بالصور.. حفل استقبال الطلاب الجدد بكلية طب الفيوم    الاستعلام عن الأسماء الجديدة في تكافل وكرامة لشهر سبتمبر 2025 (الخطوات)    زيلينسكي: نتوقع الحصول على 2.9 مليار يورو لشراء أسلحة أمريكية    يؤكد ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بغزة.. مصر ترحّب بتقرير الأمم المتحدة    موعد مباراة الإسماعيلي ضد الزمالك الخميس في الدوري المصري    وفاة والدة نجم الأهلي الأسبق    صلاح محسن أفضل لاعب في مباراة المصري وغزل المحلة    دييجو إلياس يتأهل إلى نصف نهائى بطولة CIB المفتوحة للإسكواش 2025    عاجل.. قرار هام لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام الدراسة والتقييم لطلاب الثانوية    حسين الجسمي يروج لحفله الغنائي في ألمانيا السبت المقبل    وئام مجدي بإطلالة جذابة.. لماذا اختارت هذا اللون؟    إيناس مكي تنهار من البكاء على الهواء بسبب والدتها (فيديو)    بإطلالة أنيقة.. رانيا منصور تروّج ل "وتر حساس 2" وتنشر مشهد مع غادة عادل    بتقنية متطورة.. نجاح جراحتين دقيقتين للعظام في مستشفى بالدقهلية (صور)    في خطوتين بدون فرن.. حضري «كيكة الجزر» ألذ سناك للمدرسة    عاجل - الذهب المستفيد الأكبر من خفض الفائدة.. فرص شراء قوية للمستثمرين    حمدي كامل يكتب: السد الإثيوبي .. من حلم إلى عبء    د. آمال عثمان تكتب: هند الضاوي.. صوت يقهر الزيف    700 فصل و6 مدارس لغات متميزة جديدة لاستيعاب طلاب الإسكندرية| فيديو    وزير الأوقاف يشهد الجلسة الافتتاحية للقمة الدولية لزعماء الأديان في «أستانا»    لأول مرة.. ترشيح طالب مصري من أبناء جامعة المنيا لتمثيل شباب العالم بمنتدى اليونسكو للشباب 2025    بوتين يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء الهند الأزمة الأوكرانية وتطورات العلاقات الثنائية    اختلت عجلة القيادة..مصرع شخصين بمركز المراغة فى سوهاج    أرتيتا يتفوق على فينجر بعد 25 مباراة في دوري أبطال أوروبا    هل الحب يين شاب وفتاة حلال؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم كثرة الحلف بالطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    من «كامبريدج».. تعيين نائب أكاديمي جديد لرئيس الجامعة البريطانية في مصر    "أطباء بلا حدود": إسرائيل تمارس العقاب الجماعي على أهالي قطاع غزة    احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا    إصابة شاب بإصابات خطيرة بعد أن صدمه قطار في أسوان    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    أيمن عبدالعزيز يعلن تمسكه بعدم العمل في الأهلي.. وسيد عبدالحفيظ يرد    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    محافظ أسوان يشهد الحفل الختامي لتكريم القيادات النسائية    مدارس «القليوبية» تستعد لاستقبال مليون و373 ألف طالب    فوائد السمسم، ملعقة واحدة لأبنائك صباحا تضمن لهم صحة جيدة    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    "لا أتهم أحدًا".. أول تعليق من والد توأم التطعيم بالمنوفية بعد وفاتهم    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    محافظ الأقصر يستقبل نائب عمدة جيانغشى الصينية لبحث التعاون المشترك    قرار قضائي جديد بشأن طفل المرور في اتهامه بالاعتداء على طالب أمام مدرسة    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    تحديث بيانات المستفيدين من منظومة دعم التموين.. التفاصيل    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    37 