بعد سنوات طويلة من الصمت والغموض ظهرت الحقيقة ولقي المجرمون الأشرار الخزي والعار.. كان "منصور الكخيا" قد ترك وزارة خارجية القذافي. لم يستطع ان يستمر مدافعاً عن سياسة القمع والتخلف. فتخلي عن كل مكاسبه وغادر الوطن وساهم في الدفاع عن حقوق الإنسان الليبي والعربي في كل مكان. وهو الذي درس القانون في جامعة القاهرة وحصل علي الدكتوراه من "السوربون" ونذر نفسه وماتبقي من عمره لخدمة الحريات والشعوب.. اختفي فجأة. وأنكرت كل القوي الغاشمة صاحبة المصلحة في اختفائه معرفتها بمصيره.. وكانت مصر طرفاً في الموضوع. منذ تسعة عشر عاماً هبط في مطار القاهرة الذي يتردد عليه كثيراً ولفت نظره كما روي لأصدقائه فيما بعد أنه تعطل في المطار ساعتين مع أنه يحمل جواز سفر دبلوماسياً ولم يحدث له ذلك من قبل.. لم يتوقف عند ذلك التصرف كثيراً! اختار الإقامة في فندق "سفير" بالدقي حيث يعقد اجتماع دوري للمنظمة العربية لحقوق الإنسان.. سافر إلي الإسكندرية يوماً واحداً. وعاد ليلتقي عدداً من الأصدقاء وقد شوهد آخر مرة يتمشي حول الفندق مع واحد منهم.. وعاد إلي غرفته الساعة التاسعة مساء. واختفي.. قيل انه عاد إلي ليبيا. بل انه لم يغادر القاهرة. بل ذهب إلي أوروبا.. ودائما تحفظ البلاغات. اتجهت أصابع الاتهام إلي رجال القذافي وأجهزة الأمن المصرية. وأثيرت الشبهات. فاتصل الرئيس الأمريكي وقتها "بيل كلينتون" بالرئيس المصري وقتها حسني مبارك يسأله. فزوجة "الكخيا" أمريكية من أصل سوري. وخرجت صحيفة أسبوعية مصرية بحملة غريبة تدين فيها المعارض الليبي الغائب حتي لايستحق ان يسأل عنه أحد. رصدت التحريات أسماء من اتصل بهم في ساعاته الأخيرة. وأهمهم لقي حتفه في حادث سيارة غامض.. والآخرون افلتوا بعد تحقيقات. انتهت إلي قرار النائب العام المصري وكان وقتها المستشار "رجائي العربي" بحفظ التحقيق. تسربت معلومات عن تعليمات لمطار "طبرق" العسكري الليبي قرب الحدود المصرية لاسقبال طائرة علي درجة عالية من الأهمية.. فلما وصلت لم يخرج منها أحد وإنما دخلت سيارات حراسة هبط من إحداها شخص لم يتبينوه وكان مقيد اليدين أقلعت به الطائرة. لم يعرف للمعارض الليبي مصيراً في سجن أو في قبر. فهو بالنسبة للقذافي واحد من الكلاب الضالة التي تعارضه!! حتي ارشد رئيس المخابرات الليبية - بعد الثورة - إلي فيلا تابعة للجهاز دفن فيها "منصور الكخيا". عرفنا نهايته. ولكننا مازلنا لانعرف ماذا حدث له ومن خدعه ومن سلمه ومن تستر علي جريمة قتله.. ويبدو ان مصر لها دور. أو علي الأقل تعرف. منذ أيام في ذكري يوم ميلاده الواحد والسبعين دفن أحد أبرز رموز المعارضة الليبية من جديد في احتفال شعبي مهيب بمدينة "بنغازي". ماذا كان مصير "معمر القذافي"؟.. وأين "حسني مبارك"؟.. الآن يرتاح "الكخيا" في قبره.. والقضية لم يحفظ فيها التحقيق.. ومثل تلك الجرائم تتكرر. ومصير الجلادين لايتغير!