فاجأت العملية التفجيرية النوعية التي حصدت أهم القادة العسكريين والأمنيين السوريين المقربين لبشار الأسد, دول العالم غربه وشرقه, كما ألقت بشظاياها الكثيرة علي الواقع اللبناني, حكومة وشعبا وموالاة ومعارضة, وأعادت حسابات الجميع، , بعدما ظلت الحكومة اللبنانية بقيادة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي منذ بداية الثورة السورية تنأي بالنفس بعيدا عن تأييد أو معارضة مايحدث في سوريا حتي تجنب لبنان الإنزلاق إلي المستنقع السوري,مدعومة بتأييد قوي الأكثرية التي تشكل هذه الحكومة والمكونة من قوي8 آذار التيار الوطني الحربقيادة العماد ميشال عون وحزب الله بقيادة أمينه العام السيد حسن نصر الله والمعروفة بتأييدها للنظام السوري وبشار الأسد. حيث شهدت الحدود اللبنانية السورية الرسمية نزوح مايقرب من30 ألف نازح سوري خلال ال48 ساعة التي اعقبت التفجير النوعي في دمشق, ممايذكر بمشهد نزوح اللبنانيين منذ ست سنوات خلال حرب اسرائيل علي لبنان في.2006 وتحت الضغط الشعبي الكبير قررت الحكومة اللبنانية النظر بعين العطف إلي النازحين الذين يشكل أغلبيتهم النساء والأطفال وكبار السن ففتحت لهم المدارس والجمعيات الخيرية التي كانت تفتح لهم غالبا ولكن بصورة أهلية من قبل في ظل النأي بالنفس الذي اتخذته الحكومة شعارا لها, ولكن الحكومة أيضا أوقفت الرعاية الصحية للنازحين السوريين نظرا للوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع الأسعار ومعاناة اللبنانيين اصلا من سوء الرعاية الصحية والخدمات, ونظرا لعدم توفير اعتمادات مالية خاصة للنازحين وهو مادفع جهات أهلية لتعوض تقصير الدولة وإحجامها عن تقديم المساعدة للنازحين في لبنان. ومن جانبه طالب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني, رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والنواب, ورئيس مجلس الوزراء والوزراء أن يفتحوا أبواب لبنان من شرقه وشماله وبقاعه وجهة جنوبه الشرقية لإخواننا السوريين الأشقاء. واذا كانت الحكومة اللبنانية قد نأت بنفسها عن الأحداث السورية لتجنيب لبنان الإنزلاق في المستنقع السوري علي مدي عام ونصف العام, فانها لم تستطع ان تمنع شظايا الأحداث السورية من الوصول الي العمق اللبناني, شمالا في طرابلس حيث تدور اشتباكات عنيفة أحيانا ومتقطعة أحيانا أخري بين المؤيدين للنظام السوري من العلويين في جبل محسن اللبناني وبين السنة المؤيدين للثورة السورية في باب التبانة, ولم يستطع الجيش اللبناني وقوي الأمن اللبنانية منذ اندلاع الأحداث من وقف الصراع بين فريقين لبنانيين متصارعين حول الأحداث السورية, وكذلك الحال في صيدا وبيروت. حيث تذهب الحكومة ومعها فريق8 آذار الذي يشكلها إلي دعم نظام بشار السد بالرغم من إعلانها موقف النأي بالنفس عما يحدث في سوريا, وبين فريق14 آذار تيار المستقبل وحزبا الكتائب والقوات اللبنانية الذي يدعم الثورة منذ اندلاعها, ويتهمه فريق8 آذار بأنه يدعم الثورة بالمال والسلاح وايواء المسلحين الهاربين من مطاردة كتائب الأسد لهم, مؤكدين أن ذلك يتعارض مع السياسة اللبنانية التي تؤكد أن لبنان لن يكون ممرا أومقرا لما يحدث في سوريا, وهو الأمر الذي لم تحافظ عليه الحكومة أو تنأي بنفسها عنه, بعدما حاصرها عشرات آلاف النازحين شمالا وجنوبا وبقاعا وعاصمة, ووضعها في حرج بالغ شعبيا وإقليميا ودوليا. ولبنان يدفع الثمن فادحا بالرغم من هذه السياسة, فعلي المستوي السياسي هناك معارك سياسية حامية بين قوي الأكثرية التي تشكل الحكومة وهي مكونة من قوي8 آذار التيار الوطني الحر بقيادة العماد ميشال عون, وحزب الله بقيادة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وبين الأقلية المعارضة خارج الحكومة وهي قوي14 آذار تيار المستقبل وحزبا الكتائب والقوات اللبنانية فالأولي تدعم النظام السوري وترفض استقبال النازحين السوريين بحجة أنهم مسلحون وهاربون من مطاردة الجيش السوري لهم, ويدخلون إلي لبنان بأسلحتهم مما يهدد الأمن والسلم الأهليين, ويضع لبنان في موقف العدو بالنسبة لسوريا, وتتهم الفريق الآخر بإيواء المسلحين ودعمهم بالمال والسلاح بمساعدة السعودية وقطر وتركيا,فيما يذهب فريق14 آذار إلي اتهام الفريق الآخر بأنه ضد الثورة وموال للأسد بل ويتلقي أوامر وأموالا من النظام السوري. ومع اشتداد وطأة الأحداث في سورية بعد الحادث الأخير الذي أودي بحياة أهم القادة العسكريين والأمنيين في النظام السوري, صعدت قوي المعارضة اللبنانية من لهجتها تجاه الفريق الآخر وانسحبت من طاولة الحوار التي كان الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان قد دعا إليه منذ شهرين, وعلي الجانب الاقتصادي تعيش لبنان حالة من الركود والكساد الإقتصادي الملحوظ, عقب القرارات التي اتخذتها دول الخليج السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت بمنع رعاياها من السفر إلي لبنان ودعوة رعاياها الموجودين بلبنان إلي مغادرته فورا خوفا علي حياتهم من عدم الاستقرار الأمني, وهو مايتنافي ويتناقض مع الواقع الحقيقي في لبنان بالنسبة للسياح عموما والعرب خصوصا, وهو الأمر الذي أدي إلي ضرب الموسم السياحي اللبناني في مقتل هذا الصيف. وعلي الجانب الأمني لاتزال حالة التأهب القصوي سارية المفعول بين صفوف قوي الأمن اللبناني والجيش اللبناني تحسبا لأية تطورات قد تطرأعلي الحدود بين سورية ولبنان, أو في الداخل اللبناني بين المؤيدين والمعارضين للثورة السورية. ومع أزدياد الضغط الدولي والشعبي علي نظام بشار الأسد بعد العملية الأمنية الاخيرة, أبدي السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله اللبناني ليونة في الحديث تجاه الخصوم التقليديين في الحياة السياسية اللبنانية خلال خطابه الأخير منذ أيام احتفالا بالذكري السادسة لحرب يوليو تموز بين إسرائيل ولبنان,حيث دعا وتبني ميثاق شرف يلتزم به حزب الله قبل الجميع.