ترصد بوابة "الحرية والعدالة "مقومات نزاهة وضمانات العملية الانتخابية وفقا للقانون والدستور ونزاهة عملية الدعاية الانتخابية وتكشف البلطجة السياسية المتمثلة في دعوة قلة لمنع الانتخابات بالقوة، ملف هام تفتحه الحرية والعدالة ونحن على بعد أسابيع من بدء انتخابات مجلس النواب. وفيما يخص مقومات نزاهة العملية الانتخابية رصد مستشارون وخبراء متخصصون في القانون الدستوري، ضمانات نزاهة العملية الانتخابية، التي أقرها الدستور والقانون، والتي تتمثل أبرزها في أنها: تخضع لإشراف قضائي كامل، وتديرها من الألف إلى الياء، اللجنة القضائية العليا للانتخابات، دون أي تدخل من أية جهة أو سلطة، فيما ينحصر دور "الداخلية" على حفظ الأمن وتأمين اللجان. فضلاً عن وجود ممثلين للمرشحين في جميع اللجان، بما يمنع أي تجاوز، ويسهل إثباته إن وقع، بالإضافة إلى حضور وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، عملية الفرز وإعلان النتائج، التي تعقد وفقًا للقانون والدستور في اللجان الفرعية، بما ينهي إلى الأبد عملية نقل الصناديق، أضف إلى هذا أن التصويت ببطاقة الرقم القومي يمنع ظاهرة الناخب الدوار، وكما أن إجراء التصويت في المرحلة الواحدة على يومين يساهم في توسيع دائرة المشاركة. في البداية، يرى الفقيه الدستوري، المستشار طارق البشري، أن الانتخابات يجب أن تتم وفقا لمواعيدها المقررة، والتي جاءت وفقا لما أقره الدستور، فلدينا دستور جديد يجب أن نسير عليه، يقر بوجوب بدء الإجراءات الخاصة بإجراء انتخابات مجلس النواب الجديد خلال شهرين من إقرار الدستور. وأشار البشري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الأسبق، في تصريح ل"الحرية والعدالة"، إلى أن "قانون الانتخابات جيد، ونأمل أن تتم به، ووفقا له، انتخابات نزيهة وحرة، ومعبرة عن حقيقة الرأي العام للشعب المصري". متفقًا مع البشري، يرى د.جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري بجامعة حلوان، أن من يدير العملية الانتخابية هي "اللجنة العليا للانتخابات"، وتتولى تنظيمها وتهيمن عليها كاملة باستقلالية تامة، وهذا بحد ذاته يحصنها من تدخل أي جهة، كما أنها تخضع لإشراف قضائي كامل، من خلال وجود قاضٍ على كل صندوق، بما يمنع بشكل حاسم وقاطع أي تدخل من أي نوع من قبل أجهزة الدولة أيا كانت، فالرئيس فقط يدعو للانتخابات، وبعد ذلك تتولى "العليا للانتخابات" تنظيم اللجان، والقضاة يشرفون على عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج. وأكد جبريل، عضو مجلس الشورى، "الحرية والعدالة" أنه لا مجال لتدخل أي سلطة أو جهة في العملية برمتها، في أية مرحلة من مراحلها، ودور وزارة الداخلية فقط التأمين وتقديم المساعدة للجان لتسهيل مهمتهم، موضحا أن حيادية أجهزة الدولة حقيقة، وتم رصدها بالفعل في الانتخابات السابقة (الاستفتاء/ البرلمانية/ الرئاسية). وبين أن عملية الفرز باللجان الفرعية وإعلان النتائج فيها ضمانة أساسية وانتهت عملية نقل الصناديق للجان العامة والتي كانت ثغرة كبيرة، تم سدها