هنا عزبة خير الله التابعة لحي البساتين.. منطقة شعبية وتجارية، ومثل أي منطقة شعبية، تكون ل«التوك توك» الكلمة العليا في تعطيل المرور والسير عكس الاتجاه وارتكاب وقائع التحرش والسرقة والتي تبذل أجهزة وزارة الداخلية جهودها لمكافحتها ومنعها.. لكن في عزبة خير الله لم يكتفِ «أبو سنة»، وهو سائق توك توك، بارتكاب ما سبق من مخالفات، بل وصل بفعله لجريمة قتل تاجر رخام ستيني، حين تدّخل لإنقاذ نجله من يد «أبو سنة»، وانقلب حال أسرة «مكرونة» كما يعرفها الناس هناك، ما بين أب قتيل وابن يصارع الموت داخل المستشفى. يوم عادي يوم أمس كان الوضع عاديا وهادئا داخل منزل أسرة المجني عليه ياسر مكرونة، فهو تاجر رخام معروف في المنطقة، ليس له خلافات مع أحد وتربطه بأغلب المتعاملين معه علاقات جيدة، له من الأبناء اثنان، إيهاب وطارق، يباشران العمل تحت يده وإشرافه منذ اشتدت عظامهما، من الصباح وحتى الليل وهكذا دواليك.. لكن ختام يوم أمس لم يكن عاديا. صوت عالٍ «أبو سنة»، وهو ثلاثيني وله معلومات جنائية، يعمل على توك توك في المنطقة، أوقف التوك توك الخاص به بالقرب من منزل ومحل «ياسر مكرونة»، وكأغلب مالكي هذه الدراجات النارية والتي تعمل دون ترخيص، يلجأون لتركيب «طقم صوت» تحدث ضجيجا وتلوثا سمعيا لا يُحتمل، بأغان شعبية تحمل كلمات بذيئة. أوقف «أبو سنة» التوك توك بالقرب من المحل، فخرج «إيهاب» يطلب منه خفض الصوت قليلا، لكن هذا الطلب لم يعجب «أبو سنة» ودخلا في مشادة كلامية تطورت لاشتباك بالأيدي، أشهر خلالها الأخير سلاحا أبيض، وأصاب «إيهاب». ياسر مكرونة شاهد ياسر ما حدث، أسرع لإنقاذ نجله وإنهاء الخلاف، كان همّه هو أن ينقذ نجله فقط حتى لو كلفه ذلك حياته، وهو ما حدث، حيث تلقى طعنة نافذة أحدثت نزيفا صاحبه هبوط حاد في الدورة الدموية، ولفظ أنفاسه الأخيرة في الحال، بينما تمكن الأهالي من السيطرة على «أبو سنة»، وإبلاغ الشرطة. تحريات وتحقيقات وتلقت الأجهزة الأمنية بالقاهرة، بلاغا بمشاجرة، في منطقة عزبة خير الله، وانتقلت قوة من قسم شرطة البساتين إلى مكان الحادث، وتمكنت من القبض على المتهم وبحوزته السلاح الأبيض المستخدم في الجريمة، وتم تحرير محضر بالواقعة، وإخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيقات. وأفادت التحريات الأولية وأقوال شهود العيان بأن المشاجرة نشبت بسبب صوت الكاسيت العالي الصادر من توك توك أبو سنة، وأن المجني عليه الأول «إيهاب» طلب منه تخفيض الصوت وحدثت بينهما مشاجرة، وقُتل خلالها الأب «ياسر» حين حاول إنقاذ نجله. وأمرت النيابة بتشريح جثة المجني عليه «ياسر» لبيان سبب وكيفية الوفاة وصرّحت بالدفن بعد انتهاء أعمال التشريح، كما طلبت تحريات المباحث النهائية حول الواقعة، ولا تزال التحقيقات مستمرة.