في سلسلة تصريحات اعترف وزير الكهرباء بحكومة الانقلاب محمد شاكر بأزمة انقطاع الكهرباء؛ نافيا تسبب الشبكة لضعفها وتهالكها في الأزمة، واتهم وزارة البترول بالتسبب في الأزمة لنقص توريد شحنات الغاز والمازوت الكافية لتشغيل وإنتاج المحطات؛ الأمر الذي أجبر الوزارة على تخفيف الأحمال في ظل موجة الحر التي تضرب البلاد هذا الصيف. وفي تصريحات لصحيفة «الشروق»، السبت 22 يوليو 2023م ، نفى شاكر أن يكون تخفيف الأحمال يعني وجود مشكلات في الشبكة الكهربائية، مؤكدا أنّ الشبكة لا تواجه أي معوقات على الإطلاق. وأضاف أن الوزارة وفّرت معدات تعمل بالغاز الطبيعي وأخرى تعمل بالوقود التقليدي «المازوت والسولار»، غير أنّه أشار إلى أنّ هناك عدم كفاية من المواد البترولية، ما استدعى إعلان تخفيف الأحمال خلال الفترة الحالية. وحدّد شاكر سببا آخر، يتمثل في حدوث انخفاض فى ضغوط شبكة الغاز، ما يصعب وصول الكميات المطلوبة لتشغيل المحطات وإنتاج الكهرباء بصورة مستمرة، وهو ما اضطر الوزارة لتخفيف الأحمال، مؤكدا أن قرار «التخفيف» الذي اتخذته الحكومة، جاء بالتنسيق بين وزارتي الكهرباء، والبترول والثروة المعدنية.وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، واكتساب شيء من التعاطف ادعى الوزير أن منزله غير مستثنى من خطة تخفيف الأحمال، مدعيا أنّه يتم قطع التيار في منزله بين مرتين أو ثلاث مرات يوميا. وأنه بدأ بنفسه في ترشيد الاستهلاك في منزله من خلال وقف تشغيل التكييف! وحسب موقع "مدى مصر"، فإن السبب الرئيس هو التراجع في إنتاج الكهرباء نتيجة نقص توريد الغاز لمحطات الإنتاج، التي ساهمت، في أغسطس الماضي (2022)، في إنتاج نحو 75% من الكهرباء، فيما انخفضت مساهمة الغاز الشهر الجاري إلى حوالي 68% فقط، على حساب الزيادة في استخدام المازوت من حوالي 13% أغسطس الماضي إلى 21% هذا الشهر، رغم إعلان الحكومة مسبقًا عن نيتها خفض استهلاك المازوت لتوليد الطاقة، نظرًا لارتفاع أسعاره العالمية، وخاصة مع أزمة كبيرة في العملة الأجنبية حجمت بشكل كبير من الواردات خلال الفترة الماضية. 23% تراجعا في إنتاج حقل ظهر وانخفض الإنتاج المصري من الغاز الطبيعي منذ 2022، حينما بدأ إنتاج حقل ظهر في الانخفاض، والذي استمر خلال الأشهر الأولى خلال العام الجاري (2023)، بحسب بيانات حكومية حصلت عليها مجلة «مييس» المتخصصة في الطاقة. حيث وصل إنتاج الحقل من الغاز في أبريل الماضي، إلى 2.1 مليار قدم مكعب يوميًا، وهو الإنتاج الذي يقل بنسبة 23% عن الإنتاج المفترض للحقل البالغ 3.2 مليار قدم مكعب يوميًا، وأقل بنسبة 6% من حد الإنتاج المُقدر بحوالي 2.6 قدم مكعب يوميًا. وتتهم المجلة بشكل واضح الجنرال عبدالفتاح السيسي بالتسبب في أزمة تشغيل حقل ظهر؛ وحسب المجلة، يعد الانخفاض مؤشرًا هامًا لاستمرار المشاكل التشغيلية في حقل ظهر، والتي ظهرت مع بداية تسرب المياه، منذ أعوام، بعد قرارات حكومية بتسريع وتيرة استخراج الغاز من الحقل، برغم خطر ذلك على استدامة تشغيل الحقل، بحسب دراسة لخبراء قطاع