إن نصر أكتوبر 1973 الموافق العاشر من رمضان 1393 يعد بحق استعادة للثقة بالقوات المسلحة المصرية، إذ انحدرت هذه الثقة فى حرب اليمن، ثم اندثرت عند هزيمة يونيو 1967، وبدأت الثقة فى الارتفاع أثناء حرب الاستنزاف، التى استمرت منذ أواخر 1967 حتى توجت بالنصر العظيم فى أكتوبر 1973. ومنذ ذلك الحين دأبت القيادة السياسية آنذاك، ممثلة فى الرئيس الراحل محمد أنور السادات، على الاحتفال بهذا النصر، وكان أهم ملامح هذا الاحتفال العرض العسكرى الذى كان يتم عند النصب التذكارى للجندى المجهول أمام المنصة بمدينة نصر، ثم توقف هذا التقليد بعد اغتيال السادات فى أكتوبر 1981. وفى أيام حكم الرئيس السابق، حسنى مبارك، كانت الاحتفالات محدودة والاستعراضات تتم داخل الثكنات العسكرية خوفاً من حدوث أى مفاجآت مثل حادث المنصة الشهير، هذا بالإضافة إلى بعض الاحتفالات الفنية والبروتوكولية، التى كان يتم خلالها تكريم بعض القيادات العسكرية. وفى هذا العام، الذى يشهد أول احتفالات بنصر أكتوبر فى عهد الرئيس الجديد، الدكتور محمد مرسى، تمت أمور لافتة للنظر؛ فقد تم تكريم اسم الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، الذى اتخذ قرار الحرب، وقام الدكتور مرسى بنفسه بوضع إكليل من الزهور على قبره مذكراً سائر المصريين أن الرئاسة المصرية لا تبخس الناس أشياءهم، رغم أن جماعة الإخوان المسلمين كانت قد رفضت جملة وتفصيلاً اتفاقية السلام المعروفة باتفاقية كامب ديفيد، لكن هذا الرفض شىء، والإقرار بشجاعة الرجل باتخاذ قرار الحرب شىء آخر. وجاء تكريم المرحوم الفريق أول سعد الدين الشاذلى واستقبال أسرته فى مقر الرئاسة اعترافاً بفضل هذا الرجل الذى كان يشغل منصب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة قبل وأثناء حرب أكتوبر المجيدة، ولا شك أن ذلك التكريم قد لقى ترحيباً من كبار قادة القوات المسلحة الذين عاصروا الفريق سعد الدين الشاذلى وشاركوه فى تحقيق نصر أكتوبر، هذا بالإضافة إلى ارتياح شعبى عام يدل على وفاء الشعب المصرى ورئاسته لذكرى هذا القائد العظيم. ثم كان هذا الاحتفال الشعبى بنصر أكتوبر، الذى تم يوم السبت الماضى فى استاد القاهرة الدولى، ليعطى العديد من الدلالات؛ أولها أن الرئيس مرتبط بشعبه، ويتشاركان فى الاحتفال بهذا النصر، بعد أن كان الشعب يعتبر نصر أكتوبر مجرد عطلة رسمية، ثانيها تلك المصارحة بين الرئيس وشعبه، حيث تناول د. مرسى الملفات الخمسة وما تم فيها بنوع من التفصيل، وقال صراحة إن ما تم فيها مشجع، لكنه أقل مما يجب أن يكون، واستنفر جهود الأمة لتكون معه فى استكمال التخلص من الفساد ومواجهة المفسدين، الذين أشار إلى وجودهم فى دولاب العمل الحكومى، وكان هتاف الحاضرين: «ولسه.. ولسه» تعبيراً عن المطالبة الواضحة للسيد الرئيس بالتخلص من الفاسدين وأعوانهم، كما أن الرئيس قد نجح فى زرع الحماس والأمل فى قلوب سامعيه ومشاهديه بدرجة تبعث على الاطمئنان فى أن مسيرة الإصلاح تستلهم روح نصر أكتوبر العظيم.