حالة وفاة داخل السجون وأقسام الشرطة خلال العام 2025 بسبب التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان    هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بتهجير السكان قسريا في سوريا    بن عطية يفتح جراح الماضي بعد ركلة جزاء مثيرة للجدل في برنابيو    قبل ما تنزل.. اعرف الطرق الزحمة والمفتوحة في القاهرة والجيزة اليوم    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    "جمعية الخبراء" تقدم 6 مقترحات للحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية    رانيا فريد شوقي تستعيد ذكريات طفولتها مع فؤاد المهندس: «كان أيقونة البهجة وتوأم الروح»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا كينييلا - مورينيو .. مسيخ دجال أم حصان كاليجولا؟
نشر في في الجول يوم 23 - 08 - 2011

الأصابع تبحث عن الضوء الخارج من النافذة ، تزيح أطراف الستائر عنها برفق ، العينان تتحركان في يقظة لا تليق بهما في تلك الساعة المبكرة من النهار، وكأنها تبحث عن ملجأ في الشارع، ولكنه صباح يوم خميس في يوم من أيام أغسطس بمدريد بلا إثارة، يوجد فقط شاب يرتدي قميص ريال مدريد ، واقفاً على قدميه منتظراً الباص في محطته، فجأة تنضم إليه مجموعة تضم أربع راهبات بلباسهن الأسود التقليدي الكامل في طريقهن للإحتفال بزيارة بابا الفاتيكان والتي أصبغت على العاصمة لوناً دينياً خالصاً طغى على لون كلاسيكو كأس السوبر في الليلة السابقة.
العينان تستقر على الراهبات الأربع، الأصابع تعيد وضع الستارة من جديد، تقوم بمسح شعر أسود تكسوه العديد من الخطوط الفضية، ثم فرك وجه مجهد به قدر من العبوس، ملامح الوجه ثابتة، لشخص أثاره منظر الرهبات الأربع ، يتذكر الآن تلك الليلة في محطة راديو كوبيه الإذاعية في فبراير الماضي عندما أبلغ محاوره:"أعتقد أن ربي يرى أني شخص ممتاز، أنا مؤمن بهذا و إلا لماذا أعطاني كل ما وصلت إليه، لدي عائلة رائعة، أعمل في مكان طالما حلمت بالعمل فيه، لقد ساعدني كثيراً للدرجة التي أعتقد فيها أنه راضياً عن جوزيه مورينيو بالقدر الكافي".
بدون ماتيلدا والأولاد جوزيه يجلس وحيداً على كرسيه الفوتيه في نهاية غرفة معيشته التي يسودها الظلام فيما عدا الضوء القادم من نافذته الصباحية، محدقاً في الفراغ في سكون تام يتعارض مع ما ضوضاء وصراخ الكامب نو، موتور الباصات، وأسئلة الصحفيين المزعجة، فبعد ليالي الأحد والأربعاء الصاخبة ، ينتظر هو دائماً الأسوأ في صباح أيام الأثنين والخميس، هكذا كانت حياته طوال عقد كامل.
صحيفة سبورت (المناصرة للبارسا) تنشر رسمياً هزلياً نصفه الأيسر فيه كف أصابعه الخمسة تشير إلى خماسية الموسم الماضي في الكامب نو، وفي النصف الأيمن مورينيو (بوجه به خليط بين الثعلب والذئب) يضع إصبعه في عين تيتو فيلانوفا المدرب المساعد بفريق برشلونة، والتعليق يقول : هذا هو الفارق بين الكف وبين الأصبع.
خوسيب ماريما كازانوفاس أكبر كتاب الصحيفة ينشر مقالاً لاذعا عنوانه :"مورينيو غير مرغوب فيه ، كاذب ومهرج"، كازانوفاس يضع كل قاموسه الملتهب من الغضب في هذه الكلمات:"مورينيو محرض الجماهير، البائس، يجب أن يقف عند حده، يجب تقديم شكوى ضد ذلك المدرب الذي إعتاد الفوز ولكنه لا يعرف الخسارة، الإعتداء على فيلانوفا لم يكن بالصدفة، بل كان متعمداً مترصداً، من الخلف، بوجه عامر بالحقد والكراهية، يضع إصبعه في عين فيلانوفا بكل دقة، ثم لا يمتلك الوقاحة لكي ينكر ما فعله لاحقاً ، على لجنة المسابقات أن تقوم بتطبيق عقوبة تمثل عبرة لأمثاله".
