دعا الفريق أول "عبدالفتاح السيسي" –وزير الدفاع والانتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة ونائب رئيس الوزراء المعين حديثا وهو الذي يحكم مصر حاليا بحكم الواقع وبقوته- المصريين إلى الاحتشاد في الشوارع المصرية بالأمس، لإعطاء القوات المسلحة ورجال الشرطة "تفويض" للقضاء على العنف والإرهاب المحتمل في البلاد. ومع هذه الدعوة، جاءت الإطاحة بالرئيس المدني المنتخب "محمد مرسي" في 3 يوليو الجاري متشابهة إلى حد كبير باستيلاء الجيش على الشرطة على غرار "جمال عبدالناصر"، وليس كما يدعي المعارضون العلمانيون ل"مرسي" بأن ما يحدث هو ثورة شعبية. كانت هناك بالتأكيد أدلة متزايدة على أن الحملة التي شنتها حركة "تمرد" بجمع توقيعات لسحب الثقة من "محمد مرسي" لم يكن الشباب المصريين وحدهم هم من أطلقوها، لكنها تلقت دعما كافيا من قوات الأمن الحكومية، والآن أصبح الجيش مسيطر على السلطة، كما أن الجيش سعى إلى حشد التأييد الشعبي من أجل إضفاء الشرعية على دوره السياسي. وتجعل مظاهرات الأمس خارطة الطريق نحو الحكم الديمقراطي أكثر صعوبة على المصريين لتنفيذها؛ حيث أن المظاهرات جاءت بمثابة استفتاء شعبي من أجل شن حملة تهدف خاصة جماعة الإخوان المسلمين، بما يتعارض مع الدعوات المتكررة التي أطلقها الرئيس المؤقت "عدلي منصور" من أجل المصالحة الوطنية. مصر تقف الآن أمام منعطف حاسم للديمقراطية؛ فيمكنها أن تنزلق بسهولة نحو تجديد الحكم الاستبدادي تحت وصاية عسكرية، ولم يخف العديد من مؤيدي نظام المخلوع حسني مبارك سرورهم من الأحداث الأخيرة، لكن مثل هذا النظام الجديد المتوقع سيكون أكثر قمعا من نظام "مبارك" نفسه؛ لأن الإسلاميين محتشدون ومنظمون في أماكن محددة وغاضبون من انتزاع السلطة منهم. وقد تختار مصر الاستمرار في طريق الإصلاح الطويل وتقبل التعددية والشكوك والتنازلات التي يفرضها مثل هذا النظام، والولايات المتحدة لا يمكنها أن تتخذ هذا القرار، لكن المسئولون الأمريكيون يجب عليهم أن يوضحوا للجيش المصري وداعميه أن واشنطن سوف تختار أصدقائها، وأن أصدقاء أمريكا ليس منهم أنظمة تكبح المشاركة الشعبية في الانتخابات لمصلحة تعبئة الشوارع التي هي سمة مميزة للاستبداد وليس الديمقراطية. يذكر ان الكاتبين الأمريكيين "ديفيد أوتاواي"، الصحفي والباحث الأمريكي بمعهد ويدرو ويلسون الدولي، و"مارينا أوتاواي"، خبيرة شئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.