ربما كان يستمد كتاب الدراما مقومات شخصية الطبيب النفسى من رسامى الكاريكاتير فكثيرا ما كنا نرى الطبيب النفسى بملامح ثابتة، شعر منكوش، متوتر، أقرب إلى مرضاه لكن هذا العام سوف نرى يسرا فى شخصية طبيب نفسى ونشك أن تكون منكوشة الشعر ورثة الثياب، وتؤكد يسرا أنه لا يوجد فى المجتمع إنسان إلا ويعانى من أمراض نفسيه فكلنا مرضى نفسيون.. وتقول إن تقديم الدراما لشخصية الطبيب النفسى بشكل كاريكاتيرى زمان كان طبيعيا لأنه كان فى الأعمال الكوميدية فمن لا يحب فيلم إسماعيل ياسين فى مستشفى المجانين، ففى الكوميديا يحق للفن أن يفعل أى شىء فى إطار خيالى..وتضيف: وأنا عن نفسى ذهبت مرة عندما كنت فى أمريكا إلى «هبنوسر»، وهو عباره عن إنسان تجلس معه وتحكى دون أن يستعمل ما تحكيه له ضدك، ولم أفعلها سوى مرة واحدة، لأنى فى هذا الوقت كنت فى حاجة شديدة إلى أن أقول كل ما بداخلى لشخص أمين، وبالفعل بعدها شعرت براحة شديدة جدا، فانا مؤمنة جدا بالطب النفسى، فالذهاب إلى الطبيب النفسى ليس عيبا أو حراما، وإنما الخطأ أن تعتقد أنك لست مريضا وأنت بالفعل مريض وتحتاج إلى المساعدة، وأنا حرصت فى هذا العمل أن أقدم الشخصية بشكل واقعى جدا فعقدت جلسات كثيره مع أطباء نفسيين، وتحدثت إليهم وحضرت مؤتمرات طبية، كما قرأت كتبا كثيرة عن الطب النفسى، فأنا أشعر أننى درست الطب النفسى، ليس بمعنى أننى حصلت على شهادة علمية، وإنما أصبحت فاهمة لمهنة الطب النفسى جدا. وعن دورها فى المسلسل تقول: أقدم شخصية «شريفة» طبيبة نفسية متزوجة ولديها بنت «يسرا اللوزى»، ولديها حياة وعلاقات إنسانية سواء مع زملائها أو المرضى، أو صديقتها المقربة، أو مع المربية الخاصة لها، وإذا حصرنا هذه العلاقات سنكتشف أننا نتحدث فى مشكلات كثيرة جدا ليست أقل من 40 مشكلة هى نفسها التى نقابلها فى حياتنا اليومية، فنحن نطرح المشكلات من خلال العلاقات بين الأشخاص وبعضها البعض، ولا نطرح قضية واحدة ونركز عليها طوال حلقات المسلسل. أما تامر حبيب مؤلف المسلسل فيقول: نقدم الطبيبة النفسية كإنسانة وليس بشكل مبالغ كما يظهر فى بعض الأعمال القديمة، فنحن نركز على الجزء الإنسانى، كما نطرح سؤالا لماذا نحن الشرقيين نعامل المرضى النفسيين على أنهم مجانين؟ رغم أنهم ليسوا كذلك. لأننا إذا حسبناها سنكتشف أننا جميعا مرضى نفسيون بدون استثناء، فلابد أن يكون عندنا نوع من التحضر فى التعامل مع هؤلاء المرضى. كما أننا لا نناقش القضايا النفسية فقط من خلال العيادة، بل نناقش الكثير من المشكل من خلال عائلة الدكتوره شريفة والمقربين لها الذين يستعينون بها فى كل أزمة يمرون بها، ومن خلال المسلسل نتناول الطبقات الثلاث الأغنياء والفقراء والطبقة المتوسطة، ونطلع على كل مشكلاتهم.. وليس هذا فقط بل نطرح فكرة أن الطبيب النفسى من الممكن أن يكون مريضا نفسيا، والمشكلة التى تحول بين ذهاب الناس إلى الأطباء النفسيين هو خوف الناس من أن يستغل هذا الشخص ما قاله ضدهم. ويقول الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسى: لا شك أن تقديم الدراما المصرية للطبيب النفسى تغير كثيرا خلال السنوات الأخيرة، فكانت فى الفتره الأولى تقدمه وكأنه يعانى أكثر من المريض نفسه، وتظهره بشكل ساخر جدا، فى الأعمال الكوميدية ليضحك الناس عليه.. والسبب فى هذه النظرة أن الناس كانت تعتقد أن المريض النفسى يحجز فى المستشفى لعدم وجود أى علاج مخصص لمرضه، وهذه الصوره غير صحيحة لأن الحقيقة أن أكثر من 99% من المرضى النفسيين يتم علاجهم خارج المستشفيات والنسبة القليلة الباقية هى من تحجز فى المستشفى، ولكن للأسف هذه النسبة الصغيرة عكست صورة سيئة للمريض النفسى وجعلته وكأنه وصمة، أما الآن فعلاج الامراض النفسية متوفر جدا وبكثرة ويسمح للمريض أن يعالج دون دخول المستشفى، ولا ننكر أنه فى الوقت الذى تغيرت فيه نظرة المجتمع للطبيب النفسى كان الطب النفسى قد تبوأ مكانا رفيعا بين التخصصات المختلفة لعلوم الطب، خاصة بعد أن اتجه الطب النفسى للعلاج بالناحية العلمية وليس الفلسفية كما كان يحدث فى البداية. وهناك فضل يعود إلى الإعلام فى كل العالم وليس فى مصر فقط لأن الإعلام يعمل الآن على فكرة إزالة الوصمة الملتصقة ظلما بالطبيب النفسى، وزيادة التوعية بأهمية الطب النفسى، كما قربت المسافات كثيرا بين الطبيب النفسى والناس، وزاد هذه الثقة، الجدير بالذكر أن كل الأعمال التى حصلت على الأوسكار فى السنوات الأخيرة كانت أفلام تناقش حالات نفسية، تم علاجها بطريقة سينمائية متميزة ومتفردة، وأريد أن أوضح أننى أول طبيب نفسى ظهر على شاشة التليفزيون عام 1966 فى برنامج «نجمك المفضل» إعداد الكاتب الكبير أنيس منصور، ولم يظهر قبلها الطبيب النفسى إلا فى أفلام إسماعيل يس فى مستشفى المجانين.