نهائيا، كما أن عملية التصويت بدءا من فتح اللجنة يحضرها ممثلي المرشحين، وهم ومعهم منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية ووسائل الإعلام يحضرون عملية الفرز وحتى إعلان النتيجة باللجان الفرعية. وشدد جبريل على أن هذه الضمانات مجتمعة تمنع أي ثغرة للتزوير، في أية مرحلة، حيث تكون العملية برمتها التصويت والفرز والنتائج تحت سمع وبصر القاضي، وأعين ممثلي المرشحين والمجتمع المدني والإعلاميين، بما لا يدع مجالاً للتشكيك في الإجراءات أو النتائج، لافتا إلى أنه من الطبيعي أن يساعد موظفين باللجان، ولكنهم تحت بصر القاضي والجميع طوال اليوم، وأن كل الضمانات قائمة بالفعل، ولا مبرر أبدا لمقاطعة الانتخابات. وبين أن الانتخابات ستتم وفق بطاقة الرقم القومي ووفق الجداول الانتخابية وقاعدة بيانات الرقم القومي تماما كما حدث بانتخابات الرئاسة والانتخابات التشريعية بما يمنع ظاهرة الناخب الدوار حيث أن لكل فرد رقم قومي واحد. وحول عدد الناخبين بكل لجنة فرعية بين جبريل أنها مسألة تتعلق بأعداد القضاة، وأن إجراء الانتخابات على يومين يوفر دائرة أوسع للمشاركة الشعبية والتصويت وقد شهدنا الطوابير الممتدة الواجب تمكينها من الإدلاء بالصوت. بدوره، أكد المستشار أحمد الخطيب رئيس بمحكمة استئناف، أنه لا صلة للحكومة بالإشراف على الانتخابات، لأن العملية برمتها بدءا من إعداد الكشوف وقواعد الناخبين وفتح باب الترشيح وإجراء الانتخابات والإشراف عليها وإعلان النتيجة، من اختصاص اللجنة العليا القضائية، والقضاء المستقل. ولفت الخطيب، في تصريح ل"الحرية والعدالة"، إلى أن مطالبة بعض القوى السياسية بضمانات للعملية الانتخابية هو أمر مشروع، لكنه يخفي بداخله محاولات لتعجيز الحكومة عن إجراء الانتخابات، وإخضاعها للابتزاز السياسي في تلك المرحلة الحرجة، لأن المطالبة بإقالتها- رغم التحفظات على أدائها- لا ينبغي ربطها بالعملية الانتخابية، لأنه لا علاقة للحكومة بإدارتها. ويضيف أن: قانون الانتخابات يكفل العديد من القواعد والضوابط الضامنة لنزاهة الانتخابات، فعلى كل صندوق قاض، بالإضافة إلى أن المرشحين لهم وكلاء بداخل كل اللجان يتواجدون منذ بدء العملية ويتأكدون من خلو الصناديق من أي بطاقات تصويتية، ثم عملية الفرز وإعلان النتيجة في حضورهم، بالإضافة لوجود الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، فضلا عن إجراء حصر الأصوات وتسليم صور رسمية من النتائج داخل اللجان الفرعية، وكلها ضمانات لم توجد قبل الثورة. وقال الخطيب: إن أي حزب قوي له تواجد في الشارع بإمكانه أن يقوم بتوزيع مندوبيه داخل كل اللجان لمراقبتها لحظة بلحظة وإثبات أي تجاوزات محتملة، مؤكدًا أن ضمانات عدم التزوير متوفرة، ويبقى على كل قوة سياسية النضال لاكتساب ثقة المواطن، لتكون جديرة بالحصول على صوته الانتخابي، وتنال شرف تمثيله، ومن ثم إدارة شئون البلاد. وأوضح أن وزارة الداخلية لا علاقة لها نهائيا بالانتخابات حيث تتواجد خارج مقرات اللجان ولا يجوز تحميلها أو إلقاء الاتهامات عليها بسبب ذلك الصراع السياسي، أما تعيين الموظفين داخل اللجان فهم مصريون، قطعا لكل منهم آراءه الخاصة التي لا يمكن الحجر عليها، لكن الضامن الأساسي لضبط إيقاع العملية الانتخابية تواجد القاضي ووكلاء المرشحين، والحرص على عدم زيادة أصوات المقيدين بكل لجنة حتى يتسنى لرئيس اللجنة بسط رقابته الفعلية على الموظفين، فالرقابة للقاضي، وأيا كانت طبيعة هذا الموظف سيخضع لرقابته المباشرة، ومن يشهد أي تجاوز عليه اثباته وتوثيقه فورا. وبين عدم وجود إرادة ممنهجة للتزوير، وهناك إرادة سياسية لإجراء الانتخابات بنزاهة وبتعدد أطراف العملية الانتخابية المشاركة فيها قضائية ومجتمع مدني ومرشحين ومؤيديهم أنفسهم يعد بذاته ضمانة ولا يجرؤ أحد على التجاوز ولن يجرؤ أحد على ارتكاب أي تجاوز في ظل هذا التعدد والتنوع. واختتم الخطيب تصريحاته قائلاً: إن دعوات إقالة الحكومة تصطدم مع حقائق تاريخية ثابتة قبل الثورة وبعدها، فلم تكن هناك حكومة بمشاركة للإخوان عام 2000 و2005 عندما حققوا فوزا ملحوظا في عهد المخلوع، ولم يكن لهم تمثيل في الحكومة بعد الثورة أثناء تولي المجلس العسكري إدارة البلاد، ورغم ذلك اكتسحوا انتخابات الشعب والشورى والرئاسة. ضمانات نزاهة الدعاية الانتخابية وتحجيم خطورة المال السياسي وحول ضمانات نزاهة عملية الدعاية الانتخابية طالب قانونيون وخبراء بضرورة وضع ضوابط ومعايير محددة للدعاية الانتخابية، تشمل إجراءت قانونية وأطر أخلاقية وإعلامية، تضعها "اللجنة العليا للانتخابات" بما يضمن مراقبتها لمصادر تمويل الحملات الانتخابية، وضمان الالتزام بالحد الأقصى الذي تضعه وعدم تجاوزه، وتفعيل عقوبات الجرائم الانتخابية، وكذلك تغليظ عقوبة الرشاوى بما يحجم خطورة المال السياسي. وطالبوا في تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة" بوضع ميثاق شرف إعلامي ولجنة لرصد التجاوزات وضمان حيادية أجهزة الإعلام وتوقف عملية تشويه المنافسين ونشر الشائعات الكاذبة، وضع مدونة سلوك انتخابي للمرشحين والناخبين، بما يجعل أساس الانتخابات النزول للشارع والالتصاق بالجماهير وليس المال السياسي أو الرشوة الانتخابية، وأنه لابد من عدم استخدام المنابر الدينية بالدعاية ولكن بشرط أن تكون ملزمة للجميع على السواء. في البداية دعا فيصل السيد المحامي، عضو اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة، "اللجنة العليا للانتخابات" بوضع ضوابط للدعاية الانتخابية وضمانات تكشف مصادر تمويل الدعاية والإنفاق للمرشح سواء للفردي أو القائمة وضرورة مراقبة اللجنة العليا لهذه المصادر مع تفعيل دور الأجهزة الرقابية عن طريق "اللجنة العليا"، خاصة وأن الجميع يعلم وجود مال سياسي كبير. وأوضح السيد أن قانون الانتخابات وقانون مباشرة الحقوق السياسية أوكل للجنة العليا وضع معايير وضوابط العملية الانتخابية برمتها بما فيها الدعاية والجرائم الانتخابية، مشيرا إلى أن رقم الحد الأقصى للدعاية تحدده اللجنة العليا ويختلف من انتخابات لأخرى لأن النفقات والأسعار متغيرة ولكن القانون مستمر، والأهم من