في عام مزدحماً بالعديد من "الأصابع" في مناطق مختلفة من العالم، كان ذلك الإصبع لجوزيه مورنيو وهو يخترق عين تيتو فيلانوفا في الدقيقة 89 من لقاء العودة في كأس السوبر الإسباني على هامش مشاحنة لاعبي الريال والبارسا يطوف كل مكان، كان هو المفتاح لصندوق اللعب والحيل السحرية، بدأت بلقطات أذاعتها قناة 24 ساعة التابعة للتلفزيون الحكومي (المدريدي) وفيلانوفا يضرب مورينيو في مؤخرة رأسه (دون الإشارة إلى أسبقية واقعة إصبع المدرب البرتغالي) ، فيديو أخر تحت عنوان : هل دهس مورينيو سيسك وهو راقد على الأرض؟ ..هل صفع فيا أوزيل؟ .. ميسي يستفز مورينيو بعد الهدف الثالث للبارسا بإشارات بيده ... هل كان كاسياس وشابي يتشاجران؟ بينتو يخنق راموس... فيلانوفا كان يصرخ في وجه دكة بدلاء الريال:"أنتم عصابة من الملاعين!"...ميسي كان دائم الإستفزاز لكوينتراو ... مورينيو: سلوك جامعي الكرات في الكامب نو مثير للإمتعاض ومشين...
صور لبيبي يركل فالديز بعنف ..ميسي بصق أمام مورينيو ، ولكن الأخير قام بسد أنفه من خلف ميسي في إشارة إلى تأففه من رائحة اللاعب ... صور خاصة بتعرض حافلة البارسا لرشق بالحجارة في لقاء الذهاب في مدريد ... مورينيو: أنا لا أعرف من هو "بيتو" فيلانوفا؟...
نشر حديث من العام الماضي لفيلانوفا يتهم فيه مورينيو بأنه ثرثار ... الأسطورة تكتمل مع صفحات "الرجل أبو شنب" ، والذي يظهر في خلفية واقعة مورينيو وتيتو ، وهو السيد فرانثيسكو ساتورا الموظف المسؤول عن غرف خلع الملابس والميكسد زون بالكامب نو (هناك قمصان عليها صورته تباع في برشلونة تم طبعها خلال الأسبوع الماضي وتباع مقابل 14 يورو).
12 ساعة فصلت بين الصور الأولى الخاصة التي نقلتها قناة " 24 ساعة" فجراً والخاصة بإعتداء فيلانوفا مبتوراً ، وبين الصور الكاملة التي عرضها برنامج "اليوم التالي" على قناة كواترو ، وهو واحد من أكثر البرامج التي تحمل مصداقية بين مشاهدي الكرة في إسبانيا ، ما بينهما تتجسد كل المفاهيم التي تتعلق بين "ما حدث" ، وما "قد يبدو أنه حدث" ، الفارق بين "كيف نبدو نحن" و"كيف يجب أن يبدو الأخرون" ، حيت يتم توزيع الأدوار بين "أخيار الفيلم أو أشراره على حسب مزاجك" ، مع فتح ملفات قديمة (تدخلات راموس وبيبي الوحشية أو تعليقات بوسكيتس العنصرية تجاه مارسيلو).
