كذّبت صحيفة هآرتس" الاسرائلية ما زعمه موقع وزارة خارجية الاحتلال أن "عدد سكان إسرائيل نحو 8 ملايين و680 ألف شخص"، 74.7% منهم يهود، 20.8% فلسطينيين، والباقي 4.5% من المسيحيين وديانات أخرى . وجاء هذا التصريح بمناسبة ذكرى نكبة فلسطين ال 69 التي يُسميها الاحتلال "الإسرائيلي" (يوم عيد الاستقلال) الذي يصادف أمس الثلاثاء القادم 2 مايو. وأثار إعلان الخارجية بزيادة عدد سكان اليهود الكثير من التساؤلات من حيث تعارض هذا التّعداد مع دراسات فلسطينية و"إسرائيلية" تُؤكّد تناقص السكان اليهود وتغلُّب فلسطينيي الأراضي المحتلة عليهم عام 2025، وأن هذا سبب تفكير الاحتلال سابقاً في فكرة الدولتين أو تبادل فلسطينيي الأرض المحتلة 48 بمستوطني الضفة. ولكن جاء الاعتراف بتزوير هذه النِّسَب من أكبر صحيفة "إسرائيلية"، حيث شكّكت صحيفة "هآرتس"، في المعطيات الرسمية التي نشرتها "دائرة الإحصاء المركزية" الإسرائيلية، مُشيرة إلى أنها تنطوي على "تضخيم لنسبة المُكوّن اليهودي". ويزعم الإحصاء "الإسرائيلي" ارتفاع عدد سكان "إسرائيل" عام 2016 بنحو 159 ألف شخص، بنسبة 1.9%، وُلد منهم في "إسرائيل" نحو 174 ألف طفل، وتوفي نحو 44 ألف شخص، وقَدِمَ مهاجرون يُقدّر عددهم بحوالي 30 ألف شخص، وأنه في عام 2048 – وهي السنة التي ستحتفل "إسرائيل" فيها بمرور 100 عام من الاستقلال – سيصل عدد السكان إلى 15.2 مليون شخص. وبحسب "هآرتس"؛ فإن هذه "المعطيات المُشوّهة ليست اختراعاً جديداً؛ فدائرة الإحصاء المركزية تضم المستوطنين إلى سكان "إسرائيل" منذ 1972، ومنذ ذلك الحين كانت كل جهات الإحصاء الحكومية شريكة في التضليل الذي يُحصي عدد اليهود والعرب بشكل مختلف". كيف يُضلّلون العالم بالأرقام؟ ولكن صحيفة "هآرتس" قالت في مقالها الافتتاحي (الأحد) أن ما اعلنته دائرة الإحصاء والخارجية "الإسرائيلية" "أرقام مُضلّلة"، مُؤكّدة أنها "تتضمّن معلومات غير دقيقة ومخادعة، تُحوّله من تقرير إحصائي جافٍّ إلى وثيقة دعائية ساخرة"، على حد وصفها. الصحيفة شرحت كيفية التضليل بقولها: "دائرة الإحصاء الإسرائيلية تُحصي اليهود في كل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، من نهر الأردن وحتى البحر، لكنها تُحصي العرب الذين يُقيمون داخل الخط الأخضر فقط (الارض المحتلة 67)، وكذلك سكان القدسالشرقية وهضبة الجولان". أما ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة فتُبقيهم خارج الإحصائيات، وهكذا تُصبح المستوطِنة اليهودية في الخليل كأنها ضمن حدود دولة "إسرائيل"، ويتم شملها في المعطيات، بينما لا يتم إحصاء الفلسطينيين الموجودين في نفس المكان بالخليل أو غيرهم في الضفة الغربية التي تحتلها "إسرائيل"!. وتنفي الصحيفة أن يكون ذلك عن جهل من دائرة الإحصاء "الإسرائيلية" لعدد الفلسطينيين الذين يعيشون في المدن الفلسطينيةالمحتلة في الضفة؛ لأن "إسرائيل تُسيطر على سِجل السكان لدى السلطة الفلسطينية في الضفة وحتى في غزة، ولكنهم لا يُريدون نشر أرقام السكان الفلسطينيين؛ لأن معنى هذا أنهم سيعترفون بتقلُّص عدد اليهود بنسبة ضخمة". وبلغ عدد الفلسطينيين في العالم نهاية عام 2016، 12 مليون و700 ألف نسمة، بحسب إحصائيات جهاز "الإحصاء المركزي