يؤكد السوريون أن بلادهم لم تغير أيا من مواقفها لتحقيق تقارب مع الرياض، بينما لفت سياسيون ومحللون في دمشق إلي أن خيبة الأمل من مواقف الإدارة الأمريكية الداعمة لإسرائيل وضعف الواقع العربي في ظل الحضور الإقليمي الفاعل إيرانيا وتركيا فرضت تحقيق التقارب مع السعودية فيما أطلق عليه اللبنانيون معادلة س-س أي سوريا- السعودية والتي من شأنها أن تعيد الدور الفعال للوساطة العربية بعد فترة من الانكماش شهدت صعوداً إيرانياً وتركيا. وقام العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة هي الأولي له إلي دمشق منذ توليه العرش عام 2005. وأكد والرئيس السوري بشار الأسد بعد جلستي محادثات مغلقة وموسعة الحرص علي استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين في جميع الملفات، كما أكدا علي تعزيز العمل العربي المشترك خدمة لمصالح الأمة. من جانبه أكد معاون وزير الخارجية السوري الأسبق الدكتور عيسي درويش إن المعطيات الدولية والإقليمية فرضت علي البلدين تجاوز خلافاتهما. ولفت إلي أن قيادتي البلدين وجدت أنه من المصلحة تحقيق التقارب لصيانة الوضع العربي ومنع انهياره وتقليل حجم الخسائر جراء حالة الجفاء الماضية. وتابع أن الدعم الأمريكي الأخير لإسرائيل وتغاضيها عن الاستيطان ومطالبها بالتطبيع دفعت إلي ضرورة تجاوز ما مضي. لكنه نفي أن تكون القيادة السورية غيرت من موقفها الثابت والإستراتيجي من مجمل رؤيتها لقضايا المنطقة. ورأي درويش أن التقارب الجديد يدفع باتجاه خلق فضاء عربي وإسلامي يضم تركيا وإيران، مشيرا إلي أن الإستراتيجية الأمريكية التي حاولت تصوير إيران كعدو للدول العربية باءت بالفشل. بدوره لفت نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب السوري الدكتور خلدون قسام إلي أن دمشق ليس في وارد تغيير أي من سياساتها. وأضاف إن اللقاء مع الرياض يستند إلي أسس واضحة تستشعر المخاطر الكبيرة التي لحقت بالقضايا العربية. وكانت المستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان أكدت عقب القمة السورية السعودية وجود نية قوية لخلق فضاء عربي يحاول الاستفادة من الطاقات العربية. وتابعت أن التنسيق يضاف إلي التنسيق الذي تقوم به سوريا مع الصديقتين تركيا وإيران. بدوره أكد رئيس مركز الشرق للدراسات الدولية الدكتور سمير التقي أن ملف التسوية والوضع الفلسطيني المتردي داخليا وفي مواجهة الاحتلال عامل رئيسي في التقريب بين سوريا والسعودية. وأوضح إن سوريا قادرة علي أداء دور مهم في تخفيف حدة التوتر السعودي مع إيران ومن مصلحتها القيام بذلك تعزيزا لأمن واستقرار المنطقة وبما يركز الجهود تجاه العدو الوحيد لدول وشعوب المنطقة إسرائيل..ورأي التقي أن تطورات عملية التسوية أثبتت للعرب ضرورة التجمع والتلاقي من أجل حماية الحقوق الفلسطينية ومقدساتهم خاصة وأنهم طرحوا مبادرة تشكل الحد الأقصي الذي يمكنهم تقديمه. لكن التقارب بين البلدين لا يعني أن التباينات قد انتهت في ملفات مهمة ومعقدة.