بعض الأصوات القادمة من الصحف المدريدية وضعت مشاجرة "مدرسة الكامب نو الإعدادية" مساء الأربعاء الماضي خلف ظهرها ، وحاولت النظر إلى ما هو أبعد، ليونورا خيوبو الكاتبة بصحيفة إل باييس أشارت في مقالها "كرة قدم مورينيو" أن تأثير المدير الفني البرتغالي على الكيان الملكي أصبح أكبر مما يتوقعه البعض بقولها: "لم يعترض أحد على ما فعله مورينيو في غرفة خلع الملابس بعد اللقاء، لم يفتح أحد فمه في الطائرة أثناء طريق العودة إلى مدريد، لم يوجه أحد إلى مارسيلو لوماً إزاء تدخله الخشن مع سيسك وهو الذي أشعل فتيل المشاحنة، لم يجرؤ أحد على حضور مراسم تسليم الكأس إلى البارسا، وعلى حد قول أحد العاملين في الريال أن مورينيو خلق مناخاً من الرعب داخل الفريق، الكل يخاف الرحيل في حال معارضته، واللاعبون جزء من حالة الإختطاف هذه".
الكاتب خوسيه سامانو إنضم إلى كتيبة المتشككين في أوضاع الريال الداخلية طارحاً سؤال أكبر في مقالته "إصبع في عين فلورنيتنو بيريث" في نفس الجريدة ، السؤال هو "ما هو الفريق الذي يريد بيريث تكوينه؟" سامانو يعتقد أن مورينيو وضع رئيسه في موقف عصيب بقوله: "على فلورنتينو حسم الأمور .. هل يريد ريال مدريد ذو سمعة سيئة؟ هل يريده فريقاً شرس كويملبدون وجزاره فيني جونز في الدوري الإنجليزي قبل عقدين ، هل يريده أن يصبح مثل إستوديانتس الأرجنتيني في الستينات والسبعينات ، ذلك الفريق الخشن الذي يقوم لاعبوه بوخز منافسيهم بالإبر خلسة؟ فلورينتينو يجب أن يضع حداً للحالة "المورينية" التي يعيشها رموز في الريال مثل إيكر كاسياس ، والذي يشاطر مديره الفني الرأي بأن لاعبي البارسا يتظاهرون بالإصابة.
حصان كاليجولا

"المصاب بالبارانويا (جنون العظمة) يمتلك الحق دوماً، يعتقد دوماً بأن أحداً ما سوف يهاجمه ولهذا يبادر هو بالهجوم أولاً كميكانيزم دفاعي، ولهذا يبدو هو المعتدي، أعتقد أن هذا يفسر كثيراً العديد من الأمور التي يبدو فيها الريال عالقاً أو محبوساً أو متهماً، أعتقد أن الريال سيظهر أفضل ما عنده عندما ينشغل فقط بركل الكرة"
ولم يكن يتخيل الإمبراطور والطاغية الروماني في القرن الأول الميلادي "كاليجولا" أن يلتصق إسمه بإسم فلورنتينو بيريث بعد 2000 عاماً، فمقال أورفيو سواريث بعنوان "مورينيو والتدمير الذاتي" يشير إلى مدى طغيان كاليجولا بتعيين حصانه عضواً بمجلس الشيوخ، فارضاً على الجميع قبول هذا الوضع، بل مجبراً إياهم أن يأكلوا من طعام الحصان لأنه في هذا شرف لهم، ويضيف المقال:"فلورنتينو بوجهه الشاحب في مقصورة الكامب نو يعلم أنه أهدى سلطات مطلقة للمدير الفني، ولكن يجب أن يبلغ الرئيس مدربه بأين يبدأ عمل المدير الفني وأن يبدأ عمل المؤسسة، هناك فارق كبير، عليه أن يتجنب نفس الأخطاء التي ارتكبها كاليجولا بحصانه".
