كالعادة بدأت نغمة النقد والانتقاد للكرة المصرية والقائمين عليها وضرورة التغيير .. وبدأت صيحات الإصلاح .. وبعد أن استجاب الاتحاد بسرعة وأقال تارديللي "بمباركة وزير الشباب وتوجيهاته" ، بدأت المطالبة بإقالة الاتحاد المعين ، فإذا استجاب الوزير سيطالبون بتغيير الوزير نفسه ، وهكذا ، وكأن هؤلاء الأشخاص هم سبب الأزمة ، والإطاحة بهم ستصلح أوضاع الكرة المصرية المقلوبة. كان يمكن أن يتأجل هذا السيناريو لعدة شهور .. ويبقى الوضع على ما هو عليه .. لو أن عمرو زكي سجل من فرصة واحدة من ثلاث فرص لا تضيع لكنها ضاعت منه .. أو أن الحكم الجزائري الذي أدار مباراة مصر وليبيا قد احتسب ضربة جزاء صحيحة لصالحنا .. أو لو أن أبو تريكة سجل هدفا مؤكدا ضاع منه .. ساعتها كان يمكن أن يفوز المنخب المصري ويبقى الأمل في بطاقة التأهل لأوليمبياد 2006 قائما ويتأجل السيناريو بعض الوقت لكنه سيأتي حتما لأننا تعودنا ذلك. سواء تأهلنا أو لم نتأهل للمونديال .. وسواء خسر المنتخب أو فاز على ليبيا .. يجب أن نعترف أن هناك خللا واضحا في الكرة المصرية وأن الأزمة ليست في الفوز أو الخسارة أمام ليبيا وليست في أداء مباراة بشكل جيد أو سيء .. المشكلة أكبر بكثير وتحتاج علاجا جذريا وليس مجرد المسكنات .. لذلك وجدنا المنتخب يقع في نفس الأزمة التي وقع فيها خلال أمم أفريقيا بتونس .. لم يختلف الأمر سواء كان حرب هو رئيس الاتحاد أو كان عصام عبد المنعم .. سواء جاء الاتحاد بالانتخاب أو بالتعيين .. سواء كان المدير الفني هو محسن صالح أو "الخواجة" تارديللي لا فرق .. الكل سواء مادامت الأصول واضحة. الأساس هو اللاعب ، وما دام لا يوجد لدينا اللاعب المميز الذي يستحق أن يكون لاعبا دوليا .. وبالتالي لا يوجد لدينا لاعب "سوبر" فسيبقى الوضع على ما هو عليه .. وما دامت اللوائح والقوانين "تفصيل" ، و"بالمزاج وللمزاج" فسيقى الوضع على ما هو عليه .. وما دام الحكام بهذا المستوى الهزيل واحترامهم في الملاعب غائب كما حدث في مباراة الأوليمبي ومالية كفر الزيات .. فسيبقى الوضع كما هو عليه.
"سواء تأهلنا أو لم نتأهل للمونديال .. وسواء خسر المنتخب أو فاز على ليبيا .. يجب أن نعترف أن هناك خللا واضحا في الكرة المصرية وأن الأزمة ليست في الفوز أو الخسارة أمام ليبيا وليست في أداء مباراة بشكل جيد أو سيء .. المشكلة أكبر بكثير وتحتاج علاجا جذريا وليس مجرد المسكنات". اللوائح والملاعب والإدارة والمدربون والحكام والجماهير ووسائل الإعلام حالهم لا يختلف عن حال اللاعبين والأندية والاتحاد .. إنه نظام عام وشامل لا يحتاج مجرد هزة أو تغيير بل لابد له من ثورة .. ثورة حقيقية تعيد الأمور لنصابها الحقيقي وكفانا ما كان! هل من المعقول أن دولة تعدادها يزيد عن 70 مليون نسمة وتعيش على الكرة .. تأكل كرة وتشرب كرة وتنام على الكرة كما تستيقظ على الكرة .. لا يوجد بها لاعب سوبر .. ونجم الكرة بها الآن هو محمد أبو تريكة القادم من الترسانة للأهلي منذ أقل من عام فقط ؟ .. (ليس تقليلا من شأن أبو تريكة ، فهو نجم وخلوق ، ولكن أين أجهزة الناشئين والبراعم في الأهلي والزمالك ومشروع البراعم والعمالقة وغيرها؟ هل من المعقول أن أكبر ناديين في مصر لا يملكان ملعبا تقام عليهما مباراتيهما؟ هل من المعقول أن نظل في مشاجرة مستمرة وخلافات دائمة من أجل إسلام الشاطر وإبراهيم سعيد؟ وهل من المنطقي في شيء أن تحدث كل هذه الخلافات والمشاكل والقضايا من أجل القائمة الدولية للحكام؟ أنا لا أطالب بعدم التقدم بشكوى إذا كان هناك ظلم .. بل أتساءل : لماذا هذا الظلم ولمصلحة من؟ ولماذا لا تكون اللوائح واضحة والشفافية هي الأساس في التعاقدات والختيارات والتعاملات؟ أعرف أنني لا أقول جديدا وهناك المزيد والمزيد من الخلل والسلبيات لكنني أحاول فقط أن اشير لبعض هذه السلبيات لنتأكد أن القضية ليست في مباراة .. بل أكبر من ذلك بكثير .. القضية هي النظام الكروى الفاشل .. والنظام الرياضي المختل .. والنظام العام كله .. وسنظل لأكثر من مائة مرة نكرر نفس الكلام والانتقادت .. ولن يتغير شيء لأن لا شيء يتغير في بلدنا وإذا تغير شيء فسيكون مظهريا وليس جوهريا ولله الأمر من قبل ومن بعد!