بعد ما يقرب من ثماني سنوات من الحرب والدمار في الأراضي السورية. ومقتل أكثر من 500 ألف شخص وتشريد الملايين. قررت دول الخليج والحلفاء العرب تبني دمشق من جديد حيث أعادوا فتح السفارات وقاموا بتأسيس العلاقات التجارية وتمهيد الطريق لعودة سوريا إلي المنظمات الإقليمية. شهدت الأسابيع القليلة الماضية موجة من التحركات تشير إلي عودة سوريا من جديد للشمل العربي. وبالفعل أعادت الإمارات العربية المتحدة فتح سفارتها في دمشق أواخر ديسمبر الماضي بعد إغلاقها لمدة سبع سنوات. ومن المتوقع أن تتبعها البحرين والكويت والمملكة العربية السعودية. وقام علي مملوك رئيس جهاز الأمن السوري ومستشار الرئيس السوري بشار الأسد, بعدد من الزيارات في الفترة الأخيرة إلي الرياض وأبو ظبي والقاهرة وزار عدد من الوفود السياسية والتجارية في الإماراتوالأردن ومصر ودمشق خلال الشهر الماضي. والأهم هو إعادة إعادة دمج سوريا في المنظمات العربية. مما يمنح دمشق شرعية إقليمية بعد ما يقرب من ثماني سنوات من الوعزلة. ويمهد الطريق نحو الاعتراف الدولي والتطبيع الذي تتوق إليه. وكجزء من هذا التقارب الإقليمي. تضغط كل من دول الخليج العربي ومصر والأردن علي الجامعة العربية لإعادة قبول سوريا التي عُلقت عضويتها بالمنظمة عام 2012 ويسعوا لحضور دمشق القمة السنوية التي ستُعقد في مارس القادم بتونس. إن الدافع وراء ذوبان الجليد السريع في العلاقات هو تحول ميزان القوي في سوريا وإعادة تقويم السياسة الخارجية العربية ويقول المراقبون والمسؤلون إنها خطوة سياسية محسوبة بعناية تهدف إلي احتواء التأثير الإيراني وتعظيم المكاسب الاقتصادية للسلام. يقول المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الأردني عامر سبايلة ل "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية. إن الحكومة السورية تعترف بأنه لا يمكن لإيران أو لروسيا أن تلعب دور الوسيط لمساعدتها علي التطبيع علي المستوي الدولي, فيجب أن يكون هناك أبطال جدد يتمتعون بالشرعية والمصداقية لإعادة تأهيل صورة الدولة سورية. لكن مع الوجود الإيراني الكثيف وعلاقاتها مع دمشق. لا تتوقع الدول العربية أن تستطيع منافسة طهران بين عشية وضحاها وينظرون إلي التقارب كمشروع طويل الأجل. يري عبد الخالق عبد الله. أستاذ العلوم السياسية والمحلل الإماراتي إنه لا توجد طريقة لمنع إيران من التأثير داخل سوريا. ولكن علي الأقل يمكن محاولة التخفيف من هذا التأثير بقدر المستطاع فالدول العربية لا تريد التخلي عن سوريا. يقول المسئولون العرب الذين اجتمعوا مؤخرا مع القيادة السورية إن الرئيس السوري بشار الأسد أرسل رسالة شخصية إلي ملك الأردن وزعماء الخليج يؤكد بها ان سوريا تود أن تنظر إلي الأمام. وليس إلي الوراء. يعارض كل من النظام السوري والخليج ومصر, نفوذ تركيا التي تدعم الجماعات الإرهابية, لهذا فهم ملتزمون بمنعها من الحصول علي موطئ قدم إقليمي في العالم العربي. الأمر الذي يخشون أن يكون بداية لمشروع توسعي إقليمي من قبل أنقرة. يقول جيورجيو كافييرو. الرئيس التنفيذي لتحليلات دول الخليج إن العالم العربي يعتبر سياسة أنقرة الخارجية في سوريا بمثابة تهديد كبير للشرق الأوسط. من ناحية أخري, تواجه دمشق مشروع قانون لإعادة إعمار سوريا بقيمة 400 مليار دولار ومع وقوع الشركات الإيرانية تحت ضغط العقوبات وقلة الموارد الروسية الاقتصادية. تظل الدول العربية واحدة من الحلول الرائدة لعملية إعادة إعمار ناجحة في سوريا.