناس حتي نستطيع توحيد الكلمة وتحقيق صالح البلاد والعباد فالبحث عن المشترك بين المؤمنين هو الأساس الفكري المتفق عليه الذي يمكن في إطاره إنهاء الحوار دون تكفير حتي نتجاوز ما هو مختلف فيه.
ما مدي ارتباط الدين بالسياسة ؟
الدين يرعي شئون الأمة وكذلك السياسة أما السياسة الحزبية فالدين لا يتعرض لها من قريب أو بعيد ولا علاقة له بلعبة الحزبية لأن أدواتها تتغير بتغير الزمان والمكان.
هل انحسر دور المؤسسة الدينية في مصر في السنوات الأخيرة ؟.
المؤسسة الدينية في مصر وعلي رأسها الأزهر الشريف قدمت أعمالا جليلة وإسهامات عظيمة من أجل رفعة الأمة ونهضتها فالأزهر معروف عنه أنه منذ إنشائه يتميز بالوسطية والاعتدال والفهم الصحيح المبني علي المنهج العلمي الرصين لنصوص الدين والفهم الواقعي للحياة .. فهو يؤدي رسالته مع الحفاظ علي هويته بالرغم من التطور الهائل حوله لأن المؤسسة الدينية يجب أن تواكب تقنيات العصر.
قضية المرأة المسلمة استحوذت علي اهتمام الغرب الذي يدعي زورا أن الإسلام ظلمها فما تعليق فضيلتكم ؟
ظهرت قضية المرأة في مجتمعاتنا حين أريد للمفاهيم الغربية الحديثة أن تنقل إلينا مع أنها كانت رد فعل لعصور الظلام التي عاشتها أوروبا ونودي بتحرير المرأة رغم أنها محررة أصلا في الإسلام بالمعني الصحيح للحرية.. والغريب في هذه القضية أنها أختزلت في مسألة العلاقة بين الرجل والمرأة وأنها قائمة علي التجاذب والصراع بينهما وبذلك لا ينتهي الجدل والتناوش بين ركني المجتمع مما يؤخر الأمة ويشغلها عن قضاياها الحقيقية التي تقف حجر عثرة في نمائها ومواكبة سير التقدم الحاضر واللاحق . والواقع أن الإسلام نظر إلي علاقة المرأة بالرجل من جانبين رئيسيين الأول: وحدة الخلق فقد بين لنا القرآن نشأة المرأة وأصل خلقتها وأنها كالشيء الواحد هي والرجل والجانب الثاني المساواة إذ الأصل أن المرأة والرجل كلاهما مخلوقان مكرمان من جنس واحد فاقتضي ذلك المساواة بينهما في علاقتهما بالله عز وجل وكذلك في علاقتهما ببعضهما ومن مظاهر ذلك مع الله تعالي أنه ساوي بينهما في أصل العبودية له وحده ولم يفضل جنسا علي آخر بل جعل مقياس التفضيل التقوي والصلاح والإصلاح كما ساوي الشرع بين الرجل والمرأة في أصل التكاليف الشرعية وفي الثواب والعقاب أما في علاقتهما ببعض فقد ساوي الخالق بينهما في حق الوجود وعدم مصادرة ذلك الحق من أي من الطرفين ولذلك جرم الله تعالي ما كان يفعله العرب قبل الإسلام من كراهيتهم أن يرزقهم الله بالأنثي .. كما ساوي الخالق بينهما في أصل الحقوق والواجبات وبهذا التوازن وتلك المساواة ينشأ التكامل المنشود بين الرجل والمرأة وتزداد الأواصر بين الأسرة الواحدة التي هي نواة المجتمع وصولا إلي بناء الأمة القوية التي تدرك تماما أن المزية بين الجنسين لا تقضي الأفضلية وأن اختلاف الوظائف والخصائص لا يعد انتقاصا لنوع أو تمييزا لآخر فمكانة المرأة في الإسلام لم تقتصر علي كونها أول مؤمنة في الإسلام ) السيدة خديجة رضي الله عنها وأول شهيدة (السيدة سمية رضي الله عنها ) وأول مهاجرة (السيدة رقية مع زوجها سيدنا عثمان رضي الله عنهما ) بل تعدت مكانتها عبر العصور فحكمت المرأة وتولت القضاء وجاهدت وعلمت وأفتت وباشرت الحسبة وشاركت بالرأي وساهمت في بناء المجتمع وغير ذلك الكثير مما يشهد به تاريخ المسلمين.