البترول في شركات متعددة دشنت مشروعًا في حقل ظهر لمحاولة دعم استمراريته مسبقًا. وكانت شركة إيني الإيطالية سرعّت بدء الإنتاج من حقل ظهر، بعد ضغط الجدول الزمني إلى 28 شهرًا فقط، بدلًا من 6 إلى 8 سنوات، لتحقيق «تطلعات السيسي». بمعنى أن السيسي كان حريصا على الشكل الدعائي في المشروع أكثر من حرصه على سلامة المشروع نفسه وديمومة تشغيله بشكل صحيح وديمومة معدلات إنتاجه المتوقعة حسب الدراسات العلمية. ويغطي حقل ظهر وحده نحو 38% من إنتاج الغاز المصري، في ما يسمح للقاهرة بتحقيق الاكتفاء الذاتي وكذلك تصدير الغاز، والذي وصل إلى ذروته في نهاية العام الماضي (2022)، مع ارتفاع أسعار الغاز عالميًا، قبل أن تنخفض صادرات الغاز الطبيعي المصري المسال مرة أخرى بنحو 37.8% في الربع الأول من العام الجاري، بعدما انخفضت أسعار الغاز الطبيعي، ورغم تطبيق الحكومة خطة لترشيد استهلاك الطاقة محليًا، بدأتها العام الماضي عن طريق استبدال الغاز الطبيعي في محطات توليد الكهرباء بالمازوت، الملوث للبيئة، مرورًا بترشيد استهلاك الكهرباء في الشوارع والجهات الحكومية، وانتهاء بتطبيق التوقيت الصيفي. ورغم توقف الحكومة عن تصدير الغاز الطبيعي خلال شهور الصيف للوفاء بالاحتياجات المحلية، للمرة الأولى منذ سنوات، بحسب وزير البترول طارق الملا، قالت وكالة فيتش سوليوشنز في تقرير لها الأسبوع الماضي (منتصف يوليو 2023م)، إن معدلات إنتاج مصر من الغاز تنخفض بسرعة، نظرًا لتسارع إنتاج الغاز الذي زاد من معدلات نضوب الحقول الموجودة بالفعل، بجانب غياب مشروعات جديدة مستقبلية، ما يعطي نظرة مستقبلية هبوطية لإنتاج الغاز على المدى الطويل. ورغم تصريحات الحكومة عن خططها لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي في مصر، فإن صعوبات توفير العملة الصعبة تضغط على شركات الغاز والبترول العالمية لتأجيل خطط استثماراتها في مصر. وأعلنت شركة يونايتد للغاز والبترول البريطانية منذ أيام عن انخفاض كبير في معدلات أرباحها، وأوضحت أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى أن عملياتها في مصر لم تستطع تحويل جزء من أرباحها إلى الخارج، وهو الأمر ذاته الذي أشارت له تقارير بحثية الشهر الماضي (يونيو 2023م). تصدير الغاز في أغسطس2022، كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن خطة حكومته لترشيد استهلاك الكهرباء، تضمنت إيقاف الإنارة الخارجية لمختلف المباني الحكومية والميادين العامة، من بينها ميدان التحرير الشهير بقلب القاهرة، وتخفيض إنارة الشوارع والمحاور الرئيسية. وبحسب مدبولي، تمت العودة إلى تشغيل عدد من محطات الكهرباء بالمازوت المنتج محليا بدلا من الغاز الطبيعي، مما أدى إلى تحقيق فائض تم تصديره يتراوح ما بين 100 و150 مليون دولار شهريا، دون الاضطرار إلى اتخاذ إجراءات تتعلق بتخفيض أحمال الكهرباء أو تقليل استهلاكها. ووضعت الحكومة نصب عينيها تحقيق فائض بمتوسط 15% من حجم الغاز الطبيعي الذي يضخ لمحطات الكهرباء بغرض زيادة حجم التصدير، وبالتالي توفير عملة