الرقم هو ضمانات عدم تجاوزه أو الالتفاف عليه، وهوا ما تتفق عليه كل القوى السياسية. وأعرب عن خشيته من استغلال المال السياسي والرشاوى الانتخابية وشراء الصوت الانتخابي قبل أو أثناء الانتخابات، وهو ما يجب التصدي له، ومعرفة هل ينفق من ماله الخاص أم أنها تبرعات بشفافية ليعلم الناخب من وراء المرشح ومن يدعمه، مدللاً بالتجربة الأمريكية حيث كان للرئيس أوباما قبل انتخابه صندوق للتبرعات معلوم، وكذلك بالانتخابات الرئاسية المصرية حيث قام كل مرشح رئاسي بفتح حساب للدعاية وتمت مراقبته من اللجنة العليا بالفواتير، مشددا على أن الشعب في النهاية هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة مطالبا إياه بألا ينساق خلف مال سياسي أو شعارات كاذبة. وطالب السيد باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه ظاهرة نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة وتشويه الطرف المنافس، وتفعيل عقوبات الجرائم الانتخابية ومنها الاعتداء على المسيرات الانتخابية وتمزيق اللافتات والدعاية. من جانبه يقول أحمد فودة، مدير مركز النخبة للدراسات بالقاهرة، إن عملية ضبط مخاطر المال السياسي بالعملية الانتخابية وتحجيمه لأقصى حد هو أمر ممكن من خلال عوامل كثيرة أخلاقية وسياسية وقانونية وإعلامية. وأضاف أن الجانب القانوني في تحديد الحد الأقصى للإنفاق مقرر بقانون مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، ولكنه لم يوضح كيفية ضبط الحد الأقصى وكيفية ضمان عدم تجاوزه، وهي قضية تحتاج إلى لوائح تنفيذية بقرارات إدارية يمكن أن تتولاها "اللجنة العليا للانتخابات" لأنها الجهة المنوط بها إدارة الانتخابات كاملة، بحيث تضع ضوابط للكشف عن مصادر تمويل الدعاية والحملات الانتخابية وإثباتها بأوراق ومستندات رسمية وغيرها من الآليات ومنها تخصيص شركات ومؤسسات للدعاية معلوم نفقاتها وحدود تكلفة المؤتمرات الانتخابية فيها بشكل موثق. وأوضح فودة أن المشرع حين وضع الحد الأقصى للدعاية الانتخابية كان يعلم أنه رقم ليس كبير ولكن المشرع لا يريد جعل المال أساس العملية الانتخابية، ولكنه يريد أن يجعل الأساس هو النزول للشارع والالتصاق بالجماهير، وليس الرشوة الانتخابية سواء قبل أو أثناء الانتخابات. وحذر مدير مركز النخبة من تردي الإطار الأخلاقي الحاكم وغياب العامل الأخلاقي لضبط الدعاية الانتخابية بسبب الصراع السياسي القائم مطالبا بميثاق شرف أخلاقي يضع ضوابط أخلاقية لعملية الإنفاق ومدونة السلوك الانتخابي سواء للمرشحين أو الناخبين، مثمناً رفض استخدام المنابر الدينية في الدعاية ولكن بشرط أن تكون ملزمة للجميع على السواء. وكشف فودة أن الصراع السياسي سيلعب دور في إذكاء وزيادة دور "المال السياسي" كعامل خطير وهو ما استغله المرشح السابق للرئاسة أحمد شفيق ولعب دورا كبيرا في حصد وحشد أصوات لصالحه، لافتا إلى أن الضوابط في مجملها لن تؤدي لإلغاء دور المال السياسي ولكنها تحجمه وتحد منه بصورة كبيرة مما يجعل تأثيره على النتيجة في حده الأدنى. وطالب فودة بوضع