وسط ارتفاع كبير في درجات الحرارة لم يرحم السيسي المصريين العاجزين عن الخروج للمصايف والمولات التي لا يقطع بها التيار الكهربائي أو كمباوندات الكبار الفاخرة أو أبراج العلمين والعاصمة التي تُنار ليل نهار، وبدأت الحكومة في القطع المبرمج للتيار الكهربائي تحت شعار تخفيف الأحمال، وذلك على الرغم من تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الكهرباء، وتصدير الفائض للسعودية وأوروبا ولبنان وسوريا والعراق، بحسب البيانات الرسمية. وهو ما حول حياة المصريين لجحيم يومي، إذ إن أغلب المناطق الريفية لايكاد يصلها التيار إلا ساعات قليلة، وفي المدن والمحافظات والعاصمة، فساعتين وأربع ساعات، ساعتين قطع وأربع ساعات تيار، وصولا إلى ساعتين وساعتين، ليصطف الآلاف من المرضى وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة على أسرة المستشفيات بحثا عن إنقاذ ، بعد الاحترار والإجهاد الحراري الذي يخفض السكر والضغط ويؤثر في الدورة الدموية.
والغريب أن إعلام السيسي الذي صال وجال وهيّج الشعب المصري، على الرئيس محمد مرسي، حينما كان هناك عجز كهربائي إثر نقص إمدادات الوقود للمحطات، بفعل فاعل وتآمر عسكري وخليجي ، ووصفت لميس الحديدي الرئيس مرسي بأقذع الألفاظ وعمرو أديب وأحمد موسى، وخرج المطبلون والمبشرون بالانقلاب العسكري ليصبوا جام غضبهم على الإخوان ومرسي. وذلك على الرغم من حجم المؤامرة التي كانت تشارك فيها الدولة العميقة لإجهاض مشروع مرسي الاصلاحي، فإذا بهم الآن يبررون للسيسي ، ولا يتناولون من قريب أو بعيد معاناة المصريين مع انقطاع الكهرباء، بل يخرج إعلامي من كبار بغال إعلاميي حظيرة السيسي، ليعدد للمصريين فضائل وفوائد غلاء الأسعار ، الذي دفع المصريين لترشيج الاستهلاك، وشراء الفاكهة بالواحدة واللحوم بالقطعة، وهو ما يكشف عقلية يوسف الحسيني كأبرز بغال السيسي.
الغاز ونهم السيسي للدولار
وعاد انقطاع الكهرباء في مصر ليطل برأسه من جديد في صورة لم تشهدها البلاد، إذ تتجاوز ساعات فصل التيار في بعض المناطق والقرى أكثر من 6 ساعات متواصلة.
واشتكى العديد من المواطنين، خاصة في محافظات الصعيد والدلتا وأجزاء من محافظاتالقاهرة الكبرى، من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، والذي يتزامن مع موجة شديدة الحرارة تتعرض لها البلاد، إذ تجاوزت درجات الحرارة حاجز ال40 في القاهرة، واقتربت من 50 في جنوب الصعيد.
أزمة انقطاع الكهرباء في مصر دفعت المواطنين إلى التفاعل عبر هاشتاغ (وسم) قاطع النور، الذي تصدر موقع التواصل الاجتماعي تويتر خلال الساعات الماضية.
وعلى الرغم من زيادة الطلب، على الكهرباء في ظل الموجة الحارة، فإن الإنتاج سجّل فائضا بنحو 10 آلاف ميغاواط، لكنه لم يترجم إلى استقرار في العديد من المناطق، من بينها مدينة العبور التي شهدت انقطاعا تاما للكهرباء لعدّة ساعات أمس الأول، بعد توقف محطتي محولات جهد 220 كيلو فولت عن العمل لمدة 3 ساعات.
وتتوقع الحكومة المصرية استمرار زيادة الطلب على الكهرباء خلال شهري يوليو وأغسطس وأن يسجل أقصى حمل على الشبكة القومية للكهرباء 35 ألف ميغاواط، مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأحمال على الشبكة.
وتروّج الحكومة إلى أن أسباب انقطاع الكهرباء في مصر خلال المدة الأخيرة، راجع إلى زيادة الجهد مع ارتفاع درجة الحرارة ولجوء المواطنين إلى استعمال الكهرباء بجهد أكثر من المعتاد، فضلا عن تسبُّب ارتفاع درجات الحرارة في بعض الأعطال بمحطات الكهرباء.
من جهة أخرى، أكدت مصادر مطلعة، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة، بدء تطبيق خطة تتمثل بقطع الكهرباء في مصر عن أغلب المناطق لمدد تتجاوز 6 ساعات يوميا منذ بداية يوليو الجاري، توفيرا للغاز الذي تستعمله معظم محطات الكهرباء.
يمثل استهلاك قطاع الكهرباء في مصر نحو 60% من إجمالي استهلاك الغاز، وفق البيانات الرسمية. كما أن الحكومة تطبّق منذ العام الماضي خطة تستهدف ترشيد استهلاك الغاز في محطات الكهرباء في مصر، من أجل زيادة التصدير لتوفير العملة الصعبة، خاصة مع تراجع إنتاج بعض الحقول.