صعبة للدولة تمكنها من تخفيف الضغط نتيجة ارتفاع أسعار المواد البترولية والسلع الرئيسية. وجاءت رغبة الحكومة في ترشيد وتقليل استهلاك الغاز مدعومة بتحقيق رقما قياسيا في تصدير الغاز الطبيعي بلغ 8 ملايين طن عام 2022 مقارنة بنحو 7 ملايين طن العام السابق له وبقيمة بلغت 8.4 مليارات دولار مقابل نحو 3.5 مليارات دولار عام 2021 بنسبة زيادة 140%، وذلك بسبب زيادة الأسعار بالأسواق العالمية جراء تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022م. وهذا ما أكده وزير البترول طارق الملا، إذ قال في حديث متلفز إن الحكومة تسعى لتعظيم عائداتها من الغاز في 2023 من خلال ترشيد وتقليل الاستهلاك المحلي من أجل زيادة الكميات المصدرة. ذكرت وزارة البترول، في تقرير استعرض نتائج حصاد أعمالها العام الماضي (2022)، أنها نجحت في استثمار خطة الحكومة لترشيد استهلاك الكهرباء -التي تم إقرارها في أغسطس- في توفير كميات إضافية من الغاز للتصدير، وذلك للاستفادة من ارتفاع الأسعار العالمية لهذه السلعة. وفي يناير 2023م، نقلت صحف حكومية ومحسوبة على السلطة عن مصدر في وزارة الكهرباء قوله إن تكرار انقطاع الكهرباء الفترة الماضية (في عز الشتاء)، والذي اشتكى منه مصريون، كان وفق خطة غير معلنة لترشيد الاستهلاك وتوفيره للتصدير. ووفقا للمصدر، قامت وزارة الكهرباء بتخفيف الأحمال لتوفير الغاز الطبيعي والمازوت (لتشغيل محطات الكهرباء) للمرة الأولى منذ 2015، للحصول على العملة الصعبة وتوفيرها من أجل تلبية احتياجات المواطنين من السلع الأساسية. ضوابط قطع الكهرباء وأصدرت الشركة القابضة لكهرباء مصر، مساء السبت 22 يوليو2023، بيانًا أعلنت فيه عن الضوابط الجديدة لقطع التيار بدءًا من يوم صدور البيان. وتضمنت الضوابط قصر مدة قطع الكهرباء على ساعة واحدة فقط كل مرة، تبدأ في أي وقت بين 10 دقائق قبل رأس الساعة و10 دقائق بعدها. وفسر المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أيمن حمزة، البيان بأن هناك احتمالية كبيرة لانقطاع التيار الكهربائي في الفترة ما بين الساعة 11:50 و12:10 (مساء أو صباحًا) على سبيل المثال، قائلًا إن التيار لن يشهد انقطاعًا إذا تخطت الساعة 12:15. وأضاف حمزة أن انقطاع الكهرباء يشمل جميع المناطق سوى المنشآت الحيوية التي تمس كل المواطنين. متى تنتهي الأزمة ورغم التصريحات المتفائلة من جانب المسئولين بالحكومة حول سرعة حل الأزمة حيث أبدى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي بانتهاء أزمة انقطاعات التيار في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، قال فيه إن تخفيف الأحمال سيستمر حتى منتصف الأسبوع الجاري فقط، نقلت جريدة «البورصة» عن مصادر بوزارة الكهرباء تصريحات بأن الأزمة لن تُحل قبل بداية الشهر المُقبل. وحسب تقديرات "الحرية والعدالة" بناء على تصريحات خبراء في مجال الكهرباء فإن الأزمة سوف تستمر حتى مطلع سبتمبر المقبل، وأن ما يمكن أن تقوم به الحكومة هو تقليل المشكلة نسبيا وليس حلها بشكل جذري ونهائي.