سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«هل صليت على النبى؟» تتنشر وتتوغل.. والأهالى بين نارين: «نلتزم ونشيلها.. ولا نسيبها وناخد ثوابها؟» «البنطلون» يزاحم فى معركة الملصقات.. وال«تى شيرتات» أحدث موضة
«كل المرفوض مفروض» لدى المصريين، فما أن أعلنت وزارة الداخلية محاربتها ملصق «هل صليت على النبى اليوم؟» فى شوارع مصر، حتى ظهرت المبادرات الداعية لتكثيف نشر العبارة مع التحايل على الأمن بطرق مختلفة، مرة بطباعة مليون ملصق لتوزيعه على المواطنين فى منازلهم بمناطق المهندسين وإمبابة وبولاق الدكرور وأرض اللواء وناهيا مع حلول أول أيام شهر رمضان، وأخرى بطباعة العبارة على «تى شيرت» شبابى أنيق. يتعجب أحمد الدغيدى من مهاجمة الدولة لعبارة لا تضير المواطن فى شىء أو تعطل الشارع، فبحسبه: «الصلاة على الرسول ما فيهاش عيب، الحكومة لأول مرة تطبق قوانين المرور، ومع ذلك بتشوف إن اللافتات دى بتعمل فتنة للناس، فقالت هتمنع الورقة».. «تى شيرت» يحمل الجملة ذاتها لا تستطيع الحكومة منعه أو مصادرته، هى الفكرة التى توصل إليها الشاب العشرينى وأصدقاؤه: «هنجمع فلوس من بعض وهنعمل تى شيرتات مطبوع عليها نفس اللى كان مطبوع على الورقة.. وورينا بقى الحكومة هتعمل إيه، خاصة كل ما تلبس التى شيرت وتمشى بيه فى الشارع، هيفرح أى حد لما يشوف ناس بتبص عليك ويضحك ويصلى على الرسول وبكده نكسب ثواب كبير». ظاهرة انتشرت فى الشارع بدلاً من أن تكلف الدولة لجنة من الباحثين النفسيين فى مختلف الأكاديميات أو مركز البحوث الجنائية لدراستها والوقوف على أسبابها، راحت تصدر أوامر بإزالتها، ولم تراعِ التركيبة النفسية للمواطن المصرى، الذى يميل بطبعه ل«العناد وخرق التعليمات»، بحسب د.أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسى بجامعة الزقازيق: «العلاقة ما بين المصريين والسلطة مركبة وقديمة، مثل القط والفأر، فكلما تجبرت السلطة تحايل المواطن وتعددت حيله أيضاً، وكان على الدولة أن تترك مساحة لضمير الناس والضبط الاجتماعى والقانون». «مستحرم أشيلها وخايف تفضل على الحيطة».. مشاعر مختلطة تجول فى ذهن أشرف مصطفى، القهوجى بأحد مقاهى السيدة زينب، بعد أن فوجئ برجل يحمل مئات من ملصقات «هل صليت على النبى اليوم؟»، ويضعها على كل المحال والعقارات فى شارع المواردى، دون استئذان الأهالى. بخطوة سريعة، يجرى «أشرف» على الرجل قبل مغادرته القهوة: «بعد الانتخابات بيومين لقينا الراجل ده ظهر وعمال يلزق الورقة دى فى كل حتة، اتخانقت أنا والأهالى معاه لما لقيناه بيحطها على صورة السيسى وهو ولا بينطق، حاولت أعرف منه ساكن فين ولا جى منين ولا بيرد، علقها فى حتة فاضية ومشى»، مضيفاً: «الراجل ده إخوان، عشان الورقة دى بقت أكتر من الناس فى الشارع وأكيد ده مش طبيعى». وقف الرجل الأربعينى، متأملاً جدران القهوة التى يعمل بها وكأنها المرة الأولى التى يراها فيها، بعد أن كسا أرجاءها هذا الملصق: «مش عارف أعمل إيه فى الورقة بعد ما سمعت إنه بقى فى عقوبة وغرامة كمان، كل ما آجى أشيلها استحرَمها عشان باخد ثواب من كل اللى بيقراها، وخايف تفضل على الحيطة وأكون سبب للفتنة اللى بيقولوا عليها والحكومة تجازينى». لم يقف الأمر عند حد «هل صليت على النبى؟»، بل تجاوزه إلى ملصقات جديدة تثير جدلاً مختلفاً: «أختاه.. كل ثوب يشف أو يحدد الجسم مثل البنطلون حرام شرعاً» عبارة تصدمك بمجرد الخروج من نطاق مجمع المصالح الحكومية بمحافظة الشرقية، كتبت بخط باهت على ورقة بيضاء تتوسط ما تبقى من ملصقات «هل صليت على النبى اليوم» التى انتشرت فى كل الشوارع والميادين الفترة الماضية.. لم تسلم هى الأخرى من محاولات العبث والتمزيق، فضلاً عن كلمات التجريح التى تعلوها من قبل أشخاص مجهولين، مشهد استوقف محمود عونى؛ فوقف يتأملها قليلاً، قبل إبلاغ المحافظة باتخاذ اللازم. الشاب العشرينى لم يعد يحتمل سيل العبارات التى تدعو الفتيات إلى الزى المحتشم، والرجال بضرورة الصلاة فى المسجد؛ متعجباً من ملاحقة الشرطة ل«هل صليت على النبى اليوم»، التى اعتبرها أقل «فتنة» من باقى الملصقات التى باتت تهيمن على جدران الشوارع: «مثلا حوالين بيتى، صحيت لقيت الموتوسيكل بتاعى عليه ورقة مكتوب عليها صلى فى المسجد قبل يوم الحساب، ومشيت خطوتين لقيت الشارع كله غرقان ملصقات فيها نصايح للبنات بعدم لبس البنطلون أو البلوزات الشفافة». ملصقات تكسو ما تبقى من عبارات «هل صليت على النبى؟» التى نزعت لتوها من الشوارع والميادين الرئيسية فى الشرقية، ما هى إلا ساعات حتى أصبحت ذكرى، خلفها عبارات أكثر حدة تنفر المارة، من بينهم «محمود» الذى لم يتحملها، ليبادر فى إبلاغ الحى والمحافظة بسرعة إزالتها: «أول ما شفت البوستر صورته، ورحت بيه للحى وطلبت إنهم يشيلوا العبارة دى من الشوارع قبل ما تزيد، ويبلغوا الداخلية علشان تعرف مصدرها».