كشفت تقارير إعلامية أن ثمة تحركات مكثفة تقوم بها أجهزة مخابرات الاحتلال الإسرائيلي “الموساد” ومخابرات الإمارات العبرية المتحدة، من أجل الالتفاف على المطالب الشعبية في السودان عبر الإطاحة بالرئيس عمر البشير وصناعة نموذج جديد على غرار رئيس الانقلاب في مصر الجنرال عبدالفتاح السيسي. وبحسب موقع “الخليج الجديد” نقلا عن مصادره الخاصة فإن لقاء رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني السوداني اللواء “صلاح قوش” برئيس الموساد الإسرائيلي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الذي انعقد الشهر الماضي كان بترتيب إماراتي. وأكدت تلك المصادر أن اللقاء تم بالفعل، رغم النفي السوداني الرسمي، وأنه جرى بدون علم الرئيس “عمر البشير” ضمن ترتيبات إماراتية تهدف لإقناع “واشنطن” ب”قوش” كبديل ل”البشير”. وتسعى الإمارات -حسب المصادر ذاتها- إلى الاستفادة من حالة الزخم الشعبي السوداني المعارض ل”البشير” واستغلالها للإطاحة به، شريطة أن يكون “قوش” هو البديل القادم. وفسرت المصادر هذا التوجه بأن “قوش” توطدت علاقته بشكل لافت مع السعودية والإمارات، وأن ذلك بات معلوما بالضرورة في الواقع السياسي السوداني، ولم يعد مفاجئا أو سرا. بينما تبرر الإمارات أفضلية “قوش” على “البشير” بأنه سيؤدي إلى وجود حزام في منطقة القرن الإفريقي وشمال إفريقيا يوالي واشنطن، ويرتبط بعلاقات جيدة مع (إسرائيل). ويشمل ذلك الحزام المزعوم إماراتيا كلا من مصر وليبيا (اللواء خليفة حفتر) بالإضافة إلى السودان حال الحصول على موافقة أمريكية والإطاحة ب”البشير”. وبحسب التقرير فإن المساعي الإماراتية تأتي في ظل تحسن علاقات “البشير” مع دول الخليج، وسعيه لتنميتها، وهو ما بررته تلك المصادر بأن أبوظبي لا تستطيع تجاوز علاقات “البشير” القوية بكل من تركيا وقطر وتعاونه العسكري والاقتصادي الواضح معهما. كما أن حكام الإمارات كذلك لا يزالون ينظرون إلى “البشير” باعتباره ذا مرجعية إسلامية، وحليفا لجماعة “الإخوان المسلمين” أو متقاربا معها في وقت من الأوقات، وهم لا يمكنهم عبور هذه النقطة. وبحسب التقرير فإن هذه المصادر لم تكشف عن موقف الأمريكان وهل اقتنعوا بمشروع الإطاحة بالبشير وتعيين “قوش” أم لا، ورفضت تأكيد أو نفي الأنباء الواردة عن اعتبار واشنطن “قوش” البديل المحتمل الأول حال سقوط “البشير”. كما رفضت تلك المصادر الرد عما إذا كانت القاهرة مقتنعة بذلك المشروع وتساعد على إتمامه أم أنها لم تعد تمانع فقط في الإطاحة ب”البشير”، مكتفية بالقول: “ليس ذلك واضحا بعد”. لكنها نفت أن تكون الحالة الشعبية في السودان مفتعلة، لافتة في الوقت ذاته إلى أن هناك أطرافا تحاول أن تستغلها وتقوم بتوظيفها وزيادة زخمها بشكل متعمد لزيادة الضغط على “البشير”. كان جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني نفى أنباء “قوش” برئيس الموساد الإسرائيلي، قائلا إن الخبر “عار عن الصحة”. النفي السوداني جاء في أعقاب نشر موقع “ميدل إيست آي” أن لقاء سريا عقد بين “قوش” ورئيس الموساد، الشهر الماضي. وأضاف الموقع، نقلا عن مصدر عسكري سوداني كبير، أن اللقاء تم في إطار سعي دول خليجية متحالفة مع (إسرائيل) إلى تنصيب “قوش” رئيسا بدلا من “البشير”، الذي يواجه خطر الإطاحة به من السلطة، خلال الفترة المقبلة. وأوضح التقرير، الذي أعده كل من “ديفيد هيرست” و “سايمون هوبر” و “مصطفى أبو سنينة”، أن اللقاء تم بتنظيم من وسطاء مصريين، وبدعم سعودي إماراتي. علاقة “قوش” بأمريكا وكان موقع “إنتلجنس أونلاين” الأمريكي، قد كشف في تقرير لها فبراير الماضي أن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وضعت رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني اللواء “صلاح عبدالله محمد صالح”، الملقب ب”صلاح قوش”، كبديل لرئاسة السودان، في حال سقوط الرئيس الحالي “عمر البشير”. وفقا لتقرير سري من سفارة دولة خليجية في واشنطن (لم يكشف عنها)، فإن وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) التي تشرف على العلاقات مع الخرطوم، لا تسعى إلى إحداث تغيير في النظام في السودان، لكن هذا لا يضمن ل”البشير”، دعما غير مشروط من الأمريكيين. تقرير السفارة، قال إن الحكومة السودانية تتعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية وتزودها بالمساعدة القيمة في الحصول على معلومات استخبارية عن حركة الشباب في الصومال وعن ليبيا وجماعة “الإخوان المسلمون” بشكل عام. ووفقا للتقرير، فإن وكالة الاستخبارات الأمريكية تتابع حركة الاحتجاجات بالسودان، وفي الوقت الذي تشعر فيه بأن هذه الاحتجاجات ستضعف موقف “البشير”، فإنها ستعمل على تسريع رحيله واستبداله. وأظهر التقرير أن الجنرال “قوش”، على علاقة جيدة مع دوائر المخابرات المصرية، سواء المخابرات العامة التي يديرها “عباس كامل”، أو دائرة المخابرات العسكرية برئاسة اللواء “محمد الشحات”. وحسب التقرير، فإن “قوش” خلال زيارته لواشنطن في سبتمبر الماضي، تعهد بأن السودان سيتعاون بشكل وثيق مع وكالة “CIA”، من خلال جهاز الأمن والمخابرات ومكتب الرئيس. وتابع التقرير، أن “البشير” ليس على وشك التنحي، ويعرف أن بقاء نظامه يعتمد على استرضاء الرأي العام، وقد كان أول تحرك له هو اللجوء لحلفائه مثل تركيا والسعودية لطلب إمدادات الطوارئ من القمح والنفط. لكن محللين يرون أن هذه الحملة ضد “قوش” ربما تستهدف الفتنة بينهما من أجل تحريض البشير على قوش وإضعاف موقفه باعتبار أن قوش هو صاحب النفوذ الواسع والرجل القوي الذي يعتبر المؤسس الفعلي لجهاز المخابرات السودانية والذي يدعم نظام البشير وبسقوطه والإطاحة به فإن ذلك ينذر بقرب الإطاحة بالبشير. ينحدر “قوش” البالغ من العمر 62 عاما، من قبيلة “الشايقية”، وهي من أكبر القبائل السودانية وأكثرها نفوذا، حيث ولد بقرية البلل (شمال) في معقل قبيلته، وعاش صباه في مدينة بورتسودان (شرق)، بعد أن استقرت بها أسرته، ودرس بها المرحلة الثانوية، التي التحق خلالها بالإسلاميين. وهو أستاذ رياضيات عرف ب”الذكاء الخارق”، ودرس في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم.