جاءت الكثير من القرارات التى اتخذها السادات من وحى اللحظة، فقرار الحرب عام 1973 أتى بعد سلسلة من الضغوط الشعبية التى مارسها الشباب ضد نظام السادات، عندما أحسوا أنه يماطل ويراوغ فى الحسم، وقد حاول البعض التغطية على هذا الأمر بالحديث عن أن «السادات» كان يعد العدة ويضع الخطة، حتى تحين اللحظة المناسبة لتحرير الأرض المغتصبة، لكن الطريقة التى أدار بها «السادات» المعركة بعد ذلك تدل على أنه كان يتحرك بفكر اللحظة، وليس من وحى الخطة، والدليل على ذلك أن السادات قرر فى لحظة إيقاف العمليات، وصرخ بمقولته الشهيرة: «مقدرش أحارب أمريكا». وفى اللحظة التى قال فيها السادات ذلك كان قد قرر أن يلقى بثقله نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأن يسلم لها. وبضغط من هذا الإحساس اتخذ قراره بزيارة إسرائيل، وخطب خطابه الشهير فى الكنيست، وأكد أنه داعية سلام، ثم كان ما كان من التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد، ثم إبرام معاهدة السلام عام 1979. ومن وحى لحظات الغضب التى عاشها «السادات» خلال هذه الفترة، أخذ يكيل الهجوم للدول العربية التى بدأت فى تسفيه مواقفه!. كان السادات قد اتخذ قبلها -عام 1975- قراراً بتعيين «حسنى مبارك» نائباً له، وذلك تحت نشوة لحظة النصر بأكتوبر، وتحت ضغط الخوف من القيادات العسكرية الأكبر والأهم التى قامت بدور أخطر فى الحرب. وقبِل الشعب هذا الاختيار، بسبب استسلامه للحظة خضوع للعقدة التى خلّفها سحق الطيران الإسرائيلى للمطارات المصرية والطائرات الراقدة فوقها خلال عام 1967، وأن هذه الضربة كانت السر فى الهزيمة، وبالتالى يصبح من المبرر أن يكون صاحب الضربة الجوية فى أكتوبر 1973 جديراً بخلافة الرئيس السادات!. خلال هذه الفترة كان «المخلوع» يؤدى من وحى اللحظة، فيظهر نوعاً من الخضوع الكامل للرئيس السادات، ويحاول أن يبرهن له فى كل لحظة على أنه «تابعه الأمين»، ليكمن فى انتظار لحظة يستطيع أن ينقض فيها عليه، وقد واتته هذه اللحظة عندما دعاه الداعى للسفر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعقد هناك عدداً من اللقاءات، تم خلالها ترتيب أمور وتفاهمات معينة بين الطرفين، ظهرت آثارها بعد ذلك فى حالة الغضب التى انتابت الرئيس السادات بسبب ما وصل إليه من معلومات حول لقاءات «مبارك» فى أمريكا. فى تلك اللحظة قرر السادات أن يتحرك -كما يؤكد البعض- ليطيح بنائبه «حسنى مبارك»، لكن قرب الاحتفال بعيد النصر فى 6 أكتوبر جعله يرجئ الإعلان عن ذلك إلى ما بعد الاحتفال، ولم يكن يعلم لحظتها أن ساعة رحيله قد دقَّت بعد ساعات ضئيلة من ظهيرة يوم احتفاله بالنصر عام 1981!.