شهدت الأيام الماضية وجود انقطاعات متقطعة على مدار اليوم بمحافظات ومناطق الجمهورية المختلفة، وإن كانت محافظة الإسكندرية صاحبة النصيب الأكبر من شكاوى المواطنين من انقطاع التيار الكهربائي بصورة غير معتادة؛ ما أثار تساؤلات واستفسارات حول أسباب الانقطاعات، خاصة أن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لم تعلن عن حدوث أية طوارئ في الشبكة الكهربائية. ووفقا لمصدر مسؤول بالشركة القابضة لكهرباء مصر، فإن هناك خطة غير معلنة تم تطبيقها منذ يوم الأحد الماضي تضمنت تخفيف الأحمال على مدار اليوم، وفقا لخطة موسوعة بكل محافظة تتضمن فصل التيار الكهربائي لمدة ساعة عن كافة المناطق بالمدن والحضر من خلال تقسيم ذلك على كل منطقة على مدار اليوم منذ الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة العاشرة مساء، بالإضافة أيضا لفصل التيار الكهربائي عن محافظات الصعيد والدلتا لمدة ساعتين يوميا على مدار اليوم، من خلال تقسيم ذلك على كافة المناطق مما يساهم فى تقليل استهلاك الغاز الطبيعي والمازوت لارتفاع أسعاره بصورة كبيرة. ووفقا للمصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه في تصريحات خاصة ل"الشروق"، فإنه للمرة الأولى منذ 2015 يتم تخفيف الأحمال نظرا لتوفير الغاز الطبيعي والمازوت أيضا، والاستفادة من تصديره للخارج للحصول على العملة الصعبة، والمساهمة في توفير احتياجات المواطنين من السلع الأساسية، حيث تم خفض نسب استهلاك المازوت من 16 ألف طن مازوت يوميا إلى 8 آلاف طن بينما تم خفض ايضا معدلات استهلاك الغاز الطبيعي من 120 مليون متر مكعب غاز يوميا إلى 80 مليون متر مكعب غاز يوميا، وإيقاف عمل بعض محطات إنتاج وتوليد الكهرباء لتوفير الطاقة الكهربائية المنتجة مع الحفاظ على وجود فائض من القدرات الكهربائية فى نفس التوقيت، وعدم قطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق الإستراتيجية والهامة مثل المستشفيات. وأكد أن القرار جاء لعدم وجود كميات متوفرة من المازوت محليا، بالإضافة لارتفاع سعر الطن عالميا، وكذلك عدم توافر العملة الصعبة لشراء الكميات المطلوبة من المازوت لتشغيل محطات إنتاج وتوليد الكهرباء، منوها إلى أن شركات التوزيع التسع على مستوى الجمهورية وضعت خطة لأحكام السيطرة على عمليات سرقة التيار الكهربائي من خلال قطع التيار الكهربائي عن المناطق الأكثر فقدا على مستوى الجمهورية، حيث تم قطع التيار الكهربائي عليها وفقا للتحكم بكل شركة مثل مناطق ( شق الثعبان وعرب مساعد بجنوب القاهرة _ الصحراوى الغربى والشرقى بشركة مصر الوسطى للكهرباء _ المنزلة بشمال الدلتا للتوزيع _ الشرقية بالقناة للتوزيع _ المرج بشمال القاهرة للتوزيع). وتابع: "التخفيف أول ما تم تطبيقه على وزير الكهرباء وقيادات الوزارة والشركة القابضة لكهرباء مصر"، منوها إلى أن هناك أزمة حقيقية تعانى منها وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة متمثلة فى ارتفاع معدلات سرقات التيار الكهربائي لنحو 21٪ من إجمالى الطاقة المباعة للمواطنين. ووفقا للمصدر، فإنه تمت مساء أمس الخميس، صدور تعليمات لرؤساء شركات التوزيع بإلغاء العمل بتخفيف الأحمال والعودة إلى الوضع المعتاد لضمان عدم وجود سخط أو غضب من المواطنين نتيجة الانقطاعات المستمرة فى التيار الكهربائي على مدار اليوم ، منوها إلى أن الترشيد يقلل استهلاك الغاز الطبيعي بشكل كبير، مشددا أنه لابد أن يكون ثقافة لدى المواطنين بإقتناع نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة والاحتياج إلى العملة الصعبة لتعظيم الدخل القومى. وقال المصدر، إن وزارة الكهرباء ملتزمة بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم رفع أسعار الكهرباء حتى يونيو 2023، مضيفًا أن الهدف من ترشيد الكهرباء توفير الغاز الطبيعي لتصديره، وبالتالي توفير قدر أكبر من العملة الصعبة، قائلا: "ترشيد استهلاك الكهرباء لا يعني وجود عجز أو تخفيف أحمال". ولفت إلى أن الوزارة تستهدف تخفيض استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 15%، وهذا من شأنه أن يوفر عائدا جيدا جدًا، مضيفًا أن الوزارة خلال الفترة السابقة قامت باستبدال جزء من الغاز الطبيعي بالمازوت، وهذا وفر قدر كبير من العملة الصعبة بلغ ما يقرب من 200 مليون دولار شهريا. وأوضح أن الدولة لديها إنتاج جيد جدا ولديها أيضا احتياطي كبير يلبي كل الاحتياجات، منوها