أكد المحامى اللبنانى "أسعد هرموش" النائب السابق بمجلس النواب وعضو المكتب السياسى للجماعة الإسلامية أن الوضع اللبنانى لصيق جدا بالوضع السورى والنظام السورى سعى منذ دخوله لبنان فى سبعينيات القرن الماضى إلى تعزيز وضع العلويين فى البلد وتسليحهم وتدريبهم واستخدامهم لتخريب الواقع السياسى الأمنى وتفجير الأوضاع فى طرابلس. وقال -فى حواره مع "الحرية والعدالة"-: إن طرابلس تلعب دورا أساسيا فى دعم الثورة السورية بجانب احتضانها لغالبية النازحين السوريين الذين بلغ عددهم حتى الآن نحو 75 ألف نازح، مشيرا إلى أن الحكومة لا ترغب فى تكرار إقامة مخيمات مثلما جرى للفلسطينيين، وتنظر بقلق إلى زيادة عدد اللاجئين خوفا من تغيير ديموجرافى فى البلاد بزيادة عدد المسلمين السنة. وفيما يلى نص الحوار.. · لماذا لبنان أكثر دول المنطقة تأثرا بالأوضاع فى سوريا؟ الوضع اللبنانى لصيق جدا بالوضع السورى، وهذا ناتج عن علاقة تاريخية طويلة كانت تربط بين البلدين منذ الاستعمار الفرنسى وصولا لاتفاقية الاستقلال وبعده الدخول السورى للبنان، وتأثيره المباشر فى الساحة اللبنانية بعد توقيع اتفاقية الطائف، وفى طرابلس هناك مشكلة مزمنة؛ فسكان طرابلس لم يكونوا يعرفون التمييز الطائفى بين منطقة باب التبانة وجبل محسن بين السنة والعلويين، حتى قدوم القوات السورية لبنان التى اندفعت باتجاه تعزيز وضع العلويين وتسليحهم وتدريبهم. ولطالما كان الأسد يستخدم هذه الموقع -جبل محسن- لتخريب الواقع السياسى الأمنى فى البلد وفى طرابلس تحديدا عبر باب التبانة التى كانت معروفة بولائها لمنظمة التحرير الفلسطينية حينها، وبعض القوى المعارضة للقرار السورى، وكانت هناك مشكلة دائمة ومستمرة، وهى أن طرابلس تتحرك عند ما يكون هناك توتر فى العلاقة اللبنانية السورية وما حصل قريبا لم يكن وليد اللحظة إنما هو نتاج تاريخى من خلاف قديم بدأ منذ بداية السبعينيات منذ دخول القوات السورية للبنان. وطرابلس تلعب دورا أساسيا فى محاولة دعم الثورة السورية ولطرابلس والحركة الإسلامية دور كبير فى احتضان غالبية النازحين السوريين، الذين بلغ عددهم حتى الآن نحو 75 ألف نازح، وتحولت طرابلس لحاضن أساسى بالدعم والإيواء، لأن لبنان ليس بها مخيمات لإيواء اللاجئين مثل تركيا والأردن، فلبنان البلد الوحيد حتى الآن الذى لم يتخذ قرارا بهذا الشأن، والحكومة لم توافق على إنشاء مخيمات للاجئين، الأمر الذى يجعل إيواء هؤلاء يقع على عاتق الأهالى بتأمين بيوت وأماكن لهم. لأن الحكومة حسب حساباتها لا ترغب فى تكرار إقامة مخيمات مثلما جرى للفلسطينيين، والحكومة كما هو معلوم تمثل كافة طوائف البلاد من مسيحيين وشيعة وسنة ودروز، وتنظر بقلق لزيادة عدد اللاجئين خوفا من تغيير ديموجرافى فى البلاد بزيادة عدد المسلمين السنة فى البلاد، لذلك ترفض إقامة مخيمات للاجئين، الأمر الذى يبقيه على عاتق الهيئات الشعبية. وطرابلس كانت لها موقف وسياسى وإعلامى داعم للثورة؛ حيث كانت تخرج مسيرات تأييد كل صلاة جمعة للثورة السورية، إضافة لإقامة المهرجانات وحفلات الدعم، كل أشكال الدعم هذه تمارسها طرابلس والحركة الإسلامية وهو ما أزعج النظام السورى الذى سعى إلى تفجير الأوضاع فى طرابلس لإرباك المدينة ومنعها من دعم الشعب السورى والثورة عبر منظومة جبل محسن العسكرية التى تأتمر بأوامره. · فى ظل ذلك.. ما الحل لمشكلة طرابلس؟ نحن فى طرابلس وقّعنا وثيقة مصالحة بإشراف الحكومة اللبنانية وقع عليها كافة الأطراف؛ من بينها الجماعة الإسلامية عام 2007، وبحضور كافة الأحزاب، لكن الأمور عادت لتنفجر فى طرابلس بعد أن احتدمت الأوضاع فى بيروت بعد أحداث اجتياح بيروت فى 2007، حينما اجتاح بيروتالغربية حزب الله والقوى الموالية له، وهذا يعنى أن الأرضية سياسية، بمعنى أنه عند ما تكون الأوضاع هادئة سياسيا تكون طرابلس هادئة، وعند ما تكون هناك تعقيدات واحتدام بالمواقف السياسية ترى القوى السياسية أن الساحة المهيأة لتفجير الأوضاع هى طرابلس كونها ساحة مهيأة وأقل كلفة، وهناك صراع تاريخى متراكم ودفين تعيشه تلك المنطقة. ويجرى الآن التحضير على نار هادئة وبعيدا عن الأضواء لإعادة إحياء المصالحة الطرابلسية التى جرت فى 2007، وتجرى اتصالات مع كافة القوى السياسية لمحاولة إقناع منطقة جبل محسن والحزب العربى الديمقراطى تحديدا بأن يعدل من موقفه السياسى. وكما قلنا لحزب الله: إنه لا مصلحة له بالارتباط بالقرار السورى، نقول للعلويين إن من مصلحتهم أن يكونوا فى انسجام ومصالحة مع جيرانهم الطرابلسيين -وهم أقلية فى المدينة- لأنهم حى واحد من 10 أحياء، ومن ثم لا مصلحة لهذا الحى أن يكون دائما مثارا للمشاكل فى جسم طرابلس، ولا من مصلحة العلويين أن يزج بهم فى معارك خاسرة؛ لأن الثورة السورية ستنتصر قطعا. · ما موقف حزب الله من اللاجئين السوريين؟ هناك انقسام حاد بين القوى السياسية فى لبنان، خاصة قوى 14 آذار، و8 آذار، وفى قوى 8 آذار حزب الله هو الراعى الأساسى لهذا التكوين السياسى الموالى لسوريا وعنده موقف من الثورة، وحتى الآن لم يجاهر حزب الله بموقف عدائى تجاه النازحين؛ لأنه يعتبر على حياء أن تقديم الدعم لهؤلاء النازحين واجب إنسانى، خاصة أن هناك تجربة سابقة فى حرب 2006 عند ما هاجمت إسرائيل لبنان نزح ما يزيد على نصف سكان لبنان إلى سوريا. ومن ثم استقبل الشعب السورى النازحين اللبنانيين وأكرم وفادتهم، لذلك تعتبر كل القوى السياسية فى لبنان -وحزب الله من بينها- أنه من الواجب تقديم الدعم للنازحين، لكنه يختلف فى الموقف السياسى من الثورة؛ فهو يعتبرها لكسر طوق الممانعة والمقاومة التى تشكل سوريا فى حسابات حزب الله أحد أهم ركائزها، كونها كانت تدعم المقاومة تسليحا ومساعدات لوجسيتة، ومن ثم يعتبر حزب الله أنه من الوفاء أن يرد الجميل. ونحن نصحنا الحزب فى جلسات متعددة أنه لا مصلحة للمقاومة اللبنانية أن ترتبط بعجلة النظام السورى الذى يتهاوى وينحدر للهاوية، ونحن قلنا للحزب: إنه لا مصلحة للمقاومة ولا لمشروع المقاومة فى لبنان والمنطقة أن يرتبط بنظام قمعى مثل النظام الأسد. وبالعكس يجب على المقاومة تحييد نفسها عن أن تكون فى مواجهة الضمير العربى، لأن كل الضمير العربى الذى وقف مع المقاومة وأيدها فى صراعها مع إسرائيل يقف الآن فى دعم الثورة السورية ضد نظام ظالم، ومن ثم ليس من المعقول أن تكون المقاومة التى آمنت بحق الشعوب فى الحرية أن تكون ضد حرية الشعوب وحقها فى الديمقراطية. · كيف أثرت الأوضاع فى الحكومة اللبنانية؟ الحكومة اللبنانية اتخذت قرارا حكيما عاقلا اعتمد على سياسة النأى بالنفس، الحكومة تنأى بنفسها أن تغرق فى الوحل السورى، فنظرا للانقسام اللبنانى بين مؤيد للثورة ومؤيد للنظام، كان من الحكمة ألا تتخذ الحكومة موقفا، خاصة أن الحكومة نتاج توازنات سياسية فى البلد، لكن الوضع اللبنانى كله يتأثر؛ لأن لبنان يعتبر الحديقة الخلفية لسوريا، ومن ثم لا يمكن أن تنفصل الأمور بعضها ببعض، وهناك حديث أن المنطقة كلها تتأثر بما يجرى فى سوريا.