ظل القلق الصهيوني المستمر من "القنبلة الديموجغرافية" الفلسطينية، يتفوق على خوفه من الحروب العسكرية مع الجيوش العربية، إذ إن تزايد المواليد الفلسطينيين مقابل الصهاينة، واستمرار الرفض الصهيوني للانسحاب من الأراضي المحتلة، والقبول بفكرة الدولتين، يجعل الفلسطينيين أكبر عددًا من الصهاينة ومن ثم يسيطرون على مؤسساتها. وفي أعقاب كشف نواب الكنيست ارتفاع عدد سكان الضفة وغزة إلى قرابة 4.5 مليون نسمة (3 ملايين في الضفة و1.5 في غزة)، وارتفاع عدد السكان الفلسطينيين الإجمالي (بعد ضم مليون فلسطيني داخل الدولة الصهيونية) إلى 5.5 مليون نسمة، وتساوي هذا العدد مع الإحصاءات الصهيونية التي تتحدث عن عدد سكان إجمالي يعادل 6.5 منهم 1.8 مليون فلسطيني (أي أقل من 5 مليون يهودي)، عاد الحديث بقوة عن القنبلة الديموجرافية الفلسطينية التي ستنفجر في وجه الاحتلال قريبًا. تسريع حل الدولتين لذلك حذر مسئولون صهاينة للمرة الأولى الثلاثاء 27 مارس 2018، من استمرار فكرة ضم الفلسطينيين إلى إسرائيل ودعوا إلى تسريع حل الدولتين وفق اتفاقية، معربين عن الهلع الإسرائيلي من أن يؤدي ضم الفلسطينيين عنوة إلى إسرائيل، لزيادة عدد السكان الفلسطينيين والذي تساووا لأول مرة مع اليهود. وقال عمير بيرس، وزير شئون البيئة الإسرائيلي: إن هذه المعطيات يجب أن تضيء ضوءًا أحمر. من الواضح أن في هذه الوتيرة لن تبقى إسرائيل دولة يهودية ونحن نسير في الطريق إلى حل الدولة الواحدة، وفق رؤية عزمي بشارة. كما حذر عضو لجنة الخارجية والأمن عوفر شيلح من هذه الأرقام، قائلاً: إن أهمية هذه المعطيات هي: إذا لم ننفصل عن الفلسطينيين، فلن تصبح إسرائيل دولة يهودية (في حالة قمنا بضم الضفة). 5.5 مليون فلسطيني في مواجهة أقل من 5 ملايين يهودي وقد أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، 28/3/2018 إلى "الجدل الصاخب في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية على خلفية معطيات جديدة تؤكد تساوي عدد اليهود والعرب في الأراضي المحتلة". وقال نائب مدير مكتب منسق شئون الحكومة الإسرائيلية في الأرضي المحتلة أنه بحسب سجل السكان الفلسطيني، الذي يسجل الولادات والوفيات، يسكن في الوقت الحالي نحو 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية مقارنة بمليون قبل نحو 25 سنة، بالإضافة إلى أكثر من مليوني فلسطيني يسكنون في قطاع غزة، وأكد أن هذا العدد لا يشمل السكان العرب في إسرائيل والفلسطينيين سكان القدسالشرقية، الذين يبلغ عددهم، بحسب مكتب الإحصاء المركزي، 1.8 مليون فلسطيني. وقام أعضاء الكنيست بإضافة ال5 ملايين فلسطيني في الضفة وغزة إلى ال1.5 مليون فلسطيني في إسرائيل والقدسالشرقية والتوصل إلى استنتاج فحواه أن عدد السكان اليهود والعرب بين النهر والبحر متساو الآن، إذ إن تقرير مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي لسنة 2017 أشار إلى أن عدد اليهود في هذه المنطقة يبلغ 6.5 مليون نسمة. وكان مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني أصدر، في ديسمبر 2016، بيانًا