الفلسطيني"، منهم 4 ملايين و88 ألفاً في مناطق السلطة الفلسطينية، ومليون و53 ألفاً بالداخل المحتل عام 1948، وما يُقارب ال 5 مليون و59 ألف في الدول العربية و696 ألف في دول أجنبية. وهو ما يعني أنه لو تمَّ إضافة عدد فلسطينيي الضفة الغربية وحدهم للإحصاء "الإسرائيلي" لبلغ عدد الفلسطينيين تحت الاحتلال في الضفة و"إسرائيل" لأكثر من 6 ملايين مقابل 6 ملايين يهودي أيضاً تقريباً، أما لو تمَّ ضمّ سكان غزة أيضاً لَتفوَّق الفلسطينيون على اليهود في كل أراضي فلسطينالمحتلة. القنبلة الديموغرافية! الطريف الذي يكشف غباء الاحتلال هو ما كشفته صحيفة "هآرتس" أن دائرة الإحصاء "الإسرائيلي" تُحدّد مساحة الأراضي التي تتحدّث عن السكان فوقها ب 22.072 كيلو متراً مربعاً، ولا تشمل بالتالي الضفة وقطاع غزة، ما يطرح سؤال: هل لا تعترف "إسرائيل" باحتلالها للضفة في هذا الاستطلاع؟. وفي هذا الصدد تساءلت الصحيفة: "هل تعتبر الأراضي في الضفة الغربية جزء من "إسرائيل" أم لا؟ ولِمَ يتم شمل المستوطنين في الإحصائيات القومية، بينما لا يتم شمل أراضي المستوطنات؟ هل يعيش المستوطنون في الهواء؟"، على حد قولها!. وسبق أن حذَّر خبراء "إسرائيليون" من القنبلة الديموغرافية الفلسطينية، وقال الخبير العسكري "الإسرائيلي" في صحيفة "معاريف" "ألون بن دافيد": إن المعطيات الرقمية الفلسطينية تُثير قلق "الإسرائيليين"؛ لأن عدد سكان قطاع غزة تجاوز حاجز المليونين، وهم ينضمون إلى 2.9 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية، بجانب 1.786 مليون عربي يعيشون داخل "إسرائيل". واعتبر أن ذلك يعني أن "إسرائيل" تُواجه 6.68 ملايين فلسطيني يعيشون بين الأردن والبحر المتوسط، مقابل 6.419 ملايين يهودي يعيشون في "إسرائيل"، وهو ما يعني وجود أغلبية عربية، وهذه الأرقام يجب أن تُشكّل قلقاً على مستقبل "إسرائيل" كدولة يهودية، بحسب تعبيره. وحتى حينما تحدَّث المكتب المركزي "الإسرائيلي" للإحصاء عام 2015 عن انخفاض معدل عدد الأطفال لدى الأمهات العربيات في "إسرائيل" ليتساوى لأول مرة مع معدل عدد الأطفال لدى الأمهات اليهوديات وهو 3.13 طفل، لم يُقلِّل هذا من مخاوف اليهود من تغلب العرب عليهم ديموغرافياً. وكان متوسط الولادة في الوسط العربي عام 2000، قد سجَّل 4.3 طفلاً للمرأة الواحدة، في حين وصل متوسط الولادة عند المرأة اليهودية إلى 2.6 طفلاً في المعدل، ومنذ ذلك الحين، ضاقت الفجوة بين الجانبين مع تراجع معدل الولادة في الوسط العربي مقابل ارتفاعها في الوسط اليهودي بشكل حادٍّ إلى أن بلغت حدّ التساوي. ويُشكّل ما تبقَّى من فلسطيني الأرض المحتلة في فلسطين 48 التي يُطلق عليهم "الأقلية العربية" داخل الدولة الصهيونية نحو 1.4 مليون نسمه ما نسبته 20% تقريباً من مجموع سكان الدولة العبرية، وهؤلاء هم الذين لم ينزحوا عن مدنهم وقُرَاهم أثناء نكبة عام 1948. ويقطُن معظم هؤلاء في مدن الشمال في المنطقة التي تُعرَف ب "الجليل"، وفي المنطقة الوسطى المعروفة بالمُثلّث، إضافة إلى بعض المدن مثل "يافا" و"حيفا" و"عكا"، ويتوزّع السكان العرب الفلسطينيون إجمالاً على 7 مدن ونحو 115 قرية، وتُعتبر مدينة "الناصرة" هي مركز هذه الأقلية العربية ويقطنها قرابة 70 ألف نسمة.