إلى أن الدولة حريصة على تعظيم الاستفادة والعائد من تصدير الغاز الطبيعي، لا سيما أن 60% من إنتاج الغاز يُستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية، وأن الدولة تهدف إلى خفض استهلاك الغاز في إنتاج الكهرباء، لافتا إلى أن هناك تعاونا مع وزارة البترول في زيادة استخدام المازوت في وحدات إنتاج الطاقة الكهربية. وأشار إلى أن فاتورة الغاز الطبيعى ارتفعت بشكل كبير على مستوى العالم، وحدث ارتفاع لسعر صرف الدولار، ومن ثم زادت الضغوط على الدولة، حيث سعرت الدولة الغاز المستخدم في توليد الكهرباء، بأن المليون وحدة حرارية ب3 دولارات، لكن إذا تم التصدير سيكون المليون وحدة حرارية بأكثر من 40 دولارا ، موضحا أن تسعير الكهرباء مدعوم بصورة غير مسبوقة لأنه يكون بعشر قيمته الفعلية فى السوق العالمى، والسعر الحقيقى يكون 5 أضعاف الأسعار الحالية. وتابع أن القيمة الفعلية قبل تغير سعر الصرف للكيلو وات ساعة على الدولة كان 109 قروش، والشرائح الأربعة الأولى التى تسعر حالياً لمحدودي الدخل هي 48 قرشا و58 قرشا ثم 77 قرشا ثم أقل من جنيه ، منوها إلى أن تحريك سعر العملة أدى إلى زيادة تكلفة الكيلو وات ساعة من 109 قروش إلى 119 قرشاً، ولكن حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على عدم المساس بمحدودى الدخل أرجأ تطبيق القرار لبداية العام المقبل والدولة تتحمل كل ذلك عن المواطن، وبالتالى لزم التحرك لتوفير أكبر قدر من استهلاك الغاز الطبيعي الموجه لمحطات الكهرباء للتمكن من تصديره وبالتالي توفير عملة صعبة. وأكد أن الحكومة قررت فى يونيو 2022 الماضى تأجيل زيادة أسعار الكهرباء في مصر، حتى 30 يونيو 2023، إذ كان من المقرر أن ينتهي في 31 ديسمبر الجاري 2022 ، منوها إلى أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اعلن في 15 يونيو من العام الجاري تأجيل زيادة أسعار الكهرباء لمدة 6 أشهر، موضحا أن تكلفة التأجيل تصل إلى 10 مليارات ، لافتا إلى أن هناك توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بتحمل الدولة العبء الأكبر من الزيادات، للتخفيف عن المواطن المصري. ووفقا للمصدر فإن الحكومة قررت في اول شهر نوفمبر الماضي بناء على تكليفات رئيس الجمهورية عدم زيادة أسعار شرائح استهلاك الكهرباء حتى 30 يونيو 2023 ، لافتا إلى أن الدولة تتحمل عن المواطنين 43 مليار جنيه، تمثل تكلفة عدم زيادة أسعار الكهرباء، وفروق سعر الدولار. وأوضح أن قرار عدم زيادة أسعار الكهرباء للمنازل لمدة 6 أشهر إضافية حتى 30 يونيو المقبل 2022 يحمّل الدولة تكلفة إضافية تبلغ 1.9 مليار جنيه وتكلفة إجمالية 3.8 مليار جنيه عن العام المالي الجاري 2022/2023 ، موضحا أن قرار الدولة بتأجيل تطبيق زيادة أسعار الكهرباء تتحمل الدولة 20% من قيمة فاتورة استهلاك الكهرباء للمواطن،وهو فرق سعر الشريحة المعلنة فى 2021 التي سيتم الاستمرار في تطبيقها، وبين أسعار الشرائح، التي كان من المفترض تطبيقها منذ يوليو الماضي، وفقا لخطة رفع الدعم عن الكهرباء حتى يوليو 2025. وأكد أن قرار تأجيل تطبيق زيادة الأسعار وفقا لخطة رفع الدعم لن يؤثر على خطة الوزارة لتطوير وعمل توسعات في الشبكة. ونوه بأنه تم إعادة هندسة تشغيل المحطات المولدة للكهرباء، والتركيز على المحطات التى تنتج طاقة أكبر باستهلاك أقل للغاز، لتخفيف استهلاك الكهرباء، وبالتالى تخفيف استهلاك الغاز، وقد يكون هناك إجراءات أخرى خلال الفترة المقبلة، أكثر ترشيدا وتشددا لترشيد الكهرباء ، منوها إلى أن الوحدات المستنفذة للوقود تم وقفها واستبدالها بمحطات أخرى أكثر كفاءة، كما يجري تشغيل قرابة 75% من محطات الكهرباء التي نفذتها سيمنس، ورغم أنها تعمل بالغاز الطبيعى، إلا أنها موفرة فى الاستهلاك وكفاءتها تتجاوز 60%. ووفقا للمصدر، فإن صادرات الغاز الطبيعي حققت رقم قياسي بلغ 8 مليون طن هذا العام مقارنة بنحو 7 مليون طن العام السابق، كما بلغت قيمة ما تم تصديره من الغاز الطبيعي خلال العام حوالي 4ر8مليار دولار بالمقارنة بنحو 5ر3 مليار دولار خلال عام 2021 أى بنسبة زيادة 171% عن عام 2021 ، وذلك بسبب زيادة أسعار تصدير الغاز الطبيعي المسال عالمياً، وكذلك نجاح القطاع في استثمار خطة الحكومة لترشيد استهلاك الكهرباء التي تم إقرارها في أغسطس الماضي في توفير كميات إضافية للتصدير وذلك للاستفادة من ارتفاع الأسعار العالمية للغاز الطبيعي المسال.