توقّع فيه أن يكون عدد الفلسطينيين في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة حتى نهاية سنة 2017 مساويًا لعدد اليهود في المنطقة ذاتها، وأن يصل إلى 6.58 مليون نسمة. وقال رئيس لجنة الخارجية والأمن عضو الكنيست آفي ديختر [الليكود] إنه في حال كون هذه المعطيات صحيحة فهذا مفاجئ ومقلق، وطالب وزارة الدفاع بأن تقدّم هذه المعطيات في إطار تقرير رسمي. وقالت عضو الكنيست تسيبي ليفني "المعسكر الصهيوني" إنه حان الوقت لكي يدرك الإسرائيليون عواقب المساواة الديموغرافية، وأنه إذا لم تستيقظ إسرائيل من أوهام ضم الضفة الغربية، كما ينادي اليمين، فستخسر الأغلبية اليهودية. تزوير الإحصاءات وتحاول سلطات الاحتلال تزوير إحصاءات السكان للتغلب على ذلك؛ ففي ذكري نكبة فلسطين العام الماضي رقم 69 والتي يسميها الاحتلال الاسرائيلي (يوم عيد الاستقلال) زعم موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية أن "عدد سكان إسرائيل نحو 8 ملايين و680 ألف شخص"، 74.7% منهم يهود، 20.8% فلسطينيين، والباقي 4.5% من المسيحيين وديانات أخرى. تعارض هذا التعداد مع دراسات فلسطينية وإسرائيلية تؤكد تناقص السكان اليهود وتغلب فلسطينيو الأراضي المحتلة على السكان اليهود عام 2025، وأن هذا سبب تفكير الاحتلال سابقًا في فكرة الدولتين أو تبادل فلسطينيي الأرض المحتلة 48 بمستوطني الضفة، أثار تساؤلات. ولكن جاء الاعتراف بتزوير هذه النسب من أكبر صحيفة اسرائيلية؛ حيث شكّكت صحيفة هآرتس، في المعطيات الرسمية التي نشرتها "دائرة الإحصاء المركزية" الإسرائيلية، مشيرة إلى أنها تنطوي على "تضخيم لنسبة المكوّن اليهودي". وبحسب "هآرتس"؛ فإن "كل جهات الإحصاء الحكومية شريكة في التضليل الذي يحصي عدد اليهود والعرب بشكل مختلف"، وأنها "تتضمّن معلومات غير دقيقة ومخادعة، تحوله من تقرير إحصائي جاف إلى وثيقة دعائية ساخرة"، على حد وصفها. الصحيفة شرحت كيفية التضليل بقولها: "دائرة الإحصاء الإسرائيلية تحصي اليهود في كل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، من نهر الأردن وحتى البحر، لكنها تحصي العرب الذين يقيمون داخل الخط الأخضر فقط (الارض المحتلة 67)، وكذلك سكان القدسالشرقية وهضبة الجولان. استبعاد الفلسطينيين أما ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة فتبقيهم خارج الإحصائيات، وهكذا تصبح المستوطِنة اليهودية في الخليل كأنها ضم حدود دولة إسرائيل، ويتم شملها في المعطيات، بينما لا يتم إحصاء الفلسطينيين الموجودين في نفس المكان بالخليل أو غيرهم في الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل!. وتنفي الصحيفة أن يكون ذلك عن جهل من دائرة الإحصاء الإسرائيلية لعدد الفلسطينيين الذين يعيشون في المدن الفلسطينيةالمحتلة في الضفة؛ لأن "إسرائيل تسيطر على سجل السكان لدى السلطة الفلسطينية في الضفة وحتى في غزة، ولكنهم لا يريدون نشر ارقام السكان الفلسطينيينح لأن معنى هذا سيقلص عدد الغالبية اليهودية بنسبة ضخمة". وبلغ عدد الفلسطينيين في العالم نهاية عام 2016، 12 