ميثاق شرف إعلامي فيما يخص الدعاية الانتخابية بما يضمن "حياد أجهزة الإعلام" الحكومية والخاصة بحيث لا تقوم بدور سلبي أو إيجابي، مشيرا للحوار الوطني الذي طالب إعلام الدولة بمنح فرص ومساحات متساوية ومتزامنة للجميع. ونبه إلى خطورة دور وسائل الإعلام الخاصة لأنها الأقوى والأكثر تأثيرا على الساحة والتي لازالت تتخذ موقفا سلبيا تجاه التيار الإسلامي وتعمل على تشويه صورته ورموزه وتوجه له اتهامات وتروج حوله فزاعات كثيرة يمكن أن تؤثر على توجهات وخيارات الناخبين، أما د.نرمين الأزرق، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فترى أنه فيما يتعلق بالدعاية الانتخابية لابد من احترام أخلاقيات التغطية الإعلامية أثناء فترة الانتخابات، وأهمها أن يكون هناك توازن بوسائل الإعلام الحكومية والخاصة مادامت تعلن موقفها بأنها مستقلة ولا تمثل حزب أو تيار أو شخص بعينه، ويترتب عليه إعطاء مساحات متساوية لمختلف التيارات والتوجهات والبرامج وتغطي الفعاليات المختلفة وإذا أخلت بالموضوعية ينطوي ذلك على خداع للجماهير، كذلك الإعلامي إذا أعلن أنه ليس له انتماء حزبي معين فلا يجب انحيازه لتيار بعينه. وأضافت الأزرق أنه يستثنى من كل ما سبق الصحف الحزبية بشرط إعلانها أنها لسان حال تيار أو حزب بعينه لصعوبة تحقيق التوازن فيها لأنها ملتزمة ببرنامج حزبها وتوجهاته وأعضاءه وطبيعي تخصيص مساحات أكبر لهم وليس في ذلك خداع للجماهير. وطالبت الأزرق بالتركيز على النقد البناء للأداء والرؤى والتوجه والبرنامج والفكرة وليس الأشخاص، محذرة من خطورة وقوع حالات سب وقذف أو تجريح أو إهانة أو كيل أي اتهامات بلا مستندات أو دليل، وتعميم الأحكام، مشيرة إلى أن ذلك يعد ذلك ضربا للخصم السياسي بتوقيت حساس للغاية يؤثر على الناخب وللأسف هي ظاهرة منتشرة الآن ببعض البرامج والصحف. ودعت إلى وضع ميثاق شرف إعلامي يضع ضوابط ملزمة للجميع وشعاره "الحرية تدعمها المسئولية وإلا تنتشر الفوضى الإعلامية"، ودعت لتشكيل لجنة متخصصة ترصد التجاوزات والمخالفات والشكاوى. منع الانتخابات بالقوة بلطجة سياسية ورصدت الحرية والعدالة ما ظهر في الآونة الأخيرة ضمن دعوات "العصيان المدني بالقوة الجبرية"، تهديدات بمنع الانتخابات البرلمانية بالقوة في بعض المحافظات منها الغربية وتحديداً بالمحلة الكبرى، حيث تحاول بعض التيارات السياسية تعطيل هذا الاستحقاق الانتخابي ومنع استكمال الدولة لمؤسساتها المنتخبة من الشعب، وأكد الخبراء أن هؤلاء هم رأس الحربة للثورة المضادة وفلول النظام البائد الذين يسعون لنشر الفوضى والعنف وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. ومن هذه التيارات التي أعلنت محاربتها للانتخابات المقبلة، أكد اتحاد "حماة الثورة"، الذى يضم عدد من الائتلافات منها "ثوار مصر"، و"مصابو ثورة 25 يناير" أنه لن يسمح بإجراء الانتخابات البرلمانية ولو على جثث أعضائه وذلك في اجتماع عقده يوم السبت الماضي، وقال محمد رمضان، أمين عام اتحاد حماة الثورة: "لن نسمح بانتخابات برلمانية قبل تنفيذ مطالب