نهار جديد تصحوه «أيلا» حزينة مثقلة بهم جديد ولكن هذه المرة الهم كان إحساسها بوصولها إلى نقطة لم تكن مساعدة لها بعد، وفى مشهدها اليومى وهى تتناول قهوة الصباح وفى حركة غير مسبوقة وبمشاعر غير مسبوقة وبروح غير مسبوقة ومن الأسر معتوقة تناولت من درج المطبخ قائمة قرارات كانت قد كتبتها تحت عنوان عشرة أشياء يجب القيام بها قبل سن الأربعين، وهى باختصار: 1- نظمى وقتك جيداً واشترى دفتر ملاحظات، 2- أضيفى فيتامينات ومضادات أكسدة إلى طعامك، 3- اعملى شيئاً لإزالة التجاعيد، 4- غيرى قماش الأثاث ونباتات جديدة 5- قيمى حياتك ومعتقداتك (لم ينجز بالكامل) 6- أزيلى اللحم من قائمة طعامك وامنحى جسمك الاحترام الذى يستحقه 7- باشرى قراءة أشعار الرومى (أنجز)، 8 - خذى الأطفال إلى مسرحية غنائية فى برودواى (أنجز)، 9- ابدئى بكتابة كتاب الطهو (لم ينجز)،10- افتحى قلبك للحب وعند هذا البند لم تعرف ماذا تكتب، أنجز أم لم ينجز، بل إنها اكتشفت من خلال كتابتها لذاك البند أنها باتت مؤخراً تفكر بالحب كثيراً ترى أهو تأثير رواية «الفكر الحلو»!! وكتبت ل«عزيز» الآتى: السيد عزيز: «يصادف اليوم عيد ميلادى.. فالأربعون هى الأربعون أظن أننى سأحصل الآن على المزيد من كل شىء، المعرفة الحكمة.. التجاعيد وابيضاض الشعر.. ، رحت أتساءل هل الطريقة التى عشتها فى حياتى هى الطريقة التى أريد أن أستمر بها؟ آسفة، لأننى لم أكتب رسالة أكثر تفاؤلا.. أظن أن هذا ما يطلقون عليه أزمة منتصف العمر». وكان الرد: أن الأربعين هى أجمل عمر للرجال والنساء على حد سواء، هل تعلمين أن الأربعين فى الفكر الصوفى ترمز إلى الصعود من مستوى إلى مستوى أعلى وإلى يقظة روحية مبروك لا تقلقى، لأنك كبرت سنة فلا يمكن لقوة التجاعيد ولا الشعر الشائب أن تتحدى قوة الأربعين». وهنا أقول أنا من خلال رسالتى: أربعون تحية لك عزيزى عزيز، أربعون قبلة إعزاز وتقدير من كل النساء ذوات الأربعين أو المشرفات عليها أو من جاوزنها، حقاً أربعون باقة ورد وتفاؤل وجمال. وفى إطار استمرارها فى حياتها العادية وانتظار المجهول الذى باتت تشعر باقتراب حدوثه، كانت «أيلا» تقرأ على شبكة الإنترنت مقالاً بعنوان: كيف تعرفين هل يخونك زوجك أم لا وتحت العنوان نصائح عن تفحص ثياب الزوج إذا علق بها أحمر شفاه أو عطر أو ما شابه ومع أن نتيجة الاختبار كانت محسومة، فإن أيلا لم تسأل ديفيد أين يمضى الليالى التى يغيبها عن المنزل، بل كانت تجد فى قراءة الرواية، ذريعة لتغطية صمتها وهكذا ظل ذهنها مشتتا فقضت وقتاً أطول فى قراءة الرواية ولكن باستمتاع كبير أيضاً إذ إن قواعد شمس التبريزى كانت تغرس بداخل روحها معانى جديدة ومفاهيم جديدة لآيلا جديدة وكانت تشعر بهذا السحر يسرى فى شرايين دماغها وكانت ترقب النتيجة بحذر وبهجة تعينها على سخافة حياتها وكان صمتها يحير ذاك الديفيد الخائن متسائلا عن سببه. أما هى، فقد كانت ترى فى الجهل سلامها وسلامة حياتها الأسرية إلى أن جاء يوم وتسلمت رسالة باسم ديفيد من أحد الفنادق يسألونه عن رأيه فى مستوى الخدمة أثناء إقامته عندهم مرات متكررة وعندما سألته عن الأمر تعلل بأنه كان هناك لحضور مؤتمر طبى وهى حاولت تصديقه لأنها تمنت أن يكون صادقاً، ولكنها فى نفس الوقت قامت بشىء آخر على النقيض بالأحرى قامت به أيلا الأخرى التى أوشكت على تمزيق جلد أيلا القديمة والخروج منه، فقد اتصلت بالفندق وعلمت أنه لم يقم أى مؤتمر لطب الأسنان عندهم على مدار آخر عامين وحينها باتت تفكر بالأمر على نحو مختلف وغريب، فقد لامت نفسها على الفور لأنها بدأت تتقدم بالعمر ولأن وزنها بدأ فى الازدياد وهنا رسالتى لآيلا ولكل أيلا: إن أرطال وزنك الزائدة كانت بسبب حياة وهبتها لأبناء ذاك الشريك فى حمل وولادة وإرضاع أطفاله، إذن فأرطالك الزائدة ليست جرماً يستحق العقاب بالخيانة، وإن كان وزن ديفيد وكل ديفيد مثالياً!! فماذا عن تقدمه هو أيضاً بالسن، بالله عليك «أيلا» ابحثى عن أسباب أخرى لجلد ذاتك، فالخيانة لا مبرر لها.