تطورات متلاحقة أعقبت تنازل قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي عن التراب المصري إلى المملكة العربية السعودية مقابل حفنة من "الرز" تنعش خزانة العسكر الخاوية وتمنح الاقتصاد المنهار قبلة الحياة، حيث دخل الكنيست الصهيوني على خط الأحداث من أجل الوقوف على ملابسات انتقال سيادة جزيرتي "تيران" و"صنافير" إلى الرياض ومدى إخلال عملية نقل الملكية باتفاقية كامب ديفيد التى تتضمن البقعتين تحت لافتة"المنطقة ج" منزوعة السلاح. تساؤلات مشروعة أعقبت الإعلان الصادم عن تفريط العسكر فى جزر مصرية حتى النخاع تمثل عمق الأمن القومي المصري وتضرب فى التاريخ بعمر الدولة الأم، بعدما باتت المملكة منذ تاريخ التوقيع أحد دول المواجهة المباشرة مع إسرائيل لتنضم إلى مصر –حتى الآن ما لم يتم بيع سيناء- والأردن وفلسطين ولبنان وسوريا، فضلا عن كونها جزءًا أصيلا من اتفاقية كامب ديفيد بموجب حيازة أراض تخضع لبنود الاتفاق الموقع عام 1979، ورد الفعل العبري إزاء تحول السلام بين عشية وضحاها من ثنائي بين القاهرة وتل أبيب إلى ثلاثي يضم الرياض. وعلى مدار الساعات القليلة الماضية جرت اتصالات مصرية إسرائيلية موسعة ومشوبة بالتوتر، أطلعت القاهرة خلالها الجانب الصهيوني علي التطورات الخاصة بتوقيع مصر والسعودية اتفاقية تعيين الحدود البحرية في خليج العقبة، وما يترتب على ذلك من آثار تمس معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979. اتصالات الحلفاء تضمنت إطلاع الجانب المصري نظيره الإسرائيلي على خطاب ولي ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان لرئيس الحكومة الانقلاب شريف إسماعيل، الذي جاء فيه أن الرياض ستحترم تنفيذ الالتزامات التي كانت على مصر وفقا للمعاهدة، في حالة سريان الاتفاقية بعد تصديق مجلس نواب "الأراجوزات" عليها وفقا للدستور، وهذه الالتزامات هي استمرار وجود القوات متعددة الجنسيات لحفظ السلام لضمان عدم استخدام جزيرتي صنافير وتيران للأغراض العسكرية وحرية الملاحة في خليج العقبة. وبدلا من أن يبحث الانقلاب موقف برلمان الطراطير من التفريط فى التراب المصري، بات متلهفا للحصول على موافقة الجانب الإسرائيلي على الخطاب لتكون اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية بمثابة تعديل لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، يستوجب أن تذهب به حكومة إسرائيل إلى الكنيست لإقرار تعديل المعاهدة، حيث لم تبد حكومة إسرائيل أي ممانعة وطلبت أن يتم ذلك في إطار قانوني بعد عودة السيادة على الجزيرتين من مصر إلى السعودية. ومع تواصل اللغط فى الشأن الصهيوني إزاء التعديلات المصرية والتى قد تفتح الباب أمام مطالب صهيونية باستعادة طابا لتنضم إلى ميناء أم الرشراش تحت السيادة العبرية، كان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يزيل اللثام حول كثير من الإشكاليات ويضع العديد من النقاط فوق الحروف بلغة الواثق الذى يملك المال وتدعمه القدرة الشرائية فى مواجهة نظام لن يتردد عن بيع العرض مقابل حصة "رز". الجبير أعرب عن دهشته من إثارة البعض مشكلة حول استعادة السعودية الجزيرتين، مع أنه من المفروض أن تسعى بلاده إلى إغلاق الملفات المفتوحة بين البلدين، مؤكدا أن السعودية ملتزمة بالالتزامات التي أقرتها مصر أمام المجتمع الدولي في كامب ديفيد، بما فيها وجود قوات متعددة الجنسيات على الجزيرتين للتأكد من عدم استخدامهما في أغراض عسكرية. وحرية الملاحة في مضيق تيران، ولن نتفاوض مع إسرائيل مجددا بهذا الشأن. وأوضح الوزير السعودي أن تحول بلاده إلى أحد دول المواجهة مع الصهاينة لن يدفعها لتوقع معاهدات مع إسرائيل أو إبرام اتفاقيات معها دون حل نهائي للقضية الفلسطينية يتضمن الانسحاب لحدود 1967 بما فيها القدسالشرقية وإقامة دولة فلسطينية، وحل عادل لقضية اللاجئين، مدعيا أنه لا يوجد أي شك لدى رجال القانون والمؤرخين في أن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتين، منذ أن طلب الملك فاروق عام 1950 حماية الجزيرتين من أي عدوان، ووجه له الملك عبدالعزيز آل سعود الشكر على حمايتهما في رسالة بعث بها إليه. وفى الوقت الذى لا يزال البرلمان الصهيوني يقف على أطراف أصابعه من أجل مناقشة التطورات الجديد على المشهد ومدي إمكانية القبول بتعديلات اتفاقية كامب ديفيد لاستيعاب المملكة العربية السعودية كشريك لمصر فى المناطق الخاضعة للمعاهدة، كان الكنيست المصري يقدم وصلة من التنطع والانبطاح والفجاجة أثناء خطاب الملك سلمان، ليرد بقوة على كل من تساءل عن قانونية توقيع السيسي لاتفاق التفريط فى التراب المصري، لأنه يضمن موافقة مسبقة من برلمان الدم.. ولتترحم مصر على من قال "التراب المصري حرام على غير المصريين".