المدريدي المتعصب خوان كروث يذهب إلى ما هو أبعد من هذا في مقالته (بإل باييس) :"الإبتسامة التي أرسلها مورينيو إلى فيلانوفا عقب مشادتهما تجذب الرسامين والأطباء النفسيين على حد سواء، مزيج بين الشر وبين تلك الإبتسامة التي رمقتها لزميلك في المدرسة أيام الشباب والتي مفادها "لا يهمني ما ستفعله لأني سأظل أكثر صلابة منك، ريال مدريد كان دوماً رمزاً لكرة القدم الأنيقة، الأفضل في العالم، لم يظهر طوال تاريخه إبتسامة شريرة كالتي أظهرها مورينيو، الريال لا يستحق هذه الإبتسامة، لا يستحق هذا الأداء، لماذا لا يتمرد لاعبو الريال ضد هذه الأفعال على أمل إستعادة صورة الفريق الذي جعل منهم لاعبي كرة عظام".
خوانما أوتورياجا لاعب كرة السلة الأسطوري بالريال في الثمانينات كان أشد عنفاً في أول مقالاته المهمة في كرة القدم بعنوان :"ما هذا الذي شاهده العالم؟" ساخراً من الجملة التي بالغ لاعبو الريال في ترديدها كشاهد على ما فعله لاعبو الريال بقوله: "لا أميل إلى تصريحات شابي وبيكيه بلوم مورينيو على كل ما فعله، ولكن هذا لا يعني أنهما ليسا على حق، ما يفعله مورينيو لا يعد دفاعاً عن ألوان أو كيان الريال، للأسف لن يتغير الوضع كثيراً لإن الإدارة راهنت على هذا المدرب ويجب ان تستمر معه حتى النهاية في ظل السلطات المطلقة التي يتمتع بها، انا لا اتوقع نهاية سعيدة في الختام، أنا لا أتحدث هنا عن الألقاب، لا توجد في الريال أراء مستقلة، هناك رأي واحد، سواء كنت مقتنعاً به أو تم إختطافك، وللأسف يدخل اللاعبون والجهاز الفني وقطاع من جمهور الريال داخل هذه الدائرة المخطوفة".
المفاجأة الكبرى جاءت من سانتياجو سولاري ، ذلك الأرجنتيني المكوكي في فريق الريال مطلع العقد الماضي في أكثر المقالات تدعيماً للمدرب برتغالي عقب "خناقة الكامب نو". سولاري يعتقد أن ريال مدريد هذا العام سيكون خانقاً بحق مع البارسا، أكثر تركيزاً، منتزعاً إستحواذ البارسا التلقائي للكرة "لقد ضيق الريال الخناق جيداً على البارسا، وتحديداً في لقاء العودة، أجبروا ماسكيرانو على التخلص من الكرة بدلاً من تمريرها، لقد بدا الريال أكثر جرأة، أكثر قدرة على المخاطرة، بدنياً هم أفضل، دفاعياً هم أكثر أمناً في وجود بيبي وكارفاليو، بالإبقاء على منطقتهم نظيفة في أوقات عديدة من مبارتي الذهاب والعودة، خضيرة وألونسو أتاحا الفرصة لرونالدو ودي ماريا للأنطلاق من خلف ظهر مراقبيهم، وحده ميسي كان العامل الحاسم في كأس السوبر ، ولكن الريال لم يفقد مركته التكتيكية ولا حتى الذهنية أمام منافسه".
ويضيف سولاري مقطعاً هاماً في تفسيره لما حدث في دقائق الكامب نو الأخيرة مقتبساً جملة مما كتبه الكاتب خورخي فونتيبيكيا :"المصاب بالبارانويا (جنون العظمة) يمتلك الحق دوماً، يعتقد دوماً بأن أحداً ما سوف يهاجمه ولهذا يبادر هو بالهجوم أولاً كميكانيزم دفاعي، ولهذا يبدو هو المعتدي، أعتقد أن هذا يفسر كثيراً العديد من الأمور التي يبدو فيها الريال عالقاً أو محبوساً أو متهماً، أعتقد أن الريال سيظهر أفضل ما عنده عندما ينشغل فقط بركل الكرة".
