ينظر الكثيرون للسجون باعتبارها مؤسسات عقابية خاصة في البلاد العربية، إلا أن بعض الدول الأوروبية انتهجت نهجا مختلفا من خلال النظر للسجون باعتبارها مؤسسات لإعادة تأهيل السجناء، فاتخذت السجون بها أشكال عجيبة تتعارض مع الصورة التقليدية للسجون، ومنها: سجن هالدن: يقع سجن هالدن في النرويج، وهو من أكثر السجون إنسانية في التعامل مع السجناء وفقا لمجلة "تايم" الأمريكية، إذ يوفر السجن للمساجين غرف مزودة بثلاجة وتليفزيون بالإضافة لحمام ببلاط سيراميك، كما يوفر السجن لهم العديد من الفعاليات والنشاطات لتنمية مهاراتهم، ومنها كرة السلة، وتسلق الصخور، والركض، وكرة القدم، إلى جانب وجود أستوديو تسجيل خاص في السجن ومكتبة . أما عن أهم ما يميز سجن "هالدن" فهو تصميمه، إذ استخدم المصمم فيه أكثر من 18 لونا حتى لا يشعر السجناء بالملل ويساعدهم على الراحة والاسترخاء، ويساعد التصميم المميز للسجن على إتاحة الفرصة للسجناء للإحساس بكافة فصول السنة على الرغم من وجود سور يصل ارتفاعه إلى 6 أمتار، كما يوفر السجن حديقة مزودة بممرات للركض ومقاعد للجلوس. وإلى جانب التصميم فإن من المميزات المثيرة للدهشة في سجن "هالدن" هي كونه يوفر للنزلاء غرف نوم للأهالي في حالة ما إذا كانت رحلتهم طويلة، وهو ما قد لا يتوافر في أي سجن آخر، كما تحرص إدارة السجن على تدريب الحراس، وفقا لبرامج متخصص تمكنهم من أداء مهامهم، ومن أهمها رفع الروح المعنوية للسجناء وتحفيزهم حتى يتمكنوا من النجاح في حياة ما بعد السجن، ولذلك يهتم الحراس بمشاركة النزلاء الطعام واللعب، ويهتم المسؤولون في السجن بتوفير العناية الطبية للسجناء، والتي يعتبروها من أهم حقوقهم فيتواجد بالسجن عيادة أسنان وأطباء، فضلا عن وجود ممرضات ومختبر، أما عن الحالات الطارئة فتتوفر مستشفى صغيرة ضمن مرافق السجن.
سجن كوبنهاجن: يقع سجن كوبنهاجن في الدنمارك، وهو من أقدم السجون بها، إذ تم بنائه منذ أكثر من 151 عاما، ومن أهم ما يميز السجن هو تعامله مع السجناء بوصفه مؤسسة إصلاحية، فالسجين له الحق في ممارسة شعائره الدينية بحرية، كما أنه يمتلك مفتاح زنزانته وله الحق في غلقها عند خروجه إذا شاء باعتبارها تتضمن أشيائه الخاصة، كما أن السجين يتحرك عبر السجن بلا قيود أو كلابشات على عكس ما هو متبع في السجون التقليدية . ويوفر السجن العديد من سبل الراحة، إذ يتم إتاحة ثلاجة وتليفزيون في غرفهم، كما تتضمن مرافق السجن "جيم" بكافة المستلزمات الرياضية وغرفة "مساج" للسجناء، والعديد من الألعاب الرياضية وألعاب الفيديو ليمارسها السجناء مع أطفالهم عند حضورهم للزيارة، فضلا عن ذلك تحرص إدارة السجن على نظافة الحمامات كما تسعى للاهتمام بالعناية الطبية للنزلاء وبالمكتبة التي تضم العيديد من الكتب بمختلف اللغات منها العربية والإسبانية والدنماركية . ومن أبرز ما يتميز به سجن كوبنهاجن هو وجود جريدة تصدر في السجن كل 3 أشهر، ويحررها السجناء بتحريرها ليعبروا فيها عن مشاعرهم كما يتواجد ضمن مرافق السجن سوبر ماركت يضم كافة المنتجات، ويقوم السجناء بشراء ما يلزمهم منه عن طريق الأموال التي يحصلون عليها خلال عملهم في الأنشطة المهنية المختلفة التي يوفرها السجن للإعادة تأهيل السجناء وتتراوح مدة العمل ما بين 7 و8 ساعات يوميا . سجن كارافا : كارافا هو أحد السجون الفنلندية التي تتبع نهج السجون المفتوحة، ففيه لا توجد أبواب أو أقفال وإنما مجرد فضاء مفتوح فالسجناء في كارافا يقضون يومهم في العمل سواء في الزراعة أو تربية الأرانب والخراف، ويحصلون نظير عملهم على أموال تتيح لهم الذهاب للتسوق، ويسمح السجن للنزلاء بالحصول على هواتف محمولة بالإضافة إلى منحهم 3 أيام عطلة كل شهرين يتحررون فيها من العمل . ولا يعد العمل في المزرعة إجباري في كارافا، ففي حالة ما إذا أراد أحد السجناء الدراسة بدل من العمل بها تسمح له الإدارة بل وتوفر له منحة تساعده على استكمال دراستهم، وتولي إدارة السجن كذلك أهمية خاصة للترفيه فتسمح لهم بالذهاب للصيد والمخيمات، ولكن على أن يكون ذلك تحت إشراف فريق المراقبة الخاص بالسجن . الجدير بالذكر أن سياسة السجون المفتوحة بدأت فنلندا في تطبيقها منذ 30 عاما، وتقوم في أساسها على اعتبار السجون مؤسسات إصلاحية وليست عقابية، إذ ساهمت في جعل فنلندا تمتلك اليوم أقل معدل سجناء في العالم .
السجون الألمانية : اختفى مفهوم السجون النمطية من ألمانيا، فأصبحت المؤسسات الإصلاحية يطلق عليها اسم "دوائر التنفيذ القضائي"، وتوفر هذه المؤسسات للنزلاء العديد من أشكال الرفاهية وفقا لموقع "دويتش فيله"، إذ تتيح للسجناء الحصول على الكتب وممارسة الهوايات والأنشطة المختلفة، كما تسمح بعضها بإصدار النزلاء لصحف تحت إشراف مسؤولين من دوائر التنفيذ القضائي التابعة لوزارة العدل . وتحرص بعض السجون الألمانية على توفير غرفة خاصة للعبادة، بالإضافة للتعاون مع المؤسسات التعليمية لضمان إتاحة الفرصة للسجناء الراغبين في استكمال دراستهم أثناء أداء فترة العقوبة .