ما رأي فضيلتك في الموقف من القدس؟
يجب علينا دائمًا أن نطالب بعودة الحق إلي أهله، وهذا هو السبيل إلي الخروج من هذه المشكلة الغامضة والمزمنة، والتي يجب أن تُحل وأن تنتهي حتي نعيش في سلام وحتي نري أمورنا وننطلق في تنمية البشر، هذه المشكلة الفلسطينية تسبب لنا قلقًا كبيرًا ولا يمكن حتي وإن تكلمنا فيما بيننا أن يسكت أصحاب الحق فلا بد علينا من الدعوة من أجل السلام ومن أجل الوئام ومن أجل البشر ومن أجل المستقبل أيضاً.. ندعو إلي السلام العادل وهو رجوع الحق إلي أهله.
ما رد فعل فضيلتكم علي قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل؟
نحن أصدرنا بيانًا رفضنا فيه هذا القرار منذ البداية واعتبرناه انحيازًا تامًّا للاحتلال علي حساب حقوق الشعب الفلسطيني المنتهكة وفيه مخالفة صريحة لقرارات الشرعية الدولية والأمم المتحدة التي تعتبر القدس أرضًا عربية محتلة، وأن اليونسكو بهذا القرار الجائر تسقط مصداقيتها أمام العالم الحر، حتي وإن أعلنت تراجعها فيما بعد؛ لأن الأمور كانت لا بد أن تعود إلي نصابها مرة أخري، فهذا الأمر كان من شأنه أن ينسف جهود السلام ويشجع الاحتلال علي استكمال عمليات التهويد بالمدينة وإعطاء المحتل غطاء من خلال اعتبار المدينة عاصمة لها مما يشجعه علي جرائمه ضد الحضارة والتراث والثقافة الفلسطينية، لذا كان علي اليونيسكو أن تتراجع فورًا عن موقفها لإزالة هذا التعدي الواضح علي حقوق الشعب الفلسطيني.
ما مفهوم الدولة بالنسبة لفضيلة المفتي؟ وما هو النموذج المثالي للدولة في مصر عقب ثورة يناير؟
هناك ثلاثة أنواع من الدول، أولاها الدولة الدينية، وهي التي تعني أن يكون الحاكم نائبًا عن الله، كأنه موحي إليه من الله، والإسلام لا يعرف الدولة الدينية، والدولة الثانية هي الدولة العلمانية، وهي التي تشترط في دساتيرها إبعاد الدين عن كل شيء، والإسلام يرفض هاتين الدولتين، أما الدولة الثالثة هي الدولة الحديثة التي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وهي النموذج المثالي للدولة المصرية، ولم يكن هذا أمرًا حديثًا بل كان منذ قرن ونصف في عهد الخديو إسماعيل، وفي هذا النموذج تكون الدولة دولة دستور ودولة مؤسسات، وبها مجلس شعب وقوانين، وتحتوي علي هيكل قضائي وإداري، إذًا نحن نتبني نموذج الدولة الحديثة التي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
هل تقوم دار الإفتاء بالتعاون مع أية جهات شرعية في العالمين العربي والإسلامي في نشر العلم والوسطية ؟
