جاءت تصريحات وزير الداخلية الصهيوني الأسبق عوزي برعام، أنه «لم يكن على سبيل الصدفة أن إسرائيل كانت آخر الدول التي أعلنت عن تضامنها مع الديمقراطية التركية، فالقيادة الإسرائيلية كانت معنية بنجاح الانقلاب؛ لأنها تعتقد أنه يخدم مصالحها»، بمثابة تأكيد رغبة إسرائيل العارمة على التخلص من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكم حزب العدالة والتنمية ذي الخلفية الإسلامية. وأكدت نخب إسرائيلية مهمة أن أهم سبب وراء رغبة تل أبيب في إنجاح الانقلاب في تركيا، هو الأمل في "ولادة سيسي جديد" في تركيا. في مقابلة أجرتها معه إذاعة "راديو تل أبيب"، صباح اليوم، بحسب تقرير للكاتب الصحفي الفلسطيني صالح النعامي، قال برعام: "لقد ذاقت إسرائيل طعم العوائد الإيجابية الهائلة من الانقلاب الذي قاده الجنرال السيسي، والذي أطاح بحكم الإخوان المسلمين، لذا فلم يكن يراودنا هنا أي شك في أن نجاح الانقلاب في تركيا سيحسّن البيئة الإقليمية لإسرائيل بشكل غير مسبوق". وأضاف برعام، الذي ينتمي لحزب العمل، أن نجاح الانقلاب في تركيا "يعني عودة العلاقات بين الجانبين إلى ما كانت عليه قبل العام 2002، قبل وصول الرئيس التركي طيب رجب أردوغان للسلطة، والتي "شملت أكثر مظاهر التعاون الأمني والإستراتيجي والاستخباري حميمية"، على حد تعبيره. وكرر برعام ما أكده كل المعلقين في إسرائيل، من أن اتفاق التطبيع الأخير بين أنقرة وتل أبيب "لا يلغي العداء الذي يكنه أردوغان، المتأثر بالإرث الديني الإسلامي المتطرف"، مشيرا إلى أن تراجع أردوغان وموافقته على التطبيع مع إسرائيل "مؤقت وفقط لمواجهة تبعات التحولات الجيوستراتيجية". رغبة«إسرائيلية» للتخلص من أردوغان وتأكيدا لهذا المعنى، قال الجنرال أهارون زئيفي، الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان": "لا شك في أن نجاح الانقلاب كان يحمل في طياته إحداث تحول هائل في البيئة الإقليمية والإستراتيجية لإسرائيل، حيث يمكن أن يتبلور محور تقوده ثلاث قوى إقليمية كبيرة، هي: إسرائيل وتركيا ومصر". وأشار زئيفي، الذي تحدث أيضا مع "راديو تل أبيب"، إلى أن استعادة إسرائيل أواصر "التحالف مع تركيا يمكن أن يدفع الكثير من دول المنطقة إلى إظهار علاقاتها مع إسرائيل إلى العلن، ما يحسّن من قدرتها على تحقيق مصالحها الإستراتيجية". ولفت زئيفي إلى أن أحد أهم المكاسب التي كانت "ستحققها إسرائيل من نجاح الانقلاب هو التوافق على تفاهمات مع تركيا حول الأوضاع في سوريا، من أجل درء المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها إسرائيل من وسط سوريا وشمالها". وضرب زئيفي مثالا ب"التفاهمات الصامتة" التي توصلت إليها إسرائيل والأردن بشأن الأوضاع في جنوبسوريا، والتي "نجحت حتى الآن في إبقاء المنطقة هادئة". دعم صهيوني كبير لانقلاب السيسي وكشف المحلل العسكري الإسرائيلي روني دانئيل- في حوار له على القناة الإسرائيلية الثانية- "أن السيسي أبلغ إسرائيل بالانقلاب العسكري قبل ثلاثة أيام من وقوعه، ودعاهم إلى ضرورة مراقبة حركة حماس خشية التدخل في الشأن المصري، وأضاف "الانقلاب العسكري جيد لإسرائيل، بل كان مطلبًا مُلحًا لها ولأمنها، وأن محمد البرادعي التقى نتنياهو قبل وبعد الانقلاب العسكري، ووعدته إسرائيل بمساعدتهم في الاعتراف بنظام الحكم الجديد من قبل الدول الغربية". وصرح