تعامل أغلبية الوسط الكروي مع مورينيو خلال الأسبوع الماضي كأنه "المسيخ الدجال" الذي قدم لهدم أعمدة الكرة الإسبانية وإشعال افتنة بالمنتخب الإسباني بعنصري الأمة من لاعبي الريال والبارسا ، ولكن مورينيو هو أقرب لأن يكون "أبو الغضب"، تلك الشخصية الكارتونية التي تتحكم في عالمها بأزرار، الكارهون لمورينيو لديهم مشكلة حقيقية في تقبل كرة القدم الحديثة، فالبرتغالي بطبيعته المتهكمة والساخرة يعلم أن هناك من يدفع له أجره ليقوم بعمله، وبالدفاع عن ألوان النادي، يعلم تماماً طبيعة "قماشة" كرة القدم، يجيد شدها حتى أقصاها، "كرمشتها" رميها إذا لزم الأمر، تنظيفها، أو إصابتها بالبقع أو تمزيقها. قد يجادل البعض في أنه أفضل مدرب في العالم (ولكنه الإستراتيجي الأول بلا جدال).
"سوف يحبونك فقط عندما تخسر، سيمقتونك عندما تبدأ في الفوز، ما أفعله هو جزء من الرسالة التي أريد إرسالها للاعبي فريقي أو لاعبي الخصم أو مدربه، التأثير فيهم، إقناعهم بشيء ما". قال هذه الكلمات عام 2005 أثناء توليه لتشيلسي، إنه شخص يؤمن تماماً بأن مباراة الكرة ليست 90 دقيقة..."مباريات الكرة بالنسبة لي تبدأ من أول مؤتمر صحفي قبلها وحتى المؤتمر الصحفي الذي يتبعها ، إنها جزء من المواجهة، جزء من المسرحية" بإختصار كل شيء لديه مباح ، الجميع عنده في خط النار، وهو أمر تتيحه قواعد اللعبة، ليست الرياضة ولكن البيزنيس، الأموال، التاريخ.
مورينيو هو النسخة الكروية من بات رايلي – مدرب الليكرز والنيكس السابق في دوري الرابطة الأمريكية لكرة السلة ، نفس النظرة العملية للعبة، تأجيج فكرة الصدام المتواصل مع المنافسين، إنه سباق للخيل وليست رياضة للأطفال "حتى لو كانت تصرفاتهم بها قدر كبير من هذه الطفولة" ، ، كلاهما يعلم أن نصف مكانته يكمن في صورته ، كلاهما "لا يقبل الهزيمة بأي حال"، لديهما القدرة على إمتصاص كل ما يتعلق باللعبة، القدرة على إشعال النيران بها مع الثقة التامة أنها ستجدد نفسها في نهاية الأمر، ونحن في حقيقة الأمر نستمتع بالأمر، مورينيو يقدم لنا ما نريد، لقد تم توزيع الأدوار جيداً ، وأهديناه دور "الندل"، دون النظر إلى أن كرة القدم المحترفة تشير إلى أن "الكل متورط بشكل أو بأخر" ... في يوم من الأيام مستقبلاً سنترحم على أيام "المنافسة الملتهبة" بين البارسا والريال عام 2011 ، سنعتبرها أيام الزمن الجميل!
لقد إتهم بيكيه ونائب رئيس البارسا بأن مورينيو "سيدمر قريباً كرة القدم الإسبانية" ، ولكن ما لا يعلمه الإثنان ومعهما كتيبة كاملة من عناصر كرة القدم المحترفة أن مورينيو لا يتحمل عبء خسارة أقوى خمس بطولات دوري في أوروبا ل 2 مليار يورو عام 2010 طبقاً لأخر دراسة صدرت قبل أيام، أو أن نصف أندية الدوري الإسباني لن تجد معلناً واحداً على قميصها في الموسم الجديد أو أن رابطة لاعبي الكرة الإيطاليين تهدد بالقيام بإضراب يعطل إنطلاقة الكالتشيو الأسبوع المقبل أو أن خابيير تابياس عضو رابطة الأندية المحترفة إتهم ضمناً رابطة لاعبي الكرة بتنظيم إضرابها الأخير بداعي التستر على فتح ملفات بيع وشراء مباريات في مواسم سابقة من قبل اللاعبين، وذلك في رسالة "ودية" للويس روبياليس رئيس رابطة اللاعبين.
