15 مليار جنيه حجم تجارة الرصيف و7 ملايين شخص يعملون بها الظروف الاقتصادية الصعبة أنعشتها.. والمستهلك يقع ضحية الغلاء الوكيل: إنشاء سوق تجارى وتقنين الأوضاع أهم الحلول الزنانيرى: الملابس الجاهزة أكثر القطاعات المتضررة عبد العظيم: المشكلة متشعبة ومتداخلة.. والبطالة أهم أسبابها تمثل ظاهرة انتشار الأسواق العشوائية عبئاً ثقيلاً على كاهل كل الحكومات منذ عهد المخلوع وصولاً إلى حكومة الدكتور هشام قنديل، وتعد هذه الأسواق أزمة حقيقية تبحث عن حلول غير تقليدية، خاصة بعدما شهدت انتعاشا ورواجا غير مسبوق منذ ثورة يناير وحتى الآن؛ بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها المواطنون، إضافة إلى انخفاض أسعار بضاعتها بنسبة كبيرة مقارنة بما يُباع فى المحال التجارية. الخطير أن هذه التجارة تحولت إلى سوق علنية وموازية للاقتصاد القومى، وتمثل عليه خطورة كبيرة بعدما وصل حجم الأموال المستثمرة فيها إلى 15 مليار جنيه؛ بسبب غياب الرقابة، وضعف الأجهزة الأمنية، كما أن الدولة لا تحصل على أى رسوم أو ضرائب من العاملين والمنتفعين من هذه التجارة، فهى فى نظر القانون تجارة غير شرعية ويجب استئصالها، وعلى الرغم من ذلك وصل عدد الأسواق الشعبية إلى أكثر من 113 سوقا منتشرة فى أحياء ومدن القاهرة الكبرى فقط، يقع معظمها فى المناطق العشوائية مثل: شبرا، وإمبابة، والمطرية، والموسكى، والعتبة، وبولاق الدكرور... وغيرها. من جانبهم، اتفق الخبراء على ضرورة وضع حلول عاجلة وغير تقليدية لهذه الظاهرة؛ لإنقاذ السوق من الأضرار التى تقع عليها والخسائر الضخمة بسبب هذه الأسواق العشوائية. مشيرين إلى أن على رأسها إقامة أسواق منظمة تستوعب كل هذه الأعداد وتتيح لهم أماكن جيدة لعرض بضاعتهم. وأكد أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أن تجارة الرصيف فى مصر زادت على 15 مليار جنيه، ويعمل بها أكثر من 7 ملايين بائع، وتمثل حوالى 45% من حجم التجارة فى مصر، وهناك إقبال كبير من المستهلكين على ملابس الأرصفة، خاصة من محدودى الدخل والفقراء، على الرغم من أنها ملابس من الدرجة الثانية والثالثة أو المستعملة المستوردة من الخارج. وأضاف أن منطقتى العتبة والموسكى، وأمام المصالح الحكومية، وفى الميادين العامة، فى مقدمة المناطق التى تنتشر فيها تجارة ملابس الأرصفة؛ حيث يحتشد فيها الباعة بالفرش على الأرصفة وعلى السيارات، وكثير من هذه البضائع تابعة لمحلات لكنها أقل فى الجودة، وتتنوع بين ملابس رجالى وحريمى وشبابى بموديلات عديدة وأشكال وألوان لا حصر لها، ومنها المستعمل والمستورد والمحلى، ويدفع عدد كبير من الباعة أموالا نظير المساحات التى يقومون بفرش بضاعتهم عليها تتراوح هذه الأموال بين 25 إلى 100 جنيه يوميا حسب المساحة والمكان. وأشار إلى أن هذه التجارة تؤثر تأثيرا سلبيا على الاقتصاد الشرعى، ويعد قطاع الملابس الجاهزة أكثر القطاعات تأثرا بهذه الظاهرة السلبية؛ فالباعة العاملون بهذا النوع من النشاط يروِّجون لبضائع ومنتجات مغشوشة ومقلدة فى معظم الأحيان، وغالبا ما تكون هذه المنتجات مهربة أو غير معلومة المصدر، مما يؤثر على نظيرتها فى المحال التجارية والأسواق، كذلك قد يؤدى هذا النوع من التجارة إلى ركود الأسواق؛ نظرا لأن هذه البضائع والمنتجات المبيعة فى الشوارع رخيصة الثمن ويقبل عليها المستهلك مع العلم أنها ليست جيدة. وطالب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية الحكومة بأن تحكم سيطرتها على هؤلاء الباعة الجائلين