قال لها إن عقيدتى هى العقيدة الصحيحة وما عداها خطأ وتحريف وما أشعر به من روحانية ورقة فى قلبى لا يستطيع أحد أن يشعر به إلا إذا آمن بما أؤمن به، انقبض قلبها ودمعت عيناها وقالت له ولكننى أشعر بالخشوع والخضوع لله ويرق قلبى وتفيض عينىّ من خشيته ومن حبه. إن عقيدتك غير عقيدتى ولكن روح الله فى كل إنسان كما قال قى القرآن الكريم (فإذا سويته ونفخت فيه من روحى). إن كل خلق الله قد وضع فيهم شيئا منه لذا فهم مرتبطون به مهما اختلفت عقائدهم وطريقتهم فى عبادته، إننا جميعا نشعر بالاحتياج إليه، حين يمسنا البأس ويطال منا الحزن ويظهر ضعفنا البشرى فلا نلجأ إلا إليه، ندعوه ونشكو إليه ونستعين به لتلتئم جراح قلوبنا وتتوقف أنات نفوسنا. إن دفق الضمير الذى لا يموت بداخلنا ليوقظنا من غفلتنا ويحيى موات قلوبنا هو شىء من روح الله حتى لا نشتط فى البعد عنه وإيذاء أنفسنا بهذا البعد والجفاء والظلم للإنسان الكامن فينا. إن الرحمة التى أودعها الله فى قلوبنا هى نفحة من روحه نتراحم بها ولا تميز رحمتنا بين إنسان وآخر، تخيل أنك وجدت طفلا صغيرا تائها يبكى بحرقة من شدة الخوف والألم والشعور بالغربة والضياع، هل ستوقفه وتسأله ما دينك؟ أم ستجرى إليه مسرعا وتحتضنه وتحتويه ليسكن خوفه ويزول هلعه، إن الإنسان الحقيقى بداخلنا وعقلنا الباطن الذى فطره الله على الإنسانية يتحرك بلا تمييز بين البشر فلماذا نريد أن نميز نحن ونجعل الإنسانية حكرا على عقيدة معينة وننزعها عن آخرين رغم أنهم من خلق الله وبداخلهم روح من روحه. لكل إنسان طريق يسلكه إلى الله ويطمئن إليه وإلى صحته ومن حقك أن تعتقد أن طريقك هو الأصوب ومن حقى أن أعتقد أن طريقى أصوب من طريقك، ولكننى لن أقول لك ذلك، فلن أطعن فى دينك ولن أشكك فى اعتقادك ولن أبذل جهدى لهدم ما تؤمن به وإظهاره كمعتقد سيئ أو كاذب. يكفينا أن روح الله فينا قد جمعت بين كل البشر، يكفينا أننا نتفق أننا سنلقاه جميعا فى الآخرة وهو وحده من سيحاسبنا ويقضى فينا بحكمه، فدع حكم الله لله، ودع خلق الله يعبدونه كما يريدون، معا أمام الله وسيسائلنا عن ظلمنا للبشر وعن قلوبنا التى فاضت بالحب والتسامح والإنسانية أم امتلأت بالحقد والبغض والكراهية؟ تعال نعبد الله سويا كل بطريقته واعتقاده، تعال نحيى روح الله فينا لتسمو أخلاقنا وتتهذب نفوسنا ونذوق طعم محبته، هناك من المشتركات الإنسانية بيننا ما يجعلنا نستطيع أن نترافق فى طريق الخير والبناء لإسعاد المحرومين ورفع الظلم عن المظلومين ومداواة قلوب البائسين. فلنبن معا ولنحلم معا بعالم بلا فقر ولا ظلم ولا كراهية ولنترك لله حسابنا ومجازاتنا على ما قدمته أيدينا، أخرج ما فى قلبك من أثقال وتخفف مما علق بنفسك وروحك ولنمض سويا إلى الله بروح الله.