تتعرض يسرا لحملة هجوم كبيرة علي مسلسلها خاص جدًا حيث انطلقت الأقلام لتعلن رفضها لأن تكون يسرا هي محور الأحداث والممتلكة لأكبر مساحة فيها دون غيرها من الممثلين الذين يعملون معها بالمسلسل وأنها أصبحت بارعة جدًا في تفصيل الأدوار علي مقاسها ولم يتوقف الهجوم عند ذلك الحد بل أشار البعض إلي أن المسلسل ينطوي علي بعض المبالغات كأن يدور عمل الطبيبة النفسية شريفة بين القاهرةودبي من خلال عيادتين مختلفتين وهو أمر يغلب عليه الخيال بعيدًا عن منطقية الواقع، بالإضافة إلي أن ملابس يسرا في المسلسل قد لفتت الانتباه وعلق البعض بأنها متحررة زيادة عن اللزوم ولا تتناسب مع شخصية الطبيبة التي تعتبر نفسها قدوة ومصلحة اجتماعية تسعي في حل مشاكل مرضاها ومساعدتهم. إن يسرا عندما تجسد شخصية ما في عمل درامي فلابد لهذه الشخصية أن تكون لها مواصفات معينة، واكتمال جوانب الشخصية دراميا ليس معناه أن الدور قد تم تفصيله عليها لأن يسرا فنانة رقيقة مرهفة الإحساس تميل إلي الأدوار الجياشة بالمشاعر ولا يمكن أن تترك الرومانسية تفلت من يدها مهما كانت الأسباب، ومن الطبيعي أن تكون يسرا محورًا للأحداث لأنها بطلة المسلسل والمركز الذي يدور في فلكه الجميع، والعبرة عندها ليست بحجم الدور ومساحته لكن بالقيمة وهو الأمر الذي لا ينتبه إليه الكثيرون، فقد قدمت أدوارًا قصيرة جدًا في أفلام المنسي وطيور الظلام ومن قبلهما الإرهاب والكباب، فهي تعايش الشخصية معايشة كاملة، فالمهم أن تصل إلي عمق الاحساس بالدور وتلتقط مفتاحه بعبقرية وذكاء. يسرا حلقة ذهبية في سلسلة النجوم الكبار، يسطع سجلها الفني بأهم ثلاثة أفلام من بين أجمل مائة فيلم مصري، فهي ليست نجمة قد لجأت إلي الدراما التليفزيونية من أجل تأكيد نجوميتها أو تحقيق الانتشار بل هما قد تحققا قبل هذه الفترة بمراحل، وعملها في الدراما هو اضافة مهمة لما تنتجه الدراما المصرية من مسلسلات، فعلي الرغم أن خريطة النجومية في مصر تتغير من وقت إلي آخر وترتفع خلالها نجوم ويهبط نجوم آخرون إلا أن يسرا تحافظ علي نجوميتها وتألقها طوال 25 عامًا فهي تتربع علي عرش النجومية والجمال، كما أنها وصلت إلي العالمية مع يوسف شاهين في المهاجر وحدوتة مصرية وإسكندرية كمان وكمان ومع صلاح أبوسيف في البداية وهذا التألق جعلها لا تقدم في الدراما إلا الأعمال التي تعكس آفاقًا جديدة تتوج من خلالها مشوارها الفني الحافل بالنجاح. أما الاعتراض علي عدم منطقية أن تكون للشخصية عيادة في القاهرة وأخري في دبي، فهذا جزء أساسي من نسيج العمل الدرامي تبني عليه العلاقات بين الشخصيات ومن الخطأ أن نفرض علي العمل الفني بعض المفاهيم والمقولات المسبقة بل يجب أن نتفهم تركيبة الشخصية من الجانب الاجتماعي والنفسي وارتباطها بالمكان والمغزي من وراء كل ذلك عبر سياق الأحداث. وخلال هذه الرحلة كانت تؤدي الأدوار التي تهز وجدانها وتحرك مشاعرها وتري أنها ستضيف إليها، وكانت الدراما صدي لهذا النجاح حيث إنها لا تختار إلا الدور الذي تعشقه وتدرك أنه يصل إلي قلوب الناس، وهي في أداء شخصية الطبيبة شريفة تندمج مع كل حركة وكلمة، فهي تلقائية إلي أبعد الحدود ولا يمكن أن نقول أنها تتقمص الشخصية بل تجسدها أفضل تجسيد كفنانة اعتادت علي أن تضع نفسها بين الفنانين العظام. ولا يمكن أن تكون أناقة يسرا وجمالها الأنثوي وبهاء طلتها عوامل تحمل إليها الهجوم أو الانتقاد فهي أميرة الأميرات وعروس أحلام الشباب وأسطورة الفن والجمال، أفروديت أو فينوس المصرية التي تثير الإعجاب وهي تجسد في المسلسل شخصية امرأة ارستقراطية فلابد أن يكون هناك نوع من التميز في الملابس وهذا يتوقف علي طبيعة الدور نفسه لأنها عندما جسدت دور البنت الشعبية في فيلم المولد كانت ملابسها في غاية البساطة لتعبر عن الدور بمنتهي الوضوح والاتقان. يسرا قدمت هذا العام عملاً فنيا جديرًا بالاحترام لا ينفصل عن الدور الذي تسعي إليه دائمًا، وهو تقديم رسالة واضحة للمجتمع ومناقشة همومه، وأزمات الأشخاص المعبرين عنه، فهي فنانة وسفيرة لحقوق الإنسان ومجتمعه وبيئته وهذه هي بصمتها الرائعة في الدراما المصرية لأنها مازالت تتحمل أعباء هذه الرسالة وتقوم بها عن حب واقتناع. يسرا جميلة الجميلات ورمز الفن المصري وقمة نضجه وتوهجه فهي تمارس النقد علي نفسها قبل أن يمارسه أحد ضدها، لتبقي عروس السينما والدراما والمهرجانات.