أكد الدكتور يسري حماد، نائب رئيس حزب الوطن والقيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، أن موقف حزب النور من الموافقة علي دستور "الخمسين" وزعمه بأنه يحافظ علي مواد الشريعة الإسلامية، يتسق مع مواقف "النور" السابقة، بدءا منذ 30 يونيو الماضي، بل وقبل ذلك، حيث شارك في التمهيد للانقلاب العسكري، إلي أن أصبح ركنا أساسيا وصريحا في الانقلاب العسكري. وأشار- في تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة"- أن "النور" أصبح بعد ذلك مبررا لكل مواقف الانقلاب الغاشمة، ثم مشاركا في الجنة الخمسين الباطلة، ثم مدافعا عن أعمال هذه اللجنة، إلي أن وصل لمرحلة الثناء الشديد علي أعمال لجنة الخمسين، التي قال عنها في البداية أنها تضم كل من يدعو للعلمانية وجمعت كل من يريد محاربة الشريعة الإسلامية، ثم بعد ذلك يصبح تفسير كلمة "مباديء" متروك للمحكمة الدستورية العليا وفي يدها، بعد أن نزع التفسير من الأزهر الشريف. وأوضح "حماد" أن "النور" هو الذي قال في عام 2012 أن المحكمة الدستورية جميعها تضم العلمانيين، وأنه لا يجب أن نترك تفسير كلمة "المباديء" تحت رحمة العلمانيين، ثم بعد ذلك يتراجع عن كل ما قاله تماما، وقرر التصويت ب"نعم" في النهاية، إلا أن هذا موقفا ليس به جديد وليس مستغربا، لأن "النور" جزء أصيل من الانقلاب العسكري، وهو يسير في ركابه حتي النهاية، لكن هذا موقف مخزي، لأن هذا الحزب تنازل عن كل الثوابت الشرعية التي كان يدعي دوما أنه متمسك بها ويدافع عنها. ولفت "حماد" إلي أن الموقف الذي أتخذه حزب النور من الدستور ليس هو موقف الدعوة السلفية التي يختلف موقفها تماما عن موقف "النور"، فكل أبناء الدعوة السلفية سوف يصوتون ب"لا" علي هذا الدستور الباطل أو سوف يقاطعون الاستفتاء، مضيفًا بأن قيادات الدعوة السلفية لن يشاركوا في الدعوة للتصويت ب"نعم" باستثناء شخص واحد فقط، في إشاره للشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية بالاسكندرية. وحول بيان "النور" الذي زعم فيه بأن التصويت ب"نعم" علي الدستور الانقلابي سيؤدي إلي إنهاء الاحتقان السياسي ولاستقرار البلاد، قال:" أتمني من هؤلاء أن يبتعدوا عن السياسية تماما، لأن السياسة تأثرت كثيرا بمواقفهم المائعة، فهم يدرسون السياسة من باب جلب المصالح ودرء المفاسد دون أن يدركوا ما هي المصالح أو المفاسد الحقيقية، ثم بعد ذلك يأتوا بالمفاسد كلها للشعب المصري، ويقفون مع الظالم وفي وجه المظلوم، وبالتالي فهم يقدمون تبريرات واهية لا يمكن اعتبارها مواقف محترمة بأي شكل من الأشكال، خاصة أن كل العلماء تقريبا في مشارق الأرض ومغاربها ينتقدون مواقف "النور"، ولم نر أحدا من العلماء يثني عليهم خيرا". وردًا علي زعم المتحدث باسم "النور"، شريف طه، بأن جماعة الإخوان المسلمين والتحالف سوف يشاركون سرا في الاستفتاء علي الدستور، أكد "حماد" أن مثل هذا الكلام لا يستحق الرد عليه، فهو كلام أرعن غير موزون أو مدروس، والهدف الوحيد منه فقط هو مغازلة العلمانيين والليبراليين بعد أن لفظه التيار الإسلامي، وبالتالي فقد أصبح هذا الحزب الآن في خانة العلمانيين وليس محسوبا علي التيار الإسلامي بأي حال من الأحوال. وأوضح أن الهدف الوحيد الذي من أجله تم تعديل دستور 2012 هو أن يتم حذف الهوية الإسلامية، وذلك في أطار محاربة العلمانية للهوية الإسلامية، منوها إلي أن المواد التي طالب البعض بتعديلها في دستور 2012 لم يتم تعديلها في الدستور الذي أقرته لجنة الخمسين، فلم يتم انجاز أي من هذه التعديلات التي نادي بها البعض سابقا، لأنهم شغلوا أنفسهم بتتبع أي شيء مواد الشريعة الإسلامية في الدستور وهوية الدولة المصرية وأخلاقها وثقافتها، فقاموا بإلغاء كافة المواد التي بها إشارة للشريعة الإسلامية، حتي أن الكنيسة صممت علي إضافة كلمة "مدينة الدولة" التي ترمز لعلمانية الدولة، وأيضًا أصرت علي إلغاء وحذف تفسير كلمة مباديء الشريعة الإسلامية من أي مادة في الدستور، حتي حذفتها من ديباجة الدستور أيضًا. وأضاف نائب رئيس حزب الوطن أن دستور "الخمسين" لم يجرم فقط الإساءة للفن بل جرّم الإساءة إلي ما يسميه بالإبداع أيضًا، ففي السابق حينما كان يتم تأليف كتاب يتعرض فيه للأنبياء والمرسلين وللذات الالهية بسوء، كان "الأزهر" يقوم برفع دعاوي قضائية ضد المؤلف وكتابه، علي أساس تجريم هذا العمل ويمنع من تداوله أو تكراره مستقبلا، لكن بعد النصوص الدستورية التي أقرتها لجنة الخمسين لا يمكن لا للأزهر أو غيره تجريم مثل هذه الأعمال سواء كانت كتب أو أفلام مسيئة، فلا يستطيع أحد منع فيلم يجسد الصحابة والرسل أو يسيء لهم، لأنه بنص هذا الدستور تعتبر هذه الأعمال من أعمال الابداع الفني التي لا يجوز مصادرتها أو منعها أو حتي الحديث حولها. وشدّد "حماد" علي أن الأوضاع في مصر تتجه نحو استمرار الصمود البطولي والتاريخي للشعب المصري وعدم انكساره مطلقا، في مقابل الدفاع عن الذات وعن التواجد من قبل مؤسسات الدولة التي أفسدت بلادنا علي مدار 60 عام، نافيا وجود مفاوضات مع الانقلابيون بعد أن أدار العسكر البلاد والأزمة في مصر وكأنهم يديرون معركة حربية مع شعبهم للأسف.