الفن والرسم عادة ما يكون جزء من هوايات عدد كبير من الفتيات فى مرحلة معينة من عمرهن وقليل منهن من يستمر فى ممارسة تلك الهواية حتى تصبح جزءا من طبيعة عمله ولكن هناك فتاة واحدة هى التى قررت ان تحول هوايتها لعملها بل والأهم من ذلك انها جعلت من هوايتها وعملها وسيلة لعلاج مريض انها الفنانة التشكيلية الشابة " إيمان عبدالله " التى قررت ان تحول الفن التشكيلى الى طريق للعلاج النفسى ، فكيف بدأت هذا التخصص النادر هذا ما سترويه لنا بنفسه هل طبيعة دراستك ترتبط بالطب النفسى أم الفن التشكيلى ؟ الإثنين معا فأنا دراستى الأساسية كانت الفن التشكيلى من خلال كلية التربية الفنية ثم حصلت على دبلومة فى الإرشاد النفسى ومن ثم قررت إستخدام الفن التشكيلى فى العلاج النفسى حيث انه من وجهة نظرى ومن خلال دراستى فى علم النفس إكتشفت ان الفن التشكيلى لم يعد مجرد لوحة يتم رسمها وإنما تعدى ذلك ليكون أبرز أساليب العلاج النفسى المعترف بها عالميا . وكيف يمكن أن يتم العلاج بالفن ؟ فكرة هذا النوع من العلاج تعتمد على الإستعمال العلاجى للإنتاج الفنى من خلال تأمل الفن والتمعن فى ماهيته وأشكاله بحيث يستطيع المرضى المصابون بالإكتئاب أو الإضطرابات النفسية أن يطوروا من درجة إدراكهم لأنفسهم والأخرين والأهم من ذلك هو إمكانية التأقلم مع الأعراض المرضية والضغوط التى تنتابهم والصدمات التى يمرون بها مما يحسن من قدراتهم ويستمتعون بحياتهم نسبيا من خلال الإندماج فى الفن التشكيلى . هل العلاج بالفن يحتاج الى متخصص من نوع خاص ؟ نعم فالمعالجون بالفن لابد أن يكونوا مهنيون متدربون فى كلا من الفن والعلاج النفسى كما انهم لابد أن يكونوا مطلعون على النمو الإنسانى والنظريات النفسية والتطبيق الإكلينيكى والقدرة الشفائية للفن ويعتمدون فى ذلك على لوحات الفن التشكيلى . معنى ذلك ان هناك علاقة بين الفن التشكيلى والعلاج النفسى ؟ هذا صحيح بل وعلاقة وثيقة جدا ، فالمريض النفسى يستطيع أن يعبر من مشاعره وينفس عن همومه الداخلية من خلال الرسم ، لذلك فنحن دائما نطلب ممن يشكو من أى أزمة نفسية أن يرسم صورة أو أكثر ثم نحللها من حيث الأفكار والإسلوب الذى نفذت به مثل الخطوط والألوان والأشكال والعناصر ثم نربطها مع الحالة النفسية أو المشكلة التى يعانى منها المريض ثم نضع خطة لعلاجه . وما هى الأمراض التى يتم علاجها بالفن التشكيلى ؟ الأطفال هم أكثر الفئات التى يمكن علاجها بالفن التشكيلى خاصة المصابون بفرط أو قلة الحركة وضعف التركيز والإنتباه والتوحد وكذلك المدمنين خاصة الشباب بالإضافة الى الإكتئاب والهوس والوسواس القهرى . وهل يأتى العلاج بالفن بنتيجة مضمونة ؟ الحمدلله معظم الحالات التى تعاملت معها حققت نجاحا كبيرا بفضل الله وذلك سواء كانت فصاما أو وسواسا أو صعوبة التعلم . وكيف وجدت الإقبال على هذا النوع من العلاج ؟ حتى الأن لم يحقق العلاج بهذه الطريقة الدعاية الكافية له وبناء عليه فإن عدد ليس كبير من الناس هم من سمعوا عنه لدرجة ان البعض بمجرد دخوله الى المستشفى يشعر انه فى أتيليه رسم ولكن مع الوقت بدأ العلاج بالرسم يجد إقبال كبير خاصة بعد النتائج التى حققها . هل يرتبط هذا النوع من العلاج بالأطفال ؟ بالعكس فهناك مرضى فى السبعين والثمانين يقبلون على هذا النوع من العلاج ويجدون فيه نتائج رائعة ، فالرسم والألوان عادة ما يستهوى كل الناس بغض النظر عن ان كانوا يجيدون الرسم أم لا ولكن الأطفال يميلون أكثر الى التشكيل بالصلصال . وهل يتقن المريض الرسم بعد الإنتهاء من العلاج ؟ هذا أمر ليس مهم فالهدف االرئيسى من العلاج بالرسم والفن التشكيلى هو شفاء المريض ، ولكننا إذا إكتشفنا أثناء فترة العلاج إن المريض لديه مهارات فنية يمكن تطويرها فنبدأ فى مساعدته فى إكتشاف تلك الموهبة وتنميتها . هل يمكن الإعتماد على هذا النوع من العلاج كبديل للطب النفسى ؟ لا طبعا فالإثنين يكملان بعض خاصة انه هناك بعض الأمراض النفسية تحتاج الى علاج دوائى وهذا ما يقوم الطب به أما المعالج النفسى فيهدف الى التركيز على الإحساس والمشاعر والسلوك . العلاج بالرسم هل يحتاج الى شرح أولى للمريض عن طبيعة الجلسات العلاجية ؟ نعم فلابد ان يشرح المعالج للمريض الهدف من العلاج بالفن التشكيلى والرسم ثم يضع خطة لعلاجه على حسب إستجابته ، فمثلا إذا كان المريض يعانى من فصاما فى الشخصية نطلب منه أن يرسم صورة تعبر عن ما يشعر به أو يحمله بداخله ولايستطيع أن يعبر عنه بالكلام ومن خلال الرسم نستطيع أن نحدد الهلاوس والضلالات التى يعانيها ومن ثم نحاول إقناعه انها ليست صحيحة وانما مجرد تخيلات وأوهام وبعد النقاش وجلسات العلاج نطلب منه أن يرسم لوحة أخرى حتى يصغر حجم هذه الضلالات شيئا فشيئا الى ان تختفى تماما . لماذ لايوجد قسم متخصص للعلاج بالرسم فى كليات الطب ؟ هذا أسوا شىء فى العلاج بالرسم فحتى الأن لاتوجد كلية متخصصة فى العلاج بالفن التشكيلى كما لاتوجد مواقع على شبكة الإنترنت تقدم أبحاثا أو دراسات فى هذا المجال باللغة العربية فضلا عن ان عدد المستشفيات التى تستخدم هذا الإسلوب العلاجى قليلة جدا . ما هى أطرف الحالات التى عولجت بهذه الطريقة ؟ حالة من الوسواس كان يعانى منها شاب فى الثلاثينات وكان لديه هوس بأنه لو فتح يده ليسلم على أى شخص سيصاب بالإغماء وهذا ما كان يحدث معه بالفعل لذلك كانت يده مقبوضة بإستمرار ولايفتحها أبدا حتى تكونت طبقة من القشرة فوق يده وقد قمن بعلاجة عن طريق وضع قطعة من الصلصال داخل يده مما جعله يشعر بالرطوبة فبدأ يفتحها ومع الوقت اعتاد على ذلك كما علمته سد الفراغات الموجودة بالرسومات من خلال إسفنجة تشربت الألوان فبدأ يفتح يده كل يوم لمدة نصف ساعة حتى شفى تماما .