صباح الثلاثاء 23 أغسطس ، شائعة ترددت إلكترونياً عن نية مورينيو ترك موقعه في الريال، أصابع البرتغالي في منزله تبحث في لوحة المفاتيح عن الحروف المناسبة ضمن البريد الإلكتروني الذي سيرسله لإدارة النادي، إنه بيان أكثر من مجرد بريد مفاده:"كل من لا يعرفني هو حالم واهم بإمكانية رحيلي في هذا التوقيت عن الريال، الكثيرون أصيبوا بالذهول من المستوى الرفيع الذي وصل إليه فريقنا في مرحلة الإعداد وتركي لمنصبي الآن هو مستحيل، رئيس النادي هو شخص رائع، فائق الذكاء، لدي صداقة كبيرة معه، كما نمتلك مدير عام في النادي يعمل 24 ساعة من أجل مصلحة النادي، لهذا السبب فطموحاتي بلا حدود، أنا إنتمائي للريال أكبر من إنتماء الكثيرين الذي يتظاهرون بمدريديتهم".
"أنا أتوجه لكل عشاق الريال بالإعتذار عن ما بدر مني في كأس السوبر، أطلب الإعتذار (فقط) من عشاق الريال، البعض تأقلم على تناقضات كرة القدم ونفاقها وإزدواجيتها أكثر مني، الفارق إنهم يقومون بهذا من تحت قناع، وبفم مكتوم، وفي أعماق الممرات المؤدية لغرف خلع الملابس ، أنا لم أتعلم النفاق، ولا أريد، تحياتي الخالصة للجميع ونراكم غداً في البيرنابيو في لقاء جالاطه سراي الودي".
مورينيو يرسل البيان الذي يجد مكانه في الموقع الرسمي للنادي، يعاود مكانه مرة أخرى في غرفة معيشته، يجلس على كرسي الفوتيه المعتاد ومعه الكومبيوتر المحمول، أثناء تفقده لملفاته يعثر بالصدفة على صورة لطفل صغير في الثامنة بالأبيض والأسود في ملعب كرة إلى جانب رجل في منتصف الثلاثينات بملابس حارس المرمى، وفي أسفل الصورة مكتوب "ملعب سوتيبال 1971" ، مورينيو يتذكر الرجل الثلاثيني هو ينادي على الطفل القابع خلف المرمى "جوزيه أحضر لنا هذه الكرات أرجوك" ، مورينيو يتذكر كيف كان الطفل سعيداً بجمع كل كرة في كل تدريب لوالده.
أصبع مورينيو يغالبه الفضول لفتح المزيد من الملفات، يفتح أحدهم بشكل تلقائي، إنه فيديو لمحاضرة ألقاها في 23 مارس 2009 على هامش حصوله على الدكتواره الفخرية من جامعة لشبونة – كلية الدراسات الإنسانية ، مورينيو يجد نفسه في الفيديو مبتسماً عند مقطع في منتصف الفيديو:"أنا تعلمت من فلسفة البارسا أكثر من أي مدرب في حياتي، لقد قضيت هناك أهم أربع أعوام لي في تكويني كمدرب فيما بعد".
"العالم يعرف تنافساً كبيراً، عالمنا شرس عداوني ، يستهلكنا، يعلمنا الأنانية، وخلال حياتنا على هذه الأرض يجب أن نتجنب كل هذه الصفات".
جوزيه يضع حاسبه المحمول جانباً في تمهل ، مفضلاً النظر من النافذة مجدداً ، محدقاً دون نقطة إهتمام معينة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.