رفض شعبي وحقوقي واسع شهده ما يعرف ب "مشروع قانون مكافحة الإرهاب" الانقلابي، والذي يهدف إلى تكميم الأفواه والقضاء على أي صوت معارضة لسلطة الانقلاب العسكري الهشة والتي لم تستطع على مدار عامين توطيد قدمها وتحسين الاحوال الاقتصادية وإجراء انتخابات برلمانية وإقناع العالم الخارجي بشرعيتها. بداية رفض الفقيه الدستوري، عصام الإسلامبولي، القانون لتعارضه مع القانون العام، ولإهداره ضمانات الأشخاص التي نص عليها الدستور، فضلا عن أنه يدخل الدولة في حالة طوارئ دائمة، مؤكدا عدم وجود أي حاجة له.
وأضاف الإسلامبولي أن الدولة ليست في حاجة لقانون جديد وكان لابد من إجراء تعديلات فقط على قانون العقوبات والاكتفاء به، مشيرا إلى ان مشروع قانون مكافحة الإرهاب سيواجه مشكلات في مجلس الدولة، لأنه يتضمن عوارا دستوريا في بعض مواده، قائلا: "هناك 12 مادة دستورية تقف عقبة في تنفيذ وتطبيق مشروع قانون مكافحة الإرهاب".
ورفضت حركة 6 إبريل مشروع القانون، وقال خالد إسماعيل، المتحدث باسم الحركة إنه يمكن استغلال القانون لقمع المعارضة السلمية، وليس فقط الجماعات الإرهابية، لاحتوائه على بنود مطاطة، بما يتيح للأنظمة الأمنية القبض على أية أشخاص أو أحزاب أو كيانات سياسية وثورية، بحجة أنهم كيانات إرهابية، مستدلا على ذلك، بما نص عليه مشروع القانون في تعريفه للجماعة الإرهابية بأنها كل جماعة أو جمعية أو هيئة أو منظمة أو عصابة مؤلفة من 3 أشخاص على الأقل، أو غيرها أو كيان تثبت له هذه الصفة أيا كان شكلها القانوني، تهدف إلى ارتكاب واحدة أو أكثر من جرائم الإرهاب أو كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها لتحقيق أو تنفيذ أغراضها الإجرامية.
وأضاف إسماعيل أن النظام الحالي يعتمد على تلفيق التهم لمعارضيه، وبعد إقرار هذا القانون سيزداد الأمر سوءا، فكل من يعقد اجتماعا من أحزاب أو كيانات ثورية، أو يكتب رأيه على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يدخل تحت طائلة هذا القانون.
من جانبه، استنكر محمد الباقر، عضو الهيئة العليا بحزب مصر القوية، إصدار أية قوانين حساسة في ظل عدم وجود برلمان، واصفا القانون بالمقيد للحريات والفكر والتعبير السلمى، لافتا إلى أن القانون يعتبر أي تجمع من ثلاثة أفرد للقيام بعمل إرهابي، بمثابة كيان إرهابي، وهو ما يمكن استغلاله في القبض على أي أشخاص معارضين للسلطة بتهمة التجمع وتلفيق تهم لهم بأنهم يهدفون للقيام بأعمال إرهابية، واعتبر أن القانون يحتوى على العديد من المصطلحات المطاطة، منها "تعطيل أحكام الدستور، الترويع، تكدير السلم العام، الانتماء للفكر الإرهابي، تهديد الأمن القومي".
ومن ضمن بنود مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل في حكومة الانقلاب، أن يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد الذى لا تقل مدته عن 10 سنوات كل من حاول قلب نظام الحكم أو تغيير دستور الدولة، وأن يعاقب بالإعدام والسجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جماعة إرهابية أو تولى زعامة أو قيادة فيها، ويعاقب بالسجن المشدد لا تقل مدته عن 10 سنوات كل من انضم إلى جماعة إرهابية أو شارك فيها بأية صورة مع علمه بأغراضها، فضلا عن إعطاء الحق لقائد الانقلاب السيسي بعزل وإخلاء وحظر التجوال في بعض المناطق لمدة لا تجاوز 6 أشهر متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية.
رفض القانون لم يقتصر فقط علي القوى الرافضة والمعارضة للانقلاب، بل تعدته إلى بعض السياسيين المؤيدين للانقلاب العسكري، ومنهم، يسرى العزباوي، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والذي أكد أن القانون بحاجة لإعادة الضبط، لأنه يشمل الكثير من العبارات المطاطة، التي تحمل مخاوف لاستخدامه بشكل غير مباشر لاستهداف الحركات الشبابية والثورية، ومنها النص على عقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن 5 سنوات لكل من أنشأ أو استخدم موقعا على شبكة الاتصال الاجتماعي أو شبكة المعلومات الدولية بغرض الترويج للأفكار أو المعتقدات الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية.