حملة الهجوم الحالية على تارديللي وجوزيه تدعونا حقا إلى التفكير جديا في إنشاء رابطة لحماية المدربين الأجانب في مصر حتى لو اتهمنا بعدم الوطنية , فأنا أقول هذا من غيظي مما أقرأه وأسمعه , لأنني أقسم بالله العظيم أنني كنت شاهد عيان منذ عشرة أعوام تقريبا على مفاوضات جادة وحقيقية بين اتحاد الكرة المصري وبين الألماني أوتو ريهاجل الذي قاد منتخب اليونان مؤخرا للفوز بكأس الأمم الأوروبية , ولكننا رفضناه وقتها لأسباب مضحكة .. وإليكم التفاصيل! بعد هزيمة المنتخب في مباراة ودية شهيرة أمام منتخب اليونان "المغمور أوروبيا" وقتها , أصدر اتحاد الكرة قرارا غير مدروس وقتها , بعقلية مشجعي الدرجة الثالثة ورواد المقاهي الشعبية , بإقالة الجوهري الذي كان في قمة عطائه ووصل بالفريق إلى مرحلة متميزة أطلق عليها آنذاك "العالمية" , وجاء بعدها الألماني ديتريتش فايتسا الذي طور كثيرا من أداء جيل 90 , ويكفي القول إنه كان المدرب الوحيد الذي لعب فيه المنتخب المصري كرة جميلة لا تقل عن الكرة التي تقدمها أشهر المنتخبات العالمية. ولكن لأن الخواجة عندنا "ما بيعجبش" , ولأن حدائق و"تراسات" الأندية وكافيتيريا اتحاد الكرة عندنا مليئة بالمدربين العاطلين عن العمل الذين لا يكفون عن الكلام والشكوى شأنهم شأن غالبة أفراد الشعب المصري , ولأن البرامج التليفزيونية مفتوحة لكل من هب ودب ليقول رأيه , ولأن صفحات الجرائد والمجلات عندنا دائما تبحث عن كل ما هو جديد حتى المدربين , فقد أقيل فايتسا بقرار من أغرب القرارات الكروية التي يمكن أن تتخذ في اي مكان في العالم عندما أسندوا إليه مهمة "الإشراف" على المنتخب الأوليمبي في دورة الألعاب الأفريقية بالقاهرة إلى جانب مهمته كمدير فني للمنتخب الأول , الذي لم تكن لديه ارتباطات دولية وقتها , فقد "شرب" فايتسا المقلب , واعتبروه هو المسئول عن خروج منتخب محمود سعد الأوليمبي من الدور الأول لدورة الألعاب الأفريقية , فصدر ضده قرار بالإقالة!! في تلك الفترة جاء اتحاد مؤقت , وبدأ اتصالات مع عدد من المدربين الأجانب المشهورين , وكان من بينهم ريهاجل الذي كان وقتها يدرب هاني رمزي في فيردر بريمن ويحقق معه نتائج طيبة , وجاء العرض عن طريق رجل أعمال مصري مقيم في ألمانيا يعمل في مجال الرياضة , ورشح معه مدربين آخرين أذكر منهم أدو لاتيك وفيلد كامب , الذي "طفشوه" قبل ذلك من الإسماعيلي تحت شعار المدرب الوطني , ففاز بالدوري الألماني مع كايزر سلاوترن , وأذكر أن ريهاجل وقتها طلب مبلغا ضئيلا يكاد يتناسب مع إمكانياتنا, ولكنه – لعنه الله - تجرأ وطلب أولا بعض المعلومات عن جدول الدوري عندنا ونظام الاحتراف ونظام المسابقات المحلية وأشياء تافهة من هذا القبيل , ولهذا تم تجاهل اسم المدرب باعتبار إنه "داخل على شر من أولها" و"جاي يعلمنا شغلنا" , وربما يكون "عباقرة" اتحاد الكرة والرياضة المصرية وقتها أيضا قد طالعوا السبرة الذاتية الخاصة بالرجل فوجدوها "ما تملاش العين" , وعلى أي حال , كانت القاهرة وقتها تموج بالمظاهرات المسموعة والمكتوبة المرئية المطالبة بعودة الجوهري , والذي أذكر جيدا أنه , ومن قبيل المفارقة , أنه تلقى عرضا لتدريب منتخب اليونان الأول!! .. والرجل موجود ويمكن الرجوع إليه للتأكد من صحة هذه المعلومة!!
"يجب أن نغير طريقة تعاملنا مع المدربين الخواجات , ونحاول الاستفادة منهم على المدى البعيد , ويجب أن نتيح لهم الفرصة للتجريب والمغامرة والتغيير , وألا نهاجم أساليبهم التدريبية مثلما فعلنا مع فيلد كامب وكرول وراوتر وهاريس وهولمان ورادوليسكو". وراح فايتسا , وجاء الجوهري , وذهب الجوهري , وجاء بعده الهولندي راوتر الذي تعاملوا معه على أنه الجنرال ريكاردو سانشيز قائد قوات الاحتلال "الهولندية" في مصر , وأذكر لهذا الرجل حكاية طريفة أنه "لما بدأ يزهق" من الجو المحيط به , فوجيء ذات يوم وهو يلقي محاضرة للاعبيه قبل إحدى المباريات المهمة بأن أحد اللاعبين قد غلبه النوم داخل المحاضرة , فما كان من المدرب إلا أن انفعل وألقى بالأجندة الخاصة به في السماء أو أنها ربما طارت في وجه اللاعب (أحتفظ بإسمه أحسن) , المهم أن راوتر خرج عن شعوره كثيرا بعد ذلك إلى أن جاءت سقطته التي لا تغتفر بالشتيمة البذيئة التي وجهها لكل المصريين , ثم رفضه السفر إلى الجزائر مع المنتخب , فكانت الإقالة! ومن بين المدربين الأجانب الذين فرطنا فيهم الهولندي رود كرول الذي قالوا عنه أنه مبتديء , واشتكى منه اللاعبون والخبراء بأن تدريباته متواضعة المستوى وأنه يركز على اللياقة البدنية , وبالمناسبة هذه الجملة دائما ما نسمعها من لاعبي الكرة المصريين في الأندية أو المنتخب عندما يأتي مدرب أجنبي (مش عارف ليه) , والغريب أننا بدأنا نسمعها الآن من لاعبين في المنتخب على تدريبات تارديللي , الذي بات قاب قوسين أو أدنى من أن يطفش بسبب التعامل معه على أنه المسئول عن نتائج المنتخب , رغم أننا بكل بساطة يجب أن نتعامل مع المسألة بكل موضوعية وبساطة وعلى أن المسألة "مش عافية" و"لازم" نوصل كأس عالم. باختصار , يجب أن نغير طريقة تعاملنا مع ا