سعر الذهب اليوم الأربعاء 15 اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    أسعار الخضار في أسوان اليوم الأربعاء    أسعار الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض الأبيض والأحمر الأربعاء 15 أكتوبر 2025    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 15-10-2025 بعد الانخفاض الأخير.. كم سجل عز الآن؟    عاجل- إسرائيل تقرر فتح معبر رفح لنقل المساعدات إلى غزة بعد إعادة رفات 4 محتجزين    ميسي يتألق فى فوز الأرجنتين على بورتو ريكو بسداسية وديا (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 15-10-2025 والقنوات الناقلة    الطقس اليوم.. خريفي مائل للبرودة ليلًا ونشاط للرياح والعظمى في القاهرة 28 درجة    بسبب خلافات.. فكهاني يقتل شاب بطلق ناري في قليوب    حادث تصادم لسيارة الفنانة هالة صدقى بالشيخ زايد    مسلسل ولي العهد الحلقة 1 تتصدر الترند.. ما السبب؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025.. تعرف على موعد الأذان في محافظة المنيا    نتنياهو: إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق ستفتح أبواب الجحيم    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية ويرفع الغطاء عن المخالفين    ثمن سيارة فارهة، حقيبة زوجة محمد صلاح تثير الجدل في مصر (صور)    المطربة ياسمين علي تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    بعد تحليل المخدرات، قرار عاجل من النيابة ضد سائق التروسيكل المتسبب في وفاة 5 تلاميذ بأسيوط    قمة «شرم الشيخ للسلام»    الفيلم السعودي «تشويش» يواصل حصد الجوائز عالميًّا    كل ما تريد معرفته عن سكر الدم وطرق تشخيص مرض السكري    طرق متنوعة لتحضير البيض المقلي بوصفات شهية للإفطار والعشاء    قرار عاجل في الأهلي بشأن تجديد عقد حسين الشحات    الكنيسة الكلدانية تحتفل بختام ظهورات العذراء سيدة فاتيما في مصر    في شهر الانتصارات.. رئيس جامعة الأزهر يفتتح أعمال تطوير مستشفى سيد جلال    اتحاد الصناعات: الدولة تقدم دعمًا حقيقيًا لإنقاذ المصانع المتعثرة وجذب الاستثمارات الصناعية    ارتفاع أرباح جولدمان ساكس خلال الربع الثالث    العكلوك: تكلفة إعادة إعمار غزة تبلغ 70 مليار دولار.. ومؤتمر دولي مرتقب في القاهرة خلال نوفمبر    ترامب يلغي تأشيرات أجانب سخروا من اغتيال تشارلي كيرك    مميزات وعيوب برج السرطان: بين العاطفة والخيال والحنان    داليا عبد الرحيم تهنئ القارئ أحمد نعينع لتعيينه شيخًا لعموم المقارئ المصرية    وزير العمل: لا تفتيش دون علم الوزارة.. ومحاضر السلامة المهنية تصل إلى 100 ألف جنيه    اليوم، غلق لجان تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب    الزمالك يجهز محمد السيد ومحمود جهاد للسوبر المصري    هيئة الدواء: تصنيع المستحضرات المشعة محليًا خطوة متقدمة لعلاج الأورام بدقة وأمان    ترامب يهدد بفرض عقوبات على إسبانيا بسبب رفضها زيادة الإنفاق في «الناتو»    نجم الزمالك السابق يكشف عن «أزمة الرشاوي» في قطاع ناشئين الأبيض    باسم يوسف: مراتي فلسطينية.. اتعذبت معايا وشهرتي كانت عبء عليها    هتكلفك غالي.. أخطاء شائعة تؤدي إلى تلف غسالة الأطباق    بالصور.. محافظ الغربية في جولة بمولد السيد البدوي بمدينة طنطا    تعرف على المنتخبات المتأهلة لكأس العالم بعد صعود إنجلترا والسعودية    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    اليوم، إغلاق الزيارة بالمتحف المصري الكبير استعدادًا للافتتاح الرسمي    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في قنا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل طالبة بولاق الدكرور هنا فرج    رونالدو يحقق رقما قياسيا جديدا في تصفيات كأس العالم    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات إلى 4.8% في العام الحالي    معرض حى القاهرة الدولى للفنون فى نسخته الخامسة لمنطقة وسط البلد لعرض أعمال ل16 فنانا    رسميًا.. موعد امتحانات الترم الأول 2025-2026 في المدارس والجامعات وإجازة نصف العام تبدأ هذا اليوم    «توت عنخ آمون يناديني».. الكلمات الأخيرة ل «كارنافون» ممول اكتشاف المقبرة الملكية (فيديو)    في 3 أيام .. وصفة بسيطة لتطويل الأظافر وتقويتها    متى يكون سجود السهو قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح حكم من نسي التشهد الأوسط    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    الجامعة الأمريكية تنظم المؤتمر ال 19 للرابطة الأكاديمية الدولية للإعلام    ورشة عمل لاتحاد مجالس الدولة والمحاكم العليا الإدارية الإفريقية    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    إثيوبيا ترد على تصريحات الرئيس السيسي: مستعدون للانخراط في مفاوضات مسئولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخسارة الأكبر
نشر في الوطن يوم 14 - 05 - 2015

إن من أهم وأعظم الأهداف التى يحرص عليها المصلحون والدعاة إلى الله، هى الوصول إلى قلوب الناس، ولا يتم هذا إلا إذا شعر هؤلاء بصدق الدعاة وأنهم يقدمون القدوة والنموذج الصالح.. فإذا أحب الناس من يدعونهم إلى شىء، خاصة إذا كان فى صالحهم -دنيا وآخرة- أقبلوا عليهم فى شوق واستمعوا لأحاديثهم باهتمام وتجاوبوا معهم دون تردد.. وهذا لا يتأتى إلا إذا كان التعامل مع الناس بقيم الرحمة واللين والرأفة والإحسان، وكما يقال «جبلت النفوس على حب من أحسن إليها».. وهكذا كان النبى (صلى الله عليه وسلم) فى تعامله مع صحابته رضوان الله عليهم، إذ كان يفيض رقة وعذوبة وحناناً، وقد أفاء الله تعالى عليه من رحمته ما جعله يسع الدنيا كلها، وفى ذلك يقول سبحانه: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين» (الأنبياء: 107)، وقوله تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين» (الشورى: 159)، وقوله (صلى الله عليه وسلم): «إنما أنا رحمة مهداة».. إن الأصل فى الدعوة إلى الله هو القبول والرضا والاقتناع دون إكراه أو إجبار، ولا يكون ذلك إلا بالكلمة الطيبة، واللمسة الحانية، والمحبة الصادقة، والمشاعر الرقيقة، والإحساس المرهف، والجانب اللين والهين، وفى هذا يقول المولى سبحانه: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ» (النحل: 125)، وليس بالحسن فقط، أى تحرى ما هو أفضل وأليق.
وإذا كان المسلم مأموراً بأن يكون أسلوب تعامله مع الكافرين بالحكمة والموعظة الحسنة، فكيف بتعامله مع أخيه المسلم، أو حتى غير المسلم الذى يعيش معه فى وطن واحد، يشاركه فيه أفراحه وأتراحه؟ ولنتأمل قوله تعالى: «وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ» (التوبة: 6)، أى إذا استأمنك فأجبه إلى طلبه حتى يسمع كلام الله، أى آيات القرآن تقرؤها عليه وتذكر له ما يتعرف به على الإسلام، فإن الناس أعداء ما جهلوا، وأن تكون ناصحاً له رفيقاً به عطوفاً عليه.. ولا يكفى هذا، بل عليك أن توصله إلى المكان الذى يجد فيه أمنه وراحته وسلامته.. هذا هو الإسلام.
انظر إلى القرآن فى بيانه المعجز وأسلوبه المبدع وهو يلفت انتباهنا إلى الكيفية التى نواجه بها السيئة، يقول تعالى: «وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ» (فصلت: 34).. حقاً، شتان -إى شتان- بين الطيب والخبيث، بين الحسن والقبيح، بين اللين والخشونة، بين الرصانة والرعونة، وبين الصالح والطالح.. يطلب منا سبحانه أن يكون السلوك الحسن هو ديدننا، أن نواجه بعفونا وحلمنا وطيب حديثنا وفعلنا إساءة غيرنا.. فإننا إن فعلنا ذلك، انقلب من يناصبنا العداء إلى قريب إلينا مشفق علينا مهتم بأمرنا، وتلك نعمة كبرى لا يستشعرها إلا من فتح الله قلبه وشرح صدره.
لكنا -للأسف- ابتلينا بقوم ضيقى الأفق، غلاظ القلوب والأكباد، لا يرون أكثر من مواطئ أقدامهم.. لقد أتيح للإخوان وأنصارهم، خاصة وهم فى السلطة، أعظم الفرص للتودد إلى الناس، والإحسان إليهم، وكسب ثقتهم ومحبتهم واحترامهم وتقديرهم.. كان فى أيديهم حكم مصر.. لكنهم أساءوا التصرف.. لم يحسنوا التعامل مع الخير الذى أفاء الله به عليهم.. ظنوا أنهم وصلوا إليه بجهدهم وعرقهم، دون توفيق الله لهم.. نسوا فضل الله عليهم.. لم يتواضعوا له، أو يركنوا إلى جنبه.. إن كتب السيرة تروى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) وهو يدخل مكة فاتحاً فى العام الثامن للهجرة، قد أحنى هامته لله، حتى إن طرف لحيته ليمس ظهر ناقته، تواضعاً لله، واهب النصر، ومالك الأرض والسماوات.. لم يفهموا أنها مسئولية وأمانة، وأنه عليهم أن يبذلوا كل مرتخص وغالٍ فى سبيل المحافظة عليها، وأدائها على الوجه الأكمل، بل والارتقاء بها، لأنهم مساءلون عنها بين يدى الله يوم القيامة.
وعندما ثار الشعب عليهم، لم يتبعوا النهج القويم الذى أمرهم به الإسلام.. كان من الممكن أن يعاودوا الكرة مرة أخرى، بعد أن يراجعوا أخطاءهم وخطاياهم، بعد أن يعرفوا أين الثغرات، وأين كان الخلل؟.. وبذلك يثبتون للناس أنهم ليسوا حريصين على سلطة.. كانت أمامهم فرصة إجراء انتخابات مبكرة، وكان من الممكن أن يختارهم الشعب، ويعودوا إلى سدة الحكم مرة ثانية، وحتى لو لم يفوزوا، فقد ظهر واضحاً أمام الشعب أنهم ملتزمون بالديمقراطية التزاماً حقيقياً وليس ادعاء، وهذا فى حد ذاته مكسب كبير.. لكنهم ليسوا دعاة، ولا مصلحين، ولا ينظرون إلى مصلحة أمتهم ووطنهم.. فمن أجل سلطة أساءوا استخدامها وفشلوا فى إدارتها، تنكبوا الطريق.. أرادوا العودة إليها ولو سالت الدماء أنهاراً.. ولو تقطعت الأرحام، وانهارت كل الجسور.. نسوا -أو تناسوا- ما كانوا يدعون إليه.. تنكروا لكل ما هو نبيل وجميل.. إن إرشاد الناس إلى الالتزام بقيم الإسلام وتعاليمه هى مهمة الأنبياء والرسل الكرام، وهى من أنبل وأجل المهام على الإطلاق.. وعدم إدراك هذه الحقيقة يفوت علينا خيراً كثيراً.. لقد كذبوا على أنفسهم، وكذبوا على الناس.. زعموا أنهم جاءوا يحملون الخير لمصر، وهم يحملون الخراب والدمار.. تحولوا إلى عتاة.. إنه عمى القلوب قبل عمى العقول والأبصار.
لقد خسر الإخوان وأنصارهم أشياء كثيرة، لكن الخسارة الأكبر هى خسارة محبة الناس.. لم يعد أحد يثق فيهم أو يطمئن إليهم.. ومن المؤكد أنه سوف يمر زمن طويل، ربما عقود، حتى ينسى الناس ما كان -إن نسوا- ولا أظن أن المياه يمكن أن تعود إلى مجاريها، إلا أن يشاء الله شيئاً آخر، ولله فى خلقه شئون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.