مليون و700 ألف نسمة، بحسب إحصاءات جهاز "الإحصاء المركزي الفلسطيني"، منهم 4 ملايين و88 ألف في مناطق السلطة الفلسطينية (الضفة وغزة)، ومليون و53 ألفًا بالداخل المحتل عام 1948، وما يُقارب ال5 ملايين و59 ألفًا في الدول العربية و696 ألفًا في دول أجنبية. وهو ما يعني أنه لو تم إضافة عدد فلسطينيي الضفة الغربية وحدهم للإحصاء الاسرائيلي لبلغ عدد الفلسطينيين تحت الاحتلال في الضفة واسرائيل لأكثر من 6 ملايين مقابل 6 ملايين يهودي أيضا تقريبا، أما لو تم ضم سكان غزة ايضا لتفوق الفلسطينيون على اليهود في كل اراض فلسطينالمحتلة. القنبلة الديموجرافية تورقهم وسبق أن حذر خبراء اسرائيليين من القنبلة الديموجرافية الفلسطينية، وقال الخبير العسكري الإسرائيلي في صحيفة "معاريف" ألون بن دافيد إن المعطيات الرقمية الفلسطينية تثير قلق الإسرائيليين؛ لأن عدد سكان قطاع غزة تجاوز حاجز المليونين، وهم ينضمون إلى 3 ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية، بجانب 1.8 مليون عربي يعيشون داخل إسرائيل. واعتبر أن ذلك يعني أن إسرائيل تواجه 6.68 ملايين فلسطيني يعيشون بين الأردن والبحر المتوسط، مقابل 6.419 ملايين يهودي يعيشون في إسرائيل (بحسب ارقام 2016)، وهو ما يعني وجود أغلبية عربية، وهذه الأرقام يجب أن تشكل قلقا على مستقبل إسرائيل كدولة يهودية، بحسب تعبيره. هل تقضي الديمجرافية على الاحتلال؟ برغم كل المعارك وكل حروب التحرير التي تخوضها المقاومة الفلسطينية والعربية ضد السرطان الصهيوني التي انتشر منذ عام 1948 كالورم في فلسطينالمحتلة وتمدد حتى طال دولا عربية أخري مثل مصر وسوريا ولبنان والأردن، فقد كشفت قوانين الطبيعة الإلهية مؤخرا عن سلاح أو قنبلة واحدة قادرة على محو هذه الدولة الصهيونية واندثارها. هذه القنبلة هي ما سمي ب "القنبلة الديموجرافية"، التي تعني ببساطة تناقص طبيعي لعدد سكان الدولة الصهيونية بفعل نقص مواليد اليهود وبفعل توقف الهجرة اليهودية من العالم لإسرائيل، والأهم بدء هجرة عكسية للإسرائيليين لخارج الدولة الصهيونية والعودة لبلادهم في أوروبا وروسيا مرة أخري، والسبب هو تدهور الأمن في هذه الدولة وانهيار فكرة أن الدولة العبرية هي أرض اللبن والعسل وأنها أرض الأمان. وفي ظل تراجع نسبة المواليد اليهود إلى 1.2% سنويًّا، مقابل 3.94% بين الفلسطينيين، وفق إحصاءات فلسطينية وإسرائيلية، أصبحت الدولة الصهيونية تعتمد في تعويض هذا النقص على المهاجرين اليهود الجدد، إلا أنه طبقًا للإحصاءات الصادرة عن وزارة الهجرة الصهيونية فإن معدل المهاجرين ظل يتناقص حتى وصل في 2007 لأدنى مستوياته منذ العام 1988، مسجلاً ما يقرب من 16 ألف مهاجر فقط. وقد اشار الخبراء الديمجرافيين الإسرائيليين، إلى أن عدد الفلسطينيين في مجمل الأراضي المحتلة سيفوق عدد اليهود، وأن عدد السكان العرب سيفوق الصهاينة في مجمل أرض فلسطينالمحتلة عام 2025. القنبلة الديمجرافية هي بالتالي واقع حقيقي وسلاح طبيعي سيقضي علي الدولة الصهيونية في نهاية المطاف، حتى لو صمدت في وجه المقاومة الفلسطينية العاتية.