خرجت مع أمى وإخوتى منذ يومين باتجاه قصر العينى، وعندما اقتربت من فندق سميراميس "المظلم" قُربَ كوبرى قصر النيل وكانت الساعة التاسعة مساء، استوقفنى "عيل" عمره لا يتعدى 15 سنة يرتدى قناع "بلاك بلوك"، وقف أمام السيارة ومعه 5 صبية لا تتعدى أعمارهم 7 أو 8 سنوات، وكان من الواضح أنهم من سكان "ضواحى" ميدان التحرير الجدد من الشمّامين والبلطجية والمسجلين خطر، الذين يهيمون على وجوههم فى المنطقة المظلمة التى كانت يوما جَنةً للسائحين! سألته –بعدما طلب إنزال زجاج السيارة–: "فى إيه"؟ فأدخل رأسه داخل السيارة، ثم قال: "أصل فى سيارات فيها أسلحة"! وتركنى أمرّ، واستمر يفعل الشىء نفسه مع باقى السيارات، ولا أثر للشرطة فى المنطقة! سألتُ مَن أعرفهم من شباب الثورة داخل صينية ميدان التحرير، وهم قلائل، وكان لهم دور فى حماية فندق سميراميس وشبرد من النهب الكامل الأسبوع الماضى عندما تصدوا للصوص نهبوا تحفا وأثاثا ب2 مليون جنيه، ودمورا الدور الأول واللوبى بخسائر 5 ملايين أخرى.. سألتهم: ماذا تعرفون عن هؤلاء الأولاد؟ فقالوا: إن الميدان ملىء بهم، وهم ينتشرون خصوصا فى أطراف الميدان عند مداخل وزارة الداخلية والجامعة الأمريكية وخلف "هارديز" وقرب كوبرى قصر النيل والجامعة العربية، وأغلبيتهم من الشمّامين وأطفال الشوارع ومغتصبى الفتيات، الذين وجدوا ضالتهم فى الميدان الخالى من الشرطة، حيث يفعلون ما يشاءون.. إدمان، اغتصاب، سرقة.. وعندما تأتى المسيرات التى تدعو لها جبهة "الخراب" يهتفون معهم –بعد أخذ المعلوم– "ثوار أحرار.. هنكمل المشوار"! ثائر آخر محترم –من الكثيرين الذين لزِموا بيوتهم بعدما انتشرت الفتن، وتحولت الثورة إلى أُلعوبة فى أيدى فلول الحزب الوطنى، و"طرح الشوارع" من البلطجية والصيّع– قال لى: إن هؤلاء هم مَن جرى استئجارهم لخلع باب قصر الرئاسة ب"الونش" الأسبوع الماضى، وإنهم شاهدوا بِأُم أعينهم بعض مدّعى الثورية من رجال الأعمال يدخلون ميدان التحرير ويوزعون الأموال على هؤلاء البلطجية المدمنين؛ ليوفروا لهم أجرة المبيت يوميا، والهتاف ضد الإخوان داخل الميدان، ويوفروا لهم المولوتوف والحجارة اللازمة ليضربوا بها الشرطة! وتابع: إن هؤلاء ينامون بالنهار ويستيقظون بالليل، يهيمون على وجوههم فى أطراف الميدان؛ بحثا عن أى سرقة أو شَمّة أو فتاة عابرة؛ ليغتصبوها، ويهددون رواد وموظفى مجمع التحرير باقتحامه وحرقه، وبعضهم ينام داخل مترو الأنفاق حتى تحولت أنفاق مترو التحرير إلى بيئة قذرة من القمامة والمستنقعات وسرنجات الإدمان، ناهيك عن تلطيخ حوائط المترو بالسباب والشتائم، التى يعفّ عنها اللسان. سألت أحد الثوار: ما الحل؟" قال: أن تتدخل الشرطة كما فعلت من قبل وتنظف الميدان من هؤلاء البلطجية والمسجلين خصوصا أنها تعرفهم؟ فقلت: ولكنكم تمنعونها من دخول الميدان، بل تقذفونها بالحجارة والمولوتوف إلى أطراف الميدان، واتفقنا على أنه لا بد من مبادرة من شباب الثورة الحقيقيين بإعلان إخلائهم الميدان تماما فترة من الوقت، والاتفاق مع الشرطة والمباحث وأجهزة المحافظة لدخول الميدان وتطهيره. لم يكتف الإنقاذيون بما حققوه من خراب وفوضى فى البلاد طوال الجمعتين الماضيتين.. ولكنهم دعوا لمزيد من التظاهر اليوم الجمعة لإكمال خلع باب القصر الرئاسى.. أهم إنجازاتهم حتى الآن، بخلاف إنجاز اغتصاب 23 فتاة داخل الميدان فى المليونية، التى دعوا لها يوم 25 يناير الماضى! يكذبون أمام الفضائيات ويقولون: إنهم لا يريدون إسقاط الرئيس الشرعى المنتخب، ثم يرسلون شبابهم لإشعال النيران فى القصر وإلقاء المولوتوف على الشرطة، وإحراق وقتل جنود الأمن المركزى أحياءً، ويرسلون "ونشا" لإسقاط بوابات القصر الرئاسى لاقتحامه، وقتل الرئيس!! يتاجرون بمسحول الاتحادية (الذى اكتشف أنه من جماعة "آسفين يا ريس"، وضُبِطَ يلقى مولوتوفا على القصر الرئاسى بحسب شهادة بوابة الأهرام)، ونسوا أنهم سَحلوا المحامى صبحى صالح، وحرقوا سيارته، ووضعوه على قضبان القطار، ولولا أن الأهالى أنقذته لمات، كما سحلوا عميد شرطة فى التحرير، وسرقوا مدرعته، ثم أحرقوها، وخرجوا يهتفون (الداخلية بلطجية)!! الحل هو إخلاء الميدان فورا، وترك أجهزة الدولة تطهره من المجرمين واللصوص والمغتصبين وسرنجات المخدر!