بالتأكيد فالدار علي استعداد تام لنقل الخبرات العلمية والإدارية وتقديم كافة أشكال الدعم لتلبية احتياجات كل الهيئات والمؤسسات في المجالات الشرعية، وإنشاء حلقات وسبل للتواصل الدائم والمستمر بينها وبين الدار، وذلك من أجل الحفاظ علي الهوية الإسلامية والوسطية المعتدلة والتصدي لأي محاولات لنشر الأفكار غير الصحيحة، ففي شهر يونية زارنا وفد الوقف السني العراقي لكي ينضم عدد من القائمين علي مجال الإفتاء الشرعي بجمهورية العراق الشقيقة إلي برامج التدريب والتأهيل العلمية والفقهية المتخصصة التي تنظمها الدار بصفة دورية، واستقبلنا أيضًا بالدار وفدًا من المجلس الأعلي للقضاء بأفغانستان بحثنا فيه سبل التعاون بين دار الإفتاء المصرية ووزارة العدل الأفغانية في نشر التوعية الدينية الصحيحة، وأن دار الإفتاء المصرية علي استعداد لأن تقدم كافة أشكال الدعم لتلبية احتياجاتهم من تعليم وتدريب وإرشاد في المجالات الشرعية في برامج التدريب والتأهيل العلمية والفقهية المتخصصة التي تنظمها الدار، فالدار منذ تأسيسها وهي تتحدث بلسان الدين الحنيف وترفع لواء البحث الفقهي بين المشتغلين به في كل بلدان العالم الإسلامي وتقوم بدورها التاريخي والحضاري من خلال وصل المسلمين المعاصرين بأصول دينهم وتوضيح وإزالة ما التبس عليهم من أحوال دينهم ودنياهم، حيث ترد إلي الدار الفتاوي من جميع أنحاء العالم الإسلامي.
تنقل بعض وسائل الإعلام أحيانا فتاوي خاطئة منسوبة لدار الإفتاء ما هو الحل من وجهة نظر فضيلتكم ؟.
بعد أن لاحظنا ظهور بعض الفتاوي التي تثير الجدل بصورة لا تعبر عن دار الإفتاء درسنا الأمر ووقفنا علي الأسباب التي أدت إلي ذلك ووجدنا أن بعضها إما ناتج عن فهم خاطئ من قبل المؤسسات الإعلامية أو عن حُسن نية أو عن عدم فهم المصطلحات.. لذلك عرضنا عمل دورة تدريبية للصحفيين لكي يتعرفوا علي لغتنا من ناحية المصطلحات التي نستخدمها وغيرها بحيث يكون الصحفي قادرا علي الفهم العميق للفتوي فيستطيع توصيل الرسالة إلي الآخر بطريقة صحيحة.
تتغير الفتوي بتغير الزمان والمكان فما أسباب ذلك ؟
الفتوي تتغير بتغير جهات أربع وهي : الزمان والمكان والأشخاص والأحوال .. وإن من أهم أسباب تغير الفتوي هو تغير الموضوع وفي الحقيقة فإن الحكم لم يتغير ولكن الواقع في المسألة المفتي بها غير الواقع في المسألة التي أفتي بها قديما، فالموضوع هنا غير الموضوع هناك، ولذلك وجب تغير الفتوي لأن صدور الفتوي نفسها بعد أن تغير الموضوع يعد امرا غير صائب ومن هذا القبيل تغير العادات وكذلك من أسباب تغير الفتوي تغير المصلحة بتغير الاختيار لدي من بيده سن القوانين في مجال الأحكام السلطانية والذي كان يسمي في الفقه القديم مرة بالحاكم، ومرة بولي الأمر وهي الإطلاقات التي أصبحت تثير عند الناس حساسيات خاصة، ولكن الأمر في الفقه الإسلامي كان يقصد أن يرجع إلي مصلحة الأمة، وتحقيق مقاصد الشرع الشريف، وهو الأمر الذي يختلف باختلاف الزمان والمكان؛ إلا أنه دائما يكون في دائرة المباح ولقد تقرر في علم أصول الفقه وفي فروع الفقه أيضا أن الحاكم له أن يقيد المباح بناء علي المصلحة وإن طال زمانها.
