فى خبر نُشر منذ عدة أيام، أعلنت رئاسة الجمهورية أنها كلفت وزارة الداخلية بمراقبة نشاط (290) ضابطًا من ضباط جهاز مباحث أمن الدولة المنحل؛ منهم من لا يزال يعمل فى (الأمن الوطنى)، ومنهم من تم نقله إلى مصالح أخرى تابعة للوزارة، ومنهم من انتهت خدمته.. وجميعهم متهمون -منذ تولى الدكتور مرسى رئاسة الجمهورية- بالتخطيط وارتكاب أعمال العنف والتخريب التى شملت قطاعات الجمهورية كافة. كنا نود من رئاسة الجمهورية أن تعطى تفصيلات أكثر حول هذا الموضوع، وأن توضِّح حجم هذه المؤامرة، ثم تكون هناك خطوات عملية نحو تطبيق القانون على هؤلاء المجرمين، لا أن يُكتفى بصدور تعليمات لمراقبة أنشطتهم التخريبية، ففى هذه الحال سوف يأخذون حذرهم، وسوف يبعدون عن أنفسهم التهم، والرئاسة تكون -فى هذه الحالة- هى المتهمة بالتفسير التآمرى للأحداث. أنا على يقين تام بصدق ما قالته الرئاسة، وأجزم بأن ما يحدث فى طول البلاد وعرضها هو (سيناريو) من إعداد وتنفيذ مجرمى هذا الجهاز الذى كان وصمة عار أزالتها ثورة يناير المباركة، بل لا أبالغ إذا قلت إن السبب الرئيسى فى قيام هذه الثورة هو هذا الجهاز الذى استخدمه النظام البائد لملاحقة الأحرار وتجفيف منابع الدين. ومن يعرف عقيدة الجهاز المنحل ويعرف ضباطًا عملوا فيه، لا يشك لحظة فى أن أصابع التخريب التى تحاول إسقاط الدولة الآن هى أصابعهم النجسة، لقد أنفق المخلوع على هؤلاء الضباط أموالا طائلة، هى أموال الشعب؛ كى يصنع منهم أنصاف آلهة يدينون بالولاء لعرشه، ويسبحون بحمده، ويقتلون من يشاء ويحيون من يريد، أما عقيدتهم فكانت عقيدة الساديين الشواذ، انتزعوا منهم ضمائرهم، وأفزعوهم من الدين، وكرّهوا إليهم الحلال، من خلال عمليات غسيل مخ على مستوى عال، ودورات تأهيلية وبرامج علمية أجريت فى أمريكا وغيرها من الدول الغربية، فكان أحدهم كالشيطان، فى هيئته وغروره وكبره. وللعلم فإن هناك (تار بايت) لهؤلاء الضباط على جماعة الإخوان المسلمين، وليتخيل القارئ الكريم أن ضابطًا صغيرًا فى الجهاز، قد لا يتعدى رتبة الملازم أول أو النقيب، كان يأتى بالعضو من الإخوان، قياديًّا أو غير قيادى، فيعذبه عذابًا شديدًا، ويسمعه من فحيحه وشتائمه وسبابه ما تقشعر منه الجلود، وربما أغلق شركته أو فصله من عمله أو لفق له قضية، وفى النهاية لا يُسأل هذا المجرم عما يفعل، بل قد ينال الترقية والثواب.. واليوم تغير الحال، فصار هؤلاء المجرمون تحت حكم الإخوان، لا سلطان لهم على أحد كما كانوا فى السابق، بل ضاعت مراكزهم، وفقدوا الامتيازات والاستثناءات والإتاوات التى كانوا يفرضونها على الجميع، وهم قد وقر فى نفوسهم أن الذى شتت شملهم هم الإخوان، أفلا يكونون حربًا عليهم الآن حتى يجلوهم عن الحكم؟! وحتى تعود إليهم مناصبهم ومخصصاتهم التى كانوا عليها؟! ومن ناحية ثانية، فإن هؤلاء الضباط على قناعة تامة -بسبب عمليات غسيل المخ التى أشرنا إليها وغياب الوازع الدينى- بأن الإخوان لا يصلحون لشىء، وأنهم أعداء الوطن، وأنه تجب محاربتهم بكل الوسائل والأدوات المشروعة وغير المشروعة، وقد سمعنا -قبل الثورة- ضابطًا كبيرًا فى هذا الجهاز الملعون، يصف الجماعة بقوله: «الإخوان كالتفاحة المعطوبة، ومصر كقفص الفاكهة، فإن لم نتخلص منهم عطبت مصر كلها»، هذا الفكر الغبى هو الذى يدير عمليات التخريب الآن التى ينفذها (300) ألف بلطجى تابعون للجهاز منذ سنوات، وكانوا بمثابة جيش مواز لقوات الداخلية. إن المظاهرت المفتعلة لأمناء وأفراد الداخلية هذه الأيام، ليس لها تفسير سوى أن ضباط هذا الجهاز قد نقلوا مخططاتهم وعملياتهم إلى داخل الوزارة نفسها، بعدما يئسوا من وزيرها الأخير الذى تعهد بحماية الرئيس والدفاع عن منشآت الدولة، وبدأ فى ملاحقة هؤلاء الفاسدين ومن يتعاون معهم داخل الوزارة، وقد ضيّق عليهم الخناق حتى بدأت مؤامراتهم تضعف حلقاتها يومًا بعد يوم. إن البيانات المتوافرة لدى الإعلاميين المأجورين، ولدى البلطجية الذين اعتدوا على مقار جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وما يملكه التنظيم الإرهابى (بلاك بلوك) من معلومات حول قيادات الإخوان، وغيرها من الشواهد -لتؤكد أن التنظيم السرى الساعى لإسقاط الدولة يديره ضباط أمن الدولة المرتزقة، الحاقدون على الإسلام والمسلمين، يعينهم بالتمويل والدعم الإعلامى والغطاء السياسى أطراف لم تعد خافية على أحد، على رأسها دول خليجية ومخابرات غربية، إضافة -بالطبع- إلى الصهاينة والأمريكان. فتشوا -يرحمكم الله- عن هؤلاء الساديين، واضبطوهم متلبسين بجرائمهم، وإن لم تفعلوا ضاع الوطن، فهؤلاء لا يعرفون وطنًا ولا يشعرون بانتماء، إنما انتماؤهم -الأول والأخير- لذواتهم الشاذة المريضة، ولصانعهم المجرم القابع فى مستشفى المعادى العسكرى.