أكد الكاتب والمحلل السياسي د. صلاح عز أن مبادئ بروكسل لديها بالفعل فرصة للنجاح في لمّ شمل القوى الثورية الحقيقية؛ وهذا يتوقف على أولويات تلك القوي؛ فهناك مَن ليس لهم أي مأرب أو أولوية سوى الخلاص من الإخوان المسلمين مهما كانت الوسائل؛ ولذا فهم يتحملون أي عنت من قبل السيسي أو الانقلاب في سبيل تحقيق هذا المرام؛ في حين أن هناك من يريدون التخلص من حكم العسكر، وهناك قوي وشخصيات هم بالفعل أصحاب مبادئ وقيم، ويريدون الدولة المدنية الحديثة؛ وهؤلاء جميعا لن يجدوا أي غضاضة في الانضمام لهذه المبادئ. أما عن المخاطر فيرى "عز" -في تصريح ل"الحرية والعدالة"- أن من بينها هو أن من تصدر الإعلان عن المبادئ هي وجوه قديمة في معظمها ومعروف توجهها من ذي قبل وتخرج لتعلن عن آرائها المعارضة للانقلاب منذ البداية، وهذا يعني من ناحية عدم تجديد الدماء في الشخصيات البارزة التي تتصدر المشهد الرافض للانقلاب والمؤيد للشرعية، وقد يكون هذا ناتجا عن أخطاء سابقة -من وجهة نظري- في عدم التعاون مع كوادر مستقلة كثيرة فيما قبل وإعطائها المساحة والفرصة للظهور قبل الانقلاب، ومن ثم قد يكون من الصعب حل تلك المشكلة الآن، خاصة أن التضييقات الأمنية تعوق بشدة التواصل مع شخصيات مستقلة لها وزن وثقل، فضلا عن أن تقبل أن تتصدر هذا المشهد بكل المخاطر التي تحيط به؛ فمن الصعب جدا في ظل أجواء القمع والبطش أن تظهر وجوه جديدة خاصة في صدارة المشهد.
وردا على خطورة أن يتم تغييب الرؤية الإسلامية عن صدارة المشهد؛ في حين أن أبناء هذا التيار هم أكثر من دفعوا الثمن وقدموا التضحيات خاصة منذ الانقلاب وحتى الآن، يرى "عز" أن التوصيف الحقيقي للوضع في مصر ليس إسلاميين وغير إسلاميين، كما لا يعني شخص الدكتور محمد مرسي أو أي شخص آخر؛ فالقضية في مصر –بحسب توصيفي الشخصي لها- هي أين ذهبت أصواتنا الانتخابية، فأين حقوقنا في كافة الممارسات الاستفتائية والانتخابية التي جرت منذ ثورة يناير، فجميعها تم إهداره والعسف به وكأنه لم يكن؛ وهذا بالطبع أمر مرفوض ولا يمكننا قبوله، فالقضية هنا هي الممارسة الديمقراطية وإرادة الشعب، فهذا هو المحك الحقيقي؛ ولو أن الشعب كان قد اختار أي شخص آخر غير الرئيس مرسي، لكنت أيضا دافعت عن حق هذا الشعب في الاختيار، فالديمقراطية هي المبدأ الذي قبلنا به جميعا في تكوين الدولة؛ وأبسط قواعدها تقضي باحترام إرادة الشعب؛ وهنا لا نكون بعدنا عن الرؤية الإسلامية، فاحترام إرادات الشعوب عامل مشترك بين الشرعية السياسية والشريعة الإسلامية ولا فاصل أو تناقض أو تنافر بينهما.
ويتابع "عز" مشيرا إلى أنه لا يجد أي خطر في أي وثيقة أو مبادئ يلتف حولها المصريون الوطنيون، شريطة أن تكون من بين مبادئها إسقاط حكم العسكر، وإبعادهم تماما من المشهد السياسي وعودتهم إلى ثكناتهم، كذلك فقضية القصاص لا نقاش ولا جدال ولا تراجع عنها مهما يكن؛ فالدماء التي تم سفكها لا يمكننا أبدا أن نسامح فيها، وهي ممتدة منذ 25 يناير 2011 إلى الآن، والقصاص لا بد أن يشمل طيلة تلك الفترة، ثم من بين المبادئ أيضا هو الحفاظ على اختيارات الشعب في انتخابات نزيهة. ولكن ولأن عودة الرئيس مرسي قد تسبب بعض القلق أثناء مناقشات القوي الثورية؛ ومن ثم قد تكون من أهم مظاهر الخطورة أمام تلك المبادئ، ففي ذلك يقول "عز": من جهتي الشخصية فقد انتخبت الرئيس مرسي وأريد عودته كما كان بالضبط، ولكن قد يطرح البعض حلا يقدم به بعض الحراك في المشهد مثل أن يعود الرئيس مرسي ثم يقرر هو بعد ذلك ما يريد أن يفعله؛ فلأن المشهد القادم كما تطرحه المبادئ هو حديث عن مرحلة ما بعد الانقلاب؛ فلابد لهذا المشهد إذن من إدارة سياسية للمرحلة، ولذا فليس من المفترض أن تكون بعيدة عن إرادة الشعب، ولذا قد يعود الرئيس مرسي ثم يستأذن مثلا الشعب -من وجهة نظري- في إجراء انتخابات أخرى نزيهة رئاسية وبرلمانية وإدارة مرحلة انتقالية قصيرة، أو أي حل آخر نجد به مخرجا للوضع الراهن، ولكن في ضوء الثوابت السابقة التي لا يمكن التنازل عنها، مع التأكيد على أن أي انتخابات لاحقة تتم لا بد أن تكون في ظل دستور 2012 الشرعي الذي حاز على أغلبية حقيقية من قبل الشعب، وليس وثيقة العسكر الانقلابية التي أصدروها، فدستور 2012 أيضا من الثوابت التي لا تقبل التنازل عنها.