كيف ستتواصل دار الإفتاء بعد الثورة مع الشباب كي يكون لها تأثير واضح ؟
نحن نسعي لأن نعيد ثلاثة مناح إلي الشارع المصري والعربي وهي العلم والدعوة والعبادة بطريقة صحيحة .. والبداية تكون بأن ننشر المنهج الوسطي في المجتمع ونعمل علي ألا تنتشر الأفكار التي تقدم التدمير علي التعمير والتي تقدم المساجد علي الساجد فنحن نريد تقديم الوعي قبل السعي والبناء والتعمير لا التدمير.. وهذه الثلاثة العلم الصحيح، والعبادة الصحيحة، والدعوة الصحيحة هي التي ستكون برنامجنا للاتصال مع الجماهير لنقل المنهج الوسطي الذي هو نموذج يحتاج إليه العالم كله الآن.
هل الفتوي ملزمة للقضاء ؟
لا .. الفتوي لا تلزم القضاء حيث إن العلاقة بين المفتي والمستفتي أدبية أي أن الفتوي موجهة فقط .. أما إذا لم يجد المستفتي من يعينه ويصل به لطريق الحق ولم يجد أمامه سوي الفتوي ساعتها تكون ملزمة أي أن قضية الالتزام تعتمد علي العوارض التي تحيط بها.
يقال عنك أيضا إنك مفتي "عصري" .. فهل تتقبل مثل هذا القول ؟
المفتي العصري مدح وليس ذما ولا أمانع أن يقولوا عني ذلك لأن المفتي يجب أن يواكب العصر ويساير الأحداث أولا بأول.
في ظل تعدد جهات الفتوي وما يحدث في الفضائيات من سيل فتاوي هل اهتزت دار الإفتاء؟
دار الإفتاء المصرية مؤسسة راسخة أنشئت عام 1895 وتولي الإفتاء فيها عبر القرون خيرة العلماء ولها طريق واضح محدد فيما يتعلق بمصادرها وطرق البحث وشروطه كما أنها صاحبة عقلية علمية عبر هذه الفترة وما قبلها لها جذور في التاريخ ولها خبرة إدراك الواقع لذا فدار الإفتاء المصرية لا يمكن أن تهتز لاتباعها منهجا وسطيا ولأنها مؤسسة لديها قدرة علي إدراك مصالح الناس في مقاصد الشرع.
ما قول فضيلتكم في فتاوي غير المتخصصين الذين نراهم في الفضائيات؟
هؤلاء أحدثوا فوضي في الخطاب الديني وليست في الفتاوي الحقيقية فأنت تشاهد برنامجاً يتحدث عن الدين وإذا بك أمام متشدد وتحول المحطة لتجد متسيباً وتحولها لتجد وسطاً وتحولها لتجد من يحصر الدين في الروحانيات وتحول لتجد من يحصر الدين في السياسة وهكذا . فالناس تحيرت وتبلبلت من اختلاف الأداء في الخطاب الديني فسمينا هذه الحالة في أدبياتنا فوضي للفتاوي لكنها ليست فوضي للفتاوي بالذات.
كيف ينظر فضيلة المفتي إلي الأداء الإعلامي بشكل عام ؟
الإعلام في عصرنا الحاضر في غاية الأهمية لاتقل بحال من الأحوال عن دور السلطات التنفيذية ولا نستطيع أن نتخلي عنه ولإيماني لذلك تم إنشاء المركز الإعلامي انطلاقًا من إيمان دار الإفتاء المصرية بأهمية الإعلام لتوصيل رسالة الدار إلي الأمة وتنظيم العلاقة الإعلامية بين الدار وغيرها من المؤسسات المحلية والعالمية وأنا أعتقد الصحافة والاعلام هي أحد أهم روافد الأمل المنشود للتغيير إلي الأحسن . لكن في الوقت نفسه في بعض وسائل الإعلام لا نجد بناء العقلية الإنسانية هدفاً حقيقياً لها ويتخذ من الإثارة غير الموضعية هدفاً لأغراض في ذهن صانعي الإعلام فخبراء الإعلام يقولون إن الإثارة جزء من الإعلام الغربي ، ونحن للأسف رغم اختلافنا عنهم قيمياً نستورد هذه الإثارة غير الهادفة باختصار الإعلام مسئولية وطنية ومنبر للحرية ولتكوين رأي عام قوي ، لا ميدان صراع وتشتيت.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر من أجل سداد ديون الفقراء وإعانتهم علي التغلب علي القضايا التي تواجههم؟
تجيز الحنفية أخذ زكاة الفطر في صورة مال؛ وحينئذٍ يمكن أن يتصرف فيها الفقير كيفما يشاء.
