على غرار وقف بطاقات التموين لملايين الفقراء، يسعى نظام الانقلاب العسكري لأداء نفس اللعبة مع الغلابة، من خلال وقف المعاشات لعشرات الآلاف من أصحابها الذين لا تتعدى معاشاتهم بضع مئات الجنيهات، بدعوى مراجعة بياناتهم وتحديثها، وهي نفس المبررات التي توقفت بها بطاقات الملايين من الأسر المحرومة، لتصفية الدعم نهائيا، في الوقت الذي ضاربت فيه حكومات العسكر بأموال المعاشات في البورصة، ثم تسعى الآن لحرمان أصحابها وتجويعهم، بعد مخطط جديد كشفت عنه وزير التضامن بحكومة الانقلاب بأنه سيتم استثمار أموال المعاشات لزيادة أرباحها. ولم تكن هذه المرة الأولى التي يسعى نظام الانقلاب لإذلال أصحاب المعاشات، فدائما ما يتعمد إهانتهم وحرمانهم من حقوقهم، حيث قام في العيدين الماضيين (الفطر والأضحى) بتعمد صرف المعاشات بعد انتهاء إجازة العيد، بزعم أن القانون يمنع صرف المعاش قبل المواعيد المحددة لها، الأمر الذي أدى لحرمان ملايين المصريين من أصحاب المعاشات ويقدر عددهم بتسعة ملايين أسرة، من الإنفاق وشراء احتياجاتهم الأساسية في العيد. تجويع الغلابة إلا أن هذه المرة كشفت أن تعمد وقف معاشات الآلاف من الفقراء، ما هو إلا مخطط لتجويع الغلابة مجددا، بمبررات مختلفة، والسطو على مليارات المعاشات التي استولت عليها حكومات الانقلاب، بعدما شهدت الجلسة العامة في برلمان العسكر، أمس الاثنين، هجوم من قبل نواب البرلمان أنفسهم، ضد وزيرة التضامن الاجتماعي، غادة والي، لوقف صرف معاشات التضامن الاجتماعي لقطاع كبير من مستحقيها، بدعوى مراجعة البيانات. كان قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي قد كلف بعمليات مراجعة جميع الأسر التى تحصل علي معاشات، وتنقية بيانات المستفيدين من برنامج “تكافل وكرامة” دورياً حتى يتم تحديث البيانات والتأكد من استحقاق أصحاب المعاشات. وفوجئ الألاف من الغلابة بوقف صرف معاشاتهم، دون أسباب، الأمر الذي أدى لحالة من الغضب بين الغلابة، فيما ردت وزير التضامن بمبرراتها السابقة، على الرغم من استحقاقهم للمعاش في مواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار. ونقلت وسائل إعلام الانقلاب عن نائب برلمان الدم عبد المنعم العليمي إن “هناك ظلماً يقع على أصحاب المعاشات في جميع المحافظات، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها الدولة، وموجة الغلاء المتصاعدة”، مضيفا “نسبة الزيادات في المعاشات ضئيلة جداً مقارنة بارتفاع الأسعار، ويجب وضع خطة لزيادة المعاشات، على ضوء المعاناة المعيشية لملايين المصريين من مستحقي المعاش”. كانت المحكمة الأدارية العليا قد أجلت الحكم في قضية العلاوات الخمس لأصحاب المعاشات ليوم 17 يناير القادم، فيما أجلت قضية الحد الادنى للمعاشات إلى يوم 17 ديسمبر المقبل. تكافل وكرامة وقال النائب في برلمان العسكر، محمود رشاد إن وقف صرف المعاشات لا يمكن استيعابه، خاصة أن نواب برلمان السيسي يتلقون العديد من الشكاوى من المواطنين. كما استنكر النائب صبحي الدالي إلغاء الدعم النقدي للأرامل والمطلقات، بزعم بحث الحالة الاجتماعية لهن. وقال أحمد العرجاوي عضو برلمان العسكر إن معاش “تكافل وكرامة” لا يصل إلى مستحقيه، ويحصل عليه أصحاب الحيازات الزراعية. كانت وزارة التضامن الاجتماعي بحكومة الانقلاب قد أوقفت صرف الدعم النقدي لنحو 270 ألف أسرة مستفيدة من برنامج “تكافل وتكامل” في محافظة السويس، في الوقت الذي لا يجد الغلابة ملاذا أخر سوى ملاليم الحكومة التي يحصلون عليها من خلال معاشاتهم المستحقة. وقال أحمد خليل عضو برلمان العسكر: “بلاش قسوة القلب على المصريين، ويجب على الحكومة إعادة إدراج أسماء المواطنين الذين تم وقف معاشاتهم مرة أخرى، خاصة أن هذا المعاش لا يتعدى 300 جنيه شهرياً فقط”. وأضاف أنه بالرغم من زعم الحكومة تخصيص 17 مليار جنيه لمظلة التضامن الاجتماعي في الموازنة الجارية، فقد تم حرمان الأرامل والمطلقات، والأسر الأكثر احتياجًا منها. الاشتباكات المالية إلا أن غادة والى وزيرة التضامن بحكومة الانقلاب أصرت على موقفها، وقالت إن وزارتها تعمل مع وزارتي المالية والتخطيط بحكومة الانقلاب على إعداد تصور شامل لحل الاشتباكات المالية المتعلقة بمنظومة المعاشات، وسبل استثمار أموالها دون التأثير على عجز الموازنة، وزعمت أن النظام حريص على الزيادات السنوية لأصحاب المعاشات، دون تحميل ميزانية الدولة أعباء إضافية”. وقالت والي إن أموال المعاشات في صكوك الخزانة العامة تصل إلى 392 مليار جنيه بفائدة تبلغ 9%، وكشفت : “طالبنا وزارة المالية بحكومة الانقلاب بزيادة العائد على هذه الصكوك، إلا أن الأوضاع الاقتصادية حالت دون ذلك”، مستدركة: “وزارة المالية ملتزمة بسداد العوائد، وتوفير أموال المعاشات في الأوقات المحددة… وأموال المعاشات في بنك الاستثمار تصل إلى 77 مليار جنيه، وقيمة المديونية تصل إلى 57 مليار جنيه… ونحصل على فائدة من بنك الاستثمار تصل إلى 11%”. وتعمل دولة الانقلاب على إدارة أموال المعاشات، حيث تدير دول أموال المعاشات من خلال مؤسسات خاصة، وقد تم المضاربة بها في البورصة خلال عهد مبارك، ثم يسعى السيسي للاستفادة بهذه الاموال ونهبها من خلال استثمارها في مشروعاته الفاشلة.