القس أندريه زكي يشهد انطلاق فعاليات الحوار المصري الألماني    الذهب يواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم.. وزيادة 50 جنيها في الجرام    الأحزاب تصطف خلف بيان الخارجية.. سيادة مصر لا تُمس والدعم لفلسطين مستمر    "أكسيوس": نتنياهو طلب من الولايات المتحدة التوسط في المفاوضات الإسرائيلية - السورية    موقف سيف جعفر من الاستمرار مع الزمالك الموسم المقبل    عطية الله: إعارتي تنتهي بعد كأس العالم للأندية.. وأولويتي البقاء في الأهلي    محافظ كفر الشيخ: جاهزون لاستقبال امتحانات الثانوية العامة    القصة الكاملة لسرقة الدكتورة نوال الدجوي.. من البلاغ لحفظ التحقيقات    زفاف تحول لتحقيق رسمي.. القصة الكاملة لأزمة عريس متلازمة داون | فيديو    رامي جمال يدعم نجل تامر حسني.. "الغالي ابن الغالي"    «رصد خان» و«القطة العامية» ضمن عروض الموسم المسرحي بجنوب الصعيد    إنقاذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي ب الزهراء الجامعي    ضبط 1325 كرتونة وعبوة أدوية بيطرية مغشوشة بالمنوفية    من 1.8 ل 1.67 مليون.. لماذا انخفضت أعداد الحجاج في 2025؟    فتح باب التقديم للالتحاق بالمدارس الرياضية للعام الدراسي الجديد بالمنوفية (شروط التقديم)    مبادرة "بداية" تطلق تطبيق 5Seconds الأول من نوعه في مصر لتقديم تجربة تربوية تفاعلية للأطفال    القطار الخفيف يقلل زمن التقاطر يوم الجمعة من كل أسبوع للتسهيل على الركاب    المتحف المصرى الكبير بوابة مصر إلى العالم.. كاريكاتير    الحزن يخيم على البحيرة بعد مصرع تاجر ذهب متأثرا بجراحه إثر التعدى عليه بسكين    لترطيب الكبد- 4 فواكه تناولها يوميًا    رسميًا.. جالطة سراي يفتح باب المفاوضات مع ليروي ساني    "الزرقاني" يتفقد سير العمل بوحدة كفر عشما ويتابع معدات الحملة الميكانيكية    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    حماس تنفي تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    وزير الري: مصر تقوم بإدارة مواردها المائية بحكمة وكفاءة عالية    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" بالعبور الجديدة الأحد 22 يونيو    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    "كانوا بيلعبوا ب40 ألف بالضرائب".. نجم الزمالك السابق يثير الجدل بصورة الجيل الذهبي    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    كريم عبدالعزيز يصل ب"المشروع x" ل100 مليون جنيه وينتظره رقما قياسيا في شباك التذاكر    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    وزير الصحة يبحث مع مدير "جنرال إليكتريك" التوطين المحلي لأجهزة السونار    الصحة العالمية: رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتيات ما بعد «الاغتصاب»: طريق النسيان مسدود
نشر في الوطن يوم 27 - 08 - 2015

قبل سبع سنوات من الآن تعرضت (م. ع) لحادث اغتصاب أليم، لا تزال تفاصيله محفورة فى ذهنها، تلك الملامح التى انتهكت براءتها، تأتيها من حين لآخر بصورة مهزوزة تفتك برأسها الملىء بالتفاصيل، التى كثيراً ما ترعبها، حتى ذلك الطريق الذى وقف صامتاً أمام جراحها الكبرى بات هو الآخر دليلاً دامغاً على آلام لم تمحها الأيام ولا السنين، رغم استقرار حياتها الاجتماعية وتزوجها بعد ذلك الحادث بفترة وجيزة، (م. ع) البالغة من العمر 29 عاماً تحكى عن تلك الواقعة وتقول: «كنت فى آخر سنة فى كلية التجارة جامعة القاهرة وكانت إقامتى فى سكن للمغتربات وأثناء رجوعى إلى السكن، بعد يوم شاق من المحاضرات فى الجامعة ركبت سيارة أجرة على طريق المنيب، وأثناء الطريق ونزل جميع الركاب إلا راكب واحد والسائق»، اتفق الاثنان فيما بينهما على انتهاك براءة الفتاة وبالفعل اغتصباها لمدة ساعة كاملة داخل الميكروباص ثم ألقياها تنزف فى دمائها بجانب أحد صناديق القمامة على الطريق، حاولت أن تلملم ملابسها الملطخة بالدماء، التى تمزق بعضها بفعل الاعتداء، وذهبت إلى صديقتها المقربة فى السكن وأبلغتها بما حدث لها، وجسدها ينتفض من هول ما كان، اتصلت هذه الفتاه بأهلها فى نفس اليوم، ليشد أبوها وإخوتها الرحال إلى حيث تسكن ويعيدوها إلى بلدها سوهاج وتم حبسها بالمنزل وعدم استكمال دراستها الجامعية، كانت الصدمة كبيرة والفاجعة لم تمر بسهولة، وهو ما دفعها للانتحار أكثر من مرة، سوء حالتها النفسية والرعب الذى بات ونيسها فى ذلك التوقيت دفع أباها إلى الذهاب بها إلى طبيب نفسى بعيداً عن البلدة التى يعيشون فيها، سافرت بها والدتها وأخوها لدكتور نفسى بالقاهره واستغرق علاجها عاماً ونصف العام، وتبعتها بعام آخر مع ذلك الطبيب حتى لا تحدث لها انتكاسة.
إحداهن حاولت الانتحار مرتين.. وعلماء الطب النفسى: العلاج يستمر لسنوات
تؤكد (م. ع) أن العلاج انقسم إلى جلسات نفسية وعلاج بأقراص دوائية، وتعتقد أن هذا العلاج سبب لها ظهور بعض الهلاوس لفترة من الوقت، والآن تحمد الله أنها تعيش حياة مستقرة مع زوج متفاهم، وربما كانت المفاجأة لها أنه أحد الأطباء الذين ساعدوها على تجاوز الأزمة بعدما تعاطف معها ووقع فى حبها وقرر الارتباط بها والعبور بها إلى بر الأمان.
دكتورة سحر طلعت دكتورة الباثولوجى بجامعة القاهرة والمستشارة النفسية والاجتماعية فى مؤسسة نادى المغتصبات، واحدة ممن حاربوا الاغتصاب بجلسات تأهيل نفسى لهن، تحكى عن فكرة النادى وإنشائه، الذى استمر لعدة سنوات على موقع «إسلام أون لاين» ثم توقف بسبب غلق الموقع، حيث بدأ كنادٍ على الإنترنت للفتيات اللاتى تعرضن لمشاكل التحرش والاغتصاب وكانت الفتيات ترسل رسائل عن مشاكلها عبر الإنترنت وبسرية تامة، حيث تدخل أغلب الفتيات بأسماء مستعارة ويشرحن مشاكلهن كاملة، وبعد ذلك كان النادى يقوم بإعداد تدريب للفتيات فى كيفية الخروج من الأزمة.
وتؤكد رغم توقف النادى الخاص بها فإنها تسعى لإنشاء نادٍ جديد بنفس الفكرة، وتريد أيضاً إنشاء جمعيات مثل ذلك على أرض الواقع وليس على الإنترنت فقط، ولكنها لا تجد الدعم الكافى، وأنها تتمنى استمرار برامج الوقاية وتغيير وجهة النظر تجاه الفتاة التى تتعرض للاغتصاب، وأنها ما زالت على اتصال بكثير من تلك الفتيات وما زلن يطلبن منها العون فى العديد من المشكلات التى تواجههن.
ويؤكد الدكتور محمد حسام، المدرس بجامعة عين شمس واستشارى الطب النفسى بمستشفى الطب النفسى بمصر الجديدة، أن مثل هذه الواقعة قد تستغرق نصف ساعة لكن مدة مراحل العلاج النفسى تكمن فى العوامل النفسية التى تحدث بعد الواقعة، أولاً إحساس الشخص فى وقت الواقعة، وثانياً طبيعة شخصيته والطريقة التى يستقبل بها ما حدث، فإحساس القهر والضغط النفسى للشخص، بمعنى أنه لا يمكنه مساعدة نفسه ولا يمكن لأحد أن يساعده ولا يجد أملاً فى الخروج من الأزمة، فيولد ذلك عنده شحنة نفسية سلبية وضغطاً نفسياً قوياً جداً، يولد تراكمات نفسية لا تنتهى بانتهاء الموقف ويستمر هذا الشعور فترة كبيرة جداً.
ويتعامل الطبيب مع المريض حسب شخصيته، فهناك الشخصية العنيدة التى تظل طوال فترة الاعتداء تقاوم وتعافر ستحكى الواقعة لأهلها وستذهب لطبيب وستكون أخف وطأة عليها لأنه وعلى حد قوله: «اللى هتتكلم هترتاح»، وتوجد شخصية انهزامية مستسلمة فتعيش بتأنيب ضمير بعد الحادثة لوقت طويل جداً.
ويوضح حسام أن ما يحدث بعد الواقعة يسميه الطب «اضطراب الكرب ما بعد الصدمة»، وذلك أن طوال الوقت يتذكر الدماغ الشخص أو المكان، فبمجرد رؤية شخص يشبهه أو المرور من نفس المكان تحس بألم نفسى شديد فتعيش فى حالة من التوتر والحذر والترقب، كما أنها تصاب بالفزع من أى صوت، لأن الاستجابة العصبية عندها تكون عالية جداً.
ويؤكد حسام أن المرحلة العمرية تفرق كثيراً فى العلاج، لأن الأطفال لا تستطيع التعبير عما بداخلها، لكن سيظهر فى سلوكهم ولعبهم، فنجد الطفلة تلعب ألعاباً غير مناسبة للتطور الطبيعى لعمرها، وتأثير الحادثة يكون أخف وطأة عليها، وربما لا تتذكر منها شيئاً بعد مرور وقت، لكن إذا كانت فى فترة المراهقة فستترك الحادثة أثراً قوياً على نفسيتها.
ويشرح محمد حسام مراحل العلاج من الناحية الطبية بأن الجلسات النفسية تعتمد على جانبين مهمين، فيتعامل الدكتور مع المريض وأسرته، لأن فى هذا الوقت تشكل الأسرة ضغطاً كبيراً على المريض، ويقول مستنكراً «إحنا بنعالج من ناحية وأسرته بيبوظوا من ناحية»، وذلك لأن الأسرة لديها حالة من الإنكار غير مستوعبة أن ابنتهم تم الاعتداء عليها فتسقط على البنت التهم كاتهامها بعدم ارتداء ملابس مناسبة، والجانب الآخر جلسات تفريغ نفسى للمريض بأن يحكى كل شىء والتفاصيل مهمة، وتحتوى الرسائل المعالجة للمريض على تحليل المشاعر، بمعرفة المشاعر وقت الحادث، والمشاعر الآن، ثم تحليل الأفكار كالفكرة التى تسيطر على البنت بأنها لم تعد كباقى البنات، ثم السلوكيات بأن الحل ليس فى الهروب من المشكلة، ثم يأتى بعد ذلك العلاج الدوائى لأن هذه الحادثة تحدث خللاً فى المواد الكيميائية فى الجسم، وفى النهاية توجد بوادر أعراض انتكاسة، عند الشعور بها من الفرد أو الأسرة لا بد من الرجوع للطبيب.
ويشير حسام إلى أن مدة العلاج تتراوح فى الغالب من 6 إلى 9 أشهر، وبعض الحالات تستمر مدة العلاج لسنوات طويلة مع وجود فترات للمتابعة بعد العلاج.
فيما أكد حسام أن المجتمع عليه دور كبير للقضاء على تلك الظاهرة، فلا بد للأسرة أن تضع قواعد وترسخ مبادئ تتعلق بالقيم الأخلاقية والاجتماعية فى نفسية الطفل حتى تنمو شخصيته بشكل سوى، كما لا بد أن يعتاد الطفل على التعامل مع الفتاة ويحترمها كأخته وهو ما يحد من هذه الظاهرة، كما يجب على كل منا تفريغ طاقته السلبية والإحباط فى أشياء مفيدة كالإنهاك فى العمل أو ممارسة الرياضة.


سحر

حسام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.