إذن هل من الممكن أن يستخدم الفقراء أموال الزكاة في قضاء الحاجات الخاصة حيث يوجد الكثير من الناس ممن لديهم الكثير من الديون ومن الذين محكوم عليهم بالحبس؟
قطعًا؛ يمكن للمتلقي أن يسد بها ديونه أو يستخدمها لعدم الذهاب إلي السجن غير أن زكاة الفطر تكون قليلة حيث لا تتعدي خمسة أو سبعة أو عشرة جنيهات، ولكن قد يتجمع لدي الفقير مبلغًا كبيرًا من المال يستطيع أن يستخدمه في سداد ديونه فلا حرج ولا مانع في ذلك.
هل وجود سبعة مراصد في مصر كافٍ في حين أن بعض الدول الأخري لديها عدد أكبر من المراصد مثل: دولة المغرب التي تمتلك أكثر من مائتي مرصد؟
إن نقطة الرصد يجب أن يتوفر فيها نحو عشرين شرطًا مثل الخلو من الجفاف والتلوث والرطوبة والبعد عن المسطحات المائية أو المناطق التي يكثر فيها الغيم... وهكذا. والحقيقة أن هناك حالة واحدة حدثت في العالم كله وهي التلوث بجميع أنواعه مثل التلوث البيئي الذي يسببه عوادم السيارات والمصانع، والضوئي الذي ينتج عن الأشعة الكبيرة التي تسببها الكهرباء وغيرها، لقد كان هناك عدد من المراصد بكل من حلوان وبرج الجزيرة ومنطقة القطامية وتم الاستغناء عنهم جميعًا لعدم توفر الشروط عمليًا في مواقع الرصد.
هل ينطبق قول رسول الله ذ صلي الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" علي الرؤية العلمية أيضًا أم الرؤية المقصودة في الحديث الشريف هي الرؤية البصرية فقط؟
إنني أري أن الرؤية في الحديث رؤية عامة وتشمل البصرية والعلمية المسلحة التي تعتمد علي الآلات والمراصد.
هناك بعض الدول الإسلامية تشترك بجزء من الليل وتظهر الرؤية في إحداها ولا تظهر في الأخري ووسائل الإعلام الحديثة تقوم بالتبليغ عن هذا الظهور فما حكم الشرع في صيام الدولة التي لم يظهر بها الرؤية؟
المنصوص عليه فقها الذي عليه أكثر المشايخ أنه لا عبرة باختلاف المطالع في إثبات رؤية هلال رمضان، وأنه إذا رأي الهلال أهل بلد لم يره أهل بلد آخر يجب علي أهل البلد الآخر الذين لم يروا الهلال أن يصوموا برؤية أولئك الذين رأوه قال الكمال بن الهمام الحنفي صاحب فتح القدير رحمه الله : وإذا ثبت في مصر لزم سائر الناس فيلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب في ظاهر المذهب لعموم الخطاب في قوله عليه الصلاة والسلام ( صوموا ) معلقا بمطلق الرؤية في قوله( لرؤيته ) وبرؤية قوم يصدق اسم الرؤية فيثبت ما تعلق به من عموم الحكم فيعم الوجوب وقيل يختلف باختلاف المطالع لأن السبب الشهر، وانعقاده في حق قوم للرؤية لا يستلزم انعقاده في حق آخرين مع اختلاف المطالع وممن قال باعتبار اختلاف المطالع الشافعية جاء في المجموع شرح المهذب ما ملخصه :وإن رأوا هلال رمضان في بلد ولم يروه في آخر، فإن تقارب البلدان فحكمهما حكم بلد واحد ويلزم أهل البلد الآخر الصوم بلا خلاف، وإن تباعدا فالصحيح أنه لا يجب الصوم علي أهل البلد الأخري، والتباعد يكون باختلاف المطالع، والتقارب أن لا تختلف .ونحن وإن كنا نميل إلي ترجيح الرأي القائل بأنه لا عبرة باختلاف المطالع لقوة دليله ولأنه يتفق مع ما يقصد إليه الشارع من وحدة المسلمين وجمع كلمتهم .وأنه متي تحققت رؤية الهلال في بلد من البلاد الإسلامية يمكن القول بوجوب الصوم علي جميع المسلمين الذين تشترك بلادهم مع بلد الرؤية في جزء من الليل إلا أننا نؤكد أن المسألة من الفروع الخلافية التي يجوز الأخذ بأي من القولين فيها.