الثورة". يذكر أن اتحاد "حماة الثورة" سبق أعلن دعم الفريق احمد شفيق مرشحا للرئاسة في جولة الاعادة حينما قال رمضان:" إن الانتخابات الرئاسية مرت جولتها الاولي نزيهة وما يحدث الان من اعتراضات هو خروج علي الديمقراطية التي يطالب بها الشعب، والصندوق الانتخابي يلزم الجميع باحترام الارادة الشعبية". من جانبهم كشف خبراء قانونيون وسياسيون أن هذه الدعوات تخرج من قلة ولا تعبر عن رأي الشارع الذي يلفظها ويرفضها بشدة ولكن ما يضخمها هي الأبواق الإعلامية الداعمة لها، وأن مثل هذه الأفعال تخرج مع كل استحقاق انتخابي يستهدف تفزيع الناخبين، وطالبوا باتخاذ إجراءات وقائية واحترازية تمكن الناخبين من حقهم في الإدلاء بصوتهم، وتأمين العملية الانتخابية من قبل الجيش والشرطة، وإعمال القانون بحزم لمواجهة أي عنف أو بلطجة وفق قانون العقوبات ومباشرة الحقوق السياسية. في البداية أوضح المستشار محمود فرحات، مستشار بهيئة قضايا الدولة، أن دعوات منع الانتخابات بالقوة في إطار ما يسمى ب"العصيان المدني" بعدد من المحافظات، لا تمثل سوى قلة قليلة تثير اللغط واللبس عبر أبواق إعلامية تضخم حجمها، وهي في الحقيقة بلا مؤيدين ولا تعبر عن مطلب شعبي بأي حال، لأن رجل الشارع يريد الاستقرار والأمن وتعافي الاقتصاد ولقمة العيش والذي يسهم فيه بقوة انتخاب مجلس النواب كخطوة نهائية، بحيث يكون ممثلا لهم ومسئولاً أمامهم وعنهم ويمكن محاسبته بشكل نظامي ومؤسسي. ودعا فرحات الحكومة أن تبدأ في اتخاذ عدة إجراءات للتعامل مع هذه الدعوات من الآن عن طريق تطبيق القانون بحزم وقوة في مواجهة الخروج على الدولة وتعطيل مصالح الشعب، مشيراً إلى أن إجراءات التحضير والاستعداد للانتخابات تبدأ تدريجياً وما يحدث من اقتحام الدواوين ومباني المحافظات ومنع الموظفين عن العمل وطردهم وتهديدهم يعد عرقلة حقيقية تعوق إتمام العملية الانتخابية بمواعيدها المقررة وطالب فرحات بضرورة وضع استراتيجية وتدابير احترازية وتوفير بيئة مناسبة لحماية الانتخابات والقضاة والناخبين بتأمينها من الجيش والشرطة، وعدم الاكتفاء بالعقوبات المقررة بقانون العقوبات وقانون مباشرة الحقوق السياسية والتي ستفعلها اللجنة العليا للانتخابات، مقترحاً توسيع حرم الكردونات الأمنية المحيطة باللجنة بحيث تؤمن الناخبين بنطاق واسع، وببوابات محددة وإدخال من معه بطاقة واسمه بالكشوف، داعياً لتخفيف حدة الاحتقان السياسي وإزالة أسبابه لتفويت الفرصة على تكتل الفلول وبعض وسائل الإعلام المضللة والبحث عن إعلام بديل نزيه. من جانبه كشف أسامة صدقي رئيس اتحاد محامين بلا حدود، أن تهديد البعض بمنع إجراء انتخابات مجلس النواب بالقوة أمرا متوقعا في إطار محاولات نشر العنف والفوضى والعمل على استمرارها وتوسيعها وفرضها على الجماهير، بهدف منع أي استقرار مؤسسي بالبلاد. وأوضح أن أصحاب هذه الدعوات هم رأس حربة للثورة المضادة والفلول ومن يرفض شرعية الصندوق ويعطي ستارا سياسيا للعنف، ومن المعروف أن هناك ترتيب ممنهج لسيناريو الفوضى بين الثورة المضادة والداعين لمنع الانتخابات بالقوة خاصة مع الاقتراب من كل استحقاق يكون الكلمة فيه للشعب، حيث أن من مصلحتهم جميعا إدخال مصر في حلقة مفرغة من العنف وصنع تبرير له، وتعمد تجاهل أي إيجابيات أو مكتسبات للثورة تتحقق على الأرض. وطالب صدقي بضرورة اتخاذ إجراءات أمنية وقائية مسبقة تحسبا لتنفيذ أيا من هذه الدعوات وإعلان ذلك لإجبارهم على التراجع، مشدداً على أن أي خروج عن سلمية التظاهر والعصيان المدني السلمي أثناء الانتخابات يجب مواجهته والتصدي له بقوة القانون، مستنكرا خلط الأوراق والتدليس على الرأي العام بزعم أنه "عصيان مشروع" بينما الحقيقة أن أي استخدام للعنف والقوة الجبرية لمنع المواطنين من إبداء الرأي بالانتخابات هو جريمة مجرمة بقانون العقوبات. وأشار صدقي إلى أنه إذا تعلقت أعمال العنف بالقضاة أو رجال الأمن فإنها تعد مقاومة للسلطات وتعرض لموظف عام لأن التعرض لهم جميعا يعد جريمة تدخل تحت تصنيف أعمال بلطجة منصوص عليها بقانون العقوبات وليست عصياناً، موضحا أنها جرائم جنائية تصل عقوبتها للأشغال الشاقة في حالة استخدام السلاح سواء أبيض أو ناري، وإذا ترتب عليه جرح، أو جريمة الشروع في قتل أو قتل بالفعل هنا قد تصل العقوبة للإعدام . واقترح صدقي على الداعين لمنع الانتخابات بالقوة أن يعملوا بالشارع وعلى توعية الناخبين والانتشار بالقرى والنجوع والعشوائيات وتكوين قواعد شعبية وطرح بدائل للتنمية وخوض الانتخابات بقوة بدلا من منعها بالقوة. أما شيماء بهاء الدين – باحثة بمركز الحضارة للدراسات السياسية – فتقول إن الدعوة للعنف مرفوضة جملةً وتفصيلاً من جميع الأطراف سواء الشعب أو الدولة، وتضيف:"شهدنا منذ بداية المرحلة الانتقالية أنه مع أي استحقاق سواء انتخابات أو استفتاء يتم تصدير خطابات إعلامية تقول باحتمالات أن يرافق الاستحقاق أحداث عنف، إلا أن هذا والحمد لله لم يحدث، نتيجة حرص المواطنين على المشاركة إضافة إلى اتخاذ التدابير الأمنية الكافية". وتابعت: "ولكن ما نلحظه الآن من تصعيد يتمثل في دعوات لمنع انتخابات مجلس النواب بالعنف من قبل بعض الأطراف في بعض الأماكن (كالمحلة الكبرى)، حتى وصل الأمر إلى مطالبة معارضين بمحاصرة اللجنة العليا للانتخابات لمنعها من أداء عملها لها العديد من التداعيات السلبية فإنه يهدف مباشرة لإثارة الخوف لدى المواطنين بما قد يجعلهم يحجمون عن المشاركة، والأخطر أن هذه الدعوات غير المتزنة تبدد قوة الشارع التي اكتسبها مع ثورة الخامس والعشرين من يناير". ودعت بهاء الدين لبحث كيفية التصدي لنبرة ومظاهر العنف المتزايدة، وقالت إن هذا يكون على مستويين الأول، قصير المدى يستوجب من الكيانات السياسية والمجتمعية والإعلامية ذات المصداقية مثل "جبهة الضمير" وتنسيق حملة لرفض العنف ورأب الصدع، فضلا عن التدابير القانونية والأمنية، أما على المدى الطويل، يجب إعادة صياغة مفاهيم الاختلاف والتنافس والتوافق والمعارضة بحيث تتجاوز الانطباعات التقليدية عن حتمية الصراع، كما ينبغي على جميع القوى السياسية حسن استثمار طاقات الشباب في الاتجاه الصحيح.