"الأمر" و"الحكم والإلزام" و"إقامة العدل في الأرض".. مفاهيم جاءت لتوضيح معنى كلمة "القضاء" الذي هو حجر الأساس للعدل وتطبيق القوانين وحل النزاعات، لنشر الأمان بين الناس، ولا يمكن الاستغناء عنه فلقد عُرف منذ قديم الأزل في الأعراف القبلية، حتى تطور في شكل الدولة إلى هيئة قضائية ذات سلطة مستقلة. وفي القرن العشرين، نشب أكثر من 250 نزاعًا مسلحًا على مستوى العالم، انتهكت فيها وعلى نطاق واسع حقوق البشر سواء كانوا من المقاتلين أو من المدنيين العزل الموجودين في أماكن النزاعات المسلحة، وأمام هذه الانتهاكات حاولت عدة وضع آليات قانونية تحد من تلك الانتهاكات التي تفرزها النزاعات المسلحة، فوقعوا ما يُعرف بميثاق نظام روما الأساسي الذي أسس المحكمة الجنائية الدولية، في نفس اليوم 17 يوليو، لذلك خصصوه للاحتفال العالمي بيوم القضاء الدولي. يُعدّ يوم 17 يوليو من كل عام، هو اليوم العالمي للعدالة الدولية، ويستغل المهتمون هذا اليوم لاستضافة احتفاليات لزيادة الوعى لقضايا العدالة الدولية وتعزيزها، وإحياء ذكرى من ناضلوا من أجل العدالة، بالإضافة إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية، والتعرف على النظام الناشئ للعدالة الجنائية الدولية، وتركيز الاهتمام على قضايا معينة مثل الإبادة الجماعية في دارفور، وفالون دافا، والجرائم الخطيرة من العنف ضد المرأة. وفي 17 يوليو 1998، وافقت 120 دولة في اجتماع للجمعية العمومية للأمم المتحدة في إيطاليا على ما يعرف بميثاق روما، واعتبرته قاعدة لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، وعارضت هذه الفكرة سبع دول، فيما امتنعت 21 عن التصويت. واعتبر الميثاق أن ملايين الأطفال والنساء والرجال في القرن العشرين، الذي شهد الحربين العالميتين، قد وقعوا "ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزت ضمير الإنسانية بقوة"، وأنه شهد "جرائم خطيرة تهدد السلم والأمن العالمي"، وأن مثل هذه الجرائم لا يجوز أن تمر دون عقاب، وكان حدثًا رحبت به اللجنة الدولية للصليب الأحمر باعتباره خطوة هامة في سبيل ضمان ألا تعود جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية بمنأى عن العقاب. وتأسست المحكمة الجنائية الدولية بصفة قانونية في الأول من يوليو 2002 بموجب ميثاق روما، وصادقت حتى الآن على قانون المحكمة 108 دول، كما وقعت 41 دولة أخرى على ميثاق روما لكنها لم تصادق عليه بعد. وتختص المحكمة الجنائية الدولية بمتابعة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، وتعني حسب تعريف ميثاق روما، القتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية إهلاكًا كليًا أو جزئيًا، بالإضافة للجرائم ضد الإنسانية، وهي أي فعل من الأفعال المحظورة المنصوص عليها في الميثاق، مثل القتل العمد والإبادة والاغتصاب والإبعاد والنقل القسري والتفرقة العنصرية والاسترقاق، وجرائم الحرب، وتعني كل الخروقات المرتكبة بحق اتفاقية جنيف لسنة 1949، وانتهاك قوانين الحرب في نزاع مسلح دولي أو داخلي، وعلى عكس المحاكم الدولية الأخرى، يجوز للمحكمة الجنائية اتخاذ إجراءات ضد الأفراد ولكن ليس ضد الدول.