هناك من يقول لا تخرج زكاة الفطر إلا من الحبوب من غالب قوت البلد ويبطل الإخراج بالنقود ، نريد من فضيلتكم رأي الشرع في ذلك؟
زكاة الفطر تكون صاعا من غالب قوت البلد كالأرز أو القمح مثلا، ومقدار ذلك الصاع هو 2.40 كيلو جرام تقريبا، وقد ذهب فقهاء الحنفية إلي جواز إخراج زكاة الفطر مالا، وهذا هو الذي عليه الفتوي الآن، لأن مقصود الزكاة الغناء، وهو يحصل بالقيمة، والتي هي أقرب إلي منفعة الفقير، لأنه يتمكن بها من شراء ما يحتاج إليه.
متي بدأت فضيلة المفتي صيام الشهر الكريم؟
دون شك إنني أنتمي إلي أسرة متدينة؛ فقد اعتادت والدتي علي أداء فريضة الصلاة منذ أن كانت في التاسعة من عمرها، وكذلك كان حال والدي في المواظبة علي الصلاة والحفاظ عليها منذ الصغر كما كان أفراد العائلة الكبيرة جميعهم من أعمامي وخالاتي يواظبون علي الصلاة؛ فقد نشأنا في بيئة حيث الصلاة تعد جزءا لا يتجزأ من هوية الإنسان، وأنا لا أتذكر أن أمرني والدي في أحد الأيام بالصلاة، إنما قام بتعليمي كيفية أداء الصلاة حيث درج أن يصطحبني معه إلي المسجد لصلاة الجمعة وكنت أجلس بجواره، وكان يفعل الشيء نفسه عندما كان يصلي بالمنزل. وعليه، فقد نشأنا جميعًا في أسرة متدنية تواظب علي أداء الصلاة كمكون أساسي في الحياة. لقد كنت في التاسعة من عمري تقريبًا وكنت في الصف الثالث أو الرابع الابتدائي من المرحلة التعليمية عندما شرعت في صيام شهر رمضان، وحدث في إحدي المرات أن قمت بتناول الطعام أثناء فترة الصيام غير أن والدي تركني أُكمل طعامي إلي أن تذكرت في نهاية الأمر أني صائم، وشعرت بالضيق الشديد لعدم قيام والدي بتذكيري بوجوب الامتناع عن الطعام في حين كان يضحك ويقول لي: "إنما أطعمك الله وسقاك". إنني أتذكر ذلك الموقف الطريف الذي حدث في السنوات الأولي من حياتي حيث تركني آكل وكان ينظر إليَّ وكأن شيئًا لم يكن إلي أن تذكرت حقيقة أنني صائم، ثم أرشدني إلي معني عبارة "إنما أطعمك الله وسقاك" واستكملت صيام باقي اليوم، ولكن هذا لا ينفي إحساسي بالحزن لعدم تنبيهي لذلك المعني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.