الذين يتهرّبون من الضرائب، وتحاول أن توفق أوضاعهم بأن تخصص لهم أماكن يقومون فيها بعرض بضاعتهم دون أن يتسببوا فى ضرر للتجار، ومن الممكن فى هذه الحالة أن يقوم التجار والمنتجون بتمويل هؤلاء الباعة بالسلع المطلوبة والتى تحمل مواصفات وجودة، ولكن بشرط أن يمارس هؤلاء الباعة عملهم بشكل شرعى تقره الحكومة والجهات المعنية. مشيرا إلى أنه ليس هناك أى مانع من أن تقوم الحكومة بتخصيص سوق تجارى فى مناطق معينة، يضم هذا السوق مجموعة من الأجنحة كما يحدث فى المعارض، ويخصص هذا السوق للباعة الجائلين؛ ومن ثم تكون الحكومة قد تخلصت من هذه الأزمة دون أن تضر التجار أو المستهلكين، وكذلك لن تضر تلك الشريحة العاملة بهذا النشاط، بل ستفيدهم وتقضى على جزء من مشكلة البطالة الموجودة فى مصر. أما يحيى الزنانيرى، رئيس جمعية أصحاب الملابس الجاهزة، فيقول: لكى نتخلص من ظاهرة الأسواق العشوائية ونضعها فى السياق السليم؛ فإننا نحتاج إلى إقامة أسواق منظمة تستوعب كل هذه الأعداد، ويتم استخراج سجل تجارى لهم؛ نظرا لأنهم الحلقة الأضعف، فهم يعانون من عدم الثبات فى رزقهم، بينما المكسب كله يعود للتاجر، مضيفا أنه عندما تقوم الرقابة أو أجهزة الأمن بمصادرة بضائعهم يقومون بسداد غرامة وتطبق عليهم قوانين السوق فى الوقت الذى يعانون فيه ماديا. من جانبه، يؤكد حمدى عبد العظيم، الخبير الاقتصادى، أن السلع التى يتم بيعها فى الأسواق العشوائية دائماً تكونمقلدة ومجهولة المصدر؛ مما يسبب أضراراللمستهلك، خاصة غير الواعى، والذى يقوم بشراءهذه السلع وهو يعتقد أنها سليمة وغير ضارة. مشيرا إلى أن المستهلك يُقبل على شراء هذه السلع نتيجةلانخفاض أسعارها بدرجة كبيرة عما هو معروض فى المحال. وأضاف أن ظاهرة الأسواق العشوائية ليست جديدة، ولكنها زادت بشكل كبير نتيجة زيادة معدلات البطالة ونتيجة سهولة الدخول فى هذه التجارة، فالتاجر أو البائع الجائل ليست عليه أى قيود أو أعباء مالية، فكل ما يقوم به أن يحصل على أى بضائع من أى موزع -بغض النظر عن كون هذه البضائع جيدة أو رديئة- ثم يقوم بتسويقها بعد ذلك دون الالتزام بدفع أى ضرائب أو تأمينات؛ لأنه ليس له سجل تجارى، ولا يقوم بالبيع من مكان ثابت، فهو يتجول ويجلس فى أى مكان وعلى أرصفة الشوارع. وأوضح أن مشكلة التواجد العشوائى للباعة الجائلين ليست بسيطة؛ لأنها متعددة الأطراف، والمسئولية فيها مشتركة بين جهات كثيرة، لافتاً إلى أن البطالة أحد أهم أسباب هذه الظاهرة؛ فهؤلاء الشباب هم عمالة غير رسمية تبحث عن فرص رزق للكسب من خلال الحصول على المنتجات وبيعها، كما أن المستهلك المصرى يعانى الغلاء وارتفاع الأسعار، وأجره لا يتناسب مع هذا الغلاء؛ لذلك يضطر إلى الشراء من هؤلاء الباعة بسبب أسعارهم الرخيصة. وأكد أن حل هذه المشكلة لن يكون بالاعتماد على الجهات الأمنية فقط فى مطاردة هؤلاء الباعة، وإنما لا بد من النظر لهذه الشريحة على أنهم ضحايا لعدم وجود فرص عمل مناسبة، مطالبا بالتخطيط الجيد لحلول غير تقليدية وإنشاء أماكن وأسواق بديلة، على أن يتم إعطاء الباعة الجائلين تراخيص لمساعدتهم على العمل بشكل شرعى، ومن خلال هذا الوجود الشرعى تقوم الأجهزة المعينة برقابة هذه الأسواق للتأكد من صلاحية المنتجات، وطالب أيضاً بضرورة توعية المستهلك بأهمية الشراء من مكان معروف حتى يتمكن من الحصول على حقه فى حال شرائه سلعة بها عيوب أو غير صالحة للاستخدام، كما يجب أن تكون هناك مكاتب متخصصة يتم الاتصال بها فى حال تعرض المستهلك لحالة غش.