المفكر الإسرائيلي بوعاز بسموت بأن "إسقاط مرسي مَثَّل نهاية الربيع العربي، وهذا يُمثل تحول إستراتيجيا يفوق في أهميته حرب عام 1967"، وأضاف "لقد غدا عبد الفتاح السيسي في بلاد النيل (مبارك جديد)، وهذا جيد بالنسبة لنا"، وقال "أودى سيغل"، المعلق بالقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي: "إن نتنياهو أكثر الناس سعادة على وجه الأرض بسقوط مرسي؛ لأن مرسي جرح كبرياءه خلال الحملة الأخيرة على غزة". بلغت سعادة إسرائيل مبلغًا عظيمًا لانقلاب الجيش على الرئيس مرسي، وطلبت من الأوربيين والأمريكيين أن "ادعموا السيسي في مواجهة الإخوان، فالاستقرار أهم من حقوق الإنسان"، وكتب أرئيل كهانا في صحيفة معاريف، "إن التعاون الأمني بين إسرائيل والجيش المصري لم يكن من العمق والاتساع في يوم من الأيام كما هو في هذه الأيام، وأن التعاون الأمني الذي يبديه الجيش المصري قد أسهم بالفعل في تحسين الأوضاع الأمنية في جنوب إسرائيل بشكل كبير". وذكر موقع "ميدل إيست مونيتور" أن السفير الإسرائيلي لدى القاهرة يعقوب أميتاي، أخبر وزيرًا مصريا في الحكومة المصرية المؤقتة أن شعب إسرائيل ينظر للفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، على أنه بطل قومي. وكتب المفكر الإسرائيلي آرييه شافيت: "إن الجنرال عبد الفتاح السيسي هو بطل إسرائيل"، وأضاف "لا يحتاج المرء أن يكون لديه عين ثاقبة بشكل خاص حتى يكتشف حجم التشجيع العميق والإعجاب الخفي الذي تكنه النخبة الإسرائيلية تجاه السيسي، الذي قام للتو بسجن الرئيس المنتخب الذي قام بتعيينه في منصبه، وفي إسرائيل لا يوجد أي جدل، كلنا مع السيسي، كلنا مع الانقلاب العسكري، كلنا مع الجنرالات حليقي اللحى"، وكتب دان مرغلت كبير معلقي "إسرائيل اليوم": "سنبكي دمًا لأجيال إن سمحنا بفشل الانقلاب وعاد الإخوان للحكم". كما أشادت دوائر صهيونية بالتغير الملحوظ على الدراما المصرية، من خلال مسلسل "حارة اليهود" الذي تم عرضه في رمضان قبل الماضي، وأظهر اليهود كأناس طيبين للغاية بل أفضل من التيارات الإسلامية. وبثت قناة الجزيرة تقريرا يفضح هذه الممارسات وعمليات غسيل الأدمغة؛ خدمة لمصالح تل أبيب والصهاينة. «10» إجراءات جعلت السيسي بطلا قوميا عند الصهاينة كان لزامًا على السيسي أن يرد الجميل للكيان الصهيوني بعد هذا الاحتفاء والترحيب والدعم الكبير له، فقام بخطوات لم يسبقه فيها أحد من قبله، حتى أصبح بمثابة مجموعة من الكنوز الإستراتيجية لإسرائيل وليس كنزًا واحدًا، أو كما وصفوه بأنه هدية السماء لهم، بحسب مقال للكاتب وليد شوشة على موقع "نون بوست"، يوم 28 مايو الماضي. يقول شوشة: «أول ما بدأ به حماية حدود وأمن إسرائيل بتهجير الآلاف من أهالي سيناء من بيوتهم بأوامر عسكرية، وتفجير 880 منزلًا متاخمًا للحدود، ليقيم الجيش منطقة عازلة بشكل دائم بعمق 300 متر على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة- خمسة كيلومترات- بداية من الساحل كمرحلة أولى، ويأتي هذا تأكيدًا لما صرح به في لقاء تلفزيوني "لا نسمح بأن أرضنا تشكل قاعدة لتهديد جيرانها، أو منطقة خلفية لهجمات ضد إسرائيل". ثانيًا: إضعاف الجيش بدخوله في حرب بغير عدو، والانشغال بالسياسة على حساب الجهوزية وحماية الحدود، فقال الجنرال رؤفين بيدهتسور: "إن تورط الجيش المصري في السياسة على هذا النحو سيضمن استمرار تفوقنا النوعي والكاسح على العرب لسنين طويلة". وقال دان حالوتس، رئيس أركان الجيش الأسبق لإذاعة الجيش الإسرائيلي: "أهم نتيجة لخطوات السيسي الأخيرة هي إضعاف الجيش المصري على المدى البعيد، وإسدال الستار على إمكانية تطويره". ثالثًا: إغراق الأنفاق مع قطاع غزة بمياه البحر المالحة، ما أضر القطاع المحاصر وأراضيه الزراعية وبنيته التحتية وأحدث انهيارات أرضية وتشققات بمنازل الفلسطينيين، وتبين فيما بعد أنها مطالب إسرائيل، والتي كشفها وزير الطاقة الإسرائيلي "بأن مصر أغرقت الأنفاق بين قطاع غزة وأراضيها بناء على طلب إسرائيل". رابعًا: تغيير المناهج الدراسية، وحذف كل ما يشير إلى الصراع العربي الإسرائيلي، أو اليهود، ومعارك المسلمين. خامسًا: تصريحات السيسي الدافئة تجاه إسرائيل، ومقابلة وفود صهيونية على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من هذه التصريحات كانت لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، مطالبًا فيها بتكثيف الجهود من أجل التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، وإشراك مزيد من الدول العربية في عملية السلام مع إسرائيل، وعبر عن تفاؤله بإمكانية تحقيق ذلك قريبًا. وقد أسعدت تصريحاته تلك صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، فقالت "إنه هدية خاصة لدولة إسرائيل، وأن دعوته لإحياء السلام بين الفلسطينيين والعرب وعودة المفاوضات بشأن القضية الفلسطينية أحيت كذلك أمل إسرائيل في إنقاذها من العزلة الدولية التي كانت تهددها". كما صرح، من أسيوط في 17 مايو الجاري، أن "تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيجعل السلام القائم بين مصر وإسرائيل أكثر دفئًا، وأضاف "أقول للإسرائيليين وهم يسمعونني وأرجو أن تسمح القيادة الإسرائيلية بإذاعة خطابي هذا في إسرائيل مرة ومرتين". سادسًا: تصويت مصر لصالح إسرائيل لمنحها العضوية الكاملة في لجنة "الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي" التابعة للأمم المتحدة. سابعًا: السماح للطيران الإسرائيلي، والطائرات بدون طيار للاستطلاع فوق الأراضي المصرية، وتنفيذ ضربات جوية في سيناء. ثامنًا: الاحتفاء بنتنياهو، عند لقائه وفد قادة تنظيمات يهودية أمريكية بالقاهرة، فقد ذكر موقع صحيفة "ميكور ريشون" اليمينية أن السيسي تودد إلى قادة التنظيمات اليهودية الأمريكية بالتعبير عن إعجابه بشخصية نتنياهو وقدراته القيادية، فقال: "نتنياهو قائد ذو قدرات قيادية عظيمة، لا تؤهله فقط لقيادة دولته وشعبه، بل هي كفيلة بأن تضمن تطور المنطقة وتقدم العالم بأسره". تاسعًا: أعاد السيسي الحياة إلى التواصل الدبلوماسي الرسمي عبر إعادة السفيرين المصري والإسرائيلي إلى تل أبيب والقاهرة، فقد أصدر قرارًا جمهوريًا بالحركة الدبلوماسية لسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية بالخارج، شملت الحركة ترشيح السفير حازم خيرت سفيرًا لمصر بتل أبيب، وكانت تل أبيب قد أعلنت افتتاح سفارتها في القاهرة بعد 4 سنوات من الإغلاق. عاشرًا: تشويه صورة حركات المقاومة الفلسطينية ووسمها بالإرهاب، واتهامها بالتدخل في الشأن المصري، وخاصة حركة حماس، المتهمة أمام القضاء بعمليات قتل وتخريب في الداخل المصري ، والذي لا يوجد عليه دليل، والإعلام المصري لا يكف عن السباب والاتهام والتشويه بشكل يومي.