جاءت تصريحات وزير الخارجية بحكومة الانقلاب سامح شكري، أمس الأربعاء 6 مارس 2019م- والتي أكد فيها أن حكومة بلاده تتطلع لمواصلة العمل والتعاون العربي مع أوروبا، مؤكدا أنه آن الأوان لإنهاء الأزمة في سوريا، وضرورة الوصول إلى مصالحة في ليبيا- لتؤكد انحياز نظام العسكر في مصر للنظم القمعية الشبيهة به. وكانت الجامعة العربية قد أوقفت عضوية سوريا، في نوفمبر2011، نتيجة ضغوط عدة مارستها دول عربية، على خلفية الوحشية المفرطة التي تعامل بها النظام الطائفي الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية بصورة وحشية مع المتظاهرين المطالبين برحيل النظام، وتأسيس نظام ديمقراطي تعددي يسمح بالتداول السلمي للسلطة، ومشاركة شعبية أوسع في إدارة البلاد. تصريحات شكري تأتي في أعقاب تحركات محور الثورات المضادة في العالم العربي (الإمارات والسعودية ومصر) لإعادة تعويم النظام السوري، قبيل القمة العربية في تونس، مارس الجاري، كما تأتي في أعقاب ترحيب الكويت بعودة النظام السوري للجامعة العربية. لكن عادل الجبير، وزير الدولة السعودية للشئون الخارجية، صرح الإثنين الماضي، بأن عودة سوريا إلى الجامعة العربية مرتبطة بتحقيق تقدم في العملية السياسية في الدولة التي تمزقها الحرب منذ 8 سنوات. وأضاف في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، أن المملكة تشدد على وحدة الأراضي السورية وأهمية الحل السياسي. وانتهت اجتماعات وزراء الخارجية العرب، أمس الأربعاء 6 مارس 2019م، دون القرارات المعتادة، إذ تم الاكتفاء ببيان مقتضب وتصريحات من الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، أكد فيها اندماج القمتين السياسية والاقتصادية، وعلى أن عودة سوريا إلى الجامعة غير مطروحة في القمة المقبلة المقرر عقدها في تونس. بداية التطبيع بداية التطبيع الرسمي العربي مع سفاح سوريا، بشار الأسد، بدأت بزيارة الرئيس السوداني عمر البشير لدمشق، في ديسمبر الماضي، وإعلان الإمارات عن إعادة فتح سفارتها، بينما أكدت مصادر مقرّبة من دوائر صناعة القرار بحكومة العسكر في مصر، أن القاهرة تدير اتصالات واسعة لتنظيم مجموعة من الزيارات لمسئولين وزعماء عرب، خلال الفترة الحالية والمقبلة، إلى العاصمة السورية دمشق ولقاء الأسد، في إطار عملية إعادة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية، قبل القمة المقبلة التي تستضيفها تونس. كذلك أصدر البرلمان العربي، في ديسمبر الماضي، بيانًا حول الأزمة السورية، دعا فيه “مجلس جامعة الدول العربية واللجان المعنية وكل الهيئات والمؤسسات العربية إلى العمل والتنسيق من أجل إعادة سوريا إلى الفضاء العربي”. وتنقل صحيفة العربي الجديد عن مصادر مطلعة، أن النظام المصري يتحرك بناء على تنسيق سعودي وإماراتي، مشيرا إلى أن مباحثات عودة مقعد سوريا بجامعة الدول العربية لنظام الأسد، تجري بشكل متسارع، مؤكدة أن تلك الخطوة باتت قريبة للغاية. كذلك بات مسئولون أردنيون يجاهرون بوجود تحرك لإنهاء تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، بما في ذلك تأكيد رئيس لجنة الشئون الخارجية في البرلمان الأردني، نضال الطعاني، لوكالة سبوتنيك، يناير الماضي، وجود مساعٍ أردنية ضمنية برلمانية ومساع ضمنية حكومية باتجاه عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. تحركات محور تحالف الثورات المضادة نحو التطبيع مع النظام السوري تأتي بدعوى مواجهة النفوذ التركي والإيراني، الذي تسببت الأزمة السورية في ازدياده بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وهو ما يفسر تحركات القاهرة المكثفة نحو دمج النظام السوري وضرورة التطبيع معه ومساندة نظام بشار الأسد. وكان علي مملوك، رئيس جهاز الأمن القومي التابع لبشار، قد زار القاهرة بشكل معلن، ديسمبر الماضي، وتردد على القاهرة بشكل سري أكثر من 4 مرات في الشهور الماضية لترتيب مجموعة من الملفات، التي لا تمثل فيها القاهرة نفسها فقط، على حد تعبير المصادر. فيتو أمريكي وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن هناك رغبة من بعض الأطراف العربية في عودة نظام بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية، بعد أن نجح نظامه في التغلب على تحديات الحرب الأهلية، غير أن هناك فيتو أمريكيًّا على هذا الأمر. وتابعت الصحيفة موضحةً أن دولا عربية، ومنها الإمارات، سارعت إلى الدفع صوب عودة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية، من خلال إعادة افتتاح سفارتها في دمشق نهاية العام الماضي، لكن إدارة دونالد ترامب ضغطت على حلفائها للتراجع، محذرة من أن أي خطوات للمشاركة في إعادة إعمار سوريا من شأنها أن تؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية، حيث تسعى إدارة ترامب للضغط على نظام دمشق من أجل القبول بإصلاحات سياسية. وتضيف “واشنطن بوست” أن بعض الدول العربية لا ترغب في إعادة تأهيل نظام الأسد ما دام ملتزمًا بتحالف طويل مع إيران، التي اكتسبت نفوذا في سوريا من خلاله لكسب الحرب. موقف الولاياتالمتحدة من دور إيران يهدف إلى الضغط من أجل مزيد من العزلة السياسية، بحسب ما تنقله الصحيفة عن أحد كبار المسئولين الأمريكيين، الذي تحدث مشترطًا عدم الكشف عن هويته، مؤكدا أن الولاياتالمتحدة ترغب في خروج القوات كافةً التي يقودها الإيرانيون من سوريا. من جهتها، تضغط روسيا على الدول العربية، لحثها على بناء جسور جديدة مع نظام دمشق، بحسب دبلوماسيين، مؤكدين أن موسكو تحاول إقناع الحكومات العربية بالعودة إلى دمشق من أجل الحد من نفوذ إيران. بينما يأمل نظام بشار الطائفي أن تسهم الدول العربية بتحمل التكاليف الباهظة لإعادة الإعمار التي تصل تكلفتها إلى 400 مليار دولار لإعادة بناء البلاد بعد الحرب. ووفقا لذلك، تقول واشنطن بوست إن هناك تحفظًا مصريًّا سعوديٍّا على عودة نظام الأسد للجامعة العربية، وبالتالي فإن تحركات دول خليجية أخرى لن تكون حاسمة للسماح بعودة نظام الأسد للجامعة العربية. يقول حسن حسن، من معهد التحرير: إن زيارة بشار الأسد لطهران، الأسبوع الماضي، وهي الأولى له لإيران منذ اندلاع الثورة، “قوضت الادعاءات القائلة بأنه يمكن إغراء الأسد للخروج من الحضن الإيراني من خلال إعادة الجسور مع نظامه (..) كانت هناك رغبة في التسوية مع الأسد، ولكن زيارته لطهران كبحت هذه الرغبة”.