وبدأت الحكومة في أغسطس 2022 خطة من أجل ترشيد استهلاك الكهرباء لتوفير الوقود المستعمل في توليد الكهرباء، خاصة الغاز الطبيعي؛ لإعادة تصديره للخارج، والاستفادة من أسعاره في دعم موازنة البلاد بالعملة الصعبة.
وتستهدف خطة ترشيد الكهرباء خفض 18% من إجمالي الطاقة المستهلكة على مستوى محافظات الجمهورية بحلول 2035.
صادرات الغاز المصرية
تستهدف الخطة معالجة نقص إنتاج حقل ظُهر الذي تراجع بنسبة 11% خلال النصف الثاني من العام الماضي (2022)، وواصل انخفاضه خلال الأشهر الأولى من العام الجاري (2023)، حسب بيانات رسمية ، وسجّل إنتاج حقل ظُهر 2.45 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز، انخفاضا من المستوى الذي بلغه عام (2021)، والمقدَّر بنحو 2.74 مليار قدم مكعبة.
وأظهرت أرقام وزارة البترول تراجع إجمالي إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى 50.6 مليون طن في 2022، مقارنة بنحو 53.1 مليون طن في 2021.
ونجحت خطة ترشيد الكهرباء كذلك من خفض معدلات الاستهلاك خلال 2022، إذ تراجعت إلى 45.6 مليون طن غاز، مقارنة مع 48 مليون طن في 2021. ووفق مصادر حكمية، فأن خطة الترشيد أتت ثمارها خلال المدة الأخيرة، إذ حافظت مصر على حجم صادراتها من الغاز المسال خلال الربع الأول من العام الجاري (2023)، ورغم تراجع إنتاج حقل ظهر العملاق، فإنه مع زيادة معدلات الاستهلاك إثر ارتفاع درجات الحرارة بدأ المواطنون يشعرون بالأزمة من لجوء الحكومة لتخفيف الأحمال.
كان تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك" قد أظهر أن صادرات الغاز المسال المصرية خلال الربع الأول 2023 بلغت 1.90 مليون طن، وتصدّرت تركيا قائمة الوجهات المستقبلة للصادرات المصر بحصّة 41%، تليها دول الاتحاد الأوروبي بحصّة 24%، متساوية مع الإمدادات نفسها إلى الأسواق الآسيوية، في حين استحوذت بريطانيا على حصة 11%.
وبالرغم من محاولة الحكومة المصرية الحفاظ على مستويات صادرات الغاز من أجل توفير العملة الصعبة، فإنها واجهت رياحا معاكسة خلال الأشهر ال4 الأولى من العام الجاري، مع تراجع أسعار الغاز وفق بيانات رسمية.
وأظهرت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرا انخفاض قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي والمسال بنسبة 75.6% على أساس سنوي، خلال أبريل ، بعد تراجعها خلال شهر مارس الماضي بنسبة 67.9%، و33.3% في فبراير 2023 على أساس سنوي.
وأرجع خبراء السبب في انخفاض إيرادات صادرات الغاز المصرية إلى انخفاض الطلب على الغاز المسال، الذي يمثّل أكثر من 90% من صادرات مصر من الغاز.
كما تركّز مصر بشكل كبير على بيع شحناتها في السوق الفورية، محاولة منها للحصول على أعلى سعر ممكن، ولكن لسوء حظها، فإن انخفاض الطلب العالمي تسبب في تراجع الأسعار، وتسبب التركيز على بيع صادرات الغاز في السوق الفورية بأزمة خلال شهر يونيو الماضي، إذ توقّفت ناقلة عملاقة، تحمل شحنة غاز مسال مصرية، منذ 16 مايو الماضي 2023، ولمدة تجاوزت 20 يوما، في عرض البحر، بانتظار ارتفاع أسعار الغاز لتحقيق مكاسب.
يشار إلى أن السيسي قرر زيادة أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي بنحو 40% بدءا من فاتورة يوليو الجاري، كما يبحث السيسي وحكومته بيع محطات كهرباء بني سويف وجبل الزيت بالسويس، لتوفير الدولار، بعد أن استدانت مصر المليارات من المانيا وشركة سيمنز لإنشائها. ويتأكد من المعطيات السابقة ججم استهانة السيسي بالشعب المصري، وإخراجه من حساباته نهائيا، إذ إن أي دولة تعمل أولا على راحة مواطنيها وتوفير معيشة كريمة لهم قبل أي شيء، وهو ما يعمل عكسه السيسي ونظامه العسكري، الذي لا يعتمد على أصوات الناخبين كل أربع سنوات ، بل سلاحه وعساكره هم من يحسمون أي مسرحيات انتخابية، ويطلق بغاله للإلهاء والتبرير وتحلية القبيح للشعب المصري، الذي بات أكثر خنوعا لكل ما يفعله السيسي.